للموسم العاشر على التوالي.. أهداف عمرو السولية حاضرة في الدوري المصري    وسام أبو علي: مقتنع بخطوة اللعب في كولومبوس.. والأمر كان صعبًا بسبب الأهلي    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    غدر الذكاء الاصطناعى    السيسي لرئيس وزراء اليونان: ملتزمون بحماية المقدسات الدينية على أراضينا ومنها دير سانت كاترين    النائب محمد أبو النصر: رفض إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار يكشف نواياها الخبيثة    مستقبل وطن" يختتم اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لخوض انتخابات 2025    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية AROYA في رحلتها الرابعة خلال شهرين    حجز وحدات سکن مصر وجنة وديارنا بالأسبقية إلكترونيًا.. التفاصيل الكاملة    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    5 آلاف دولار و800 ألف جنيه.. مسروقات شقة أحمد شيبة في الإسكندرية    من مواجهة الشائعات إلى ضبط الجناة.. الداخلية تعيد رسم خريطة الأمن في 24 ساعة    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    صلاح: التتويج بالبطولات الأهم.. وسنقاتل لتكراره هذا الموسم    جوارديولا يوضح موقف مانشستر سيتي من التعاقد مع دوناروما ويكشف عن خططه لحراسة المرمى    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    خالد الجندى يوضح الفرق بين التبديل والتزوير فى القرآن الكريم.. فيديو    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    الاحتفال بعروسة وحصان.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 فلكيًا وحكم الاحتفال به    مهرجان الجونة يفتح ستار دورته الثامنة بإعلان 12 فيلمًا دوليًا    مدحت العدل ينعى يحيى عزمي: "واحد من حراس الفن الحقيقي"    طب قصر العيني يطلق برنامجًا صيفيًا لتدريب 1200 طالب بالسنوات الإكلينيكية    وزيرة التنمية المحلية و4 محافظين يشهدون توقيع بروتوكولات للتنمية الاقتصادية    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    محافظ الإسماعيلية يوجه التضامن بإعداد تقرير عن احتياجات دار الرحمة والحضانة الإيوائية (صور)    بعد وفاة طفل بسبب تناول الإندومي.. "البوابة نيوز" ترصد الأضرار الصحية للأطعمة السريعة.. و"طبيبة" تؤكد عدم صلاحيته كوجبة أساسية    الداخلية: حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الوادي الجديد    النائب علاء عابد: المقترح «المصري–القطري» يتضمن بنود إنسانية    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    الرئيس السيسي وماكرون يؤكدان ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    رئيس جامعة القاهرة: تطوير وصيانة المدن الجامعية أولوية قصوى للطلاب    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    "خطر على الصحة".. العثور على كم كبير من الحشرات داخل مطعم بدمنهور    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    «عمر الساعي يكافئ الكوكي».. هل يعيد نجم المصري قصة «البديل الذهبي»؟    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    رعاية القلوب    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    إيزاك: النادي يعرف موقفي منذ فترة.. وعندما تكسر الوعود لا يمكن للعلاقة أن تستمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفرة المواطن مصرى
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 11 - 2011

آخر ما قرأته هذا الأسبوع هو كتاب "مدن المعرفة" Knowledge Cities لجملة من الكتاب الأكاديميين العالميين تحت إشراف فرانشيسكو خافيير كاريللو، وبقدر ما أثار إعجابى هذا الكتاب، بقدر ما أصابنى بالإحباط والاكتئاب وربما الشعور بالقرف فور الانتهاء من قراءته.. فلقد وجدت الكاتب يتحدث عن أشياء تذكرنى بالرجل البدائى الذى اصطحبوه إلى رحلة لسطح القمر.
فالكتاب الذى جمع فكر 32 باحثاً واستشارياً فى اقتصاديات المعرفة وإدارتها، أسرد مفردات وعبارات بمنطق المجتمع المصرى المعاصر بمدارسه وجامعاته ومراكز أبحاثه عجيبة وغريبة، فالكتاب ضم كلمات مثل مرافئ المعرفة، والطبقة المبدعة، وشركات المعرفة، ومحركات الابتكار، ومواطن المعرفة، وملف المهارة، بالإضافة إلى ذكر مدن المعرفة المنتشرة فى جميع أنحاء العالم باستثناء المحروسة من العين والحسد.
وفصول الكتاب تحدثنا عن وجود مرافئ للمعرفة وهى مدن تم إنشاؤها لتضم المئات من الخبراء والمتخصصين فى العلوم التكنولوجية هدفها جعل الإنسان هو رأس المال المستقبلى، وتصب مجمل اهتمامها فى جعل القرن الحادى والعشرين هو قرن المعرفة، فى الوقت الذى نقرأ فيه عن اختطاف أحد الأطباء لطلب فدية مالية من أسرته، وعن طفل تم تشويه وجهه من أجل خلافات تعود لوقت ثورة يناير، ورغم ما نحن فيه تبدأ دول أخرى فى جعل قرننا هذا هو قرن التعلم، واستبدال التنمية المادية لتحل محلها التنمية القائمة على المعرفة.
ولأن الظروف التى تمر بنا فى مصر هذه الأيام عصيبة منذ أن أطلق هذه العبارة اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وقت إعلان تخلى حسنى مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية، فأنا كغيرى من الملايين الذين أصيبوا بالقلق والتوجس واليقين فى تكذيب كل ما يراه أو يسمعه، فرحت أفتش فى موقع اليوتيوب وأتصفح هذا المصطلح العجيب (مدن المعرفة) على شبكة المعلومات الدولية، وكانت النتيجة صادمة، نعم هناك مدن للمعرفة.
مدن كثيرة أقامها رجال وحكومات ووزراء ورجال أعمال ليسوا كائنات من كواكب أخرى، بل هم بشر مثلنا، شاهدت أفلاماً عن مدن عجيبة مثل راجوزا، ومدينة معمل العقل بالدنمارك، ومعمل أفكار مومينتم فى شمال زيلاند، ومدينة المعرفة فى برشلونة، ومدينة المعرفة فى بلباو، وبالتأكيد كان للكيان الإسرائيلى نصيب من تورتة المدن المعرفية فحولت مدينة حولون من مدينة راكدة مهمشة إلى مدينة مبتكرة ومبدعة وصانعة للمعرفة.
وحينما حاولت البحث عن مواصفات مواطن هذه المدن لم أتعب فى البحث، ولم أجد معاناة حقيقية فى الاكتشاف لهذه المواصفات، فلقد يسر على الكتاب مرارة وشقاء البحث، بالإضافة إلى ما أصابنى من مرارة لما نمر به من ترهل علمى وثقافى ومجتمعى.
فمواطن هذه المدن لابد وأن يكتسب عدة صفات حتى يستطيع العيش بها، مثل صنع المعنى وليس استقباله كما يحدث عندنا من خلال المكوث طويلا أمام البرامج الفضائية، وأيضاً الحفاظ على هويته الحالية لا الهرولة وراء التقليد الأعمى، وكذلك رغبته الحقيقية فى التأليف المشترك والعمل المشترك والإنتاج المشترك، مع حفاظه على تقاليده الموروثة.
كل هذا، وينبغى عليه المشاركة فى وضع إستراتيجية للعمل من أجل تطوير المعرفة ويعرف مؤلفو الكتاب مدينة المعرفة على أنها بيئة تشجع وتسمح بحدوث تدفق كثيف ومستمر وغنى ومتنوع ومعقد للحظات معرفية، واللحظة المعرفية هى خبرة إنسانية تلقائية أو مخطط لها، وفيها يتم اكتشاف وخلق ودعم وتبادل المعرفة إلى شكل جديد.. بالإضافة إلى تعدد لغات الكتابة لديه.. ولك أن تتصور دولة مثل سنغافورة مثلاً أعلنت استقلالها عام 1956 م، ومن وقتها بدأت فى إعادة هيكلة الاقتصاد، وقامت كما قام غيرها من الدول فى تحريك عجلة التنمية.
فانتقلت من مرحلة التصنيع التقليدى إلى التصنيع المتطور، ثم بدأت عصر البرمجيات وحزمها المتعددة، ثم استقرت مؤخراً على إقامة شركات للمعرفة، حقاً المعرفة أصبحت لها شركات متخصصة، بدليل وجود 3600 شركة عالمية بها اتخذت من سنغافورة مقراً إقليمياً لها لإدارة المعرفة.
وجاء الآن وقت الأسئلة الإجبارية لوزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والبحث العلمى، والصناعة، والثقافة، متى سنسمع أن فى مصر مدينة للمعرفة؟ ومتى سنرى لافتة مكتوباً عليها مركز تقوية إدارة المعرفة؟ ومتى سنقرأ أن مصر أصبحت دولة تستقطب الكوادر الإبداعية العالمية كما فى سنغافورة التى يوجد بها 90 ألف خبير دولى ذوى ثقافات فريدة؟
إن المواطن المصرى بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير أصبح لوغاريتماً غريباً، وأصبحنا نبحث عن مفتاح لفك شفرته، هو نفسه الذى يلعن الانفلات الأمنى ويدير ظهره لهذا الانفلات ويضرب ويسرق ويمارس صنوف وألوان البلطجة، ويعترض ويعتصم ويتظاهر، وإذا حدثته عن محركات الإبداع وعواصم المعرفة واللحظات المعرفية، ربما سينظر لك كما نظر الرجل البدائى إلى رواد الفضاء الذين اصطحبوه فى رحلة لسطح القمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.