شرم الشيخ تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من المنتدى العربي للأرض والمناخ    زيلينسكي يندد بأحدث هجوم روسي ويدعو لمزيد من العقوبات    لأول مرة.. «القاعدة» على مرمى حجر من حكم دولة    اللجنة المصرية بغزة تفتتح مخيما للأطفال للأيتام    كرة السلة .. انطلاق الموسم الثالث لدوري NBA بالقاهرة    موعد مباراة مصر ضد ألمانيا في نهائي كأس العالم لليد تحت 17 سنة.. والقنوات الناقلة    النصر يستعيد خدمات بروزوفيتش قبل لقاء الفيحاء في الدوري السعودي    منتخب مصر يهزم إسبانيا ويتأهل إلى نهائي مونديال اليد تحت 17 عامًا    إحباط محاولتين لتهريب أدوية بشرية ومستلزمات طبية وسجائر أجنبية بميناء نويبع    هزمت السرطان وتحدت الأطباء بالإنجاب.. 25 معلومة عن شريهان النجمة المحتملة لافتتاح المتحف المصري الكبير    4 أبراج يواجهون امتحانا صعبا.. الثبات مفتاحهم والعزيمة سلاحهم ويتخذون قرارات حاسمة    مديرة الشركة المنفذة للعرض المتحفي بالمتحف الكبير: ركزنا في التصميم على انخراط الزائر عاطفيا    زاهي حواس: أنا وفاروق حسني أسعد الناس بافتتاح المتحف المصري الكبير    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    أخر ساعتك الآن 60 دقيقة.. رسميًا بدء العمل بالتوقيت الشتوي في مصر 2025    بعد تأخير الساعة 60 دقيقة.. مواعيد الصلاة في التوقيت الشتوي 2025 بمصر (تفاصيل)    مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي    إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مهيبة.. تجسد روح مصر الخالدة في افتتاح المتحف المصري الكبير    محافظ المنيا يفتتح ميدان النيل بعد تطويره| صور    نصائح لتجهيز الجسم للحمل بعد سن الخامسة والثلاثين    إدارة ترامب تخفض عدد اللاجئين الذين يُسمح لهم بالدخول سنويا للولايات المتحدة    على طريقة نفرتيتي.. طلاب القليوبية يحتفلون ب المتحف المصري الكبير    بتوجيهات شيخ الأزهر..انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة «الإمام الطيب» للقرآن الكريم للطلاب الوافدين    روبيو: مستعدون لتقديم مساعدات للشعب الكوبي بعد الدمار الذي أحدثه إعصار ميليسا    حصاد الرياضة المصرية اليوم الخميس 30-10-2025    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    جيش الاحتلال يتسلم جثمانى أسيرين عبر الصليب الأحمر فى غزة    رئيس جهاز حماية المنافسة يجتمع مع رؤساء أجهزة المنافسة الأفريقية    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    تفاصيل تصميم الدعوات الخاصة باحتفالية المتحف المصرى الكبير.. صور    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الزراعى فى البحيرة    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    رئيس جامعة سوهاج يلتقي طلابه ذوي الإعاقة ويشاركهم وجبة الغذاء    منتخب التايكوندو يحقق المركز الخامس في بطولة العالم بالصين    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    شوبير يكشف آخر تطورات حالة إمام عاشور ومشاركته في السوبر المحلي    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    ضبط 100533 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    «روزاليوسف».. مائة عام ضد التطرف    روزاليوسف تكتب ل"السادات" وثيقة ثورة التصحيح    دبلوماسية الصحافة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة اشتباه
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 06 - 2011

المقهى الشعبى العتيق الذى كان يطيب لى الجلوس فيه للكتابة والقراءة والتأمل فى نوعيات يصعب حصرها من بشر يعيشون فى القاع السحيق حياة دون مرتبة الإنسانية يقع فى حى قايتباى المتاخم لحى الدراسة والمختلط بمقابر المجاورين، فى مواجهة جامع السلطان قايتباى المرسوم على الجنيه المصرى الورقى المأسوف على شبابه، صاحب المقهى إبراهيم الغول -عليه رحمة الله- كان يحب القراءة ويعرف معنى أن يكون المرء كاتبا ولهذا قامت بيننا صداقة متينة، فخصص لى ترابيزة فى ركن منعزل، بلمبة نيون أسطوانية مثبتة فى الحائط على يسارى، وصنايعية المقهى كلهم يأتون كأنهم موظفون فى معيتى، يمنعون عنى أى فضولى يقترب من الترابيزة الخاصة بى حتى فى الأوقات التى أغيب فيها عن المقهى، لدرجة أننى أحيانا كنت أترك أوراقى مفرودة على الترابيزة وبجوارها المحبرة والأقلام وحقيبتى الهاندباج وأذهب إلى مشوار بعيد قد يؤخرنى طويلا فأخرج منه إلى بيتى ثم أعود إلى المقهى عصر اليوم التالى فأجد كل شىء على ما تركته دون أن يمسه أحد. وإضافة إلى الكرسى الذى أجلس عليه ثمة كرسى واحد مضموم على الترابيزة من الجانب المقابل، ظهره للخارج ومقعدته داخلة تحت الترابيزة ذلك هو الكرسى الذى سيجلس عليه صديقى عم أحمد السماك بعد أن ينتهى من بيع سمكه فى سوق مزلقان منشية ناصر الذى هو شيخه - حيث يعود إلى بيته القريب فيستحم ويرتدى ثياب العمدة ثم يأتى للمقهى ليجلس معى من الرابعة مساء إلى منتصف الليل يجهز النارجيلة، وحين أزهق من العمل يتوهج هو فيروح يحكى مئات الحكايات عما حدث له اليوم فى سوق العبور عند التسوق بعد الفجر مباشرة وفى سوق المنشية حيث يبيع وأحيانا أقرأ عليه صفحات مما كنت أقرأ، فيشعر بسعادة فائقة لأننى أطلعته على هذه المعانى والأفكار، وأشعر بسعادة لأنه استوعب ما استمع إليه بصورة فطرية لا تبعد فى فهمها كثيرا عن المداليل المقصودة برغم عتاقة اللغة أحيانا والسياقات الفكرية المركبة المعقدة أحيانا أخرى.
وذات يوم فوجئت بأفندى مهيب ضخم الجسد متين البنيان يدخل فى غفلة من الصنايعية، متخذا طريقه نحوى مباشرة حتى ظننت لأول وهلة أنه مبعوث يريدنى شخصيا مع ذلك لم أهتم إلا أنه فى لمح البصر قد سحب الكرسى من تحت ترابيزتى ثم عدله جاعلا ظهره للحائط ووجهه لفضاء المقهى، ثم جلس واضعا ساقا على ساق ثم صفق فى طلب الجرسون شعبان القرد كان هو جرسون وردية المساء فى ذلك اليوم هو أسود نحيل البدن إلى القصر أميل، لكنه حكيم شديد التحديث سرعان ما أصابه الحرج والارتباك لأنه جاء بعد فوات الأوان بنظرة تحتية فاحصة قيم الرجل، البدلة ثمينة مستوردة، القميص فخم بأزرار ذهبية، رباط العنق حرير لامع، الحذاء طليانى لامع لا يلبسه إلا علية القوم، وإذن فالرجل مهم جدا، فلعله من الحكام ولابد من التعامل معه بحذر، طلب الرجل واحد شاى فإذا فى صوته تطحيت بلدى مضى شعبان وفى نيته أن يهمله بقدر ما يستطيع إلى أن تنكشف هويته أما أنا فقد داريت غضبى بالاندماج فى الكتابة فلاحظت أن الرجل قد عوج رقبته وراح بنظرات جانبية يحدق فيما أكتب فاعترانى التوتر، فتوقفت وشيعت له نظرة تأنيب حادة فعدل رأسه وراح يجأر فى طلب الشاى. لكنه بعد برهة عوج رأسه ثانية وجعل يحدق بفضول فى حركة القلم على الورق فتوقفت،سلقته بنظرة أكثر حدة فعدل رأسه وظهر عليه الحرج بصورة أخجلتنى سيما أنه طلب الشاى بنبرة استجداء بائسة ولكن إن هى إلا برهة حتى عوج رأسه ناحيتى وجعل يحدق فيما أكتب، فمن غضبى رميت القلم، وأمسكت بأوراقى فى عصبية وقدمتها له فى لهجة تهكمية: اتفضل اقرأ براحتك شوف أنا بأكتب إيه!!.. فإذا بوجه طفل فى الخمسين من عمره يواجهنى بنظرة منكسرة وابتسامة بلهاء قائلا فى أسف وحيرة: ياريت يابيه المصيبة إنى مابعرفش استقرأ، منه لله اللى منعنى عن المدرسة - عندئذ كأننى فى طائرة هبطت على الأرض مرة واحدة حيث فط قلبى فى حلقى، ووجدتنى أصيح فى غضب: فين الشاى بتاع الراجل ياشعبان!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.