السينما المستقلة هى نوع من التمرد على الأفكار والتقاليد الفنية السائدة فى سبيل تحقيق تجارب فنية خاصة ومختلفة، سواء أكانت تتميز بالتجديد على مستوى الشكل والجماليات الخاصة بالوسط السينمائى، أو على مستوى الرؤية والأفكار، فهى غير خاضعة لشروط المنتجين ولا من أولوا أنفسهم مهام تحديد أذواق ومتطلبات الجمهور.. هكذا وصف المخرج المسرحى محمد عبد الفتاح، رئيس مهرجان القاهرة للأفلام المستقلة مصطلح السينما المستقلة. التقى اليوم السابع عبد الفتاح.. وكان هذا الحوار: ما هى العوائق التى تواجه السينما المستقلة؟ عوائق الصناعة تتلخص فى قوانين الرقابة والنقابة وغرفة صناعة السينما والمنتجين ودور العرض، فلماذا تعترض الرقابة على سيناريو فيلم، وترفض تصويره كما حدث فى تجربتى مع "إبراهيم البطوط" فى فيلم "عين شمس" عندما اعترضت الرقابة فى البداية على سيناريو الفيلم الذى كان عبارة عن "أفكار مرتبة على حوار ارتجالى للأبطال، وهو أمر بديهى يحدث فى العالم وليس اختراعا، وبالرغم من ذلك قمنا بتصوير الفيلم، واعترضت الرقابة على عرضه، فطلب منهم "البطوط" مشاهدة الفيلم ثم الحكم عليه، فطلبوا السيناريو، وهكذا إلى أن تم عرضه فى مهرجانات مختلفة، وبعد النجاح الذى حققه، اختلفت الرؤى. ناهيك عن تحكمات النقابة، فقوانين النقابات الفنية ضد حقوق الإنسان، لأن عرض فيلم أو مسرحية مستقلة لن يتسبب فى أذى أحد، هذا بخلاف غرفة صناعة السينما التى تفرض رسوماً باهظة علينا لا يمكن احتمالها، فمخرج الفيلم المستقل "ممكن يبيع سيارته وبيته وبيت أهله" لتصوير عمل مؤمن به، فتأتى غرفة صناعة السينما وتعرقل طموحه بفرض رسوم مادية خيالية لا يقوى عليها، ومن وجهة نظرى يجب أن يتلخص دور الغرفة فى الشكل التنظيمى لحركة الصناعة لا غير. كم تبلغ تكلفة الفيلم المستقل؟ عندما فكر أهل السينما المستقلة فى إنتاج أفلامهم، بحثوا عن أقل التكاليف التى ستنتج فى النهاية أفضل النتائج، ونحن إنما نتحدث هنا عن الجانب المهنى فى وضع ميزانيات الأفلام وتقسيمها، فهذه السينما لا تعتمد على النجوم ذوى الأجور العالية، ولا تستهلك تلك الخامات المكلفة، ومعداتها لا تقارن تكلفتها بنظيرتها فى السينما، وكلما تناقصت المصاريف، تتيح لصانع الفيلم المستقل حرية أكثر فى إنجاز مهمته، والتأكيد على استقلاله، خاصة وأنه منذ البداية إنما ينتج فيلمه بنفسه، محققا أعلى درجات الاستقلال وأهمها، الاستقلال المادى التام، الذى يفتح الباب بدوره للاستقلال الفكرى ولا يضع الأفكار تحت رحمة قانون العرض والطلب الذى يفرضه نظام شركات الإنتاج، أما بلغة الأرقام، فيمكن ألا يتكلف المخرج إلا ثمن شرائط الخام فقط، وربما فى عمل آخر يحتاج بشكل مبدئى من مليون إلى 2 مليون جنية ليبدأ تصوير فيلمه. من وجهة نظرك.. هل سيطرأ تغيير فى السوق السينما المستقلة بعدما تحمست شركة إنتاج كبيرة كالشركة العربية لتوزيع "فيلم عين شمس"؟ إسعاد يونس لم تتحمس لفيلم "عين شمس" إلا عندما لمست أنه سينال استحسان وقبول الجمهور، تحديداً بعد ما حققه الفيلم من نجاح بعد عرضه فى العديد من المهرجانات الدولية، بالرغم من كل المشاكل التى واجهت الفيلم، لأنه كان يعامل معاملة الأفلام الأجنبية وليس باعتباره فيلماً مصرياً، كما أن وجود فيلم مستقل ناجح ليس من مصلحة منتجين الأفلام السينمائية التى تحكمها معايير السوق الإنتاجية التى سبق وتحدثنا عنها، لأنها تنجح بأقل التكاليف ودون الاحتياج لهم، فرؤيتى تتلخص فى أن العمل الجيد يفرض نفسه فى السوق بالرغم من كل العوائق التى يتعرض لها. وماذا عن العوائق التى تواجه مهرجان القاهرة للأفلام المستقلة؟ انعقدت الدورة الأولى للمؤتمر فى ديسمبر 2006، وقامت الرقابة بإلغاء الدورة الثانية بسبب عدم تقديم أوراقنا بشكل رسمى، وفى الثالثة، رفضت اللجنة العليا بوزارة الثقافة أوراقنا لتأخرنا فى تقديمها لها، فتحايلنا وأقمنا فعاليات المهرجان فى معهد"جوته" المركز الثقافى الألمانى، وقد أدرته لمدة دورتين، ومن المنتظر أن تديره فى دورته القادمة الناشطة والمخرجة السينمائية اللبنانية المستقلة "رشا الصلطى". ما الذى تفتقر إليه السينما المستقلة؟ تفتقر إلى تغيير القوانين، وتتمنى وجود أشخاص تخلص للفن وليس لرأس المال لكى تعيش السينما المستقلة. لمعلوماتك.. ◄محمد عبد الفتاح هو ناشط ثقافى ومخرج مسرحى مستقل، تخرج فى كلية الآداب جامعة الإسكندرية، قسم مسرح، يدير فرقة حالة، وفى نفس الوقت هو مدير مسرح روابط "وهو مسرح مستقل"، ويترأس مهرجان القاهرة لأفلام الموبايل، والأفلام المستقلة أيضاً. ◄أهم تجاربه هى "فيلم عين شمس" التى شارك فيها مع المخرج إبراهيم البطوط، ويشارك حالياً المخرج المستقل "تامر السعيد" بفيلمه "آخر أيام المدينة". ◄عدد الأفلام المستقلة فى مصر 600 فيلم قصير و5 أفلام روائية طويلة.