أزمة زيادة الرسوم القضائية تتفاقم.. المحامون يجددون الإضراب    محافظ الدقهلية يستعرض مستجدات إنشاء موقف جديلة الحضاري    انطلاق أولى رحلات طيران الحج السياحي لموسم 1446 ه    حماس: مصادقة الاحتلال على بناء جدار أمني عند حدود الأردن لن يحميه من تداعيات جرائمه    أوربان: انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أكبر تهديد لهنغاريا وسنقاوم    المرشح الأوفر حظا في انتخابات كوريا الجنوبية لا يرى حاجة للاستعجال في إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة    مصر ثاني الأكثر تتويجًا.. جنوب أفريقيا تنضم لسجل أبطال أمم أفريقيا تحت 20 عامًا    الدورى الإيطالى.. خيمينيز يقود ميلان لمواجهة روما    أتلتيكو مدريد يكتسح ريال بيتيس برباعية في الليجا    تمهيدًا لانتقاله إلى ليفربول.. فريمبونج يخضع للفحوصات الطبية    المنيا.. مصرع طفل غرقا في مياه نهر النيل بسمالوط    ريهام عبد الحكيم على مسرح الأوبرا قبل انطلاق عرض فيلم المشروع X    صناع الأفلام العرب الصاعدون يجتمعون في جلسة نقاشية بالجناح المصري بمهرجان كان    شقيقة سعاد حسني: السندريلا كانت تحتفظ بعقد زواجها من العندليب والجواب لم يكن بخط يدها    لطيفة تستفتي جمهورها لاختيار اسم ألبومها الغنائي لصيف 2025    مي عمر تخطف الأنظار بصور جديدة من مهرجان كان.. والجمهور: "قمر مصر"    أمين الفتوى يحسم حكم سفر المرأة وأداء الحج دون محرم: جائز بشرط    "تعليم القاهرة" تكرم الطلاب الأوائل في المسابقة الدينية للعام الدراسي الحالي    نجاح جراحة دقيقة لإصلاح كسر بالرقبة للمرة الأولى في الدقهلية    «رابطة المستأجرين» ترد على الملاك: دفعنا ما يعادل كيلو ذهب «خِلِو»    موقع تحميل النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025 (الرابط)    وزير التموين يناقش رسالة دكتوراه عن القيادة والولاء الوظيفي بجامعة حلوان    المركز القومي للمسرح ينظم مؤتمرًا علميًا واحتفالية فنية بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي    مشاعرهم تسبقهم.. 5 أبراج تُعرف بالحساسية المفرطة    خبير روسي: انقسام بين العسكريين والاقتصاديين حول إنهاء حرب أوكرانيا    إزالة 9 مخالفات بناء في حملة بالعريش    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    كيف نعالج السهو في الصلاة ؟.. عالم أزهري يوضح    الرئيس الإيراني: الغرب تجاهل رسائل السلام التي بعثناها    في 5 خطوات.. طريقة تنظيف الثلاجة والتخلص من الروائح الكريهة بسهولة    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية يحتفلون بذكرى مرور 17 قرنا على انعقاد مجمع نيقية بالكاتدرائية    خبير: الحرب البرية بدأت فعليًا.. وحماس وقعت في شرك المفاوضات الأمريكية    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب في سيارة تحمل كرتون مضغوط بالمنوفية    علاء عبد العال: بيراميدز فرط في الصدارة.. والأهلي الأقرب لحسم الدوري    أحكام الحج والعمرة (1).. علي جمعة يوضح شروط ووجوه أداء العمرة    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    حكم قضائي بحبس صالح جمعة شهرا لعدم سداده نفقة طليقته    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    الهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال يستهدف بشكل متعمد المراكز الطبية في غزة    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    أشرف العربي: رغم التحسن الملموس في أداء التنمية في مصر إلا أنه لازال أقل من المأمول    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدات مصر فى يوم المرأة.. نساء تحدين ظروفهن وتحايلن على المعايش لإنقاذ أسرهن
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 03 - 2012

تفتح عينيها ببطء بمجرد أن ينساب أول شعاع لشمس نهار جديد من شباكها الصغير، تعتدل فى جلستها وتستعد لمغادرة الفراش، لتبدأ يوما جديدا من أيام عمرها الضائعة فى شقاء الحياة والجرى وراء المعايش وإعالة أسرتها .
الحكاية هى حكاية 40% من سيدات مصر اللاتى وجدت كلاً منهن نفسها بين ليلة وضحاها عائلة لأسرة مكونة من أطفال وزوج إما مريض أو عاطل عن العمل، أو اختاره الموت ليتركها وحيدة أو هجرها باختياره هروباً من مسئولية الإنفاق على أطفاله الذين تركهم خلفه معلقين برقبتها، لتجد نفسها أمام ظروف الحياة الصعبة التى لم تكن تحلم بها، فتنحى الحزن على غيابه جانباً لتثبت كل يوم أن المرأة المصرية "ست بميت راجل"، غير عابئة بالإحصائيات التى تخرج كل عام لتخبرنا بأن "المرأة المعيلة" زادت نسبتها فى مصر عن ال40% ولا تدرى أيضاً أنها البطلة المجهولة ليوم المرأة المصرية الذى بدأ الاحتفال به فى مصر عقب مشاركة المرأة بثورة 1919، كما أنها لا تلقى بالاً لهؤلاء ممن يتخذون من عمل المرأة قضية كبيرة ولا يتركون مناسبة سوى وتحدثون فيها عن ضرورة أن تلازم المرأة منزلها وعن مدى الحطأ فى خروج المرأة للعمل، دون الالتفات للحظات لدور هؤلاء السيدات فى إنقاذ أسر بأكملها من الضياع ومعاناتهم ضد ظروفهم القاسية.
"اليوم السابع" ترك صخب المؤتمرات النسائية التى تخرج احتفالا بالمرأة المصرية العظيمة واختار أن يلتقى بالأبطال الحقيقيين لهذا اليوم من نساء مصر اللاتى خلقن بقصص حياتهن الصعبة نموذجاً للمرأة الحديدية التى لا يمكن أن يهزمها الزمن.
من كشك صغير داخل غرفتها أخرجت 7 أطفال إلى الحياة
انتهى البكاء وجلست الحاجة "كريمة" تفكر فى مصيرها بعد وفاة زوجها تاركاً فى رقبتها 7 أطفال فى مراحل التعليم المختلفة دون مصدر رزق أو يد مساعدة من "قريب أو غريب"، غرفتها التى لا تتجاوز مساحتها عدة أمتار هى كل إرثها من المرحوم والتى بالكاد تكفيها مع "كوم اللحم" الذى لا تعلم كيف ستتولى أمر لم يكن لديها خيار فخرجت رغم مرضها للبحث عن عمل فى إصرار على البقاء.
"جوزى مات من 20 سنة ربيت فيهم العيال" هكذا بدأت الحاجة "كريمة العتيبى" 64 عاماً حديثها ل"اليوم السابع" عن قصة الكفاح التى لم تنتهِ بعد، "بعد وفاة المرحوم، لقيت فرقبتى كوم لحم وكان لازم أشتغل" تكمل الحاجو كريمة التى لم يقف المرض أو الفقر عائقاً أمام تربية أطفالها وإخراجهم من داخل الغرفة الصغيرة رجالاً ونساء متزوجات فى شقق بعيدة عن المنطقة الفقيرة التى عاشت بها.
عملت بجد حتى إستطاعت أن تجمع 500 جنيه، بدأت بها مشروع الكشك داخل غرفتها، علب سجائر وحلويات للأطفال، بسكوت وبعض مواد البقالة كان لها الفضل فى تزويج ثلاثة فتيات وتربية أربعة صبية يتوافدون على زيارتها داخل الغرفة التى مازالت الحاجة كريمة تدير من خلالها عملها بالكشك وحدها مع ما بقى لها من أمراض تبقيها ساهرة فى رضا بمبدأها البسيط فى الحياة "أحب أكل ملحى وأعيش براحتي".
إبرة تطريز "أم شيماء" تعيل أسرة من 8 أفراد
مثل الكثيرين من أهالى المناطق العشوائية التى تعانى من تلوث فى المياه، أصيب زوجها بأمراض الكبد والكلى التى منعته عن النزول للعمل، ليبقى فى المنزل تاركاً "أم شيماء" وحدها فى دوامة الحياة دون أن تدرى كيف ستتمكن من إطعام 7 أفواه بما فيهم زوجها العاجز.
"أم شيماء" بنت البلد المصرية الأصيلة وقفت فى وجه الظروف، وبدأت فى البحث عن حرفة أو عمل يساعدها على "فتح البيت"، توجهت لتعلم حرفة التطريز والخياطة التى تمكنها من ممارسة العممل من داخل منزلها حتى تتمكن من رعاية زوجها وأطفالها ال6.
"بشتغل فى التطريز بقالى 10 سنين من يوم ما جوزى تعب وأنا اللى بصرف على البيت" تحكى "أم شيماء" أو "الست ماجدة"، كما تشتهر فى منطقتها بين الجيران بشارع "الإمام الغزالى" بإمبابة، فتحت فى بيتها ورشة صغيرة بمكنة خياطة متواضعة وإبر تطريز برعت فى الرسم بها على الأقمشة بمختلف ألوانها، حتى اشتهرت فى ورش ومصانع الملابس المطرزة بالعتبة ووسط البلد، واستطاعت تجهيز بناتها والإنفاق على بيتها.
فى نهاية حديثها قالت "أم شيماء": "عندى 4 بنات وولدين، جوزت تلات بنات والولاد كبروا وبيشتغلوا، بنتى الصغيرة فى المدرسة، ربنا يقدرنى وأدخلها الجامعة".
"نبيلة.. قصة كفاح سيدة مصرية"
منزل قديم مكون من عدة طوابق هو المنزل الذى عاشت فيه "نبيلة" مع أسرتها قبل أن تفع والدتها قضية "الخلع" على والدها الذى هجر المنزل وتوقف عن الإنفاق على البيت منذ زمن طويل، ليتشتهر منزل "نبيلة وبناتها" ببيت المطلقات" فى المنطقة الشعبية التى يسكنون بها، بعد أن نالت ابنتها الكبرى نفس مصير أمها وطلقها زوجها بمجرد مرور ستة أشهر فقط من إعلان الزواج.
والدتها الحاجة أم رمضان رفعت قضية خلع على زوجها بعد أن هجر البيت وتوقف عن الإنفاق عليهم، فاتخذت "أم رمضان" قرارها بحسم "الراجل ده ميلزمنيش"، وبقت وحدها تتولى مسئولية البيت، وتنفق على نبيلة وإخوتها من الفتيات والصبية، أما نبيلة التى تزوجت فى سن الثالثة عشر فلم يكن حظها أفضل من والدتها فبعد ستة سنوات طلقها زوجها تاركاً فى رقبتها طفلتين، ربتهم نبيلة حتى توزجن.
"إشتغلت كل حاجة، وقفت فى محلات هدوم، وكافتريات فوسط البلد، وإشتغلت مضيفة فمطاعم، وعاملة ففنادق، المهم أرجع لعيالى بلقمة ياكلوها وأحوشلهم مصاريف تضمنلهم مستقبلهم" تكمل "نبيلة 44 عاماً: تعبت فحياى أوى وأبو العيال عمره ما سأل عليا، بس الحمدلله جوزت البنات وأديت رسالتى.
"إيمان" أخت نبيلة الصغرى لم يكن حالها أفضل من شقيقتها، فهى الأخرى حالة من حالات منزل الكفاح الذى امتلأ بالسيدات الاتى تحدين الزمن، زوجها المريض بقدميه لا يستطيع المشى، وتخرج هى منذ الصباح للعمل بمحل ملابس بوسط البلد حتى تكمل تعليم ناهد وبسنت اللتان لم تتجاوز عمر أكبرهما ال8 أعوام".
"بحلم أدخل ناهد وبسنت الجامعة، ربنا يقدرنى" تحكى إيمان ل"اليوم السابع"، غير عابئة بنظرة المجتمع إلى يرفض عمل المرأة بإحكامه الظالمة التى تسجن المرأة دون تقدير معاناتها فى العمل على أبنائها وبيتها.
من فرن عيش صغير جوزت مصطفى وعصام وربت العيال
فرن صغير داخل طرقة ضيقة بالمنزل الذى لا تزيد مساحته عن غرفتين تسكن بهم أسرة "أم عصام" وبناتها الثلاثة وأولادها الأربعة، ويرقد بها زوجها المريض الذى لا يقوى على الحركة.
تسيقظ "أم عصام" كل صباج مع شروق الشمس لتبدأ فى تجهيز العجين والجلوس أمام الفرن بجلبابها البلدى الذى تفوح منه رائحة الدقيق والعيش المخبوز الذى فتحت به "أم عصام" بيتاً كان مهدداً بالضياع بعض مرض الزوج وبقائه الدائم فى المنزل، تاركاً لها البيت بما فيه.
"بعمل عيش ورقاق وببيعه كل يوم واللى بيطلع بصرف منه على ابيت" تحكى "أم عصام قائلة" من بين أرغفتها التى تناثرت حول الفرن، وتقول" حوشت فلوس وبحطها على معاش جوزى وقدرت أجوز عصام ومصطفى ولسه بقيت عيالى ربنا يقدرنى وأجوزهم كلهم".
حتى الآن مازالت "أم عصام" تجلس يومياً أمام فرنها الصغير الذى يخرج منه الخبز ورزق البيت، حتى تكمل رسالتها فى الحياة فى رضا وصبر وقوة لم تعرفها إمرأة فى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.