ابو العز الحريرى يكتب عن حماية الحكومة للإحتكار يحدث فى مصر الآن أن كل سلعة، تنتج أوتستورد أو تصدر أو توزع، يحتكرها عدد لا يزيد عن أصابع اليدين، ولو أخذنا قضية الأسمنت نموذجا سنجد أن المتهمين بالاحتكار أو بالممارسات الاحتكارية الضارة تم محاكمتهم عن الفترة من مارس 2003 إلى نهاية 2006، أى ثلاث سنوات فقط، رغم أن الحالة قائمة منذ تم بيع شركات الأسمنت فى النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى، والمفارقة أنه أثناء إعداد تقرير حماية المنافسة، والذى استمر 15 شهرا، وطوال فترة المحاكمة، استمرت الممارسة الاحتكارية وتتواصل حتى الآن، وإن صدر الاستئناف فسوف يكون قاصرا على فترة السنوات الثلاث دون التطرق إلى ما قبلها وما بعدها. وللتوضيح أكثر نقول إنه فى الوقت الذى انخفضت فيه أسعار الأسمنت العالمية 30 % رغم تكاليفها العالمية، وغير المدعمة فإذا باحتكارات الأسمنت عندنا تزيد وترفع عنها رسوم التصدير الهزيلة، ويؤكد د.محمود عبدالحى المدير السابق للمعهد القومى للتخطيط، أن تكلفة طن الأسمنت الآن لا تزيد عن 120 جنيه، مع العلم أنه كان يباع ب480 جنيها وقت تقديم النيابة قرار الاتهام للمحكمة، ولهذا جاء حكم المحكمة، مكافأة للمتهمين بدلا من أن يكون عقوبة تصل فى بعض الدول إلى تقييد الحرية للمحتكرين، ورد المبالغ التى تحققت من الممارسة الاحتكارية، التى يثبت أنها مورست خلالها وما قبلها وما بعدها، مادام مستوى النهب مستمرا، بالإضافة إلى فرض غرامة غير هذا المبلغ، يحددها القانون أو تراها المحكمة. غير أنهم ولتسهيل وتبرير النهب، قصروا العقوبة على مجرد غرمة لا تتجاوز عشرة ملايين جنيه، بإجمالى 200 مليون جنيه دون استرداد المبلغ الذى نتج عن الاحتكار البالغ 1278 مليونا كل سنة، وتبلغ 1.2 مليار جنيه خلال الثمانى سنوات احتكارا. وحين أجروا تعديلا على القانون، قصروا الغرامة على مبلغ لا يتجاوز 300 مليون، حتى لو كانت المبالغ المنهوبة تتجاوز عشرات المليارات، ثم جرموا التزام الدستور بحقوق المواطنين برفض المبدأ الدستورى والقانونى بإعفاء الشريك المبلغ عن الجريمة، التى كان شريكا فيها، بشرط أن يؤدى اعترافه إلى الكشف عن الجريمة، وتلك فى نظرى مهزلة برلمانية تشريعية، وذلك بجعل هذا «المبلغ الشريك» نصف متهم ونصف برئ، وهنا يأتى السؤال، لماذا سيبلغ هذا الشريك عن الجريمة؟ ولو تتبعنا مسألة نهب الأسمنت سنجد أنها تصل إلى أكثر من 300 %، فإذا كانت تكلفته مع هامش الربح يساوى ضعف الفائدة البنكية لا يزيد عن 145 جنيها، ويباع الآن ب500 جنيه للطن سنجد نسبة النهب الاحتكارى تصل إلى 355 جنيها عن كل طن، وإجمالى هذا النهب يصل سنويا إلى 12780 مليون جنيه، لأن الإنتاج السنوى هو 36 مليون طن، أما إجمالى النهب عن الفترة من 2000 إلى 2008 فيصل إلى 102 مليار جنيه. كل هذه الأموال كان من المفترض استردادها للمستهلكين والخزانة العامة للدولة، ليس هذا فحسب وإنما يزيد عليها غرامة رادعة، وتقييد الحرية بالحبس أو بأحدهما، علمًا بأن دعم المواد الخام يصل 100 جنيه والطاقة 35 جنيها لكل طن أسمنت، وبعد أن أعلنت الحكومة أنها سوف ترفع سعر تسليم الغاز للمصانع إلى 2.65 دولار، للمليون وحدة حرارية، مع أنها كانت وماتزال تعطيها لللشركات بدولار واحد، والدعم لا يختلف كثيرا فى حال استخدام الكهرباء، وتأسيسا على كل ما سبق أقول إن الحكم ضد محتكرى الأسمنت، جاء مكافأة بدلا من أن يكون عقوبة. أما عن احتكار الحديد الذى تصل كمية إنتاجه إلى 6.2 مليون طن حديد تسليح، ومليونين من الصلب المسطح، بإجمالى نهب احتكارى سنوى يصل من 32 - 40 مليار جنيه فنقول أن الطن كان يباع للمستهلك بسعر وصل 8200 جنيه يحصل أحمد عز على 1500 جنيه من كل طن بعد سداد ضريبة المبيعات، والتكلفة وضريبة المبيعات لم تكن تتجاوز 2338 جنيها واليوم انخفض السعر العالمى المتضمن تكاليف عالمية بنسبة تتجاوز 50 %، ويتزايد الانخفاض خاصة بعد الأزمة العالمية ومايزال الحديد يباع بمبلغ 4000 جنيه للطن الذى انخفضت تكلفته الحقيقية عن 1500 باستبعاد دعم الطاقة، والوقائع ثابتة من خلال مستندات المصانع، وفواتير بيع المصنع والجملة والتجزئة، وأسعار الغاز المجانى، وباقى أشكال الدعم، والقيمة الحقيقية لمستلزمات الإنتاج المحلية والعالمية. وفى النهاية أطرح السؤال: ماذا تفعل الحكومة وهى الصانعة والراعية للاحتكار ونهب وتهريب الثروة ووزراؤها وكبار حزبها والبرلمان هم السادة الاحتكاريون؟. لمعلوماتك.. ◄ العام الذى أعلن فيه أحمد جويلى وزير التموين الأسبق قانون الاحتكار.