هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    تراجع سعر الذهب في المعاملات الفورية مع ارتفاع الدولار    رئيس الوزراء يلتقي رئيس وكالة اليابان للتعاون الدولي "الجايكا"    كشف المسكوت عنه بضياع تريليونات الجنيهات على مصر، خبير يضع حلًا لتعافي الاقتصاد المصري    يتسحاق بريك: خطة احتلال مدينة غزة ستعود بكارثة على إسرائيل    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي للتطرف والإرهاب    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    جلسة الحسم.. وفد الزمالك يجتمع بوزير الإسكان بمستندات جديدة    الرياضية: اتحاد جدة يستهدف لاعب زينيت    كلاب "بيانكي" تُثير الذعر في الإسكندرية.. 21 مصابًا في 48 ساعة    انتهاء امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة الدور الثاني 2025    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    في القصاص حياة.. تنفيذ حكم الإعدام في سفاح الإسماعيلية.. الجاني ذبح مواطنًا وفصل رأسه وسار بها أمام المارة في الشارع.. والمخدرات السبب الرئيسي في الجريمة البشعة    86 قطعة أثرية.. افتتاح معرض "أسرار المدينة الغارقة" بمتحف الإسكندرية القومي    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    عميد "قصر العيني" يتفقد المستشفيات ويوجه بدعم الفرق الطبية وتوفير أفضل رعاية للمرضى    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    المصرية للاتصالات : الانتهاء من ربط مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة "كورال بريدج"    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    رئيس الوزراء يلتقي محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي لبحث تعزيز الاستثمارات    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    غدا.. ويجز يشعل مسرح «يو ارينا» بمهرجان العلمين    "في كيميا بينا".. أحمد سعد يعلق على ظهوره مع ياسمين عبدالعزيز    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف صدقى.. اقتصاد بلا سياسة...وشيخوخة حكومة بعد طول بقاء
الملف السياسى كان يتم فى مطبخ بعيد عنه..
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 11 - 2008

كنا فى عام 1990 أى بعد أربع سنوات من تولى الدكتور عاطف صدقى رئاسة الحكومة، وفى هذا العام تقرر حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، وفى دائرة طوخ قليوبية «موطنى» وموطن عاطف صدقى وعائلته، تدارس الناشطون السياسيون المعارضون كيف يمكن مواجهة نائب الدائرة العتيق الحاج عطية الفيومى والد نائب الدائرة الحالى دكتور سيد الفيومى، والدكتور محمد الفيومى رئيس المجلس المحلى بالمحافظة، وبعد مناقشات ضيقة أدارها الناشط السياسى ذائع الصيت فى الدائرة محمد بركات، أطل اسم المستشار عادل صدقى شقيق رئيس الوزراء كوجه مستقل يمكنه منافسة عطية الفيومى النائب «الحكومى» منذ الستينيات، وبعد تفاصيل كثيرة، توقف أمر موافقة المستشار عادل على موافقة شقيقه عاطف الذى طلب مهلة للرد كانت بهدف استئذان الرئيس مبارك، ولم يمانع الرئيس لأن هذا حق طبيعى لمن يرغب وتنطبق عليه الشروط اللازمة، وأجريت الانتخابات وفاز عادل صدقى بعد معركة فرضت نفسها شعبيا ورسميا ووصلت إلى حد تأخير إعلان نتيجتها لتصميم صدقى على فرز الأصوات برؤية عينيه صوتا صوتا، فما علاقة هذه القصة بتقييم أداء الدكتور عاطف صدقى كرئيس للوزراء؟
الإجابة على السؤال يلزمها استكمال باقى القصة فى هذا المشهد لأنها تعطى كثيرا من التفسيرات فى فك شفرات شخصية رئيس الوزراء الأسبق الذى قضى فى رئاسة الحكومة ما يقرب من عشر سنوات متصلة، وباقى القصة تأتى من الانتخابات البرلمانية أيضا فى عام 1995، والتى قرر فيها الحزب الوطنى ترشيح عادل صدقى نائبا عنه بعد انضمامه للحزب، ورشح عطية الفيومى نفسه مستقلا، وبعد معركة «تكسير العظم» بينهما فاز الفيومى، وخرجت أصوات حكومية وقيادية فى الحزب الوطنى ممثلة فى كمال الشاذلى ويوسف والى تتحدث عن عظمة الديمقراطية بدليل سقوط شقيق رئيس الوزراء، لكن الأمر عند أبناء الدائرة والمتابعين كان «أخماس فى أسداس» من زاوية، كيف يترك رئيس الوزراء شقيقه دون حماية «طبيعية» ولازمة لمسار العملية الانتخابية أبسط قواعدها التصويت بحرية ونزاهة، وهل بلغ الأمر درجة أن المعنيين بالأمر من وزرائه أصبحوا أكثر قوة منه؟
الملاحظة الأولية التى يمكن التوقف عندها فى القصة السابقة تبدأ من تتبع الفرق الزمنى بين انتخابات 90 وانتخابات 95، فالأولى كانت أربع سنوات فقط مرت على تولى عاطف صدقى رئاسة الحكومة، بالقدرالذى يمكن توصيفه بمرحلته «الفتية» التى أفادت شقيقه، والتى شهدت تباهيا حكوميا بالوقوف على مواضع الداء الاقتصادى وكيفية مواجهته، والثانية كانت بعد تسع سنوات وقبل خروجه بنحو عام أى فى مرحلة «الشيخوخة» الوزارية، التى أضرت بشقيقه، وبينهما يمكن قراءة مسار الرجل.
فى نوفمبر 1986 كلف الرئيس مبارك عاطف صدقى برئاسة الحكومة، ولم يكن الاسم مطروحا وقتها فى خانة التوقعات من قريب أو بعيد، فالرجل كان فى الظل دائما لا تجرى وراءه وسائل الإعلام ولا يجرى هو وراءها، كان فقط منكبا على عمله وقتئذ رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات وكعادته فى كل المواقع التى تولاها، ومن خلال موقعه «الرقابى» فى الجهاز كانت مصر مكشوفة أمامه فيما يتعلق بالذمة المالية وأوجه إنفاقها، وقيل وقتها أنه جاء لهذا الغرض يعززه نظافة سيرته الشخصية، لكن وجهات النظر المعارضة تخطت هذا الاعتقاد بالقول: «إن المرحلة الآتية فيها إملاءات خارجية من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومعهما أمريكا، وبالتالى فإن المطلوب هو حكومة تنفذ أكثر مما تناقش، عاطف صدقى هو النموذج الأمثل لذلك، فالرجل ليس ابن الممارسة السياسية، وليس صاحب وجهة نظر أيديولوجية مسبقة، وإنما هو بيروقراطى فى سياق أى نظام سياسى، وبالتالى هو تنفيذى بالدرجة التى تتطلبها المرحلة التى تكلف فيها برئاسة الوزراء «كان هذا ما رآه المعارضون، والتقطوا أوليات لتعزيز وجهة نظرهم منها على سبيل المثال اختيار الرجل لطاقمه الوزارى الذى قام على مبدأ «الشلة»، فمنهم من كانوا أصدقاءه فى باريس وقت أن كان يعمل مستشارا ثقافيا فى باريس حتى عام 1980، مثل فاروق حسنى وزير الثقافة، والدكتور محمد الرزاز وزير المالية وزاد من اختياره أيضا أنه ابن محافظته «القليوبية»، وهو الاعتبار الذى اختار بمقتضاه الدكتور على عبدالفتاح وزيرا للصحة زاده وجود صلة نسب مع عائلته، ويقترب من هذا النهج اختياره لتلميذه الدكتور ممدوح البلتاجى وزيرا للسياحة هذا النهج من عاطف صدقى فى اختيار الوزراء، هل كان محل انتقاد من المعارضة فقط على خلفية اعتقادها بأنه يختارهم حتى ينفذ ما هو مطلوب منه دون «وجع دماغ»؟ الإجابة «لا»، فشخصية مثل الدكتور صبرى الشبراوى عضو مجلس الشورى وأحد البارزين فى الحزب الوطنى اعتبرها فى رأى قاله من قبل: «حكومة شلة طاولة فى زهراء المعادى، واستمرت 10 سنوات تقريبا دون أن تقدم شيئا للبلد، هى كانت تضع لبخة على الجرح، وبالتالى لم يعمل عاطف صدقى للبلد أى شىء».
تقييم الشبراوى يقف على التضاد منه تقييمات ترى انجازات حقيقية، فالدكتور على لطفى رئيس الوزراء الذى سبق صدقى، يرى فى الرجل أنه «نجح فى تحقيق علاج عجز الموازنة العامة للدولة من أكثر من 20 % فى الناتج المحلى الإجمالى إلى أقل من 1 %، وتخفيض معدل التضخم السنوى إلى نحو 4 %، بالإضافة إلى تحرير سعر الفائدة، وتوحيد سعر الصرف، وتكوين احتياطى من النقد أجنبى لدى البنك المركزى المصرى نحو 21 مليار دولار».
التهيئة التى حدثت لتلك الإنجازات التى يتحدث عنها الدكتور على لطفى، شملت إجراءات تحسب للرجل منها الإفاقة من وهم شركات توظيف الأموال، التى وصلت قبل التصدى لها إلى حد اعتبارها دولة داخل الدولة، وكذلك التصدى لظاهرة الإرهاب التى راح ضحيتها ما يقرب من ألف قتيل، وكاد هو أن يكون ضحيتها لكن العملية ضده فشلت، وراح ضحيتها الطفلة البريئة شيماء.
والمؤكد أن هذا الملف هو الأقوى فى التوقف عند مسيرة عاطف صدقى وحكومته، أما الملف السياسى، بما فيه من حريات عامة، ونزاهة فى الانتخابات، وديمقراطية الفعل السياسى، فليس له شأن بها، كان الأمر فى هذه الملفات يبدو أنه يتم بعيدا عنه وفى مطابخ أخرى وإذا حسبنا ذلك فى عمر وزارته سنجد أسماء كانت معنية بذلك مثل الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، والدكتور يوسف والى الأمين العام للحزب الوطنى، وكمال الشاذلى الأمين المساعد، كان هؤلاء فى واجهة الفعل السياسى المتعلق بالبرلمان والأحزاب، أما هو فظل بعيدا عنه، مما أدى إلى خلق ما يمكن تسميته ب«الشللية» فى الحكم.
ومع ذلك كان صدقى ممن خلقوا لنفسهم قاموسا خاصا به فى مواجهة المعارضة فى البرلمان، كان يجنح فيه إلى الفكاهة أحيانا، كما حدث منه فى تعليقه على ما أثير تحت قبة البرلمان حول قضية لوسى أرتين الأرمنية العرق وصاحبة العلاقات المتنفذة: «واحد بيبوس واحدة تحت السلم الحكومة مالها»، فضحك النواب وضحكنا مثلهم، واستمر هو على هذا الإيقاع، يعطى بإخلاص على الطريق المرسوم له، ويداعب النواب بكافة فصائلهم، ولا يرى غضاضة فى أن يكون ملهما بتكوينه الجسدى، ووجهه المشع طيبة لمن يريد انتقاده من الصحفيين ورسامى الكاريكاتير، خاصة من المبدعين أحمد رجب ومصطفى حسين.
وهكذا ظل عاطف صدقى رئيسا للوزراء قدم ما قدم على مدى سنوات حكمه، ورحل عن دنيانا دون أن يدون ذكرياته عنها فخسرنا الكثير مما يمكن أن يقال ومن ضمنه هل كان سقوط شقيقه فى الانتخابات دليلا على الديمقراطية؟ أم كان دليلا على شيخوخة حكومته وشلليتها، مما أدى إلى إقالتها بعد ذلك بشهور.
لمعلوماتك..
◄عاطف صدقى ليسانس حقوق، جامعة القاهرة، عام 1951، دكتوراه الدولة من جامعة باريس، عام 1958، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات من عام 1982 إلى 1986
◄ 10 سنوات قضاها صدقى فى رئاسة الوزراء
◄21 مليار دولار أحتياطى النقد الأجنبى فى عهد صدقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.