لاتزال الطموحات الثقافية للإمارات العربية المتحدة تثير انتباه الصحافة الفرنسية التى لا يمر أسبوع أو أكثر، دون أن تنشر فى إحدى صحفها الكبرى مقالا عن الأحلام أو الإنجازات الثقافية لهذه الدولة العربية. فى آخر مقال نشرته صحيفة لوفيجارو فى هذا الصدد، قالت كاتبته إنه إذا كان الشعار الذى أطلقه باراك أوباما "نعم نحن قادرون" يتردد قويا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فهو يتردد بنفس القوة فى الإمارات العربية المتحدة.. إذ تمتلك أبوظبى، أغنى الإمارات السبع نفطيا (تمتلك واحدة من أكبر الصناديق السيادية بقيمة حوالى 875 مليار دولار)، جميع الوسائل اللازمة لتحقيق طموحتها الثقافية اللامحدودة، إلى جانب رغبتها السياسية فى أن تصبح مدينة العلم والثقافة فى الخليج العربى، لتتفوق على إمارة دبى وتدخل السباق مع الإمارات الأخرى من خلال مشاريع ثقافية ضخمة. حلم أم حقيقة.. لقد بدأت للتو واحة الفن المعمارى فى الظهور على جزيرة سعديات، فقد تم الانتهاء تقريبا من مد الكبارى، وتخطيط الطرق، وتحديد مواقع بناء "لوفر أبو ظبى" ومتحف جوجنهام والمتحف البحرى. ينتهى العمل من هذه المشاريع التى تصل تكلفتها إلى 27 مليار دولار، بحلول عام 2013، إلى جانب متحف الشيخ زايد القومى وحرم جامعة نيويورك، الذى تهدف من خلاله هذه الشراكة بين العالم العربى والعلم والمعرفة الغربيين، إلى خلق مفهوم ثقافى جديد منتج للثروات يخدم سكان أبو ظبى. الأزمة المالية لم تؤثر على مطامح أبوظبى الثقافية يشير التقرير أن الأزمة المالية العالمية لم تزعزع من أحلام أبوظبى، التى يتجه نظرها إلى أهداف بعيدة المدى، آملة فى تضاعف عدد السائحين بها ليصل إلى 3 ملايين سائح من الآن وحتى 2015. ففى خلال الدورة الثانية لمعرض آرت باريس الذى انتهى منذ عدة أيام فى أبوظبى، داخل فندق قصر الإمارات المطل على البحر "والذى يخلب العقول"، على حد وصف التقرير، صرح رئيس هيئة أبوظبى للسياحة، مبارك حمد المحيرى، عن رغبة السلطات فى أن تصبح أبوظبى الوجهة الجديدة للسياحة والثقافة لتواكب الانطلاقة الاقتصادية الجديدة لجزيرة سعديات. على عكس جارتها دبى (التى نالت منها الأزمة العقارية)، والتى تسوق من خلال حملات إعلامية ضخمة لانطلاقتها الثقافية، تستكمل أبو ظبى فى هدوء نموها الثقافى على نطاق واسع. فها هى تطلق مشروع "مصدر" المدينة الأنظف بيئيا، المتوقع إقامته على أبواب المدينة فى قلب الصحراء على مساحة 6.5 كيلومتر مربع بميزانية قدرها 22 مليار دولار، أو أيضا مشروع حلبة أبوظبى، فى مرسى ياس، التى ستحتضن إحدى مراحل بطولة العالم للسيارات فورمولا 1 فى موسم 2009، والتى تساهم الدولة فى تمويل 60% منه، والباقى مجموعة "الدارالإماراتية". يشير التقرير إلى أن سكان هذه الإمارة لا يمرون بمرحلة تراجع اقتصادى، على الرغم من أن عددهم قد ارتفع من 930 ألف نسمة فى 2007، إلى 1.6 مليون فى 2008، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.1 مليون فى 2030، الأمر الذى يعنى احتمال تعرضها إلى نقص حقيقى فى مجال العقارات.