"رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، آخر الأفلام التى تناولت شخصية المدرس الفاضل فى السينما المصرية، يحب عمله ويصف نفسه أثناء الذهاب إليه أول مرة بأنه "عريس فى ليلة دخلته"، وهذه الشخصية سبق أن جذبت العديد من كبار الممثلين فى السينما المصرية، والذين جسدوها حاملين رسالة مميزة، ظهرت عن مواجهة كل "مدرس" مشكلة مختلفة، وجاء أغلبها فى إطار كوميدى يسخر من الواقع. ويبدو أن صناع السينما المصرية وجدوا فى شخصية المدرس نموذجا جيدا للتعبير عن سخريتهم من الواقع، فتعددت الأدوار والأفلام التى تجسد هذه الشخصية، وهو ما يتفق معه الناقد رفيق الصبان الذى يرى أن شخصية المدرس مليئة بالتفاصيل الدرامية، فكل منا له ذكريات خاصة عن المدرسين الذين مر بهم فى حياتهم الدراسية، ومن هنا يأتى سحرها الخاص، لأنها شخصية درامية قادرة على إلقاء الضوء على عوالم خاصة. الصبان يرى أن هذه الشخصية تحتك بمختلف طبقات المجتمع وفئاته، وهذا ما يجعلها مغرية للكثير من المؤلفين والمخرجين والممثلين، ويأتى فى مقدمة هذه الأعمال فيلم "غزل البنات" الذى تم إنتاجه عام 1949، والذى جسد فيه نجيب الريحانى دوره الشهير"أستاذ حمام"، ورغم أن العديد من الممثلين جسدوا دور "المدرس" إلا أن الريحانى يعد أبرز من تقمص هذه الشخصية، وتتفق مع الناقدة ماجدة موريس، مع الصبان فى هذا الرأى مضيفة أن أداء الريحانى فى الفيلم جعل لهذا الدور تحديدا ملامح مميزة ساعدته على العيش فى قلوب الكثيرين حتى الآن، وجعلت الفيلم يحتل الترتيب التاسع لأفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، حيث نجح الريحانى فى تجسيد دور مدرس اللغة العربية الفقير الذى يقع فى حب فتاة تصغره فى السن "ليلى مراد" تفوقه فى المركز الاجتماعى والمادى. أحمد زكى جسد أيضاً دور "مدرس الفلسفة" فى فيلم "البيضة والحجر"، حيث ظهر فى شخصية مدرس محدود الدخل أيضاً، يواجه مشاكل فى حياته نتيجة أنه يتعامل مع أموره بمنطق عقلانى ويرفض الخرافات، لكنه يجد نفسه مضرا لتغيير ذلك، للظروف التى يواجهها بل أنه يعمل "دجالا" ويذاع صيته، وهو ما تراه ماجدة خير الله سخرية من الواقع، نجح فى تقديمها المؤلف محمود أبو زيد، وصاغها المخرج على عبد الخالق ببراعة. وفى الإطار الساخر نفسه، ولكن بكوميديا أقل، جسد نور الشريف دور "المدرس" فى فيلمه "آخر الرجال المحترمين" فى شخصية "فرجانى" المدرس الريفى صاحب المبادئ، والذى يذهب بمجموعة من تلاميذه فى رحلة إلى القاهرة، ليلقى مؤلف العمل وحيد حامد الضوء على العلاقة بين المواطن العادى البسيط والسلطة، والروتين ومدى شعور الفرد بإمكانية توفير الحكومة الأمان له فى ظل ذلك. وهناك أيضاً العديد من الممثلين الذين جسدوا شخصية المدرس منهم علاء ولى الدين فى "الناظر"، ومحمود عبد العزيز فى "المتوحشة"، و"عادل إمام" فى "الإنسان يعيش مرة واحدة"، انتهاءً بمحمد هنيدى فى "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" الذى يسخر من القضايا التعليمية المختلفة.