لفت انتباهى هذا الصباح استطلاع رأى على موقع اليوم السابع حول مستقبل العلاقات المصرية الأفريقية، وحسب نتيجة هذا الاستفتاء توقع 85.43% من المشاركين فى الاستطلاع نجاح التوجه المصرى الجديد نحو أفريقيا فى استعادة الدور المصرى الغائب عن القارة، بعد التوجه الجديد للسياسة المصرية وفى ضوء وزيارة رئيس الوزراء عصام شرف لأثيوبيا وأوغندا، بينما رأى 12.99% عكس ذلك. وأتوقف أمام عدد من النقاط الهمة فى هذا الاستطلاع أولها بالطبع هذا الاهتمام الشعبى والإعلامى المصرى بدور مصر وعودتها إلى القارة الأفريقية، وربما هذا أول استطلاع من نوعه على صحيفة أو موقع إلكترونى مصرى يسأل القراء فى قضية تخص العلاقات المصرية الأفريقية، وهو توجه إيجابى يحتاج إلى البناء عليه واستغلال حالة الزخم المصرية تجاه أفريقيا لبناء سياسية حقيقية تجاه القارة السمراء. الثانى أن الرأى العام فى مصر لا يزال يبنى توجهاته، على مجرد أحداث عابرة، وليس عبر سياسات حقيقية، فاستعادة عافية العلاقات المصرية الأفريقية، لا يكفيها زيارة رئيس وزراء مصر لدولتين من دول منابع النيل، وإنما تحتاج إلى سياسة متكاملة تقوم على تعظيم المصالح المشتركة بين مصر والقارة السمراء، وليس مجرد تصريحات أو زيارات وإن كنت لا أقلل من شانها على أية حال. رؤية مصر لأفريقيا تحتاج إلى الكثير، بعد أن فقدت مصر العديد من مواطئ أقدامها فى القارة السمراء، وأوراق القوة والنفوذ، إذ تعد أفريقيا حكرا على الأفارقة فقط، بل صارت ساحة لصراع المصالح الدولية، حيث تنشط فيها الولاياتالمتحدة وأوروبا والصين والهند وإيران وإسرائيل، مما يعنى انه على مخطط السياسة الخارجية المصرية وهو ينظر إلى أفريقيا أن يضع فى حسبانه تمركز هذه القوى الإقليمية والدولية فى القارة السمراء، وكيف تغلغلت سياسيا واقتصاديا بشكل كبير. هناك أيضا دول افريقية أخرى تمددت مساحة فعلها السياسى فى القارة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا، وليبيا التى سينحسر دورها الأفريقى بفعل الحرب الأهلية التى تعيشها، لكن على صانع القرار فى مصر الانتباه جيدا إلى أن جنوب القارة فيه دولة ذات ثقل وتأثير سياسى كبير وهى جنوب أفريقيا، وفى وسطها تقوم نيجيريا بهذا الدور، ما يعنى أن عودة مصر لا يجب أن تكون بالصدام مع هذه القوى الأفريقية وإنما بالتوازى معها. ولم تعد مصر قوة اقتصادية كبيرة، ولا هى دولة غنية بمعنى أنها لا يمكنها استعادة القارة عبر تقديم مساعدات اقتصادية، لكنها تستطيع ذلك عبر قوتها الناعمة، وأتصور أن البداية يجب أن تكون بالتعليم والصحة، بمعنى التوسع فى إنشاء المدار والمراكز الصحية المصرية فى مختلف بلدان القارة فى نفس الوقت الذى يجب على مصر التوسع فى استضافة أعداد كبيرة من الطلاب الأفارقة للدراسة فى الجامعات المصرية وفى الأزهر. وبالتوازى مع ذلك يجب أن تكون مصر حاضرة بشكل دائم فى المنازعات الأفريقية، وفى بعثات السلام، وفى زيارات الوفود لحل المشاكل، والأهم أن تتولد قناعة لدى المصريين كافة بأن قوة مصر ومقدار تأثيرها الإقليمى والدولى ينبع من ثقلها فى أفريقيا وقدرتها على التأثير فيها، وهو ما افتقدناه منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات.