12 ألفًا يشاركون في مؤتمر "مستقبل وطن" ببورسعيد لدعم مرشحه للشيوخ (صور)    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    افتتاح معرض للمتحف المصري الكبير ببرلين بمشاركة 600 طالب -صور    وزير الزراعة: مصر لم تُقصر في توفير الأسمدة رغم التحديات    أردوغان: نتنياهو وشبكته تجاوزوا هتلر في الوحشية وما يجري في غزة يفوق المحرقة    واشنطن محذّرة: سوريا قد تواجه سيناريو أسوأ مما حدث في ليبيا وأفغانستان    حسن شحاتة يغادر المستشفى بعد إجراء عملية جراحية    صلاح 52% وإكرامي 98%.. أبرز مجاميع لاعبي كرة القدم في الثانوية العامة    إصابة 10 عمال في انقلاب سيارة نصف نقل بالصحراوي    إحالة عاطلين للمحاكمة بتهمة سرقة مخزن في الشرابية    أحمد حلمي رسب 3 مرات ومي عمر حصلت على 95%.. درجات النجوم في الثانوية العامة    مجدي الجلاد عن قُبلات المعجبات لراغب علامة: "اللي ما يمنعهاش راجلها وأسرتها الدولة تمنعها"    انطلاق أولى فعاليات ورشة السيناريو "التراث في السينما المصرية الروائية" بالثقافة السينمائية    صور.. هنا الزاهد تحتفل بخطوبة شقيقتها نور في أجواء عائلية    ثورة 23 يوليو| كنز الأسرار.. قصة استراحة ملكية تحوّلت إلى مقر للقيادة    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    متي تكون فواكه الصيف منعشة ومتى تتحول إلى خطر؟.. استشاري تغذية يوضح    وزير الرياضة يبحث مع رئيس اتحاد الجودو آخر استعدادات مصر لاستضافة البطولة العربية    ختام فعاليات ماراثون جامعة بنها الثاني لمشروعات التخرج 2025    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أوكرانيا تراهن على الأصول الروسية والدعم الغربي لتأمين الإنفاق الدفاعي في 2026    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء.. مصر تدرس إنشاء مصنع دواء مشترك مع زامبيا    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    "حلو التان" أغنية ل أحمد جمال بتوقيع الشاعرة كوثر حجازي    تقديم الخدمات المجانية ل 4010 حالات ضمن حملة "100 يوم صحة" بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    «في فرق كبير والتاني بيستخبي».. عبدالحفيظ يعلّق على تصرفات إمام عاشور وفتوح    الداخلية تواجه سرقة التيار الكهربائي ب4120 قضية في يوم واحد    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    الصحة: إغلاق خمسة فروع لعيادة "بيلادونا ليزر كلينك" للتجميل والعلاج بالليزر    ماذا كشفت التحقيقات في واقعة ابتزاز الفنان طارق ريحان؟    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طفلة مصرية تحلم بالآيس كريم فأكلها السرطان
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 12 - 2008

فى حى الطوابق بفيصل, وفى حجرة مظلمة بالدور الأرضى، ذهبت لأقابل أبطال قصتى الإنسانية سارة ووالدتها، التى قابلتنى بابتسامة رائعة.. تعجبت كيف أن شقاء الزمن لم يمحها.
كانت طفلتها "سارة " نائمة فى أحد أركان الحجرة، اقتربت منها فرأيت عينين رائعتين لامعتين ووجها دائريا يحمل كل معانى البراءة، فجلست بجوارها، قابلتنى سارة بنفس الابتسامة البريئة لوالدتها وهى تقول "إنت مين يا طنط؟"، فأجبت "أنا صحفية وهعملك موضوع يقرأه المسئولون وبعدها تتعالجى فى مستشفى كويسة وتخفى وتبقى عروسة زى القمر".. فنظرت لى ولم تبد أى فرح أو حزن.
"سارة خمسة أعوام، تعانى من سرطان الدم، وهى فى المراحل الأخيرة من المرض الذى نهش جسمها وتمكن منها فالتهم ملامحها وبراءتها".
وبدأت والدتها تحكى قصة المرض: "يا بنتى الغلب فى الدنيا ده وراثة"، (تقول لى يابنتى وهى أكبر منى بسنوات قليلة), "أنا من زمان عايشة فى الغلب واتعودت عليه خلاص والفقر ده ماشى فى دمنا، أمى توفيت لأننا لم نستطع أن نوفر لها العلاج الغالى، والتأمين والعلاج على نفقة الدولة بالواسطة".
"جوزى مات فى حادث ميكروباص على الطريق الدائرى وأخى كان أحد ضحايا الهجرة غير الشرعية فمات غريقا وكان البحر أحن من بلده"!!
أتابع حديثها بشغف وأنا أكتبه وأسجله.. وهنا نظرت لى وتنهدت بقوة وقالت: "ممكن أسالك سؤال.. انتى هتاخدى كام فى الموضوع ده؟".
سؤال مباغت , لم أجد إجابة أمامه غير ابتسامة صفراء وأنا أقول لها "عادى".
فقالت بحدة "100 أو 200 أو 1000، فى كل الأحوال أنا مش عايزاك تنزلى الموضوع ده!! فسألتها ليه؟"..
شعرت برجفة قوية فى قلبى وقشعريرة فى جسدى عندما سمعتها تقول : "أنا مش عايزة بنتى تعيش"!
"وليه تعيش ؟ عشان تبقى زيى ولا عشان تموت من الجوع ولا تبيع شرفها وتبقى لحم رخيص ولا عشان إللى يسوى واللى مايسواش يستغلها ولا عشان تكبر وتتجوز ويبقى معاها ولد مش قادرة تأكله ، أو تعالجه فتموت فى اليوم ألف مرة ولا .. ولا ولا" ..
جاوبت بحده : إنت ليه متشائمة ؟ و.......
قاطعتنى بغضب :" بلاش بقى كلام جرايد انتوا متعرفهوش اللى زينا بيحصله إيه فى البلد دى؟".
وهنا داعبتنى سارة بيداها لتقول لى ببراءة : "أنا عايزة أروح لربنا فى السما، ماما بتقولى إن فى السما حاجات حلوة كتير، عسل ولبن وكمان مش هحس بأى وجع فى جسمى وهقدر أروح المدرسة ويبقى معايا أصحاب كتير وألبس فساتين حلوة" .
فقالت والدتها: "بنتى عند ربنا هتكون مبسوطة وهبقى مطمنة عليها أكتر".
تستكمل سارة وهى تقول: أنا زهقت وتعبت قوى مش قادرة ألعب ومش عارفين نروح للدكتور عشان الدكتور عايز فلوس كتير وماما طول اليوم جمبى تعيط ، أنا بجد عايزة أروح لربنا انتى تعرفى طريقه؟
هربت كل الكلمات والجمل من على لسانى فلم أجد ما أقوله لسارة غير قشعريرة تسيطر على جسمى وأبكى بداخلى، حاولت أن استجمع قوتى أمام هذه السيدة صاحبة الإيمان القوى التى تتخلى عن ابنتها فى الحياة لتعيش عند خالقها.. وأتساءل كيف تستطيع أن تستكمل باقى عمرها دون ابنتها الوحيدة معها فى الحياة ؟ كيف استطاعت أن تتجرد من أنانية أمومتها لفلذة كبدها ، يا لها من امرأة أكثر من قوية. فقلت لها : من فضلك اسمعينى بنتك ممكن تعيش ويبقى حظها أحسن من حظك بلاش تحرميها من دنياها ، فقالت بكل هدوء : انتى لغاية ما تنزلى الموضوع هتكون بنتى عند إلى خلقها .. ارجوكى كفاية.
سارة مازالت تمسك بيداى برفق وقالت : هو انتى شفتى ربنا ؟ تعرفى شكله إيه؟ طب أنا هشوفك هناك ؟
"وهنا حاولت أن أجمد الدموع فى عينى فكيف تراها سارة ووالدتها" لم أتحمل أكثر من ذلك من تمزيق قلبي على سارة وهى تقول جملها بكل براءة فأجابتها : أكيد يا سارة هيكون مكانك أحسن منى؟
طب ليه أنا هقول لربنا تيجى معايا عشان أنا حبيتك.
كفاية يا سارة.. إلى هذا الحد ولم أعد أتحمل فبكيت بجانب سارة ونسيت وقتها من أنا ولماذا أنا هنا وكيف ؟
حاولت أن ألملم حاجاتى بعدها حتى لا ترى دموعى أكثر من ذلك وهربا من أسئلة سارة التى ليس لها إجابة عندى وقبلت سارة وقلت لها : تحبى أجبلك إيه لما آجى المرة الجاية ؟
فقالت برقة : أنا عايزة آيس كريم. بعد أيام ، وفيت بوعدى وذهبت بكل فرح وأنا أحمل الآيس كريم ، وطرقت الباب وفتحت أم سارة لكنى لم أر هذه المرة ابتسامتها ونظرت إلى الآيس كريم وقالت : خلاص سارة بتآكل كل حاجة حلوة عند ربنا!!
رحلت سارة عن دنيانا، رحلت ببراءتها وجمالها وهى تحلف أن الحاجة الوحيدة التى تمنتها " الآيس كريم " تركته فلا تريد شيئا من هذا العالم، رحت لتريح أى مسئول ولا تضيع وقته فى إمضاء ورقة لعلاجها على نفقة الدولة، رحلت لتترك أصحاب الكراسى يشبعون بها ، رحلت سارة وسيرحل مثلها مئات الأطفال المرضى الذين لا يجدون طعاما ولا مالا للعلاج ولا مأوى ولا عطف مسئول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.