دعونا نجنب مشاعرنا قليلا ونتكلم بالعقل، رغم علمى بمدى تأثير المشاعر الحزينة بداخلنا ولكن دعونا نحاول، نحاول نفكر ونتدبر ماذا يحدث حولنا من أحداث الجميع خاسر منها، المجلس العسكرى يخسر شعبيته وشرعيته وللأسف يأخذ فى رجليه الجيش المصرى الذى يضعه فى وجه أبناء شعبه وتحدث من هنا الخصومة بين الجيش والشعب، والشعب أيضا يخسر منشآت مهمة فى بلده من مبنى مجمع العلوم ومن مبانى أثرية مهمة مع غض النظر من الذى أحرقهم لأن النتيجة واحدة إذا أحرقهم أى طرف، إنهم احترقوا وبكل ما بهم من خرائط ووثائق تهم كل مصرى على أرض هذا البلد، وأيضا الشعب يخسر أرواح أفضل شبابه أمثال الشيخ عماد وغيره من شباب قلوبهم طاهرة، الجميع خاسر بلا أى مجال للشك. ودائما عندما أكون فى موقف يأس وأرى خسارتى بعينى، أعمل على أن تكون خسارتى أقل ما يمكن وأن أكسب بعض المكاسب أو بمعنى آخر حتى لا تكون ... موت وخراب ديار. ما يحدث ليس فى مصلحة أحد لا مجلس عسكرى ولا شعب، البعض سيقول المجلس ينتقم من الثورة، لأنه ضدها من البداية ويحاول إجهاضها، بل الأكثر من ذلك فهو يعاقب من قام بها، والبعض سيقول: والمتظاهرون ليس بثوار بل مجرد بلطجية لابد من استخدام العنف ضدهم، النظرتان متضادتان وكل طرف يلقى بالمسئولية على الطرف الآخر حتى نتوه نحن فى الوسط ولا نعلم ماذا يحدث. هناك من يعمل جاهدًا على أن يكره الشعب فى ثورته ويسب ويلعن هؤلاء الشباب الذين قاموا بها، الأكثر من ذلك وحصل معى هذا الموقف أنى كنت أقف فى أحد الطوابير فى مصلحة حكومية، وجاء رجل مسن ليسألنى عن دورى فقولت له وراء هذا الشاب فهو كان متشكك أنى أقف فى دورى فى الطابور وعندما تأكد قالى بالحرف الواحد ( أصل انتم يا شباب الثورة مالكمش أمان دلوقتى)، هكذا يا أخى الحال فى الظن بالشباب. فتعالوا إلى كلمة حق يحاسبنى عليها الله، لن أتحامل على المجلس العسكرى أكثر من مقالى السابق الذى قلت له بمنتهى الوضوح (ارحلوا)، ولكن سأقول كلمة حق، إذا كنتم فعلا تحبون هذا البلد وأقسمتم أن تحافظوا عليه وأن مهمتكم الأولى هى حماية أمن هذا البلد، فلابد عليكم أن تتخذوا خطوات سريعة تشعر الناس أنه مازال فيكم الخير وأنكم مازلتم تقفون بجانب هذا الشعب ولا تقفون فى وجهه، أرجوكم حاولوا أن تتخذوا خطوات تعطينا الأمل أنكم تريدوا أن تتركوا الحكم وليس مرادكم أن تحرقوا البلد، لا تجعلوا الشرطة العسكرية فى مواجهة المتظاهرين، ماذا يحدث لو نزل أحد القادة إلى المعتصمين وتكلم معهم، فسوف تشعرون الناس بآدميتهم وكرامتهم، ألم تحتفى الناس بصورة اللواء الروينى وهو يعالج أحد المصابين فى الميدان، انزلوا للناس وتحدثوا معهم واعطوهم حلولاً لا أقول حلولاً فورية ولكن حلول لمشاكلهم التى أجبرتهم على أن يتركوا منازلهم وينزلوا إلى الميدان، ولكن إذا كنتم غير أهل لما أقسمتم عليه من حماية البلد وتريدوا شيئاً آخر فلا أسفا عليكم وتحملوا ما سيحدث فى البلاد ونحملكم المسئولية كاملة. أما كلمتى للثوار فلا أجد أعظم من كلمات الشيخ الشعرواى فى الثائر الحق. تعالوا لنهدأ ولا يدخل فى قلوبنا روح الانتقام، لأن الانتقام والثأر لم يكن هدفنا فى الأصل ولكن هدفنا أن نعيش فى بلد أحسن، أعلم أن الأمور تسوء من أسوأ إلى أسوأ ونشعر أن الثورة تسرق منا وتذهب فى اتجاه آخر، ولكن إذا كانوا يريدون أن ننساق وراءهم فى أن يظهروا الثورة على أنها بلطجة ومن قام بها مجموعة بلطجية، فلن ننساق خلفهم وأكبر دليل على ذلك أن الشهداء كلهم شباب أمثال الشيخ عماد والأمثلة كثيرة، فلنهدأ قليلا ونفوت عليهم الفرصة ولا ننجر وراءهم فى كل استفزاز يريدون أن يوقعون بنا فيه، نكون أذكى منهم ونحكم عقولنا قبل مشاعرنا، فكلامى ليس أن نترك الميدان ونترك الثورة ولكن نهدأ قليلا ونفكر فيما يحدث هل هو فى مصلحتنا أم يصب فى مصلحة أعداء الثورة. وأختم مقالى بالدعاء لمصر اللهم ما أجعل هذا البلد سخاء رخاء وجميع بلادنا أمين يا رب العالمين.