سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كواليس ساعات فرز أصوات انتخابات تأسيسية الدستور.. "بكرى" عرض النتيجة على الكتاتنى وفهمى قبل إعلانها لوسائل الإعلام بساعة.. وزعيم الأغلبية بالشورى تخطى لجنة الفرز وفتح الاستمارات وأعاد بنفسه الفرز
كانت دقات الساعة قد اقتربت من الرابعة والنصف صباحاً، وأصوات أذان الفجر تعلو من مآذن مسجد آل رشدان بمدينة نصر، وترن فى آذان أعضاء مجلسى الشعب والشورى بقاعة خوفو بمقر مركز المؤتمرات_ والذين أصابهم الملل من كثرة انتظارهم لانتهاء أعمال فرز انتخابات أعضاء جمعية تأسيسية الدستور وإعلان النتائج _ تحرك النواب إلى يمين قاعة خوفو، حيث "المصلى" وهناك وجدوا الشيخ سيد عسكر يؤم عدداً من النواب فى صلاة الفجر، ويرتل آيات من الذكر الحكيم بصوته الرقيق. انتهى النواب من صلاة الفجر وشكلوا دائرة لتلاوة القرآن الكريم وأذكار الصباح، وكان عسكر وقتها يخلع عباءة الأزهر، ويجلس بجلباب أبيض اللون، ويظهر الجميع بمظهر بديع فى أحد أوجه مناجاة الله فى أفضل الأوقات ألا وهى بعد صلاة الفجر، غير أن تلك الجلسة التى تحرسها الملائكة لم تستمر؛ بسبب الإعلان عن بدء المؤتمر الصحفى لإعلان نتيجة انتخابات أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، فتحرك الجميع نحو قاعة خوفو، التى لا تبعد 5 أمتار عن المصلى، وإذا بصوت مصطفى بكرى يعلو منها، وهو فى منتصف القاعة، ويجلس إلى جواره الثنائى الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، والدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى. إعلان النتيجة الذى استمر 16 دقيقة، لم يكن مثيرا بقدر ما كان متوقعا، فلم تشهد قاعة خوفو أيا من تلك المظاهر التى تعودنا عليها فى مخيمات إعلان النتائج بالمراحل الانتخابية الثلاث للشعب والشورى، لم تصدر أى عبارات تهليل كتعبير عن الفرحة بالفوز أو حتى أى قطرة دمعة كتعبير عن الحزن للخسارة، كما لم تشهد القاعة نفسها أى حالات استغراب أو اندهاش بالنتيجة النهائية، أو حتى قيام نائب بتقديم التهانى لصديقه على اختياره عضوا ضمن أهم 100 عضو فى جمعية تأسيس دستور مصر، فإعلان النتيجة كان فاترا. وقت الإعلان جلست إلى جوار أحد نواب الحرية والعدالة بالصف الثالث، وبدأت أكتب الأسماء الفائزة التى يعلنها بكرى، وعدد أصوات كل اسم فائز، ونتيجة لسرعة الإعلان سقط منى عدد من الأسماء، فتحدثت مع النائب بجوارى، وقلت له " ممكن بس لو سمحت تقولى الاسمين اللى فاتوا وأصواتهم" فرد على قائلا "إنت بتكتب ليه يا أستاذ، إنت لسه هتكتب 100 اسم أساسى و40 احتياطى، امسك الورقة دى فيها كل الأسماء وسجل عدد الأصوات على طول". مسكت الورقة بيدى واكتشفت أنها نفسها "الورقة الدوارة" التى كان يستعين بها نواب الحرية والعدالة والنور السلفى فى ملء ترشيحاتهم فى عضوية الدستور، وبدأت أتأمل فيها، فهذه الورقة هى نفسها الورقة التى يقرأ منها بكرى النتيجة، ولكن الفارق بين كليهما أن ورقة بكرى هى ورقة تتضمن أصوات المرشحين ونسبهم، أما الورقة الثانية فهى ورقة أسماء فقط، وقتها عرفت كيف أن إعلان النتيجة فاتر، وكيف أن أهم لحظة فارقة من الوطن نحو الدستور الجديد مرت بلا سعادة، لتفتح ذكريات ومشاهد وكواليس عديدة أكثر إيلاما وقسوة فى ليلة اختيار أسماء من يحملوا دستوراً على أكتافهم. أبرز تلك الكواليس أن النتيجة قبل أن تعلن إلى وسائل الإعلام تم عرضها على الدكتور محمد سعد الكتاتنى بالمخالفة للقانون؛ لأن الكتاتنى ضمن الأعضاء المرشحين لعضوية الجمعية التأسيسية، ولا يصح له الاطلاع عليها قبل إعلانها بشكل رسمى من قبل رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات مصطفى بكرى. وتفاصيل الواقعة بالكامل هى أنه فى تمام الساعة الثالثة فجرا أعلن بكرى انتهاء عملية الفرز، وأنه جار إجراء الجمع النهائى للأصوات التى حصل عليها كل مرشح، وبالفعل لم تأخذ تلك الخطوة أكثر من 15 دقيقة، ورغم انتهائها لم يعلن بكرى النتيجة بحسب القواعد الإجرائية الحاكمة لعمليات الفرز وإعلان النتائج، إنما توجه إلى الدكتور الكتاتنى بمكتبه المرافق لقاعة خوفو، وهناك كان عدد كبير من نواب الحرية والعدالة أبرزهم فريد إسماعيل ومحمد البلتاجى وأحمد دياب وعلى فتح الباب، واطلعوا جميعهم على النتيجة قبل إعلانها بالمخالفة أيضا للوائح. كنت أتوقع أن اطلاع الكتاتنى وقيادات الحرية والعدالة على النتيجة لن يستمر أكثر من 5 دقائق، ولكن الأمر طال، وظل بكرى داخل مكتب الكتاتنى لما يزيد عن 25 دقيقة، لتخرج المعلومات من داخل الكتاتنى باحتمالية بوجود خطأ فى عمليات الفرز لاثنين من المرشحين، وهما أحمد محمد على، الشهير بأحمد حرارة، وحسن محمد عبد العزيز لاشين، رئيس الجالية المصرية بالخليج، وتنحصر المشكلة فى أن الأرقام الكودية التى كتبها حزب الحرية والعدالة والنور السلفى لأعضائه بجوار اسمى أحمد حرارة وحسن لاشين فى الورقة الدوارة مكتوبة بالخطأ، ومن ثم اختار النواب حرارة ولاشين كأسماء، ولكنه كتب بجوارهما أرقاماً كودية غير أرقام الكود الفعلية لكليهما، والبرنامج الأساسى المعد من قبل الجهاز المركزى للتعبئة العامة لم يسجل كل الأصوات الحقيقية التى حصل عليها حرارة ولاشين، وظهرت نتيجتهما الإجمالية منخفضة تماما، عن باقى نتائج الأسماء الواردة فى "الورقة الدوارة"، وكان السؤال الأبرز "كيف يحصل حرارة ولاشين على أصوات منخفضة، رغم أن اسميهما مكتوب فى الورقة الدوارة، وكل نواب الحرية والعدالة والنور التزموا بالتصويت لهما؟. وكشرح تفصيلى فأحمد حرارة يحمل رقم كود 1485 فى المذكرة الأصلية "الخضراء" التى تضم 2078 مرشحاً لعضوية التأسيسية، فى حين سجله أعضاء الحرية والعدالة برقم كود 1458، وهو رقم كود يحمل اسم شخص آخر، وهو الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد المسلمانى، أما حسن لاشين كان يحمل كود رقم 2032، بينما كان الأعضاء يكتبونه بكود رقم 1203، وهو الكود الخاص بالشيخ محمد حسان الداعية الإسلامى. تلك الأخطاء، دفعت قيادات الحرية والعدالة إلى إعادة فرز الأصوات مرة ثانية لحرارة ولاشين فقط، بل والفرز بالطريق الكودى الصحيح فقط، وهو 1485 لحرارة، و2032 للاشين، لتنتهى عملية إعادة الفرز بحصول حرارة على 321 صوتاً، ولاشين على 279، بعد أن كانت أصواتهما فى البداية لا تزيد على 100 صوت. الأخطاء فى عملية الفرز قد يكون أخطاء محتملة، ويغتفر لها، ولكن تولى أحد النواب المرشحين لعضوية التأسيسية عملية إعادة فرز أصوات حرارة ولاشين بنفسه، يعد تعدياً صارخاً على اختصاصات اللجنة المشرفة على الانتخابات والفرز ، فالنائب على فتح الباب زعيم الاغلبية بمجلس الشورى هو من تولى إصلاح الأخطاء فى نتيجة حرارة ولاشين، حيث فتح بنفسه المظاريف التى تتضمن استمارات أصوات الأعضاء، وبدأ يراجعها استمارة استمارة مع العاملين بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وجلس معهم على طاولة واحدة، بالمخالفة للقانون، ففتح الباب أحد المرشحين للتأسيسية، بل فاز بالعضوية فعلا بعدد أصوات 421 صوتاً، وإذا كان الجميع يتحدث عن أن كل إجراءات اختيار ال100 عضو بالدستور ستكون إجراءات نزيهة وشفافة، فما كان من على فتح الباب التدخل أبدا فى أعمال الفرز حتى لو كان بنية سليمة؛ لأن المشرفين على الفرز دارت حولهم مشكلة فى صباح يوم الاجتماع المشترك ورفض الأعضاء إشراف مرشحين فى الجمعية على صناديق الانتخاب، وتم اختيار نواب لم يرشحوا أنفسهم من الأساس بل وتم إجراء تصويت من أعضاء الشعب والشورى عليهم انتهى بالموافقة. الجديد أيضا أنه حتى بعد انتهاء على فتح الباب من إعادة الفرز، لم تعلن النتيجة مباشرة من قبل بكرى، بل تم عرضها على الكتاتنى مرة ثانية بشكل نهائى، وأيضا شاهدها نواب الحرية والعدالة. المفاجأة الثالثة ضمن كواليس الساعات الأخيرة من انتخاب ال100 عضو لتأسيسية الدستور هى أن أحد الشخصيات ورد اسمه بالكشف الأخضر ضمن الأسماء الاحتياطية المرشحة لعضوية الدستور من الشخصيات العامة، فى حين أن نواب الحرية والعدالة اختاروه ضمن الشخصيات الأساسية، وصوتوا جميعا له، وحصل على 279 صوتاً وفاز بالعضوية، وهو حسن محمد عبد العزيز لاشين، وهو نفسه صاحب مشكلة الأكواد، وللتدليل على ذلك فإن لاشين ورد اسمه مرة واحدة فقط بالكشف الأخضر فى الصفحة رقم 68، وهى الصفحة المعنونة ب"المرشحين من الشخصيات العامة لعضوية الجمعية التأسيسية بصفة احتياطية"، بما يعنى أن اختيار لاشين جاء مخالفا، لأن معايير وآليات الانتخاب منحت كامل الصلاحية لعضو مجلس الشعب فى اختيار أى اسم من الشخصيات العامة الواردة فى "الكشف الأخضر" بحسب ما جاء فى ترشيحه دون تغيير أى شىء بمعنى أنه لا يجوز؛ لأنه مرشح بصفة احتياطية، فيتم اختياره كمرشح أساسى. لاشين كان محل نقاش بينى وبين مصطفى بكرى، رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، و2 من نواب الحرية والعدالة، وعندما طرحت عليهم واقعة مخالفة اختيار لاشين للائحة، تعللا بأن لاشين قد يكون مذكورا فى "الكشف الأخضر" تحت اسمين ورقمين مختلفين"، فرددت عليهما بأن لاشين مذكور مرة واحدة فقط، وطلبت منهما البحث عن اسمه الثانى، وبالفعل بدأنا نبحث طيلة 4 دقائق، ولم نعثر على اسمه ، فضلا عن أنه حتى لو كان اسمه الثانى موجوداً، فلاشين تم اختياره بناء على رقمه الكودى المسجل ضمن قائمة الأسماء الاحتياطية.