تذكرنى أحداث التحرير التصادمية الدامية والجارية من يوم السبت الماضى بمسرح اللامعقول الذى يقوم على فكرة فلسفية وهى أن الإنسان يجب ألا يتقيد بحدود العقل، ويمكن أن يترك لنفسه العنان لفعل أى شىء تراوده نفسه لفعله دون الالتزام بقيم أو قواعد أخلاقية أو قانونية، فإذا كان راكباً سيارة فليستمتع بالسير بها دون قواعد أو قيود، وباختراق الإشارات الحمراء ودهس الناس والسيارات، لا حرمات، لا محددات، عبث بكل الأشياء. ألا ترون أن متظاهرى التحرير فى الأحداث الأخيرة يطبقون فكرة اللامعقولية أو العبثية؟. تكسير الشوارع، حرق السيارات والممتلكات العامة والخاصة، إهدار هيبة الدولة المتمثلة فى قواتها المسلحة والأمنية والمؤسسات الحاكمة، هدم الاقتصاد، إنهم يستمتعون بذبح الأم "مصر". هل أصبح ميدان التحرير مستباحاً من أجهزة مخابرات خارجية يقود إلى نشر الفوضى وتركيع مصر، ووقودهم شباب غير واعٍ ولن أقول خائن يعيثون بلا مطالب منطقية ولا قيادة ولا تفاهم، لماذا هم مصرون على مهاجمة مبنى وزارة الداخلية؟ لماذا يحاولون تعطيل الانتخابات؟ ومن عجبٍ أن القوى السياسية الواهية التى تملأ الدنيا ضجيجاً فى وسائل الإعلام لا تجد لها وجوداً أو تأثيراً فى هذه الأحداث، فهى تحاول أن تمالئ هؤلاء الشباب المخدوع، أو راحت فى صمت وسبات عميق. ومن ناحية أخرى، فلا أبرئ القائمين على حكم البلاد من مجلس عسكرى أو مجلس وزراء من المسؤولية عن هذه الأحداث بالسلبية السياسية وعدم التعاطى السياسى السليم مع الأزمات والأمور، فلماذا لم يتم وأد فكرة وثيقة المبادئ الدستورية التى كانت سبب التظاهر فى مهدها، وماذا يعنى أن تلزم وثيقة يصدرها مجموعة أشخاص مهما كانوا شعباً بأكمله عند وضع الدستور، ولماذا لا تكون هذه المبادئ جزءاً من الدستور عند وضعه كما هو متبع فى كل دساتير العالم كمقدمات أو مقومات أساسية؟ ولماذا الإصرار على الجدول الزمنى المترهل للانتخابات والخطوات اللازمة لتسليم السلطة على الرغم من اعتراض الجميع عليه؟ اسمحوا لى بنى وطنى، حكاماً ومحكومين، أن أناشدكم بحق تراب هذا الوطن أن تراعوا مصلحته فى كل خطواتكم، لا تهدموا الدولة، ليعود المتظاهرون لبيوتهم حقناً للدماء وحفظاً للأمن ومقومات الدولة، وليسارع القائمون على الحكم بإعلان إلغاء وثيقة المبادئ الدستورية وإعادة النظر فى خطوات تسليم السلطة بحيث تتم فى أقصر وقت ممكن.