"هأنتم أولاء يا كلاب قد انحدر بكم الحال حتى صرتم تأكلون الكلاب! لقد أنذرتكم ألف مرة .. حكيت لكم نظريات مالتوس وجمال حمدان ونبوءات أورويل وه .ج. ويلز، لكنكم فى كل مرة تنتشون بالحشيش والخمر الرخيصة وتنامون"، بهذه الفقرة يصدر الكاتب أحمد خالد توفيق روايته "يوتوبيا" التى صدرت فى أول هذا العام ومنذ صدورها وهى كثيراً ما تأتى ضمن قوائم الأكثر مبيعاً لدى المكتبات المختلفة. الرواية تصف مصر سنة 2023 مما يكسبها الشكل الخيالى أو الفنتازى مثل كل أعمال الكاتب التى كانت تصدر عن الدار المصرية الحديثة، وبنفس الطريقة يصف تحول مصر إلى طبقتين، الأولى ثرية بطريقة فاحشة تعيش فى مدينة محصنة يقوم على خدمتها وحمايتها جنود المارينز وهذه المدينة بالطبع على الساحل، أما الطبقة الثانية فتعيش فى ظروف اجتماعية بائسة أفرادها يتقاتلون على رغيف العيش ولا يجدون عمل، وإن وجدوا فبأجور تشبه أجور السخرة، وتأتى أحداث الرواية من خلال قصة شاب غنى من "يوتوبيا" يريد أن يتغلب على ملل الحياة، على حساب إنسان فقير يسكن أحد الأحياء الشعبية، الذى يتسلون به ثم يقتلونه فى النهاية، محتفظين بجزء من جسده للذكرى. التقارير العلمية والصحفية عن جرائم العنف، وطرق تفكير الشباب واهتماماتهم هى ما يستخدمه توفيق كثيراً فى متن روايته، كما يذكر بعض أشعار عبد الرحمن الأبنودى السياسية والوطنية، فى إشارة مباشرة إلى أن ما يحدث فى الرواية ليس بغريب ولا متخيل، مخالفاً ما ذكره فى البداية. ولأن الرواية تدور أحداثها فى عام 2023، يتخيل الكاتب بعض المستجدات المتوقع حدوثها مثل افتتاح إسرائيل لقناة ملاحية تنافس قناة السويس، وكذلك نضوب البترول من الخليج وطرد العمالة المصرية منها، كما يصف الأوضاع الحضارية فى مصر بطريقة بشعة، فشبكات المحمول لا يتبقى منها إلا بعض الإعلانات القديمة، والكهرباء منقطعة، والناس جوعى دائماً لا يجدون ما يأكلونه، فيضطرون لاصطياد الكلاب الضالة التى سرعان ما تنفد.