رئيس جامعة أسيوط يهنئ الدكتور الحسن قطب لفوزه بجائزة الشارقة في المالية العامة    وزير العمل يواصل لقاءته في صربيا ويعقد اجتماعًا مع مدير هيئة التوظيف الوطني الصربية    الذهب يحقق مكاسب تقارب 2% خلال شهر مايو    التضامن تنظم معرض "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية" ببنك الإمارات دبي    السبت 31 مايو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    صوامع الشرقية تستقبل 584 ألف طن قمح في موسم الحصاد    غزة: استشهاد 8 فلسطينيين بينهم 3 برصاص الاحتلال أثناء توجههم للحصول على مساعدات    وزير الخارجية: مصر تعمل دوما للحفاظ على استقرار المنظومة الأممية متعددة الأطراف    استشهاد عائلة كاملة إثر قصف الاحتلال خيمتهم بمدينة غزة    "فورين بوليسي": قرارات ترامب ليست عشوائية ولكنها ضمن خطة موحدة لإعادة تشكيل الولايات المتحدة    جيش الاحتلال: القضاء على قائد الوحدة الصاروخية في قطاع الشقيف في حزب الله    لاوتارو مارتينيز يقود هجوم إنتر ميلان في التشكيل المتوقع أمام باريس سان جيرمان    مفاجأة.. الأهلي يقترب من اللعب في الإسماعيلية الموسم المقبل    ضبط 65.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عبر صفحات الغش.. تداول بعض الأسئلة من بوكليت اختبار اللغة العربية لطلاب الإعدادية القاهرة    حسام عبدالغفار: خطة شاملة من ثلاث مراحل لضمان صحة الحجاج قبل وأثناء وبعد أداء المناسك    تحذيرات في واشنطن بعد فرار 250 مليون نحلة من شاحنة مقلوبة.. تفاصيل الحادث وجهود الإنقاذ    رفع درجة الاستعداد الصحي بمحافظة الإسكندرية بسبب الأحوال الجوية الاستثنائية    محافظ مطروح يتفقد امتحانات الشهادة الإعدادية    غياب ضحية "نمر طنطا" عن أولى جلسات محاكمة مدربة الأسود أنوسة كوتة    الرعاية الصحية: تعاون مع الاتحاد العربي لتقديم الدعم للأشقاء في المناطق المنكوبة    طلاب الثانوية الأزهرية بالدقهلية يتوافدون على لجان القرآن والحديث.. فيديو    نجاة شخص وزوجته بعد تعرض سيارتهما للدهس من جانب نقل في الجيزة    الشيوخ يناقش ملفات البيئة والضريبة العقارية والتأمين الصحي غدا    إلهام شاهين تظهر بشخصيتها الحقيقية ضمن أحداث فيلم "ريستارت"    الاحتلال يدمر منازل 14 عائلة فى جباليا شمال قطاع غزة    اليوم.. "الصحفيين" تستضيف نواب لمناقشة تعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    الأمم المتحدة: الكارثة الإنسانية بغزة في أسوأ حالاتها منذ بداية حرب الإبادة    قانون الأيجار القديم| صراع المستأجرين والملاك.. على السوشيال ميديا    محافظ الدقهلية يجري زيارة مفاجئة لعيادة التأمين الصحي في جديلة    اليوم.. الأهلي يخوض مرانه الأول تحت قيادة ريفيرو    رغم تعديل الطرق الصوفية لموعده...انطلاق الاحتفالات الشعبية بمولد «الشاذلي» والليلة الختامية يوم «عرفة»    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 بالشرقية وخطوات الاستعلام برقم الجلوس (الموعد و الرابط)    أخصائية نفسية: طلاب الثانوية العامة قد يلجأون للانتحار بسبب الضغط النفسي    400 مليون جنيه..الأهلي يتلقى إغراءات ل بيع إمام عاشور .. إعلامي يكشف    غرامة 100 ألف ريال «قوات السعودية» تلقي القبض على مخالفين لأنظمة الحج    تشكيل باريس سان جيرمان ضد إنتر في نهائي دوري أبطال أوروبا    بسبب الطقس السيء.. سقوط لوحات إعلانية وتضرر المطاعم وغرق شوارع الإسكندرية    نيبينزيا: روسيا لن تمنح أوكرانيا فرصة إعادة التسلح تحت غطاء وقف إطلاق نار مؤقت    اليوم.. أولى جلسات محاكمة مدربة أسود سيرك طنطا في واقعة النمر    جدل بين أولياء الأمور حول «البوكليت التعليمى»    ثروت سويلم يعلن نظام الدوري المصري في الموسم الجديد وموعد نهايته    «سأصنع التاريخ في باريس».. تصريحات مثيرة من إنريكي قبل نهائي دوري الأبطال    أحمد حلمي ومنى زكي وعمرو يوسف وكندة علوش في زفاف أمينة خليل.. صور جديدة    «متقوليش هاردلك».. عمرو أديب يوجه رسائل خاصة ل أحمد شوبير    حلم أشرف يودّع جمهوره بالحلقة 11.. قصة حب وأسرار تُفجر التريند التركي    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    «نريد لقب الأبطال».. تصريحات نارية من لاعبي بيراميدز بعد فقدان الدوري المصري    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نمنح الحصانة لأحد وسنرد على أي تهديد    ماس كهربائي يتسبب في نشوب حريق بمنزلين في سوهاج    «تنسيق الجامعات 2025»: 12 جامعة أهلية جديدة تنتظر قبول الدفعة الأولى    محافظة قنا: الالتزام بالإجراءات الوقائية في التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    لا تضيع فضلها.. أهم 7 أعمال خلال العشرة الأوائل من ذي الحجة    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم السبت 31 مايو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الصاوى.. ساحر الأداء فى التليفزيون والسينما
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 06 - 2021

يعتقد (ستانسلافسكي): أنه يجب على الممثلين أن يصدقوا باحتمالية الأحداث فى حياتهم الخاصة، قبل أن يتمكنوا من تصديق الأحداث على خشبة المسرح، وقد كان يعرف الطريقة الأولى للتعبير عن الحياة الانفعالية الصادقة للشخصية تكون من خلال الملاحظة والخيال واستخدام الحواس وأن يستدعى الممثل ويجتذب الانتباه إلى كل شيء يواجهه ليكتشف جوهره الحى وهذه الطريقة معروفة باسم (الذاكرة المؤثرة) أو (الانفعالية)، وهى عملية يختار بها الممثل الانفعالات من خبرات حية مشابهة لتلك الشخصية ويستغل مطابقة أو ازدواج الأحاسيس الانفعالية داخل الدور، إن التذكر أو الاستدعاء الانفعالى يؤدى إلى الإلهام الذى يستخدم بواسطته الممثل أفضل ما بداخله ويحمله إلى فوق خشبة المسرح.
ولأن النجم الكبير خالد الصاوى هو واحد من الفنانين العتاة فى أدائهم بحكم أنه قادم من خلفية مسرحية ولدت فيه عشق فن التمثيل الحقيقى فقد اجتهد كثيرا فيما يسمى (فن المعايشة) على مستوى الابتكار وليس الاستعراض المسرحي، كما يظن البعض فى أدائه على الشاشة، وهو بحكم مراقبتى لأعماله يجيد التفريق ما بين المعايشة وبين فن الاستعراض، وتأسيس منظومة واضحة المعالم يستخدمها فى أدائه، كما بدا لنا ساحرا فى قلب الدراما التليفزيونية المصرية مؤخر، ويبدو لى أنه يدرك تماما معرفة الظروف المصاحبة لولادة منهج المعايشة فى الأداء التمثيلى - والذى ارتبط باسم ستانسلافسكي، وأصبح العلامة الأبرز المحددة للمدرسة الواقعية الروسية - فى شكل الأداء التمثيلي.
خالد الصاوي، الممثل المبدع فى أدائه خلال الموسمين الرمضانيين الآخرين يكره النظرة الشديدة للسطحية والخاطئة للفن التمثيلي، وينادى دائما بحرية الأداء العقلى والتعبيرى المرتبط بقوانين فنية، لأنه يوقن أنه من الخطأ الاعتقاد - كما يقول ستانسلافسكي- أن الفنان له مطلق الحرية فى أن يفعل كل ما يحلو له، هذه حرية الطغاة، لذا يعتبر أن حرية الإبداع كانت مؤسسة بالاعتماد على قوانين الحياة والطبيعة المادية والروحية للإنسان، هذا وتعود جذور هذه المنظومة إلى بذور واقعية (شيبكين) وهو أفضل فنانى هذا الاتجاه فى المسرح العالمى فى زمانه، إلا أنها تطورت وازدادت غنى حاليا كما يبدو فى أداء خالد الصاوى الساحر فى فتنة وبهاء.
ظنى أن الصاوى يعتبر ظهور المشاعر الإنسانية العفوية فى أداء الممثل على قدر كبير من الأهمية، لذا فقد تعامل مع المشاعر الإنسانية الحقيقية المعاشة من خلال تجسيده لدور ضابط الأمن الوطنى (عادل) فى مسلسل (القاهرة كابول) فى حضور آسر، وبهذا اعتبر أن أسلوبه فى تجسيد الشخصية كان الأكثر مناسبة للتأثير على مشاعر الجمهور وتنفيذ الأهداف الأسمى للفن، وهو الأمر الأكثر أهمية فى منظومته الأدائية والذى عبر عنها بما يسمى بالهدف الأسمى، فليس أداء مدهشا، ولا حماسة وحركة خارجية، بل مشاعر داخلية عميقة وأفكارا ظهرت فى الشكل الداخلى للشخصية قبل الشكل الخارجي، لهذا بدا أكثر عفوية وبساطة، ولكنه عميق بتأثيره فى المشاهد طوال حلقات اتسمت بالأحداث الساخنة والمفارقات المذهلة بين أصدقاء الطفولة الأربعة الذين تحولوا إلى غرماء فى زحمة الأحداث.
قدرة الممثل وتميزه تبدو لى من طريقة أدائه الانفعالي، خاصة فى أدواره التى تميل للقسوة والسادية كما ظهر فى دور (عابد تيمور) فى مسلسل (إللى مالوش كبير) وكذلك بشخصية (جلال أرسطو) فى مسلسل (ليالينا 80) العام الماضي، ويبدو لى الصاوى فى كلا الدورين على اختلافهما من حيث الشكل والمضمون أنه ممثل حامل للمعرفة الإنسانية التراكمية، وهى ليست مجزأة، بل هذه المعرفة تتكون من عناصر كثيرة تمثل الطريقة والمنهج الذى يمثل السلوك الإنساني، من خلال التجارب والمعارف المكتسبة ذاتيا ومن الآخرين، لذا فإن قيامه بإعادة تجسيد سلوك الإنسان فى كلا الدورين إنما يهدف إلى خلق صورة معبرة ومتكاملة، وهذا ما يشكل جوهر فن التمثيل.
سيكولوجية الممثل (خالد الصاوي) وجسده فى وحدتهما يشكلان فى الوقت نفسه موصل الإبداع ومادته، فهذا الممثل وهو يقف أمام الكاميرا يتشكل من متعدد، الإنسان العادى وهو مثل المشاهد الذى يقصده، والإنسان المتخصص (الفنان) وهو هنا يمتاز عن الآخرين بهذه الميزة بما لديه من طاقات تخيلية تختلف عن الإنسان العادي، وهو كذلك، يستطيع أن يجسد لنا بمقدرة واعية جدا التجربة الإنسانية كإنسان مبدع يختلف مره أخرى عن الإنسان العادي، تماما كم حدث فى فيلم (الفيل الأزرق) فهو لم يعيش على الشاشة بصفته الشخصية فقط، وإنما بصفته فنانا وصانعا ومبدعا، ولهذا فإن مشاعره الشخصية كممثل دخلت فى تفاعل مع العمليات السيكولوجية الفيزيائية التى يشعر بها الممثل الفنان.
ولعلنا نجد أن هذه المشاعر هى الموجودة لدى الإنسان العادى وهى جملة من الأحاسيس والرؤى، ولكن الفارق كبير بين الإنسان العادى بمشاعره، والإنسان الممثل الفنان (خالد الصاوي) المبدع القادر على نقل تجارب الآخرين إلينا بصورة فنية مختلفة عما تدور فى الحياة اليومية، والغاية من ذلك الوقوف على المعرفة الإنسانية، واكتساب معرفة وتجربة جديدتين، وكل هذا من أجل التأمل والتغيير أيضا، ولا ننسى جمالية المتعة والتسلية التى يبديها فى أدائه الذى يميل فى مجمله إلى الكوميديا الخفيفة، الأمر الذى أوجب عليه كممثل أن يندمج بمشاعر دوره لكن بالقدر المطلوب، للعثور على شكل التعبير الصحيح الذى يعبر بدقة مطلقة عن الشعور المطلوب، والفكرة المطلوبة، والفعل المطلوب لإيصال الشكل - فيما بعد - إلى أقصى ما يمكن التعبير.
بعد غياب طويل عن ساحة الدراما الرمضانية، وانسحاب اضطرارى تجاوز ثلاثة مواسم، عاد النجم (خالد الصاوي) مجدداً إلى الشاشة الصغيرة العام الماضي، ليلفت انتباه الجمهور المصرى والعربى فى دور جديد كليا هذه المرة، جذب إليه الأنظار منذ المشاهد الأولى لمسلسل (ليالينا 80) للكاتب أحمد عبدالفتاح والمخرج أحمد صالح، مكرسا تفاصيل شخصية درامية معقدة تعشق الحياة وتكابد فى تضميد جراح الغياب، فتتأرجح بين الماضى والحاضر وتضيع بينهما، فى الوقت الذى تواجه من الجانب المقابل بقسوة من حولها، وأنانيتهم المفرطة، وعدم تفهمهم لأزماتها النفسية، التى برع الصاوى فى إقناع المشاهد بضراوتها، مرتكزاً فى ذلك على أداء متقن ومهارة استثنائية فى ضبط اختلاجاته وردود أفعاله فى هذا العمل فى عودة مفعمة بالحنين إلى حقبة الثمانينات من القرن الماضي.
أما أداء خالد الصاوى لشخصية رجل العقل وأستاذ الفلسفة (جلال أرسطو) المتمسك بحبال المنطق رغم اعتلاله وشعوره الدائم بالوحدة، فقد تألق فيه وهذا ما يتجلى واضحاً فى اقترابه الكبير من ابنة أخيه، وتعلقه الدائم بها الذى زاد بعد أزمة فقدانها للبصر، وانتقال زوجة أخيه وابنتها للعيش معه فى منزل العائلة الكبير، الذى رافق عودة شقيقه مجدداً إلى أحد بلدان الخليج للعمل، تماما كما بدا تعلقه بأخيه (علي) فى (القاهرة كابل) وولائه الكبير لوطنه كضابط لأمن الدولة درج على التحقيق مع مختلف التيارات الدينية، وبرع فى أدائه ليكرر تجربة (جلال أرسطو)، وشيئا من هذا القبيل كان يتماس معه فى دور (عابد تيمور) فى مسلسل (اللى مالوش كبير).
أثبت خالد الصاوى خلال الموسمين الرمضانيين وكذلك فى السينما من خلال أفلام (الأصليين، الفيل الأزرق، الفرح، السفاح، خيال مآتة، الجزيرة)، وغيرها من أفلام أن موهوب بالفطرة، و إذا ما صح القول بأن الجسد حامل للمعرفة كما يبين ذلك (ألبرت كاموس) يتأكد لدينا أهمية الممثل الحامل لهذه المعرفة، فإن (الصاوي) يحملها من خلال مكونات عدة، وقفت عليها آنفا، لتكون ثلاث مكونات وهى الذكاء العقلى الذى يتمتع به، والمعرفة الخارجية للشخصية التى يجسدها من خلال التدريب والتعليم، والمعرفة الداخلية التى ترسل للمتلقى فى صورة رسائل غير مباشرة، وهو ما يعكس لنا عملية فهمه للحياة وما تدور حوله الدراما من فكر ورؤى وحوار.
وعليه يمكن اعتبار كل ما يدور أمام الكاميرا فى حالة (خالد الصاوي) هو نتيجة تفاعل مشترك تركز فى جسده كممثل، وهذا التشارك وإن بدا الممثل وحيدا داخل الكادر كما فى المونودراما والحكواتى مثلا مع اختلاف بينهما، يدركه المشاهد من خلال طريقة التعامل معه، وكيفية تعاطى المعرفة معه، وكيفية بث المعرفة من خلال جسد الممثل، والذى يبدو من خلال التمثيل، ليكون الصورة المرئية للآخر، ومن هنا ندرك أن يكون الجسد فرجة للآخر، إذن الجسد (عند الصاوي) يقوم بحركات ما وهى فيزيائية وروحية، هى حركات اندماجية من هاتين الخاصيتين للجسد البشرى الجانب الفيزيائى والجانب النفسى الروحي، وهذا الجسد الفرجة كما أشار إليه (بارت) حيث يكون فرجة للجمهور بجوانب من الحياة الاجتماعية على الشاشة.
إن الجسد المسرحى لدى (خالد الصاوى هو ما يراه (باتريس بافيس) حيث يتمثل بأسلوبين للعب: التلقائية والمراقبة المطلقة، أى بين جسد طبيعى لدى الممثل وجسد دميه يحركه المخرج، وهذا يؤكد على طاقتين، طاقة ذاتية موجودة من خلال تشكل الجسد بكامله، وطاقة أخرى ناتجة عن التدريب، ويتمثل ذلك بالحركات المتوائمة مع الفكرة/ الموضوع الدرامي، فيرى ديكارت أن الروح لا توجد فى الجسد وجود الربان فى السفينة، بل ككائن يسكن فى جميع أنحاء (الجسد) وعليه فإن الحركات الجسدية المتنوعة والتى تحويها كل أجزاء الجسم من الأعلى للأسفل - لدى خالد الصاوى - هى عبارة عن إيقاعات لغوية حركية تنوب عن الكثير من الكلام، كما تجسد فى حالة (جلال أرسطو) فى مسلسل (ليالينا 80) وكذلك الضابط (عادل) فى (القاهرة كابول).
فالإشارة من عين (خالد الصاوي) قد تعطى دلالات مختلفة، إن هذه العلامات تندرج ضمن السياق، سواء أكان يعبر عن حالة مودة أو حالة من التشنج والرفض لما يحدث من قبل الطرف الآخر، وكذلك إيماءة الرأس تعطى تعبيرات لغوية حركية تعبر عن الرفض والقبول والتردد، وهذا ينطبق على الفم بحركاته المختفلة، وينطبق أيضا على الحاجب، ولا ننسى الأطراف والتى قد تكون معبرة بصورة أكثر وضوحا، وربما يلعب بذلك حجمها الذى يختلف عن الأعضاء الأخرى مثل العين والفم والرأس أيضا، فإذا ما استخدمت الأعضاء الصغيرة، لتخفى الأمور عن الآخرين، فإن الأعضاء الكبيرة تفضحها وهى تؤدى الدور نفسه الذى تقوم به الأعضاء الصغيرة، لهذا فإن لغة الجسد (عند خالد الصاوي) هى لغة ذات دلالات متنوعة، تتموضع حسب السياق كما يقال لكل مقام مقال، والمقال هنا بلغة الإشارة وليس باللغة المنطوقة.
خلاصة القول: إن مكونات الجسد عند (خالد الصاوي) متعددة منها الصوت، والذى بدأ الاهتمام به كجزئية جسدية، أى باعتباره لغة جسدية وليس كلاما، وليس من الضرورى هنا أن يكون هذا الصوت جميلا أو متناغما أو مركزا ونغما معبرا بعمق عن الشخصية بما تحمله من خصائص وفردية وحساسية، بل أن الصوت الذى كان يخرج بصعوبة من فم (الصاوي) - حتى عاب عليه البعض ذلك - إنما يعبر عن باطنية الممثل، إن هذا الصوت يعبر عن الموقف كلغة جسدية يعبر عنها بالصراخ مثلا، حيث يكون هذا الصوت مفجوعا أو حزينا أو فرحا بطريقة ما من خلال الموقف الذى يقفه الممثل، وهو بالتالى التعبير الجسدى عن حالة الممثل، لما يمر به من مواقف كوسيلة تعبيرية، كما بدا ذلك فى أدوار (الصاوي) الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.