طائرة داخلية من مدينة فأس إلى مدينة العيون كانت تأشيرة دخولى أرض الصحراء المغربية .. درجة حرارة تقارب السبعين درجة مئوية.. ولكن كافة مظاهر الحياة ما زلت موجودة، ومنها احتفالات بالمعتقدات الشعبية وطقوس دينية وآداب قولية احتضنها المجتمع الصحراوى على امتداد تاريخه ليتحول إلى تراث يتجسد فى سلوك السكان وعاداتهم اليومية، نعيشه عن قرب لمدة يومين مع أصحاب الأرض. والأرض التى يتنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو يسيطر المغرب على 80% منها، ويقوم بإدارتها بصفتها من "الأقاليم الجنوبية"، بينما تشكل المنطقة العازلة بين المغرب والجزائر 20% من مساحة الصحراء، وتتميز بعدم وجود كثافة سكانية. فى استقبالنا كانت الخيمة، رمز الاستقرار عند سكان الصحراء. فهى الوحدة الأساسية التى يتكون منها "الفريك"، أى مجموعة الخيام التى تتجاور، بسبب قرابة أو الاشتراك فى مراعٍ أو لقرب المياه. وبذلك لا تكون الخيمة وحدة للاستقرار المادى فحسب، وإنما تجسد إطاراً قوياً للعلاقات الاجتماعية والعائلية. فعندما نقول: خيمة أهل فلان، فنحن نعنى أسرتهم الصغيرة أو الكبيرة، وإذا قيل فلان "تخيّم" أو "استخيم" بمعنى تزوج. تحتوى الخيمة من الداخل على كل مستلزمات الحياة: أوانى وأغطية وفراش ومواد غذائية، مرتبة بشكل يسمح باستقبال الضيوف وإطعام الوافدين وإيواء النازلين، فى جو من الانسجام والبساطة التى تعكس مروءة وكرم أهل الصحراء. ونتعرف على المكانة الاجتماعية والاقتصادية للشخص من خلال حجم خيمته ووضعها داخل ترتيب بقية خيام "لفريك". لكل من الرجل والمرأة فى الأقاليم الصحراوية لباس خاص: الرجل يلبس "الدراعة" (انظر الصورة)، فى حين تلبس المرأة رسمياً "الملحفة"، ولا يجد الصحراوى أى مشكلة فى القيام بأكثر الأعمال تعقيداً، وهو يرتدى ملابسه التقليدية التى قد توحى بالتثاقل والتنافى مع الخفة والسلوك العملى ومتطلبات عصر السرعة. "الدّراعة" هى عبارة عن ثوب فضفاض له فتحتان واسعتان على الجانبين، له جيب على الصدر، وهى عادة ما تكون بأحد اللونين الأبيض أو الأزرق. ويلبس الرجل تحت "الدراعة" سروالاً فضفاضاً ويتدلى حزامه إلى أن يلامس الأرض، ويسمى "الكشاط" ويصنع من الجلد الناعم وبه حلقة حديدية تسمى "الحلكة". ويضع الرجل الصحراوى على رأسه اللثام الأسود، الذى يخضع لتفسيرات متباينة: فمنهم من يعتقد بأنه يرمز للحياء، أو للوقاية من حرارة الشمس وقسوة البيئة. أما "الملحفة": فهى عبارة عن ثوب طوله أربعة أمتار وعرضه لا يتجاوز 160 سنتيمتراً، تلبسه المرأة الصحراوية فوق ملابسها، لكن ليست كل الملاحف متشابهة. فالصحراوية تميز بين "ملحفة المناسبات" وملحفة الأيام العادية، كما أن المرأة الصحراوية تميز بين ملحفة المرأة الشابة وملحفة المرأة كبيرة السن. فقديماً كان للفتيات الصحراويات لباس شبيه بالدراعة، وهو يتكون من قطعتين بلونين مختلفين، أزرق وأسود، مع "ضفيرة" واحدة، وعند بلوغها تلبس الشابة الصحراوية الملحفة إلى حين زواجها. الشاى أو "أتاى" هو واجب ضيافة الصحراوى. وللشاى طقوس خاصة وأوقات معينة يتم إعداده فيها، ورغم أن الشاى ليس غاية فى حد ذاته، إلا أنه يستحيل عند الصحراويين أن يعقد مجلس أو يحيى سمر دون إعداده. وحول صينية الشاى العامرة يتم تداول الأخبار ومناقشة أمور الحياة العامة. وقد حافظ الصحراويون على أدبيات وطقوس إعداد الشاى القديمة، ومن أبرز هذه العادات ما يصطلح عليه الصحراويون ب "جيمات أتاى الثلاثة"، إذ أنه من الأفضل أن يتم تناول الشاى مع "الجماعة"، ومهما كثر عددها كان ذلك أفضل. و"الجر" هو فترة إعداد الشاى، ويستحسن إطالة المدة الزمنية لتحضير الشاى، وهو شرط يتيح للجماعة فرصة تناول أمورها بروية وتأن. و"الجمر"، إذ من الأفضل إعداد الشاى على الفحم. ويطلق على معد الشاى "القيام"، ويتم اختياره من بين أفراد الجماعة وفق مواصفات معينة من بينها بلاغة الحديث وإتقان الشعر ودماثة الخلق وحسن الصورة والوسامة، وأن يكون من أصل طيب، ويعتبر إسناد مهمة إعداد الشاى إلى أحد أفراد الجماعة من باب التشريف وليس التكليف. عرف المجتمع الصحراوى بحبه للألعاب الشعبية، وهناك بعض الألعاب يختص بها الرجال دون النساء، لأنها تتطلب بنية قوية أو تتطلب نوعاً من الحساب والتركيز. أشهر الألعاب الرجالية هى "أراح" و"كبيبة"، وهى ألعاب حركية وأخرى فكرية ك "ظامة" و"مرياس". تتميز الموسيقى الصحراوية بكونها مزيجاً بين الموسيقى العربية والأفريقية، وتظهر بصمات الأخيرة جلية فى الإيقاع. وعادة ما يرقص الرجال والنساء على إيقاع طبول خشبية على شكل قدح ضخم يتم فرد قطعة جلدية فوق فوهته وتربط بإحكام. ويتفنن العازف أو "إيكيو" فى نغماته الموسيقية مستعيناً بآلات موسيقية وفق نظام صوتى متناغم.. ومن مميزات الموسيقى ارتباطها بالشعر، فلا انفصال بين "الغنى" (الغناء) و"أزوان" (الشعر). أما الرقص أو "الركيص" فهو فن مبنى على الإيقاعات وبه حركات متنوعة، وأشهر الرقصات رقصة "كيرة" ويؤديها شابان متقابلان يحركان أرجلهما. وترقص عواجيز النساء وهن يضعن "الملحفة" على وجوههن، مكتفيات بحركات اليدين على إيقاع موسيقى هادئة بعكس "ركيص" الفتيات الأكثر صخباً وحركة. المطبخ الصحراوى له أداء خاص ينعكس على مذاقه الزكى، ويعتمد على اللحم واللبن أساساً وعلى المنتجات الريفية، خاصة الشعير والتمور. فما زال اللحم أساس الطبخ الصحراوى حتى اليوم، كما أن اللبن والشاى ما زالا يحتلان المركز الأول فى الاستهلاك. ومن أهم الوجبات بالصحراء "الكسكسي" المصنوع من دقيق الشعير، والجديد أنه أخيراً قامت مجموعات من النساء بصنع وتسويق الكسكسى المجفف المعد على الطريقة الصحراوية الأصيلة. ومن أهم الوجبات الغذائية بالصحراء أيضاً الأرز "مارو" و"تبيخة" اللحم والخبز كلما توفر لهم الدقيق. علاقة قديمة خاصة جمعت الإنسان الصحراوى بالإبل. فللإبل مكانة مرموقة عند سكان الصحراء، ولا يزال لها من ذلك حظ وفير عند كثير من الناس فى العصر الحاضر: هى مصدر الرزق ووسيلة المواصلات ومنبع الفخر. يتلقى الأطفال بالأقاليم الصحراوية تعليماً تقليدياً يبدأ بتعلم الحروف الأبجدية "الليف" أى الألف و"الباى" أى الباء و"التاى" أى التاء...إلخ. وذلك على يد فقيه "الفريك"، والذى يطلق عليه "بلمسيد" وهو الذى يؤدى دور المدرس العصرى حاليا. بعد ذلك، يتعلم الأطفال الأحرف المركبة، ثم البسملة وفاتحة القرآن الكريم فكتابة آية أو اثنتين، ثم بعض السور القرآنية بالتدريج. وعند ختام القرآن الكريم، يتم الاحتفاء بالأطفال عن طريق تلوين اليد بالحناء، وتقدم عائلة الطالب المتخرج للفقيه "مركوباً" أى جمل متوسط الحجم على التقدير والامتنان على تعليم ابنهم. لمعلوماتك.. ◄ 341 ألف نسمة هو عدد سكان الصحراء المغربية. ◄ مساحة الصحراء المغربية 266.000 كيلومتر مربع. ◄ البوليساريو هى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب المعروفة باسم البوليساريو (بالأسبانية: Polisario) هى حركة تسعى إلى انفصال الصحراء الغربية عن المغرب وتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، تأسست فى 10 مايو 1973. ◄ كلمة البوليساريو هى المختصر الأسبانى المكون من الحروف الأولى لاسم "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب"، والذى يظهر من خلال الاختصار الأسبانى للاسم: Frente Popular de Liberación de Saguía el Hamra y Río de Oro. عيد العرش ...أهم الأعياد الوطنية المغربية السياحة بلون طبيعة "مراكش" جبلية.. صحراوية... صحية مخيم الشباب القومى العربى...رحلة شبابية من مصر للمغرب عبد الهادى التازى يكشف أسراراً مغربية إيفران .. 15 يوماً فى سويسرا المغرب!