وأخيرًا انكشف النقاب عن وزير الداخلية المجهول الذى أرجأ الجنزورى الإعلان عن اسمه مع حلف يمين الوزارة رغم أن اسم وزير الداخلية الجديد غير معلوم للكثير وخرج عن كل التوقعات التى تنبأ بها الشارع المصرى، إلا أنه يتجلى للوهلة الأولى بعض الملاحظات على هذا الوزير لعل أبرزها أنه يحظى بميزات كانت أهم عيوب سابقه منصور العيسوى من حيث السن فهو يصغره بأكثر من إحدى عشر عاماً والفترة التى قضاها متقاعدا لا تتجاوز أربع سنوات إذ أحيل للتقاعد فى عام 2007 ينسب للواء محمد إبراهيم يوسف أنه صاحب خطة فض اعتصام مئات اللاجئين السودانيين فى حديقة شارع مصطفى محمود بالقوة فى عام 2005 مما أسفر عن مقتل أكثر من 10 لاجئين وإصابة المئات وهو ما يثير القلق فى نفوس عامة الشعب المصرى من عودة القبضة الحديدية إلى أيادى رجال الشرطة مع قدوم هذا الوزير، وقد جاءت أولى تصريحاته عقب تولية الحقبة الوزارية باستبعاده كل رجال العادلى من الوزارة ليثير علامات استفهام كثيرة عليه أيضا فتستشعر من هذا التصريح أنه يحاول ركوب الموجة وكسب ود الشعب والأولى أن يتحدث عن إصلاح أو إعادة هيكلة جهاز الشرطة بما يعمل على عودة الأمن وبناء علاقة محددة بين الشعب والشرطة قائمة على احترام حريات المواطنين وحقوقهم مع الحفاظ على هيبة جهاز الشرطة كمؤسسة من مؤسسات الدولة لقد انقلب الشعب على العادلى ورجالة اللذين انتهكوا حرية الشعب المصرى وأهانوا كرامته وكانوا سيف مبارك على رقاب معارضية ولكن لم ولن ينقلب على الشرطة فهى رمز مهم من رموز سيادة الدولة الأولى فى هذه المرحلة هو العمل على تغيير منهجية الجهاز الأمنى فى التعامل مع الشعب بما يحقق علاقة احترام متبادل بين الشرطة والشعب تحت مظلة القانون وهو ما سيسهم فى عودة الأمن وإنهاء حالة الفوضى التى تمر بها البلاد منذ قيام ثورة يناير عودة الأمن والاستقرار للبلاد لن تحدث إلا بعودة الثقة بين الشرطة والشعب وهذا لن يحدث برفع الشعارات وإنما باتخاذ عدة قرارات لعل أهمها هو تفعيل دور إدارة التفتيش والرقابة ووجود ممثلين من منظمة حقوق الإنسان داخل أقسام الشرطة والعمل على تغيير مناهج كلية الشرطة وإقصار دور جهاز الأمن الوطنى على مكافحة الأخطار التى تهدد أمن البلاد داخلياً وخارجياً وعدم اختصاصه بتتبع أى فصيل أو تيار سياسى، ناهيك عن رفع المستوى التعليمى لقطاع الأمن المركزى. أعلم جيدًا أن حكومة الجنزورى هى حكومة انتقالية مؤقتة وأن هذه المقترحات طويلة الأجل ولكن البدأ فى تطبيقها فوراً سيؤدى إلى عودة ثقة الشارع المصرى فى الشرطة مما سيؤدى إلى استقرار الأمن وإنهاء الاضطرابات التى ما زالت تعصف بمجتمعنا حتى الآن فالثورة لم تقم لإسقاط أشخاص فحسب وإنما لهدم قلاع الظلم واستئصال الفساد الذى خلفه العهد البائد وليس من الطبيعى ونحن نشرع فى بناء صرح دولة جديدة تقوم على رثاء قواعد العدل والحق وسيادة القانون دون أن يتغير المنهج الأمنى فى هذه الدولة.