الإحصاء: 5.9 مليار دولار التبادل التجاري بين مصر والسعودية خلال النصف الأول من 2025    يديعوت أحرونوت العبرية: وفد إسرائيلي قد يتوجه إلى الدوحة قريبا لاستئناف مفاوضات غزة    بعد مفاوضات.. تل أبيب تستعيد إسرائيليا محتجزا بلبنان منذ عام    محافظ سوهاج يعتمد نتيجة الدور الثاني للإعدادية بنسبة نجاح 92.3%    حملات الدائري الإقليمي تضبط 15 سائقا متعاطيا للمخدرات و1123 مخالفة مرورية    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان مشروعات الخطة الاستثمارية    محافظ المنوفية: النزول بدرجات القبول ببعض مدارس التعليم الفني للتدريب والتعليم المزدوج    نقيب الصحفيين: تقديم بلاغ ضد «ڤيتو» مؤشر يجب التوقف أمامه في ظل غياب آليات واضحة لتداول المعلومات    الكشف عن امتلاك كوريا الشمالية قاعدة عسكرية سرية تنذر بخطر نووي على شرق آسيا والولايات المتحدة    "الأونروا": 1من كل 3 أطفال يعاني سوء التغذية في قطاع غزة    «نتنياهو» يصعّد هجومه ضد رئيس وزراء أستراليا    الشباب والرياضة تبدأ تعميم الترتيبات التنفيذية بعد تصديق الرئيس على تعديلات قانون الرياضة    مواجهات مرتقبة في إفتتاح دوري المحترفين    شرط هويلاند للرحيل عن مانشستر يونايتد    جامعة بنها الأهلية تطلق احتفالية أسبوع الابتكار وتدشن منصة «Inoventre Gateway»    «عبداللطيف» يلتقي وزير الخارجية الياباني (تفاصيل)    حالة الطقس اليوم الخميس 21 أغسطس في القاهرة والمحافظات.. درجات الحرارة تصل ل43    النيابة تسلمت نتيجة تحليل المخدرات.. تجديد حبس السائق المتهم بدهس 9 أشخاص بكورنيش الإسكندرية    بسبب خلافات أسرية.. زوج يتخلص من زوجته ويصيب نجلته في الدقهلية    بسمة داوود صحفية في مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو» (صور)    وزير السياحة: مصر أصل علم المصريات ومهد الحضارات.. ويجب استعادة صدارتها في هذا المجال    وكيل وزارة الصحة تُفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيري وتحيل المقصرين للتحقيق    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة ويوجه بسرعة تشكيل فرق عمل لرفع كفاءتها    ندوة حول التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات للمواطنين في بورسعيد    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    خلال 24 ساعة.. ضبط (385) قضية مخدرات وتنفيذ (84) ألف حكم قضائي    رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    من حريق الأقصى إلى مواقع غزة.. التراث الفلسطيني تحت نيران الاحتلال    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    تكريم المخرجة والكاتبة الإسبانية مرسيدس أورتيغا في مهرجان الإسكندرية السينمائي المقبل    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    صعود مؤشرات البورصة هامشيا بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من إجراء القرعتين 17 و18 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور الجديدة    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    تشمل 21 مستشفى.. تعرف على خطة "الصحة" للتوسع في خدمات زراعة الأسنان    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    عاجل- مصر تدعو اليابان لإنشاء منطقة صناعية كبرى والتعاون في تحلية المياه واستضافة مؤتمر "جيدا" الدولي    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: عمر الساعي كان «ضحية» كولر.. وأتمنى انضمامه للمنتخب    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حادثة الساعة الحادية عشرة مساء!
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 03 - 2012

محمد: فى نحو الأربعين من عمره يعمل أكثر من ثلاثة أرباع اليوم، عمله بسيط لكنه يسعى لزيادة دخله إذ إن له أربعة أطفال، ثلاث بنات وولدًا واحدًا، هو عبده، وهو بطل قصتنا، محمد إنسان عادى مثل ملايين الناس الذين تقابلهم فى القاهرة أو الإسكندرية أو أسيوط.. أى مكان فى مصر، التقيته عند الاستفتاء على الدستور، فهو يسكن أيضًا فى نفس الحى، سألته ممازحًا: هل سيقول نعم أم لا للاستفتاء؟ فاستغفر الله وقال لى: طبعًا يا أستاذ سنقول «نعم»، من يقول «لا» يذهب إلى النار!
وحاول من معى إقناعه بأنه لا علاقة بالحساب فى الآخرة بنعم أو ل،ا لكنه رفض أى مناقشة، لا علاقة بالاستفتاء بما أحكيه لكم، ولكننى أردت أن أعرفكم بالأخ محمد.
عبده: طفل جاوز العاشرة بقليل، شقى، عفريت، طبعًا ولد على ثلاث بنات، البيت الذى يسكنون فيه على حافة السوق، نزل من البيت مسرعًا ليشترى شيئًا، لا يهم ماذا كان يريد أن يشترى، فذلك ما لم يسأل عنه أحد، عبده كان مندفعًا عندما صدمته سيارة وأغمى عليه وصرخ الناس فى السوق وتجمعوا، فهم يعرفون عبده، لأنه شقى ونشط ويتعامل معهم كأنه رجل مثلهم.
المحامى: ليست لدى معلومات كافية عنه، لكنه بالتأكيد من هذا الصنف الذى أخذ ينقرض فى السنوات الأخيرة، ما أن صدم الطفل حتى ألقى بطاقته فى وجه أقرب الناس إليه، وأسرع بحمله وطلب منهم أن يخبروا أسرته بأنه ذهب به إلى المستشفى الكبير القريب.
المستشفى: هو واحد من أكبر المستشفيات وأجملها وأفضلها تجهيزًا، ولى تجربة شخصية فيه منذ سنوات قليلة، فلقد أصابتنى صدمة حساسية من أحد الأدوية البسيطة، وحملنى طبيب شاب إلى هذا المستشفى فوجدناه مغلقًا، لكنه صرخ وصاح وشتم وأضاء نور السيارة الكبير، فخرج من يتساءل عما نريد، واقتحم بى المستشفى الذى لم يكن يتوقع أن يستقبل مريضًا فى الساعة الثانية عشرة ليلاً.
ووصل المحامى بالطفل بعد العاشرة بقليل، رفضوا دخوله لأنه كان يجب عليه أن يحضر قبل العاشرة، ولكن المحامى لم يتوقف عن الصياح والتهديد، فبين يديه طفل لا يدرى هل هو على قيد الحياة أم لا، وبين جنباته ضمير يعرف أنه سيؤلمه إذا حدث للطفل شىء.
وأثناء الصراخ وصلت الجماهير المندفعة وعلى رأسها عزيزة.
عزيزة: وهى أم الولد.. وبالصدفة تعمل منذ وقت قريب فى وظيفة صغيرة بالمستشفى.. وفوجئت الأم المذعورة بأن إدارة المستشفى ترفض دخوله لأنهم ليس عندهم عيادة خارجية!! ماكانش العشم! كانت الأم تتوقع أن يجرى الجميع لإنقاذ طفلها الذى كان مستمرّا فى الإغماء.. أو الغيبوبة كما قال بعضهم.
وبالطبع انتهى الموقف بإدخال الطفل إلى الطبيب.. وكان ذلك بعد جهود فئات الشعب التى أحاطت بالمستشفى.
وأمروهم بالهدوء، وسيدخل الطفل - فى غيبوبة - مع الأم فقط.. لكن المحامى دخل معها بعد أن فرض وجوده على المشهد كله.
الطبيب الشاب: كان دوره أن يسهر فى هذه الليلة، وكان قد خلع ملابسه وفتح التليفزيون واسترخى، ولم يتوقع أن يقتحم عالمه أحد، فالمرضى يأتون صباحًا، رفض الطبيب استقبال الطفل، ولكن مليونية الجماهير - فى الحقيقة كانوا خمسة أو ستة - ضغطت بشدة واضطر الطبيب متأففًا أن يلبس بعض ملابسه ويذهب إلى غرفة الكشف، ولعن الأيام السوداء التى تمنع الراحة فى المستشفى.. رأى ممرضة كشر فى وجهها فلقد فشلت فى صد الهجوم، ورأى عزيزة التى حاولت أن تعرفه بنفسها لكنه لم يهتم، وقدم له المحامى بطاقته فاهتم.. بالمحامى طبعًا.
نظر إلى الطفل وقال لهم:
- الولد كويس وزى الفل!
- يا دكتور ده أغمى عليه.
فأشار بيديه يائسًا منهم:
- كل الناس يغمى عليهم.. وبعدين يفوقوا.
سألته الأم:
- نعمل إيه:
ابتسم للمرة الأولى وقال لها:
- تأخذيه وتروحى وتخليه ينام.
لحظة تأمل: أسمح لنفسى أن أتأمل ما حدث فى غرفة الكشف حتى لو كان ذلك يعطل القصة.. هذا المستشفى وهو من أفضل المستشفيات فى مصر وأحدثها مهدى من الشيخ زايد، وكان حريصًا على أن يكون للناس، قامت محاولات على أعلى مستوى لإقناعه بإن يكون مستشفى استثماريّا، فرفض.. حاولوا إقناعه بأن يخصص جزءًا للفقراء دون مقابل، فرفض.. وجاء إلى الوزارة طبيب من رجال الأعمال ويملك مستشفى كبيرًا ومهمّا، ومرت أيام صعبة على المستشفى الذى نتحدث عنه.
لحظة تأمل أخرى ربما كانت أهم: لماذا حدد الطبيب الشاب هذا التشخيص بهذه السهولة أو على الأصح بهذه الاستهانة؟ ربما لقلة خبرته!
ولكن كيف يتركون مرضى الليل والحوادث لطبيب قليل الخبرة.. ربما لأن المستشفى طلب منه ألا يعالج أحدًا!.. وهذا غير منطقى.. الاحتمال الثالث هو ما أرقنى كثيرًا.. وهو أن الطبيب انحاز إلى المحامى طبقيّا، وهى ظاهرة بدأت تنخر فى وجدان الشعب الذى رفض أن يفتح ملفّا جديدًا مع ملف الفتنة الطائفية.
على ذمة إحصاءات كثيرة يعيش ٪40 -أو ٪50 فى قول آخر - من الشعب المصرى فى بئر الفقر أو تحت خط الفقر.. لذلك كان الجميع يتوقعون ثورة الجياع.. ومازالوا يتوقعونها وحتى الذين يعيشون تحت خط الفقر يشاهدون التليفزيون بما فيه من مباهج لا داعى لها ومن فخفخة غير منطقية.. ولقد اشتكى الرئيس السابق فى أحد خطاباته من أن البعض يستوردون «الأيس كريم» من سويسرا.
والكثيرون يعرفون أن بعض دعوات العشاء تكون على طعام أتت به الطائرة من مكسيم فى باريس.. هل ستكون ثورة جياع أم حربًا طبقية؟!
الطبيب الآخر: أردت أن أصفه بأنه الأكبر سنّا، لكنى لست متأكدًا، ذهب إليه محمد وعزيزة بطفلهما لأنه لم ينم لحظة من الألم والصراخ مع حالة من حالات الهلع.
قال الطبيب «الآخر» إن بوركه شرخًا، وإنه لابد من مجموعة فحوص للرأس، وتساءل: ما الذى أوصل الطفل إلى حالة الإهمال هذه؟
وكان موجودًا معهم المحامى الذى رفض أن يتركهم فى أى مرحلة.
جماهير الشعب: قامت مظاهرة صغيرة تنديدًا بالمستشفى وما حدث فيه، وشارك فيها مجموعة من موظفى المستشفى، الذين كانوا يتخيلون أنهم إذا مرضوا فسيجدون رعاية خاصة، فإذا بهم يجدون إهمالاً وتزويرًا يدعى أن الولد فل الفل، وهو مصاب بإصابات عديدة، قال أحدهم: كنت أظن المستشفى أحن على من أمى لكنه خاننى.
لحظة تأمل أخيرة: هل الفساد كان فى نظام مبارك أم تسلل منه إلينا جميعًا ونخر فينا السوس؟! وإذا كان هذا حدث فما الحل؟ ومن أين نبدأ العلاج؟ قال لى صديق: إذا أردت أن تأخذ حقنة اركب طائرة وخذها فى الخارج؟ ألم نكن إلى سنوات قليلة بلدًا يقصده المرضى للعلاج؟ ومنذ عشرات السنين كان الأوروبيون يأتون إلى حلوان ليستشفوا بمياهها المعدنية، عليها رحمة الله؟ ماذا حدث لنا؟ ماذا حدث لنا؟
المدير: مدير المستشفى هاله ما حدث، فقدم استقالته، وانصرف.. هل ننتظر مديرًا يدخل المستشفى بمدفع رشاش؟
عزيزى القارئ.. أعرف أن القصة ليست لطيفة لذلك أعتذر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.