قابلت أحد الرجال الصالحين كبار السن وسألته عما يحدث الآن فى مصر، فأجاب يا بنى أن ما يحدث الآن فى مصر كمثل المسبحة الكاملة التى انفرط عقدها فى وسط الرمال فى ليلة ظلماء شديدة الرياح، فمن يستطيع جمع حبات المسبحة وإعادة نظمها مرة أخرى كل فى مكانه؟ 2. سمعت مكالمة تليفونية من أحد الشخصيات من السودان وهو يتحدث إلى إحدى القنوات التليفزيونية ويبكى بكاء حارا، ويقول للمذيع وضيوفه اتقوا الله فى بلدكم وارجعوا إلى رشدكم وكفوا عن إثارة المجتمع ككل لأننا فى السودان وفى كل الدول العربية نعتبر مصر هى الأم وهى الأمان وإذا انهارت أو أصابها – لا قدر الله – مكروه انهارت الأمة العربية كلها. لقد وصل بنا الأمر حاليا بعد الانفلات الأمنى والأخلاقى فى هذا البلد وكل شخص فى ميادين الجمهورية المختلفة اعتبر نفسه بقدرة قادر أنه هو المسئول والمنقذ لمصر، وهو لا يعترف إلا برأيه فقط، وأصبح الصغير يتهكم على الكبير والكبير لا يسمع الصغير وانتشرت موضة جديدة تلغى التاريخ الطويل لكل مفكر وعالم وذى خبرة، بدعوى أنه من الفلول أو من المسنين الذين يجب عليهم الاختباء وراء الأسوار أو الرحيل وألا يسمع لهم همس قط! وفجأة ظهر فرسان خدموا الغرب والأمريكان طوال حياتهم وبعد الاستغناء عنهم جاءوا بأجندات خارجية ادعوا أنهم المنقذون لهذا البلد، فى حين أنهم لم يخدموا ولم يقدموا فى الماضى أو الحاضر أى شىء يشار إليه أو يذكر لهم. نريد أشخاصا ولدوا فى مصر وتربوا فيها وذاقوا حلوها ومرها وسهروا الليالى يصنعون المستحيل فى ظل ظروف قاسية وشبه مستحيلة فى ظل أنظمة فاسدة وذلك لرفعة هذا البلد وإعلاء شأنه بين الأمم. نريد أشخاصا يحسون بالمواطن المصرى البسيط مثل عمال اليومية الذين يجلسون على الأرصفة يوميا ينتظرون من يأخذهم للعمل مقابل جنيهات بسيطة قليلة يسد بها رمق أسرته. نريد أشخاصا ساروا على الترع والمجارى المائية قديما وحديثا فى القرى والنجوع ورأوا ما يرتكب من جرائم فى حق هذا الوطن، حيث بفضل هذا التلوث قد انتشرت الأمراض فى الفترة الأخيرة بصورة مخيفة وكل هذا ينعكس على المواطن المصرى الغنى منهم والفقير، حيث إن هذا التلوث لا يصيب الفقراء دون الأغنياء. نريد أشخاصا نزلوا إلى المواطن الذى يعيش تحت الأرض من سكن ومستوى معيشة. هل من المنطق أن تهتز هيبة الدولة ويهتز نظامها وجيشها. إن هذه الهيبة وهذا النظام لهو خط الدفاع الأخير عن مصر فإذا انهار – لا قدر الله – انهارت معه مصر، فيجب على كل الأفواه التى تظهر فى القنوات التليفزيونية التى تلقى بالشرور والفتن الإثارة على هذا الشعب الطيب المسالم الآمن أن تكف عن هذا وتبدأ من الآن فى الحديث عن كيف نبنى هذا الوطن ونلملم شمله ونتغاضى عن الأنانية والحزبية والفرقة، وكذلك كل منا يضحى بشىء من عنده سواء مادى أو معنوى ونبدأ من الآن الهتاف والعويل والصراخ بالعمل الجاد لإنقاذ هذا الوطن. أيها المصريون الشرفاء بدل من أن تتناحروا على الكراسى الزائلة إذا كنتم حقا تريدون خدمة هذا البلد وإنقاذه فليفسح كل منكم الطريق إلى الآخرين لبدء لم شمل هذا البلد من أجل أولا رغيف الخبز والأمن ثم الديمقراطية والتى لن تأت إلا بعدهما. الكل يعلم بأن الذين خرجوا إلى الميادين لا يمثلون سوى نسبة ضعيفة من الشعب المصرى العريض العريق الكريم المسالم الذى لا يريد إعلاء شأن بلده.