قضية تجديد الخطاب الدينى، شغلت بال وفكر العديد من الباحثين والمفكرين، فكثرت الأبحاث وتعدد المؤلفات، التى كان آخرها ما قدمه الدكتور أحمد عرفات القاضى، وعلى حد قوله فإن أهمية هذه القضية ترجع إلى أن هذا الخطاب به الكثير من الالتباس، ويكتنفه غموض خرج به عن الصواب. وحدث هذا من قبل فريق استغل قضية التجديد كوسيلة للعبث بأصول الإسلام، وفى المقابل ظهر فريق آخر اعتبر قضية التجديد مروق من الدين يجب مقاومتها والتصدى لها، ولهذا تناول الدكتور أحمد عرفات القاضى هذه القضية فى كتابه "تجديد الخطاب الدينى", والذى حاول عبر فصوله المختلفة تناول قضية الخطاب الدينى من خلال معالجة المشكلات التى طرحت فى هذا السياق بطريقة متزنة. الكتاب مقسم إلى ثلاثة أقسام الأول يعالج فيه قضية "التجديد" من خلال مجموعة عناصر تشكل مجمل الإشكاليات المطروحة والأطر النظرية للقضية التى تضم "طبيعة النظرية، معنى التجديد، المصطلحات المستخدمة فى هذا المجال". كما تناول منهج التجديد وعلاقته بالاجتهاد، وأهم التحديات التى تواجهه، "وهل قضية التجديد مجرد رد فعل لأحداث خارجية أم أنها مطلب ذاتى نشأ نتيجة لإلحاح الواقع الإسلامى وقضايا المجتمع الإسلامى، وعلاقة التجديد بالآخر". وتناول القسم الثانى مجموعة من القضايا المتصلة بالخطاب الدينى كقضايا تطبيقية تمثل مشكلات حقيقية مثل قضية الحرية الدينية والفكرية وحرية المرأة وقضايا حقوق الإنسان وموقف الفكر الإسلامى منها، وكيفية تناولها فى سياق التحديات المعاصرة التى تواجهه، وكيف يتعامل الإعلام مع هذه القضايا بما يناسب الثقافة الإسلامية، كما تناول كيفية اهتمام الفكر الإسلامى بالإنسان من خلال احترام عقله وإرادته, وكيف أعلى الإسلام من شأن العقل كملكة ونعمة من الله ميز بها الإنسان عن سائر الكائنات، كما تناول قضية النهضة الحديثة عند محمود محمد شاكر الذى تصدى لمحاولات التغريب وطمس أصول الثقافة الإسلامية. وتناول كذلك فكر الإمام محمد عبده وملامح مدرسته, ومكانة العقل البشرى فيها وكيف قدمه على النص، كما تعرض لقضايا التأويل، الحرية الإنسانية والسياسية، العدل، حرية المرأة فى هذه المدرسة. وفى نهاية هذا القسم تعرض عرفات إلى قضية الدعوة الإسلامية فى الغرب وأهم التحديات التى تواجه القائمين عليها، ودور الجاليات الإسلامية فى الغرب، مؤكداً على ضرورة تطور مفهوم الخطاب الدينى ليتناسب مع تلك البيئات والمجتمعات، وإعداد الداعية بصورة تتناسب مع الدور الملقى على عاتقه. وجاء القسم الثالث بعنوان "الخطاب المعاصر وحوار الحضارات"، تحدث فيه عرفات عن الخطاب الدينى وعلاقته بحوار الحضارات والتنوير من خلال توضيح مفهوم صراع الحضارات وطبيعته وخلفيته التاريخية ودور العولمة فى هذا الصراع، كما شرح مفهوم الحوار فى الإسلام وطبيعته والمعوقات التى يواجهها، فى نهاية القسم تناول دور المفكر الكبير عبد الرحمن بدوى فى الخطاب الدينى المعاصر وكيف ساهم فى تكوين الفكر والثقافة الإسلامية ومفهوم الفلسفة الإسلامية فى منهجه. يذكر أن الكتاب يقع فى 320 صفحة وصادر عن مكتبة مدبولى.