عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    بعد هبوطه في 8 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الأربعاء 11-6-2025    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    عمدة لوس أنجلوس تعلن حالة الطوارئ وتفرض حظر تجول في المدينة    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر مسلحة بريف حمص الغربي    "صفقة القرن".. تعليق قوي من حسين الشحات على انضمام زيزو إلى الأهلي    "الأول في التاريخ".. منتخب السنغال يحقق فوزا كبيرا على حساب إنجلترا    استعلم الآن عن نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 الترم الثاني بالقاهرة بالاسم ورقم الجلوس    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    "المعازيم راحوا المستشفى".. إصابة 3 أشخاص إثر إطلاق نار في حفل زفاف بالمنوفية    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    تدهور مفاجئ، دخول نجل تامر حسني للعناية المركزة مرة ثانية، وبسمة بوسيل تطلب الدعاء    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    "كله تم بالتراضي".. التفاصيل الكاملة لعروس الشرقية المغصوبة على عريس متلازمة داون- صور    موجة شديدة الحرارة 6 أيام.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس الأيام المقبلة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    البرازيل ضد باراجواى.. أنشيلوتى يدفع بتشكيل نارى لحسم بطاقة كأس العالم    نظرة إلى العين السخنة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تصفيات كأس العالم.. أنشيلوتي يعلن تشكيل البرازيل الرسمي في مواجهة باراجواي    السلطات الأوكرانية: قتيلان و28 جريحًا إثر ضربات روسية جديدة على مدينة خاركيف    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    المجلس الوطني الفلسطيني: تصريحات هاكابي ضد حل الدولتين خروج عن قواعد الدبلوماسية    كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    لا تقسُ على نفسك.. برج العقرب اليوم 11 يونيو    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



31 عالما من أهل السنة والجماعة ينتقدون البخارى.. أجيال وراء أجيال فى نقد أحاديث الإمام.. الإمام الدارقطنى أعلَّ 210 أحاديث.. المتفق عليه منها 32 والبخارى ينفرد ب78 والإمام مسلم ب100.. الحلقة الثالثة

لا يمكن إنكار أن التراث الإسلامى مهم، لأنه استطاع فى وقت ما أن يحمى هذه الأمة وأن يتحرك بها إلى الأمام، لكن مع الزمن صار الأمر يحتاج إلى إعادة نظر، يحتاج أن نخرجه من عباءة التقديس إلى رحابة العلم، أن نقبل الرأي والرأى الآخر، أن نجدد خطابنا الديني، وذلك لا يكون إلا بإعمال العقل.

صحيح أن الإمام البخارى أخذ من عمر «أبى عبد الله محمد بن إسماعيل» الكثير وأنه أهم كتب التراث وأن الرجل كان حريصا على الدقة لكنه جهد بشرى له ما له وعليه ما عليه، لكن أكثرنا لا يعتقدون ذلك وصار الاقتراب من هذا التراث للتفكير فيه كأنه «جريمة كبرى» تطارد من يحاول أن يسأل أو يفهم.

وهنا نحاول أن نقول لمن يظن نفسه قيِّما على التراث أن لا أحد يحمل معول هدم، وأن كبار العلماء المسلمين من أهل السنة والجماعة عبر القرون الإسلامية الطويلة اقتربوا من صحيح البخارى وأشادوا بجهده واختلفوا معه، وفى هذه السلسلة سنتوقف مع واحد وثلاثين عالما أعملوا عقولهم فى الأحاديث التى قدمها الإمام البخاري، وأعلنوا فى كتبهم وفى دروسهم أنهم يختلفون مع كذا وكذا، ومع ذلك لم يكفرهم أحد ولم يخرجهم أحد من دين الله، بل ظل الأمر فى إطاره مجرد اختلاف فى العلم، فهل كانت الأجيال الماضية أكثر رحابة منا وأكثر تسامحا؟

يتحرك بنا التاريخ الإسلامى إلى الأمام وصولا إلى الإمام الدارقطنى المتوفى عام 385 هجرية، واسمه على بن عمر بن أحمد بن مهدى أبو الحسن الدارقطنى البغدادى، وكان يلقب بأمير المؤمنين فى الحديث.

قال فيه الخطيب البغدادى فى «تاريخ بغداد» كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة، مع الصدق والأمانة والثقة والعدالة.

ووصفه القاضى أبوالطيب الطبرى بقوله: «كان الدارقطنى أمير المؤمنين فى الحديث»، ووصفه الذهبى فى «سير أعلام النبلاء» بقوله: «الإمام الحافظ المجود، شيخ الإسلام، علم الجهابذة».

لذا فإن ما يقوله الإمام الدارقطنى موضع ثقة، وله مع أحاديث الإمام البخارى وقفة سنذكرها:
مصنفات الدارقطنى فى نقد البخارى
ذكر الدارقطنى انتقاداته فى ثلاثة مصنفات، أحدها هو «التتبع» قال فى أوله «ابتداء ذكر أحاديث معلولة اشتمل عليها كتاب البخارى ومسلم أو أحدهما، بينت عللها والصواب منها».

والثانى: هو جزء «بيان أحاديث أودعها البخارى رحمه الله كتابه الصحيح»، قال فى أوله «ما حضرنى ذكره من الأحاديث التى خرَّجها محمد بن إسماعيل البخارى رحمه الله فى كتابه «السنن الصحاح» عنده، مما اختلف فى أسانيد بعضها وفى إرسال بعضها وفى إيصالها وفى عدالة ناقليها وجرحهم.

والثالث: انتقادات متفرقة فى كتابه «العلل الواردة فى الأحاديث النبوية»، وقد توسع فيه فى ذكر علل الأحاديث.
عدد الأحاديث التى أعلها الدارقطنى
عدد الأحاديث التى أعلَّها الدارقطنى فى الصحيحين على ما أحصاه الحافظ ابن حجر يبلغ «مائتى حديث وعشرة» المتفق عليه منها اثنان وثلاثون، وانفرد البخارى بثمانية وسبعين، ومسلم بمائة.
أحاديث عللها الدارقطنى
ومن الأحاديث التى أعلها الإمام الدارقطنى على الصحيحين البخارى ومسلم:
روى البخارى ومسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن حُميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمَر التمْر حتى يزهو، فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك؟!
وروى البخارى ومسلم من طريق مالك، وهو فى الموطأ، عن حُميد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، فقيل له: وما تزهى؟ قال: حتى تحمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إذا منع الله الثمرة، بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟!»
وروى مسلم عن محمد بن عباد عن عبد العزيز بن محمد الدَرَاوَرْدى عن حميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه ؟!»

وعلق الدارقطنى فى التتبع على هذه الروايات فقال:
أخرجا جميعا حديث مالك عن حميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، قيل: وما تزهى؟ قال: حتى تحمر. قال صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟!»، وقد خالف مالكًا جماعة، منهم إسماعيل بن جعفر وابن المبارك وهشيم ومروان ويزيد بن هارون وغيرهم، قالوا فيه: قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة.

وأخرجا أيضا حديث إسماعيل بن جعفر عن حُميد، وقد فصل كلام أنس من كلام النبى صلى الله عليه وسلم، وأخرج مسلم عن ابن عباد عن الدراوردى عن حميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «إن لم يثمرها الله فبم يستحل مال أخيه؟!»، وهذا وهِم فيه ابن عباد على الدراوردى عن حميد حين سمعه ابن عباد منه، لأن إبراهيم بن حمزة رواه عن الدراوردى عن حميد عن أنس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تزهو. قلنا لأنس: وما تزهو؟. قال: تحمر، أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل مال أخيه؟!. وهو الصواب، فأما ابن عباد فإنه أسقط كلام النبى صلى الله عليه وسلم، وأتى بكلام أنس، ورفعه عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا خطأ».
حديث آخر أعله الدارقطنى
روى البخارى عن كعب بن مالك رضى الله عنه، أنه كانت لهم غنم ترعى بسلع، فأبصرتْ جارية لهم بشاة من غنمهم موتًا، فكسرتْ حجَرا فذبحتْها به، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبى صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بأكلها.

ورواه البخارى من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، ومن طريق جويرية بن أسماء عن نافع عن رجل من بنى سلمة، أن جارية لكعب بن مالك، ومن طريق مالك عن نافع عن رجل من الأنصار عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أن جارية لكعب بن مالك، وهذا اضطراب فى الإسناد.

أعله الدارقطنى فى العلل، حيث رجح أن طريق جويرية بن أسماء الذى فيه راوٍ مبهم هو المحفوظ، وهذا يعنى أن السند ضعيف، وأعله كذلك فى الجزء المسمى ب»التتبع» وقال عن الاختلاف فى سنده «هذا اختلاف بيِّن»، ثم قال: «قيل فيه عن نافع عن ابن عمر، ولا يصح، والاختلاف فيه كثير».
حديث ثالث أعله الدارقطنى
قال الدارقطنى وأخرجا جميعا وهو هنا يقصد البخارى ومسلم حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن بن عباس فى قصة القبرين، وأن أحدهما كان لا يستبرئ من بوله، قال وقد خالفه منصور فقال عن مجاهد عن بن عباس، وأخرج البخارى حديث منصور على إسقاطه «طاوسا».

وقد أردنا أن نقف مع الإمام الدارقطنى فى حلقة منفصلة لنؤكد أن أهل العلم عندما كانوا يخصصون كتبًا لنقد بعضهم لم يكن الغرض هو التقليل من السابقين أو تقديمهم فى صورة «هزيلة»، بل كان المقصود هو تبيان الصواب، أو الإشارة إلى الاختلاف أو حتى على الأقل إيضاح أن المنهج مختلف، ومع ذلك وجدنا «ابن الصلاح» فى كتابه المشهور ب«مقدمة ابن الصلاح» وفيه يدافع عن البخارى وأحاديثه، ويرى أن جميعها صحيح، ويرد على انتقادات الإمام الدارقطنى، لكنه لا يتهم الأخير بشىء ولا يقول بأنه «كافر» أو «حاقد» أو غير ذلك من التهم.

وتواصلت الأجيال فى قراءة صحيح البخارى والوقوف منه موقف الباحث المدقق، ولم تمنعهم معرفة قيمة الكتاب والمجهود المبذول فيه من نقد بعض أحاديثه والكشف عن علة بعضه.. كما سنرى:
أبو بكر الباقلانى ت 402 هجرية
كان يلقب بشيخ السنة، ولسان الأمة، والمتكلم على مذهب أهل السنة والجماعة، وأهل الحديث وطريقة أبى الحسن الأشعرى، أحد كبار علماء عصره انتهت إليه رئاسة المذهب الأشعرى، وإليه انتهت رئاسة المالكية فى وقته، كما يعد من مجددى المائة الرابعة.

ذكر فتح البارى فى الجزء الثامن أن القاضى أبو بكر الباقلانى أنكر صحّة حديث صلاة النبى صلى الله عليه وسلم، على جنازة المنافق عبد الله بن أُبى بن سلول، واعتراض عمر عليه والحديث رواه الصحيحان وفيه:

«روى عبد الله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أنه قال «لما مات عبد الله بن أبى ابن سلول»، دعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت إليه، فقلت يا رسول الله أتصلى على ابن أبى وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أخر عنى يا عمر، فلما أكثرت عليه قال إنى خيرت فاخترت، لو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها، قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة: «ولا تصل على أحد منهم مات أبدا» إلى قوله «وهم فاسقون»، قال فعجبت بعد من جرأتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ».

وقال الباقلانى: لا يصحّحه أهل الحديث.
ابن برهان ت 514 هجرية
كان ابن برهان حنبلى المذهب، ثم انتقل إلى المذهب الشافعى، وكان متبحراً فى الفقه وأصوله والخلاف، وكان حاد الذهن، سريع الحفظ، مواظباً على العلم، حتى صار يُضرب به المثل.

يقول فى كتابه «الوصول إلى الأصول» الجزء الثانى «خبر الواحد لا يفيد العلم، خلافًا لبعض أصحاب الحديث فإنهم زعموا أن ما رواه مسلم والبخارى مقطوع بصحته، وعمدتنا أن العلم لو حصل بذلك لحصل لكافة الناس كالعلم بالأخبار المتواترة».

وقال: «لأن البخارى ليس معصوما عن الخطأ، فلا نقطع بقوله، لأن أهل الحديث وأهل العلم غلطوا مسلما والبخارى وثبتوا أوهامهما ولو كان قولهما مقطوعا به لا ستحال عليهما ذلك».
ابن تيمية ت 728 ه
هو أحد أبرز العلماء المسلمين خلال النصف الثانى من القرن السابع والثلث الأول من القرن الثامن الهجرى، يعرفه القاصى والدانى فى التراث الإسلامى، ويعرف الجميع حرصه الذى يصل لدرجة التشدد.
يقول فى كتابه «مجموع الفتاوى» الجزء الثالث عشر «إن ما وقع فى بعض طرق البخارى «أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ اللّه لها خلقًا آخر»، مما وقع فيه الغلط، وهذا كثير.
تاج الدين السبكى ت «771» ه
فقيه شافعى، ومؤرخ عربى وقاضى القضاة فى دمشق، كان طلق اللسان، قوى الحجة، وقد ذكر تاج الدين السبكى فى «طبقات الشافعية الكبرى» يقول: أما إمام الدنيا أبو عبد الله البخارى ففى «جامعه الصحيح» أوهام منها:
فى «باب من بدأ بالحلاب والطيب عند الغسل» ذكر فيه حديث عائشة كان النبى إذا اغتسل من الجنابة دعا بشىء نحو الحلاب فأخذ بكفه، ظن البخارى أن الحلاب ضرب من الطيب فوهم فيه، وإنما هو إناء يسع حلب الناقة، وهو أيضا المحلب بكسر الميم وحب المحلب بفتح الميم من العقاقير الهندية.

وذكر فى «باب مسح الرأس كله» من حديث مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه، أن رجلا قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى: أتستطيع أن ترينى كيف كان رسول الله يتوضأ.

قوله «جد عمرو بن يحيى» وهم وإنما هو عم أبيه وهو عمرو بن أبى حسن وعمرو بن يحيى بن عمارة بن أبى حسن تميم بن عمرو بن قيس بن محرث ابن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النجار المازنى ولأبى حسن صحبة، وقد ذكره فى الباب بعده على الصواب من حديث وهيب عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال شهدت عمرو بن أبى حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبى الحديث

وذكر فيه أيضا فى «مناقب عثمان بن عفان» أن عليا جلد الوليد بن عقبة ثمانين والذى رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة من حديث عبد العزيز بن المختار عن الداناج عبد الله بن فيروز عن حضين بن المنذر عن على أن عبد الله بن جعفر جلده وعلى يعد فلما بلغ أربعين قال على أمسك.
بدر الدين الزركشى ت 794
فقيه شافعى، أصولى ومحدث، له مؤلفات فى علوم كثيرة أبرزها البرهان فى علوم القرآن، والبحر المحيط فى أصول الفقه، والتذكرة فى الأحاديث المشتهرة.

قال فى كتابه «البحر المحيط» الجزء الرابع، وقال ابن الصلاح: إن جميع ما اتفق عليه البخارى ومسلم مقطوع بصحته، لأن العلماء اتفقوا على صحة هذين الكتابين. والحق أنه ليس كذلك: إذ الاتفاق إنما وقع على جواز العمل بما فيهما، وذلك لا ينافى أن يكون الحق ما فيهما مظنون الصحة. فإن الله تعالى لم يكلفنا القطع، ولذلك يجب الحكم لموجب السنة وإن لم تفد إلا الظن».
الكمال ابن الهمام «ت 861»
تلميذ العز بن عبد السلام وكان إمامًا فى الأصول والتفسير والفقه والفرائض والحساب والتصوف والنحو والصرف والمعانى والبيان والبديع والمنطق.

قال كمال الدين بن الهمام فى كتابه «فتح القدير» الجزء الأول «وقول من قال: أصح الأحاديث ما فى الصحيحين، ثم ما انفرد به البخارى، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرطهما من غيرهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما: تحكم لا يجوز التقليد فيه، إذ الأصحية إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التى اعتبراها».

وقال فى الجزء الخامس من الكتاب نفسه: «قدمنا غير مرة أن كون الحديث فى كتاب البخارى أصح من حديث آخر فى غيره، مع فرض أن رجاله رجال الصحيح أو رجال روى عنهم البخارى: تحكم محض».
محيى الدين الكافيجى ت 879
اسمه محمد بن سليمان وهو أستاذ السيوطى، واشتهر بين العلماء بعلمه وتقواه، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان، ومن أبرز كتبه التيسير فى قواعد علم التفسير.

قال فى كتابه «المختصر فى علم الأثر» ما اتفق عليه الشيخان من الصحيح: يفيد الظن بصحته ومضمونه، ما لم يتواتر - خلافا للبعض – لكونه من قبيل غير المتواتر، فظهر ضعف قول من قال إنه يفيد القطع بصحته لاجتماع الأمة على تلقيه بالقبول»
الإمام السيوطى ت 911 ه
أما الإمام السيوطى فقد مارس موسوعيته المعروفة فى الإشارة إلى كل الآراء بلا تحرج، ورغم أنه من المنتمين لصحة أحاديث البخارى ولا يتعرض لنقدها لكننا نجده يحكى فى كتابه «تدريب الراوى» عن «النووى» ما معناه أن المحققين والأكثرين خالفوا ابن الصلاح - بالطبع نعرف رأى ابن الصلاح الذى يذهب إلى أن كل أحاديث البخارى صحيحة - فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر.

وقال السيوطى أيضا كذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول، وقال البلقينى، ما قاله النووى وابن عبد السلام.

ثم يعود السيوطى مرة أخرى ليذكر أن بعض الحفاظ المتأخرين ذهبوا إلى مثل قول ابن الصلاح، منهم جماعة من الشافعية كأبى إسحاق وأبى حامد الإسفرايينى، والقاضى أبى الطيب، والشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وعن السرخسى من الحنفية، والقاضى عبد الوهاب من المالكية، وأبى يعلى، وابن الزعوانى من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة.
الخلاصة:
ذكرنا فى هذه الحلقة عددا كبيرا من أسماء رجال العلم والحديث والفقه الذين تعرضوا لأحاديث الإمام البخارى، وقد تبين من خلال هذا العرض أن العلماء ينتمون إلى عصور مختلفة، مما يدل على أن الإعلال والاختلاف كان مستمرًا، ليس فى منطقة الشرق فقط، لكن سنعرف فى الحلقة المقبلة أن نقد أحاديث الإمام البخارى عبر إلى الناحية الأخرى من العالم وذهب إلى بلاد الأندلس.

البخاري
السنة والجماعة
الإمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.