ذاك المساء.. في منتصف ليل يونيو لعام 2020.. حظر التجول جعل كل شىء ساكنا والذكريات وحدها حية.. لم تفلح أية محاولة نحو النوم برغم الهدوء القاتل.. الأجواء تبدو هادئة أكثر من المعتاد.. فكانت أقرب إلي ليلة طويلة من ليالي ديسمبر...
أغادر كل شىء وأخلد إلي ركن ذو إضاءة خافتة.. وبجواري قلم وأجندة وكوبي المفضل من الشاي..مع موسيقي هادئة في الخلفية ....
الآن.. علي أن أكتب مقالة أشبه بخاطرة.. ولكن..عن ماذا سأكتب..؟ لا أدري ما الموضوع ولا عنوانه..لا شىء بالتحديد...
ولكنني بكل تأكيد سأكتب عن أشياء تؤرقني.. ربما حلم ضائع ..أو أمنية مفقودة..
ربما عن أشياء قالت وداعا في وقت باكر جدا ولم أودعها .. قبيل الصباح فتركتني لظلام دامس..
ولربما أيضا للمرة الألف سأرثي أشخاصا راحلين.. وكأنها المرة الأولي...
الليلة سأذكرهم جميعا..إلا أنا سأصبح البيت الوحيد المنسي في جسد القصيد...
سأسرد انكسارات النهار.. إذ ننكسر وننكسر في وضح النهار فلا نذرف دمعة واحدة .. ليأتي الليل.. فتنهال علينا الأحزان مرة واحدة فنذكر كل شىء...
فأظل أكتب وأكتب.. أكتب لساعات متصلة.. أكتب حتي يبكي قلمي معي.. أو حتي لينهك القلم أو لأنهك أنا فتؤلمني يدي...
فيما إذا اقترب الصباح.. تموت القصة رويدا رويدا.. لأتناسي أحزاني مجددا.. لكنها لاتموت.. إنما تغيب كما يغيب القمر...
لربما لشعاع الشمس الأولي الذي يخترق زجاج نافذتي يد في نهاية فوضاي.. وضجيج حنيني.. لتخفت الأفكار ويسكن القلم...
فلأجل الحنين لشىء واحد بكينا الأشياء كلها.. ولأجل سبب واحد قد لمنا الأسباب كلها...
ولأجل الذكري.. صار المساء جزءنا المفضل في اليوم كله..لكنه دائما مساء بنكهة الحنين.....