أكد الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، أن مصر تزخر بشواهد التنوع الإثني والثقافي الذي يتمتع به عالمنا العربي، وأنها كانت ومازالت نقطة التقاء وحوار بين المشروق والمغرب، وتدرك أن التتنوع الثقافي أحد مصادر القوة الناعمة التي يتمتع بها المجتمع، خاصة في عمقه التاريخي، الذي رغم كل التحديات لا يزال حريصًا على تسامحه. و اشار بيان صادر من مكتبة الاسكندرية اليوم ان ذلك جاء في الكلمة التي وجهها إلى مؤتمر "التنوع الإثني والثقافي بالوطن العربي، في مستقبل الأمة ومنزلتها الإنسانية"، وألقاها بالنيابة عنه الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية. ويقام المؤتر علي مدار يومين بمقر الألكسو بتونس، وينظمه مركز جامعة الدول العربية بتونس بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية.
و افتتح المؤتمر كل من الدكتور محمد زين العابدين؛ وزير الشئون الثقافية بالحكومة التونسية، والدكتور عبد اللطيف عبيد؛ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس مركز تونس، والدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، واستاذ الفلسفة التونسي الدكتور فتحي التركي.
وقال الدكتور مصطفى الفقي في الكلمة التي وجهها للمؤتمر إن مدينة الإسكندرية تعكس قوة وثراء وغنى التراث الإثني والثقافي العربي، حيث تحتضن 15 ألف تونسيًا، وهي المدينة التي استقبلت ابن خلدون والعديد من علماء الزيتونة، ونرى فيها عائلات السوسي والصفاقسي والزيتوني.
ولفت إلى أن مصر تعيد اكتشاف التراث الإثني والبحث في الموروث الثقافي في إعادة بناء رؤى للمستقبل العربي، وأن مكتبة الإسكندرية تنفذ مشروعات رقمية تحفظ شواهد التنوع القافي العربي ومنها مشروع "ذاكرة الوطن العربي" والذي سيتم إطلاقه العام المقبل.
من جانبه، تقدم الدكتور عبد اللطيف عبيد بالشكر إلى وزير الشئون الثقافية بالحكومة التونسية لرعاية المؤتمر، ومنظمة الألكسو لاستضافتها للمؤتمر. وتقدم بالشكر إلى مكتبة الإسكندرية لما أبدته من حماس واستعداد للتعاون مع مركز جامعة الدول العربية بتونس، لافتُا إلى أن المكتبة نظمت في سبتمر الماضي مؤتمر "العلاقات بين المشرق والمغرب العربيين، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً"، والذي حظى باهتمام كبير في الأوساط الثقافية وتغطية إعلامية هائلة، وقدم فيه 23 باحثًا ومؤرخًا أوراق علمية سوف تصدر قريبا في كتاب. وأشار إلى أن هذا الؤتمر ينطلق من إدراك أهمية الحفاظ على التنوع في العالم العربي الذي يعد أساس ثراء الثقافة العربية، مؤكدًا أن التعايش طالما كان السمة الغالبة على التنوع في الأعراق والثقافات والأديان الذي لا يخلو منه وطننا.
وأكد عبيد على أهمية السعي لتحقييق التقارب والانسجام بين الثقافات مع احترام الآخر وثقافته والاطلاع عليها والتعريف بها، وأن الواجب الوطني والعربي يقتضي الحرص على التنوع الثقافي واحترامه ورعايته.
وفي كلمته، تحدث الدكتور محمد زين العابدين؛ وزير الشئون الثقافية بالحكومة التونسية، على دور السياسات الثقافية العربية في حماية الثقافات بتنوعها وثرائها، ودور التشريع في الاعتراف بالحقوق واحترام الثقافات دون تغافل أو تهميش.
ولفت في كلمته أيضًا إلى أهمية انسجام التنوع الثقافي العربي في السياقات الدولية، ومواجهة الأحادية التي تسود العالم المعولم، وذلك بالالتقاء حول سياسات عربية تحفظ الذاكرة والتاريخ العربي.
من جانبه شدد الدكتور فتحي التركي علي أهمية التأكيد علي جملة من الفاهيم الأساسية هي التنوع، والتعددية، وقبول الآخر، مؤكدًا على رفض العولمة التي تلغي الخصوصية، وتؤكد علي الواحدية الثقافية، داعيًا إلى التأكيد على التعددية الثقافية، والتخلص من ثقافة النقل، والانتقال إلى عقلية الابداع، مما يجعل للمكون العربي تأثيره في الثراء الثقافي على الصعيد العالمي.
من ناحية أخرى ينظم مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية يوم الخميس الموافق 29 نوفمبر 2018 في تمام الساعة الثانية ظهرًا بقاعة الأوديتوريوم، محاضرة بعنوان "أثر الوقف على التعليم في مدينة الإسكندرية في العصر العثماني"، ويلقيها الدكتور أيمن أحمد محمود، أستاذ مساعد التاريخ الحديث بكلية الآداب؛ جامعة السويس، وكبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، ويعقِّب على المحاضرة الأستاذة الدكتورة ميرفت أسعد عطا الله، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، ووكيل كلية التربية؛ جامعة الإسكندرية. وتأتي هذه المحاضرة في إطار الموسم الثقافي الأول للمركز تحت عنوان "الإسكندرية مركز ثقافي لنشر العلم والحضارة في مصر وحوض البحر المتوسط عبر العصور"، وسوف تكون آخر محاضرات الموسم الثقافي الأول.
تحاول هذه المحاضرة دراسة دور الوقف في تدعيم المؤسسات العلمية في مدينة الإسكندرية في العصر العثماني؛ باعتبار أن مدينة الإسكندرية من أهم المدن المصرية التي شهدت نشاطًا علميًّا ودينيًّا، وكان للوقف دورًا بارزًا في ازدهارهما إبان فترة الحكم العثماني لمصر؛ الأمر الذي جعلها تحتل المركز الثاني بعد القاهرة من حيث وجود المؤسسات العلمية، وكيف كان لموقع مدينة الإسكندرية الجغرافي دورًا هامًّا في أن تكون محطة للتجار الشوام والحجاج والتجار المغاربة، حتى أصبحت هذه المدينة ومؤسساتها العلمية من وسائل الجذب لمختلف العناصر من دول المغرب العربي للقدوم إليها والإقامة بها، وكان من بينهم عدد غير قليل من طلبة العلم والعلماء والفقهاء ومشايخ الصوفية المغاربة الذين أدى احتكاكهم العلمي بسكان المدينة إلى أن يحظى العلم والعلماء بمكانة مرموقة في قلوب سكانها.