◄ نقاد وفنانون: دعاة السينما النظيفة ودخول الإخوان وشيوخ الخليج مجال الإنتاج وراء اختفائها قبلة منتصف ليلة رأس السنة من أشهر القبلات فى العالم، فحين تنطفئ الأنوار ويعم الظلام الكون، ينفرد كل حبيب بحبيبه فى قبلة يودع بها هموم العام الفائت وينتظر آمال العام القادم، قبلة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل عام. السينما المصرية لم تتجاهل أهمية قبلة العام الجديد، وجسدتها فى أفلام كثيرة، ووضعتها فى مكانة متقدمة بين قبلات الأفلام، فلا أحد منا يستطيع نسيان قبلة عمر الشريف لفاتن حمامة فى فيلم «نهر الحب» ليلة رأس السنة، تلك القبلة التى تلهب قلوب المشاهدين ومشاعرهم كلما تم عرض الفيلم. ومن قبلات رأس السنة الشهيرة قبلة أنور وجدى وليلى مراد فى «قلبى دليلى»، وقبلة فريد شوقى وشويكار فى «آخر فرصة»، ويحيى شاهين وماجدة فى «هذا الرجل أحبه»، ورشدى أباظة ونادية لطفى فى «عدو المرأة»، ويوسف وهبى ومديحة يسرى فى «الأفوكاتو مديحة»، وأفلام آمال وإشاعة حب وشاطئ الغرام ونور الشريف ولبلبة فى «ليلة ساخنة». الأفلام الحديثة التى ظهرت بها مشاهد رومانسية فى «ليلة رأس السنة» اختفت منها القبلة تماما، ولم يبق سوى انطفاء الأنوار فقط دون قبلات، ومن هذه الأفلام «ليلة البيبى دول» بطولة محمود عبدالعزيز ونور الشريف وسلاف فواخرجى، وإخراج عادل أديب و«لعبة الحب» بطولة هند صبرى وخالد أبوالنجا، وإخراج محمد على. لكن لماذا اختفت تلك القبلة من أفلامنا الحديثة؟ ولماذا لم تتعامل السينما المصرية مع تفاصيل ليلة رأس السنة مثلما تعاملت معها السينما العالمية فى أكثر من 300 فيلم، وهل التغيرات الاجتماعية والسياسية التى طرأت على المجتمع المصرى تسببت فى اختفاء تلك القبلة من السينما؟ السينما المصرية خاصمت القبلة، والمشاعر الجميلة، هذا ما تراه الفنانة هند رستم، التى تضيف ضاحكة: قبلة رأس السنة كانت من القبلات المشهورة فى السينما المصرية، حيث كانت تعكس نمط العلاقات والثقافة التى كانت سائدة حينئذ، كانت الناس تعيش فى صفاء ذهنى ونفسى يعنى «كانوا بيعرفوا يعيشوا ويستمتعوا بوقتهم»، لكن فى العصر الحالى كثر الزحام والتوتر وضغوط الحياة وانعكس ذلك على أسلوب حياة الناس، وتغير شكل التعبير عن الحب، ومنها القبلات. اختفاء قبلة ليلة رأس السنة يعود إلى ظهور ما يسمى بالسينما النظيفة التى خربت السينما، على حد قول الفنانة لبلبة، التى ترى أن هذه السينما يمكن أن تسمى سينما التفاهة، وتشير إلى أن «بوسة» عمر الشريف لفاتن حمامة فى فيلم «نهر الحب» هى الأشهر فى تاريخ السينما المصرية، وأن القبلة بشكل عام فى تلك الليلة من التفاصيل المهمة والتى تعد علامة مميزة لها، لكن تفاصيل ليلة رأس السنة تختلف من عصر لآخر، والسينما أرخت لذلك، فالمتأمل فى أفلامنا القديمة سيجد اختلافا جوهريا فى التفاصيل، ولكن من أكثر المخرجين الذين قدموا تلك الليلة بتفاصيلها شديدة الخصوصية هو المخرج عاطف الطيب فى فيلم «ليلة ساخنة» الذى شاركت فى بطولته مع الفنان نور الشريف، حيث تناول عاطف تفاصيل عصره فيما يخص ليلة رأس السنة فى فترة التسعينيات من القرن الماضى. السيناريست تامر حبيب، يتفق مع لبلبة فى أن قبلة عمر الشريف لفاتن حمامة فى «نهر الحب» هى الأشهر سينمائياً ويعتبرها قبلة تاريخية، ويضيف أن القبلات عموماً اختفت من السينما المصرية بسبب المصطلح المتخلف «السينما النظيفة» رغم أن تلك القبلة لها معان خاصة لدى كل المحبين، حيث يعتبرونها بمثابة توديع لعام مضى واستقبال عام قادم، وأوضح تامر أنه بصدد البحث عن فكرة يتناول فيها ليلة رأس السنة فى فيلم سينمائى وتضم بين أحداثها قبلة الساعة الثانية عشرة، وستكون قبلة معبرة. المخرج على إدريس، يرى أن فيلم عاطف الطيب «ليلة ساخنة» الأفضل فى تناول تفاصيل ليلة الكريسماس، أما موضوع القبلة فهى من وجهة نظره ضرورية جدا فى أى فيلم يتناول تلك الليلة، واختفاؤها لا يعطى لتلك الليلة مصداقيتها، ويرى أن أفلام زمان، حتى بعيداً عن قبلة ليلة رأس السنة، كانت تنتهى بقبلة بين البطل والبطلة وكان الجمهور يتقبلها، لكن فى السينما حاليا، هناك تيار ضد القبلات لكن الغريب أنهم يتقبلون الإفيهات الجنسية والتفاهة والابتذال ولا يتقبلون القبلات. الناقد محمود قاسم، أكد أن التطور فى شكل المجتمع المصرى هو الذى أنهى مشهد قبلة الساعة الثانية عشرة ليلة رأس السنة، وبالتالى امتنع الكتاب عن كتابتها فى أفلامهم، ويرى سالم أننا لو تأملنا أفلام «الأبيض والأسود» سنجد هناك طقوسا مختلفة تماما عن طقوس الأفلام الحديثة، ويضيف أن قبلة فيلم «نهر الحب» بين عمر الشريف وفاتن حمامة تعد القبلة الأشهر فى ليلة رأس السنة، برغم أن الفيلم لم يتناول الليلة بشكل مفصل ولكن تلك القبلة لها مذاق خاص، ولا ينساها أحد وهى أهم ما يميز قصة الحب فى الفيلم. الناقد طارق الشناوى، يبرر ظاهرة اختفاء قبلة ليلة رأس السنة تحديدا والقبلات عموما فى الأفلام الحديثة بتوغل التيار الدينى الإخوانى ودخوله مجال الإنتاج السينمائى من الباطن، بالإضافة إلى تغير الظرف الاجتماعى والسياسى والاقتصادى، فكل هذه العوامل تؤثر ولو بشكل غير مباشرعلى السينما. الناقدة ماجدة خيرالله، ترى أن قبلة الساعة الثانية عشرة ليلة رأس السنة قبلة فارقة بين سنة وسنة، ولها أهمية خاصة فى الأفلام السينمائية لكن الأزمة حالياً أن القبلات اختفت أساسا من السينما بفعل فاعل، لأن المنتجين يجرون وراء مصطلح السينما النظيفة، وتتذكر ماجدة واقعة فيلم «عن العشق والهوى» الذى حذف منتجه مشهدا كان به قبلة بين أحمد السقا ومنة شلبى رغم موافقة أحمد ومنة على المشهد، بحجة الخوف من رد فعل الجمهور، ووضع اعتبار لمشاعر الأسرة التى تحضر الفيلم. وتضيف ماجدة أن صعود التيار الدينى الإخوانى ورؤوس الأموال الخليجية التى دخلت فى الإنتاج من أهم أسباب اختفاء قبلة رأس السنة. لمعلوماتك.. ◄ 1960 تم إنتاج فيلم «نهر الحب».