أكدت الباحثة اللبنانية منيرة مصباح أستاذ اللغة العربية فى جامعة شيكاغو، أن شهرزاد صانعة الأحداث فى ألف ليلة وليلة، أنقذت نفسها وبنات جنسها بخصوبتها فى الحكى، وخصوبتها فى الإنجاب. وأضافت مصباح، خلال الجلسة الأخيرة لمؤتمر التراث العربى بين الحفاط عليه والعبث به والذى عقد منذ الثلاثاء الماضى بالمجلس الأعلى للثقافة، أن اعتماد شهرزاد على الحكاية، وإنجابها ثلاثا ذكور، جعلها تنجح فى إنقاذ شهريار مما هو فيه، مؤكدة على أن شهرزاد كانت مثالا للمرأة المتمردة والمثيرة، التى تفضح وتعرى بنات جنسها، وتصف أدق خصوصياتهن، فى علاقتهن مع الرجل، وكانت ذكية، فى تعاملها مع شهريار فخلبت لبه وسحرته وظلت مثالاً للمعرفة والذكاء. وأكدت مصباح على أن شهرزاد، لم تنعم بليلة عطلة واحدة، منذ أن بدأت الكلام المباح، مشيرة إلى أن الصلة بين الرواية والقصة وبين الإنجاب، لا تقتصر على تزامنهما وحدوثهما فى وقت واحد، حيث كانت تقايض أيام عمرها، بثمن حكاياتها، وكانت يجب أن تنجب حتى تتمكن من العتق من الموت، مشيرة إلى أن خصوبة شهرزاد فى الإنجاب، أنقذها مثلما أنقذتها خصوبة الحكايات. وقالت مصباح: حاولت شهرزاد فى الليالى أن تهز ذكورية المجتمع، وكان غايتها الإفلات من سطوة الأفعال التى تقودها لدائرة التهميش، لتعلم شهريار أن المعرفة، هو الكفيل الوحيد لفهم الآخر، وبالمعرفة ينتظم السلوك، وتضبط الانفعالات، واستطاعت أن تنسى الملك مهمة القتل، بعدة قوى، أبرزهما قوة خصوبة الإنجاب، وقوة الحكى والقصص والخيال، فتحول الملك من قاتل، لزوج عاشق ومحب لأسرته. وأشارت مصباح إلى أن شهريار، أكد لها أنه قد عفى عنها من القتل، قبل إنجابها لأولادها، لما رأى عفاف نفسها، وطهرها. وأكدت الباحثة فى أطلس المأثورات الشعبية عواطف سيد أحمد، على أن هناك جذورا للفكر النسوى، فى ألف ليلة وليلة، وهو ما يعكسه تشبث شهرزاد، بالزواج من شهريار، حيث رأت فى نفسها قدرة على شفاء هذا الزوج، وهو ما يعكس خطابا نفسيا للفكر النسوى، حيث تكرس شهرزاد لفكرها الإصلاح التنويرى، من خلال الحكى، حيث تقوم بعمل تنشئة سليمة حديثة له من جديد، مؤكدة على أن شهرزاد، فجرت قضية الأنثى، فى مجتمع لم يلتفت إلى حاجاتها النفسية، مشيرة إلى أن شيوع المشهد الجنسى فى ألف ليلة وليلة، كان موظفا ليستنكر المجتمع الذكورى الذى يهين المرأة. وقالت عواطف سيد أحمد: الكل التفت إلى صورة المرأة فى ألف ليلة وليلة، لكن لم يلتفت لمشهد الرجل، الذى يظهر فى شكل ملك جائر، والرجل زوجا، الذى أحيانا يقدم امرأته على طبق من فضة للعشيق، حينما يتحدث الرجل لزوجته، عن جمال صديقه، فتقع زوجته فى حب الصديق، ومن فرط حب الرجل لزوجته، يتغاضى عن خيانتها. وأضافت: ألف ليلة تعرض لمآساة مجتمع ذكورى، يعلى من قيمة الرجل، والمرأة ليس لها أى شىء، ونحن ميراث لهذا الموروث الذكورى الذى كرس للتفاسير المصطنعة للكتب السماوية.