نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    استبعاد مدير إدارة «قليوب» ومديرة مدرسة «ميت حلفا» الثانوية وأحد المدرسين بعد مشاجرة معلمي التاريخ    محافظ الإسكندرية يتفقد موقف محطة الرمل ويوجّه بسرعة إنهاء التكدسات المرورية    مدبولي: السياحة تسجل أرقاما لم تشهدها مصر في تاريخها.. ونستهدف سائحا ينفق 2000 دولار    إنذار جوي يربك سوتشي.. وتعليق الرحلات في مطارين روسيين    فلسطين.. غارات إسرائيلية على خان يونس وتفجير مدرعات مفخخة    كراكاس تتهم واشنطن بانتهاك سيادة أجوائها    «بي بي سي»: قائد الجناح العسكري لحماس يرفض خطة ترامب    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    أمين عمر حكما لمباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    معروف حكما لمباراة الزمالك وغزل المحلة    انهيار عقار قديم في غيط العنب بالإسكندرية والحماية المدنية تواصل البحث عن ناجين    إصابة مدير مستشفى الصدر ونجله ومصرع آخر في انقلاب سيارة بالعياط    مصرع تاجر مخدرات في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسوان    تكريم هالة صدقي وعبد العزيز مخيون واسم لطفي لبيب في افتتاح مهرجان المونودراما    إسلام فوزي: حصلت على ورشة تمثيل أنا وزوجتي لمدة 70 يوما قبل مسلسل «يوميات عيلة كواك»    لتقصيرها في حق أسرتها.. ليلى علوي تبكي أمام الجمهور في مهرجان الإسكندرية السينيمائي الدولي    من أصل 18 ألف شاحنة ..الاحتلال أدخل إلى غزة 10% فقط من الشاحنات خلال سبتمبر    العريش بين الإدارة الدولية والسيادة الوطنية.. هل تُباع سيناء بالتقسيط في صفقة ترامب؟    حقيقة رحيل محمد عواد عن الزمالك في الانتقالات الشتوية    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    24 تريليون دولار قيمة اقتصاد المحيطات.. وارتفاع حموضة المحيط سابع اختراق في حدود الطبيعة وتهدد الأنواع البحرية    بسبب وقائع شغب.. محافظ القليوبية يستبعد قيادات تعليمية بمدارس قليوب وميت حلفا    محمود كامل يعلن انضمامه لاعتصام صحفيي "الوفد" السبت المقبل: دعم الزملاء واجب نقابي وأخلاقي    أستون فيلا يقهر فينورد على ملعبه في الدوري الأوروبي    أسعار الخضروات في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الدولة تدعم المحروقات ب75 مليار جنيه رغم الزيادات المقررة    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025    رحلة تحولت إلى مأتم.. وفاة نجل طبيب وإصابة أسرته فى حادث بالطريق الإقليمى    جرعة مخدرات وراء مصرع سيدة داخل مسكنها فى العمرانية    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    ضبط عاطل وشقيقه بتهمة حيازة مواد مخدرة للاتجار بالهرم    انفصال 4 عربات من قطار بضائع بسوهاج    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    رقم سلبي يلاحق مدرب نوتنجهام فورست بعد الخسارة الأوروبية    موهبة مانشستر يونايتد تثير اهتمام ريال مدريد    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خسيت 60 كيلو.. أبرز تصريحات عبد الله نجل غادة عادل ومجدي الهوارى (إنفوجراف)    أسامة كمال: الإخوان "عايزينها تولع" ويرغبون فى رفض حماس لخطة ترامب لوقف حرب غزة    ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثالثة..صور    الفنانة شيرين تكشف تفاصيل إصابة قدمها وتجربة الألم أثناء تكريمها في مهرجان الإسكندرية السينمائي    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    عالم بالأوقاف: الوطنية الصادقة لا تنفصل عن الدين.. وعبارة الغزالي تصلح شعاراً لعصرنا    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    موقف زيزو من مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية في الدوري المصري    السوشيال ميديا بكفر الشيخ تتحول لساحة نزال شرسة قبيل انتخابات النواب    رئيس جامعة الإسكندرية يسلم 4 نواب وعمداء جدد القرارات الجمهورية بتعيينهم (صور)    وضع حجر أساس مستشفى «الخليقة الجديدة» بأسيوط بيد البابا تواضروس    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    وكيل تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة في دمنهور    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خذوا العبرة من تونس
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 10 - 2008

يطالب المجلس القومى للمرأة بوضع ضوابط لتعدد الزوجات، وأطالب أنا بإلغاء تعدد الزوجات تمامًا، كما فعل المشرع التونسى منذ اثنين وخمسين عامًا، حين صدر قانون الأحوال الشخصية متطلعًا إلى تحويل شرعية الواحدية فى الزواج مع الزمن إلى شرعية مجتمعية وليس قانونية فقط، وقد نجح المجتمع التونسى فى ذلك نجاحًا باهرًا رغم بعض المشكلات الجانبية هنا وهناك.
لجأ المشرع التونسى إلى قراءة مستنيرة ومتفتحة للنص الدينى الذى أباح التعدد، ولكنه كاد أن يحرمه، وهو ما فعله الإمام «محمد عبده» مفتى الديار المصرية قبل أكثر من قرن من الزمان، حين دعا لتقييد الزواج بواحدة فى سياق تجديده للفكر الدينى ومن واقع تجربته الشخصية فى أسرة تزوج الأب فيها عدة نساء ونشأت الضغائن بين الزوجات وبين الأبناء. ويجادل الذين يدافعون عن تعدد الزوجات بأن لدى الرجال بطبيعتهم طاقة جنسية أكبر كثيرًا من أن تشبعها امرأة واحدة ،خاصة بعد أن تنجب المرأة وتنشغل بأطفالها.
ويقولون أيضًا إن التعدد هو أفضل من اتخاذ العشيقات فضلاً عن أن الله سبحانه وتعالى قد شرعه له، حتى أن عالمًا كبيرًا فى الإسلاميات هو التونسى «محمد الطالبى» وفى معرض دفاعه عن الإسلام فى كتابه «عيال الله»، قال إن الإسلام شرع لما هو نزوع طبيعى لدى الرجال، ولذلك دون أن يتوقف أمام حقيقة أن التعدد مكروه فى القرآن الكريم، رغم الإباحة، ورغم أن السياق الاجتماعى الذى نزلت فيه آيات الإباحة، قد عرف الإفراط من التعدد وفى اقتناء الجوارى.
وترد الباحثة الأمريكية «ميليسيا هاينز» فى كتابها «جنوسة الدماغ» على الفكرة الشائعة حول الطاقة الجنسية للرجال متسائلة: هل تأثير الهرمونات فى الفروق الجنسية وفى القدرات الإدراكية، تجعل الفصل فى المهن على أساس الجنس أو التمييز الجنسى فى الرواتب أمرًا لا مفر منه؟ وما إذا كان الرجال أقل قدرة نظريًا على رعاية الأطفال، أو ما إذا كانوا مبرمجين فطريًا لتعدد الزوجات.
وترد الباحثة بناء على دراسات متعددة ومتنوعة قائلة: إن البيانات التى أنتجتها دراسات الفروق الجنسية، تنفى هذه الفرضية تمامًا، فالقدرة الجنسية تتطور فى الإنسان إما إلى خصيتين أو مبيضين، والمحددات الرئيسية فى اختلاف النسبة بين الجنسين هى عوامل اقتصادية وسياسية، والهرمونات ليست أبدًا المؤثر الوحيد فى سلوك الإنسان، وإذا كانت الهرمونات تساهم فى تشكيل السلوك فإنه لايزال بالإمكان التأثير فيه بوسائل أخرى.
راكمت الثقافة الإنسانية عبر آلاف السنين صورة «للفحولة»، وأصبحت توقعات المجتمع من الرجال مبنية على هذه الصورة، ويتطلع بعض الرجال إلى تلبية هذه التوقعات عبر تعدد الزوجات أو العشيقات، ليثبت الواحد فيهم أنه هو ذلك الرجل النموذجى الذى يثير إعجاب المجتمع، إذ أن الإخلاص الزوجى هو طبقًا لهذه الفكرة خيبة.
والتعدد - أيا ما كانت أسبابه - هو سلوك غير إنسانى لأنه ينزع عن الحب طابعه الشخصى، والإنسان هو الكائن الوحيد على هذا الكوكب الذى ابتدع الحب الشخصى بين رجل وامرأة، دون بقية الكائنات حتى سياق تطوره وخروجه من مملكة الحيوان، واكتساب وعيه بذاته كإنسان، ولأن التعدد فى علاقات الحب ينفى عنها مباشرة طابعها الإنسانى، وينزل بها إلى المستويات الحيوانية، وفى هذه المستويات يكون الإشباع الغرائزى هو الأساس وليس الحب المتكامل، الذى يستحيل إلا أن يكون واحديًا.. ولأن التعدد هو كذلك، أى إشباع للغريزة فإنه خروج للإنسان من مملكته وانحدار بإنسانيته.
يبدو الكلام هنا كأننا نتحدث عن مملكة مثالية ،يعيش فيها الإنسان «من طهارة الملائكة» كما يصف «نجيب محفوظ» فى الحرافيش أناس تلك الدنيا القادمة المتحررة من الخوف والحاجة والاستغلال والظلم، ولكن إذا بقينا فى إطار هذا الواقع البائس الذى نعيش فيه، سوف نجد أن الآلاف وربما مئات الآلاف من الأسر تعيش فى شقاء بسبب عدم التوافق الجنسى بين الرجل والمرأة، ناهيك عن الأسباب الاقتصادية مثل البطالة وتدهور مستوى المعيشة.. إلخ.
ويهرب بعض الرجال من عدم التوافق إلى التعدد، خاصة إذا كان قادرًا ماديًا، وتحمل الزوجة الأولى صفة المهجورة، وتنشأ الظاهرة التى تحدث عنها الإمام «محمد عبده»، أى الإخوة الأعداء والضرائر، وما ينتج عن ذلك كله من شقاء إضافى، لكن هناك رجالاً آخرين يتزوجون ثانية من باب «الدناوة»، والتى تضرب بجذور عميقة فى الصورة النمطية للرجل «الفحل»، وتوقعات المحيط منه ومباهاته بقدراته ولا يستطيع أحد أن يقدم وصفة تصل فيها العلاقات بين أطراف الأسرة، وبخاصة الزوج والزوجة، إلى أعلى مستويات الرقى الإنسانى، فذلك يتم فقط عبر التطور المتواصل وإقامة العدالة وتجديد الخطاب الدينى وانتشار الثقافة النقدية، التى تقدم صورًا للرجولة تنهض على القيم والمثل العليا، لا الفحولة والقدرة الجنسية، ثقافة تكشف عن أعماق المسكوت عنه فى البناء الاجتماعى، وصولاً إلى مجتمع تقوم فيه العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس من الحب وحده.
وحين تنتهى هذه العلاقة يكون بوسع الطرفين فضها على قدم المساواة ليتاح لكل منهما أن يدخل فى تجربة جديدة، إذا شاء دون ضغوط أو خوف أو خضوع أو تحايل ونفاق أو تعدد فى العلاقات، وهنا يأتى دور القانون فى إلغاء إمكانية التعدد، والوصول إلى مثل هذا المجتمع هو عملية صراعية وكفاحية طويلة المدى.. طويلة جدًا.. لكن علينا أن نبدأها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.