محافظ الإسكندرية يتابع تداعيات زلزال اليونان وشعر به سكان مصر ويؤكد عدم وجود خسائر    شعر به سكان مصر، السلطات اليونانية تحذر من تسونامي بعد زلزال بقوة 6 درجات (فيديو)    هزة أرضية جديدة يشعر بها أهالي كفر الشيخ    السفارة الإسرائيلية في واشنطن تكشف تفاصيل مقتل 2 من موظفيها بإطلاق نار    زلزال بقوة 6.24 ريختر على بعد 499 كيلومتر شمال مرسى مطروح    نماذج امتحانات الدراسات للصف الثالث الإعدادي PDF ترم ثاني 2025.. استعد الآن قبل بداية الامتحانات    طريقة عمل الثومية السورية، أسرع وألذ سلطة    إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    سعر الذهب اليوم الخميس يصل لأعلى مستوياته وعيار 21 الآن بالمصنعية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 22 مايو 2025    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    يصيب الإنسان ب«لدغة» وليس له لقاح.. تفاصيل اكتشاف فيروس غرب النيل في دولة أوروبية    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    الدولار ب49.8 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 22-5-2025    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    قبل ساعات من محاكمته.. إصابة إمام عاشور بوعكة صحية ونقله للمستشفى    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 22-5-2025    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)    الجامعة العربية تطالب بمقاضاة إسرائيل دوليًا بعد استهداف وفد دبلوماسي    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    السيطرة على حريق 4 منازل بالفيوم و إصابة 6 أشخاص باختناق    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    5 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلا في حي الصفطاوي شمالي غزة    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    هذا أنا مذكرات صلاح دياب: حكاية جورنال اسمه «المصرى اليوم» (الحلقة الثالثة)    أموريم: كنا أفضل من توتنهام.. وسأرحل إذا أراد مانشستر يونايتد إقالتي    تباين في أسعار الخضروات بأسواق مطروح.. والبامية والليمون تكسران حاجز ال 80 جنيهًا    أرباح إيسترن كومبانى تنمو 36% خلال 9 أشهر.. بدعم 27 مليار جنيه إيرادات    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    توقعات حالة الطقس اليوم الخميس    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    وزير الزراعة يحسم الجدل حول انتشار وباء الدواجن في مصر    لحظة وصول بعثة بيراميدز إلى جوهانسبرج استعدادا لمواجهة صن داونز (صور)    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب يريد إسقاط النظام.. ومصر تريد إسقاط الشعب
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 02 - 2012

حقا يا لها من خيبة أمل أصيبت بها مصر من ضخامة وحجم أعمال الفساد والإفساد بأشكاله وأساليبه المختلفة التى حدثت وارتكبت، وما زالت تحدث كل يوم بأيدى أبناء شعبها، والتى بدأت منذ الساعات الأولى لقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، استغلالا لحالة الفراغ الأمنى وانشغال الشرطة والأمن بمقاومة الثوار فى ذلك الوقت، وكان أبرزها وأبشعها على الإطلاق هو التعدى بالبناء على مئات الآلاف من الأفدنة من أخصب وأجود أنواع أراضيها الزراعية، وأقول وأكرر إنها أبشع وأكبر جريمة فى حق مصر على الإطلاق، فعلينا أن نتخيل كم من الوقت والمجهود والمال الذى ينفق كى نستصلح فدانا واحدا فى الصحراء، وأننا من أكبر مستوردى الغذاء فى العالم، وهو ما يذلنا للمصدرين له ليتحكموا فينا كيفما شاءوا، ومثالا على ذلك القمح، وعندها سندرك أنها أكبر جريمة قام بها شعب فى حق نفسه. وما زالت خيبة أمل مصر تزداد يوما بعد يوم مع أنهار الدم التى تتدفق وتسيل على أرضها، نتيجة قتل أبنائها بعضهم بعضا وتناحرهم، وغيرها من أبشع الجرائم التى ترتكب بكافة أشكالها وصنوفها من أعمال سرقة ونهب وخطف وسطو مسلح واعتداء واغتصاب لبناتها ونسائها، والذى يزداد معه عمق جرح قلبها ونزفه، ناهيك عن التدنى فى مستوى الثقافة والعلم والذى سبقه غياب للقيم والأخلاق، خاصة بين أجيال صغارها وشبابها. وما يزيد حزن مصر ويزيد جرحها عمقا، هو أن ما يحدث بها، يحدث بأيدى أبنائها، فيا حزن أم عندما تطعن من فلذات أكبادها، لكِ الله يا مصر يا أيتها الأم التى تطعنين فى كل لحظة وفى كل حين، وكم مرضتِ وطال بك المرض ولكن دائما تنتصرين على الموت لتظلي على قيد الحياة تحتوين الأحياء من أبنائك بين ثناياك وفى ربوعك وتغدقين عليهم بعطائك الذى لا ينقطع، وتحتضنين أجساد موتاهم بين حبات ترابك الطاهر، نعم لكِ الله يا أرض الكنانه فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، وما سبق وغيره مما يحدث الآن فى مصر إن دل على شىء فإنما يدل على أن الفساد لم يكن فساد حاكم وحاشيته أو نظامه فقط، بل يدل على أن الفساد قد استشرى فى الشعب بكامله، وهذا أيضا يفسر أن بقاء حاكم فاسد وظالم فى حكم شعب لعقود مضت هو أن الشعب كله أو بعضه أعانه على ذلك، لأنك من الصعب أن ترى شعبا مستقيما صالحا ويحكمه حاكم ظالم لأنه سرعان ما سيلفظه ويزيحه ليتخلص من ظلمه، وكذلك الحال من الصعب أن تجد حاكما عادلا يقوى على حكم شعب فاسد وظالم، ومن هنا فإن فساد الراعى واستمراره فى ظلمه هو من فساد الرعية وظلمهم بعضهم البعض، ومن ثم ينطبق عليهم قول الله تعالى "وما ظلمناهم ولكن كانو أنفسهم يظلمون".
وقد يتهمنى البعض أنى حكمت على الشعب بكامله أنه فاسد وظالم على الرغم من أن فيه الصالحين ، أقول له نعم وأنا أولكم، فالفاسد فينا ظلم نفسه وغيره بإفساده، والصالح منا ترك الفاسد يعيث فى الأرض فسادا وسكت عنه، ومن ثم تكون النتيجة أن الشعب بكامله منه من كان فاسدا أو ظالما لنفسه. وإذا ما أردنا أن نتعرف أكثر على فساد الشعب وظلمه لنفسه فلنفتش فى كم قضايا الرشوة وسرقة المال، العام منه والخاص، وأكل مال الغير، وقتل الأخ لأخيه، وقتل الابن لأمه وأبيه، وغيرها من مئات الآلاف من القضايا بكافة أنواعها والتى منها ما حكم فيه ومنها ما هو منتظر ومتراكم فى المحاكم المختلفة والمنتشرة فى ربوع الوطن، وعندها سنعرف هول الكارثة. سيقول البعض إن الحاكم ونظامه هم من كانوا السبب فى كل تلك الأعمال الفاسدة ، أقول نعم هذا صحيح كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، ولكن هل من العدل أو العقل أن نقول إن جميع أعمال الفساد والظلم لبعضنا البعض والإفساد فى الأرض أجبرنا الحاكم على فعلها، أم منها الكثير قمنا بفعله باختيارنا وبكامل إرادتنا، ومن ثم فلا تزر وازرة وزر أخرى. وهل أوتى الحاكم من القوة والعلم ما يمكنه من الإحاطة بكل ما يقوم به رعيته من صلاح أو فساد، أو سيقوم بتعيين رقيب على كل فرد يراقب أفعاله، فما نعلمه هو أن الله وحده سبحانه وتعالى هو الذى أحاط بكل شيء علما، ومع ذلك ومن واسع رحمته وعدله فى خلقه جعل على خلقه حافظين، كراما كاتبين، يكتبون ما يفعلونه ويسجلونه لهم حتى لا يكون لهم عند الله حجة يوم القيامة عند الحساب. ولنضرب مثالا آخر، فقد يكون لأب مجموعة من الأبناء يعيش معهم ويراهم كل يوم ومتابع لهم ولأحوالهم، وسلوكهم أمام عينيه سواء، ولكنه لا يستطيع أن يعرف الصالح منهم من المفسد، لأنه بالطبع سيكون معهم بعض الوقت وليس كل الوقت ومهما أوتى من قوة وقدرة فلن يستطيع أن يذهب مع كل واحد من أبنائه أينما ذهب، فهو قد يستطيع أن يربيهم فى المنزل ويزرع فيهم الموروثات، ولكنه لن يستطيع بأى حال من الأحوال أن يحميهم من المكتسبات فى خارج البيت، ومن هنا لن يستطيع أن يعرف الفاسد منهم إلا إذا كشف ستر فساده من غيره كأن يقبض عليه أو يقوم أحد رآه يفعل المفسدة بإخبار أبيه، بل وحتى إن أخبره أحد يظل الأب نافيا وغير مصدق على ابنه ما هو متهم به مع أنه بالفعل هو من قام به، فكيف بحاكم يتولى أمر الملايين من البشر بأن يحيط بكل أفعالهم وخاصة إذا ما أحاطت به حاشية وبطانة منافقة كاذبة تعينه على الشر وتخبره عكس الحقائق، ومع ذلك فإنهم أيضا من الشعب ونفس الوطن ولم يتم استيرادهم من بلد آخر.
ولذلك كله وغيره مما لا يتسع المجال لذكره فإنه يتضح أن إسقاط الحاكم ونظامه ما هى إلا عملية تغيير لرأس فى جسد طاله الفساد بكامله ولكى يعود هذا الجسد للحياة مرة أخرى ويعمل بكفاءة فلابد من تغيير الجسد بالكامل وليس استبدال رأسه فقط، وماذا تفعل الرأس بجسد قد ملأه العطب وأصبحت كل أعضائه فاسدة. وهذا بالضبط ما أحدثته ثورة الخامس والعشرين من يناير أنه تم تغيير الرأس ألا وهى الحاكم ونظامه وظن العقلاء والطيبون فى بداية الأمر أنه بهذا ستتبدل الأحوال وتسير إلى الأفضل، ولكن سرعان ما كشف الجسد ألا وهو الشعب عن علته ومرضه وأنه قد أصابه ما أصاب الرأس من فساد.
وعلى أى حال أيا كان من أصيب بمرض الفساد أولاً، الرأس أم الجسد، ثم أصاب الآخر، فإن الثورة التى قامت قد غيرت الرأس بالتخلص من الحاكم ونظامه ولكننا لا زلنا فى حاجة إلى الثورة الحقيقية و الأهم والأصعب، ألا وهى ثورتنا على أنفسنا لتغيير الجسد، هذا إذا ما كنا فعلا نريد أن نصل بالأم الحبيبة الغالية مصر إلى حيثما نريد ونتطلع إليه، فهيا بنا نثور على أنفسنا ليصلح كل منا ذاته ويراقب ربه فى كل ما يفعل، هيا بنا لنعيد الروح لضمائرنا كى تعود للحياة بعد أن قتلت، هيا بنا فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.