قال الدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، إن تأكيد وثيقة الأزهر على حرية الإبداع جاء هاماً للغاية، وذلك لأنه إذا كُبلت حرية الإبداع فقل على الوطن السلام، لأن الإبداع ليس محصوراً فى الفن فقط، فتلك إحدى صوره، وإنما نعنى الإبداع فى كل مناحى الحياة، وقد عانينا الفترات السابقة بسبب انعدام الخيال والإبداع السياسى. وأضاف لا نقول إن تلك الوثيقة هى كلمة أخيرة ولكنها أضواء ترشدنا إلى الطريق، كما أن الخريطة التى رسمها الأزهر حينما انفتح على أغلب التيارات المختلفة بقلب مفتوح، تؤكد على دور الأزهر وتاريخيه فى الحفاظ على النسيج الوطنى واستيعابه له، وكان الأزهر دائماً ينظر لتاريخه بنظرة صحيحة غير متشددة وإلى واقعه بنظرة عملية. جاء هذا خلال الندوة التى انعقدت مساء أمس، الخميس، بسراى الاستثمار، بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الثالثة والأربعين، وقد أدار هذه الندوة التى جاءت بعنوان "وثائق الأزهر والوفاق الوطنى" الناقد الأدبى الدكتور صلاح فضل، وشارك فيها الدكتور سمير مرقص. وأكد "إمام" أن وثائق الأزهر، والتى قام بصياغة مسودتها الدكتور صلاح فضل، لاقت صدى عميقا وإيجابيا فى معظم الدول التى زارها مؤخراً، كما أكد معظم قادة الفكر والسياسة على ضرورة أن يستيقظ الأزهر مرة أخرى، وأن يأخذ مكانته المستحقة فى الواقع الإسلامى والعربى والمصرى. وأضاف إما أن تكون هذه المرحلة الحاسمة فى تاريخنا خصماً من رصيدنا الثقافى والتاريخى أو إضافة إليه. قال الناقد صلاح فضل، إن الظروف التاريخية التى تمر بها مصر الآن تفرض علينا تحديات جسيمة، وفى مقدمتها سؤال يواجهنا، وهو كيف يمكن أن نصنع المستقبل الذى يرضى طموحنا فى الشراكة الحضارية مع باقى الأمم، وفى الآن ذاته نقبض على جذوة ساخنة من التراث، ها التوفيق لم يكن لمؤسسة أن تتطلع به وتفى بمتطلباته مثل مؤسسة الأزهر الشريف الذى حافظ على روح الإسلام وجوهره الوسطى. وأضاف فضل أن شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب استطاع أن يجمع نخبة من علماء الأزهر والمثقفين على اختلاف أطيافهم، والتى تؤكد على الخصوبة التى يتميز بها العالم الإسلامى بكل تعدديته. وتابع، كانت الخطوة الأولى هى إصدار الوثيقة التأسيسية التى تدعم التحول الديمقراطى، ولم تقتصر على النظر فى مفاهيم الدين، بل امتدت لكى تشمل مفاهيم الدولة العصرية، واستطاعت تلك النخبة أن تكوّن رؤية ثاقبة ومتبصرة بطريقة بالغة التنسيق، وأصدرت ثلاث وثائق الأولى تخص طبيعة الدولة فى الفترة القادمة، وذكر أن شيخ الأزهر قد توقف على كلمة "مدنية" وتمت مراجعتها إلى أن تم توصيف الدولة على أنها دولة معاصرة، دستورية وديمقراطية وقد عرض فضل نسخة الوثيقة التى تم التعديل فيها، والثانية عن مناصرة الثورات العربية ودعمها، والأخيرة جاءت لتؤكد على الحريات الأربع "العقيدة، الرأى والتعبير، الفكر وحرية الإبداع". كما أكد فضل أن الغلط المثار حول قضية استقلال الأزهر، والتى تناولها من هم ليسوا مؤهلين للتحليل، ولا يفقهون شيئاً فى القانون سوى أن يناقشوا مسألة صياغته مع العلم أنها إحدى خطوات نحو القانون، كما أكد ذلك الدكتور محمد كمال إمام، وقال إنه ليس صحيحا أن القانون يجعل شيخ الأزهر هو من يشكل هيئة كبار العلماء التى بدورها تختار شيخ الأزهر، وذلك لأسباب أولها أن اللجنة تلك يتم تشكيلها بناءً على قوانين يحددها الأزهر وليس شيخ الأزهر، ثم أن موافقته عليها إجراء رسمى، إضافة إلى أن من يدعى أن هذا القانون لم يصدر من مجلس الشعب، فهو صادر من جهة مختصة، ومن حق مجلس الشعب أن يعترض على القانون ويعدله، كما أن الشيخ أحمد الطيب لن يستفيد شيئا من هذا القانون لأنه معين من قبل رئيس الدولة ويقضى القانون السابق بأن شيخ الأزهر يتولى المشيخة مدى الحياة، وهذا ما يتنافى مع القانون الجديد الذى يحدد مدة الشياخة لسن ثمانين عاما، وأن يكون الشيخ منتخباً وليس معيناً، إضافة إلى أن تخوف أحد النقاد، مثل سمير فريد، من أن يكون شيخ الأزهر غير مصرى، أقول له إن الشيخ الخضر حسين التونسى كان من العلماء الكبار الذين تولى مشيخة الأزهر، ومع ذلك فالقانون ينص على أن يكون المنصب لمصرى من والدين مصريين، لا أرى لها ضرورة لأن الجنسية المصرية ثقافة وليست ورقة. من جانبه، قدم الدكتور سمير مرقص تحية لشهداء الثورة منذ يناير حتى أحداث بورسعيد الأخيرة، وقال لولا هؤلاء الشهداء لما كنا نجلس الآن نتحدث حول المستقبل، وقال إن حالة مصر قبل الثورة وصلت إلى الخصومة الحادة والاستقطابات، بدءاً من المختلفين دينيا إلى المختلفين مذهبيا وفكريا، كما شهدت مصر قبل الثورة حالة من الاختلال الاجتماعى، ولا يمكن أن يكون الأزهر والكنيسة بعيدين عن الحالة المصرية والواقع المصرى، ولا يجب أن يكونا متواطئين مع أى نظام قائم، وأن ينحازا لجانب المحكومين وليس إلى جانب الحكام. وقال إن الوثائق الصادرة عن الأزهر ليست نصوصا إنشائية لأنها تمت داخل إطار فكرى ويمكنها أن تكون بوصلة لكل المؤسسات الوطنية. وأضاف أنا مع الدكتور الشيخ أحمد الطيب فى توقفه عند مفهوم الدولة المدنية، إذ إن ذلك ليس له وجود فى السياسة فهناك الدولة العصرية أو الحديثة، وأنا متفق تماما مع ما جاء فى الوثيقة من تأكيد على عصرية الدولة ودستوريتها وأن تكون ديمقراطية.