البديل لحكومة الدكتور كمال الجنزورى خلال هذه الفترة القليلة التى ستحكم فيها هذه الوزارة هى الفوضى العارمة بالبلاد.. وإن كنا لنا مآخذ كثيرة على تشكيل هذه الحكومة وتناولناها بالتعليق فى أيام ماضية، إلا أن البديل لها هو المر بعينه لهذا الشعب الذى فاض به الكيل وطفح من الفوضى وعدم الاستقرار والذى زاد على الحد.. عمر الوزارة قليل ولن يتعدى سبعة أشهر، فإما القبول بهذه الحكومة وإما الفوضى الشديدة التى تسقط هيبة الدولة تماماً.. ولا أحد يرضى أبداً بإسقاط هيبة الدولة. لنعطِ الفرصة إذن لهذه الحكومة، وليس مطلوباً منها على الاطلاق سوى شىء واحد وهو عودة الاستقرار للبلاد والأمن للمواطن فى الشارع، فكل الآباء والأمهات يساورهم القلق وعدم الاطمئنان على أنفسهم وأبنائهم طيلة النهار والليل.. لا نريد من هذه الحكومة خططاً طويلة الأجل أو قصيرة، كل ما نطلبه هو عودة الهدوء الى الشارع وإعمال سيادة القانون.. وتخليص المجتمع من البلطجية الذين ينتشرون فى ربوع البلاد، وهذه ليست مهمة سهلة ولكن تحقيقها أمر مهم للغاية، ولو نجحت هذه الحكومة فى هذه المهمة ستكون حققت انجازاً ضخماً لن ينساه لها التاريخ. ويخطئ من يظن أن هذه الحكومة يمكن أن تحقق أى إنجاز اقتصادى، لكنها لو حققت الأمن للشارع،سيكون المفتاح السحرى لأى إنجاز بعده.. الخراب الذى حلَّ بالبلاد بسبب الفوضى، والانهيار الاقتصادى لن يزول الا اذا تحقق الأمن والاستقرار وذهبت الفوضى الى غير رجعة.. ولذلك فإن المهمة الملقاة على عاتق وزارة الداخلية ثقيلة، واختيار هذا الرجل محمد ابراهيم لهذه المهمة يجعله أكثر حرصاً على تحقيق النجاح لوزارته والحكومة كلها ولشعب مصر أجمع.. لقد صبر الشعب المصرى طويلاً على القهر وحكم الحديد والنار، وليس أمامه سوى الصبر على هذه الحكومة ومنحها الفرصة لتحقيق آمال الشعب فى إزالة الفوضى وعودة الاطمئنان.. وهذا يدفعنى الى توجيه خطابى مباشرة الى اللواء محمد ابراهيم وهو رجل مشهود له بالجدية والصرامة.. أقول له إننى سألت مرة أحد القيادات الشرطية لماذا لا تقبضون على كل البلطجية المنتشرين بالبلاد؟!.. وكانت إجابة صديقى القيادة الأمنية مفزعة لى عندما قال.. جهاز الشرطة خاصة المباحث الجنائية تعرف أماكن كل البلطجية وسهل جداً عملية حصرهم وضبطهم.. لكن لدى الجميع خوف على أنفسهم من هؤلاء البلطجية أولاً.. وثانياً الخوف من التعامل معهم بعنف ومن ثم الوقوع تحت طائلة القانون!!! قلت للقيادة الأمنية العنف مرفوض تماماً حتى مع المجرمين والبلطجية، والحزن يصيب المرء عندما يسمع أن جهاز الشرطة يخشى على نفسه من تعدى هؤلاء البلطجية!!.. ولذلك المطلوب من وزير الداخلية الجديد الذى وعد فى أول تصريح له بأن الأولوية القصوى ستكون لتوفير الأمن والأمان، أن ينزع هذا الخوف من قلوب رجال الأمن..ونعلم أنه رجل بحث جنائى ويعرف تماماً وضع الخطط المحكمة لتخليص المجتمع من البلطجة.. ليس طبعاً بخوف الشرطة، ولا بإراقة الدماء ووقوع مجازر لا قدر الله. لن يغلب محمد إبراهيم فى وضع خطة بحث جنائى للقبض على البلطجية والمجرمين وإعادة الانضباط الى الشارع والأمن والأمان الذى وعد بهما.. وساعتها سيقدم الشعب المصرى لهذا الرجل باقة ورد وبطاقة محبة لو تحقق حلم الانضباط بالشارع، وإذا فشل ستطارده اللعنات.