رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    بلاغ ضد عضو مجلس نقابة الأطباء بتهمة "إثارة الفزع" والنيابة تُخلي سبيله.. القصة كاملة    أسعار الفراخ اليوم قلبت الموازين بانخفاض غير متوقع    تراجع أسعار الذهب بسبب ارتفاع الدولار | سعر الصاغة تحديث لحظي    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 29-5-2025 فى البنوك الرئيسية    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    سجل هنا.. أهداف ومزايا مبادرة الرواد الرقميون    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    وفاة شخصين في اقتحام مستودع للأمم المتحدة بقطاع غزة    تفاقم المجاعة في غزة بسبب إغلاق المعابر ومنع المساعدات    رئيس الوزراء اللبناني: الحكومة حققت 80% من أهدافها بنزع سلاح الفصائل    كندا: إجلاء 17 ألف شخص من مقاطعة مانيتوبا جراء حرائق الغابات    نموذج استرشادى لامتحان مادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الإعدادى    وزير العمل يوجه بسرعة متابعة عمالة غير منتظمة ضحايا انقلاب سيارة بالمنوفية    رئيس بعثة الحج: وصول آخر حجاج القرعة إلى المدينة المنورة    صحة غزة: 37 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    كسوة الكعبة المشرفة.. خيوط من ذهب تُنسَج في قلب مكة المكرمة    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    إخلاء مركز السكر لنقل خدمات التأمين الصحي في دمياط    وزير الصحة يعلن اعتماد قرار دولي تاريخي لدعم أصحاب الأمراض النادرة.. تفاصيل    مصرع شاب فى مشاجرة بالبلينا جنوب سوهاج    مؤتمر صحفي للسياحة والآثار اليوم للإعلان عن تفاصيل معرض "كنوز الفراعنة" في إيطاليا    لمعلمي الأزهر، دليلك للوصول إلى لجان امتحانات الثانوية الأزهرية باستخدام ال "QR"    بناء على توجيهات الرئيس السيسي| مدبولي يكشف عن تعديلات قانون الإيجار القديم    المولدات تنقذ مرضى مستشفى قويسنا بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة    مائل للحرارة.. حالة الطقس في شمال سيناء اليوم الخميس 29 مايو 2025    بعد توجيه شيخ الأزهر.. صرف إعانة إضافية بجانب منحة عيد الأضحى اليوم    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب إيران    وزارة الخارجية الأمريكية: نعمل على إلغاء تأشيرات لطلاب صينيين    للعام الرابع على التوالي.. «مستقبل وطن» المنيا يكرم أوائل الطلبة بديرمواس| صور    إيلون ماسك يُعلن مغادرة إدارة ترامب: شكرا على منحي الفرصة    مثال حي على ما أقول    بعد فقدان اللقب.. ماذا قدم بيراميدز في الدوري المصري 2024-2025؟    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    مقتل سيدة على يد زوجها بالشرقية بعد طعنها ب 21 طعنة    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة والنيابات    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    إمام عاشور يوجه رسالة عاجلة إلى حسام وإبراهيم حسن بعد التتويج بالدوري    الشركة المنتجة لفيلم "أحمد وأحمد" تصدم الجمهور السعودي    هجوم على حسن الرداد بعد إعلان الإنجاب للمرة الثانية من إيمي سمير غانم، والسر في "فادي وفادية"    الزمالك يعلن إيقاف القيد مجددا بسبب الفلسطيني ياسر حمد    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    الشرطة الإسرائيلية تعتقل عشرات المتظاهرين الذين اقتحموا مقر الليكود في تل أبيب    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    3 فترات.. فيفا يعلن إيقاف قيد الزمالك مجددا    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    النحاس: أتمنى الاستمرار مع الأهلي بأي دور.. وطلبت من وسام إعادة نسخته الأوروبية    المحكمة الرياضية الدولية توضح ليلا كورة الموقف الحالي لشكوى بيراميدز بشأن القمة    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    أحمد سعد يزيل التاتو: ابتديت رحلة وشايف إن ده أحسن القرارات اللى أخدتها    «زي النهارده».. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة 28 مايو 2010    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا وجمال مبارك.. المرّة دى مسموح النشر؟!
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 04 - 2011

قبل أكثر من عام، كتبت مقالاً، اخترت له عنوان.. "أنا.. وجمال مبارك"، ولأنه كان يحمل مقارنة بين العبد لله، الموقّع أعلاه، وبين ابن الرئيس إيّاه، فقد رفضت بعض الصحف المصرية حتى المعارضة منها أو تلك التى تدّعى الثورية التى أرسلته إليها نشره، بل لم يكلّف أحد من مسؤولى صفحات الرأى فيها الردّ على، أو الاعتذار على أقل تقدير، أو إفهامى سبباً معقولاً للمنع، اللهمّ إلا اثنان من الزملاء المحترمين، أحدهما أرسل لى جملة مقتضبة تقول :"مقال جميل يا أستاذ.. لكن إذا كنت مستغنى عن نفسك، فأنا لست على استعداد لمواجهة المتاعب" بينما اكتفى الآخر بعبارة ساخرة:"غير صالح للنشر.. وافهمها لوحدك"!.
ولأنى "فهمتها لوحدى" فقد سكتّ، لولا أن مقالاً.. نشره الصديق والزميل، محمود نفادى، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصرية، بعنوان "أنا ومبارك وسنوات الخدمة" قد "قلّب المواجع" وأعادنى للوراء، رغم أن الظروف اختلفت، ورغم أنى أعرف أن المقال لو أرسلته لأى مكان فسينشر فى الحال، ولن يجد منعاً أو حرجاً.. فطبيعة المرحلة الآن، باتت هى الهجوم على كل شىء، والتنصّل من كل شىء!
ورغم أن المقال، لم يكن فيه ما يسىء لابن الرئيس المخلوع، ولكن كان فقط، يقارن بين "السيّد" جمال مبارك كما كان يلقّبه الإعلام الذى أفرط فى الحديث عن حقه فى الترشح لرئاسة الدولة وتم تعديل الدستور وتفصيله "علشان خاطر عيونه" باعتباره "مواطن مصرى" وتحتل صورته الصفحة الأولى فى كل الجرائد "عمّال على بطّال" بمناسبة وبدون مناسبة، وتجعل من تصريحاته "مارشات عسكرية.. وقرآن" على رأى الممثل سعيد صالح، رغم أن لا منصب رسمى له فى الدولة، سوى أنه أمين لجنة السياسات فى حزب الرئيس، بينما أنا، نفس المواطن المصرى وغيرى كثيرون فيهم بالتأكيد من هو أفضل مغلوب على أمرى، ومكتوب على أن أكون لا شىء أبداً، طالما لم أعرف سوى "سكة اللى يروح ما يرجعش"، فالمشهد السياسى لا يسمح إلا بصورة واحدة تعلق على الحائط، وصورة أخرى يجّملونها، ويضعون لها كل أدوات الماكياج، ويضخون فيها ما ينفخها لتطير هى الأخرى، إلى المنصب الموعود.
منصبٌ موعودٌ، رأته يوماً قارئة الفنجان، فجعلت من كفّه مفتاحاً لكل الطرق المسدودة، فى البنوك، ومؤسسات الدولة، والوزارات، والأراضى والخصخصة، والتجارة فى كل شيء، وهيّأت لها من مشاريع الألف قرية، تذكرة مفتوحة لكل حلقات "الزار" التى يشطح عليها كل مجاذيب النخبة الحاكمة فجأة، لتعاير من خلالها الشعب المغلوب على أمره وتجتذب البسطاء ب"عفاريت" التنمية، وخاتم سليمان الذى بدعكة واحدة فقط، سيجعل سكان القرى لا يشربون من ماء الترعة، ويمنح المصريين فكره الجديد، دون أن ينطق أحد، أو يجرأ حتى على الانتقاد أو سؤال الفرعون الصغير نفس السؤال الذى سأله يوماً، الفنان سعيد صالح فى إحدى مسرحياته: "أنت ابن مين مصر" ونكتشف أن العملية كلها، كما قال نفس الممثل :"استك منّه فيه"!
منصبٌ موعودٌ، فيما الملايين يجلسون على قرعات الطريق، أو فى المقاهى والشوارع التى أصبحت ملاذاً لخير شباب مصر، فيما سيئو الحظ هم من ألقوا بأنفسهم فى البحر، فى رحلة اللا عودة، أما المحظوظون وحدهم وأنا منهم مثل ذلك الذى جاء من أقصى الغربة "رجلٌ يسعى" كان مكتوباً عليه ولسنوات طويلة، أن يتم احتجاز جواز سفره فى المطار، فى كل مرّة ينزل فيها أجازة لفترة من الزمن، قبل أن يتم رمى الجواز إليه بطريقة مهينة مثله مثل غالبية من البسطاء، المرتحلين، أو الهاربين فى كل منافى الدنيا، ممّن ليس لهم "ظهر" أو "كوسة" ثم السماح له بالمغادرة، حتى دون أن يقول له أحد، كلمة اعتذار واحدة، أو يقدم له مبرراً عن كل هذا الفحص، والتأخير، سوى نظرة تحمل فى طياتها كلمات سعادة البيه الذى يقف هناك وراء الحاجز الزجاجى :"ما تبقاش تعملها تانى".
طيلة سنوات، لم أعرف ماذا يقصد بهذه التى لا "أعملها تانى" راجعت شريط حياتى، فوجدت أنه فى طفولتى لم يكن هناك "بامبرز" ولا غيره، وضحكت بشدة، عندما تذكرت إحدى نسوة قريتى البسيطة، التى تعجبت جداً، من هذا الاختراع الجديد، الذى يلبسه ابنى حازم وهو طفل صغير، ونرميه بعد ساعات، فاقترحت ببراءة أن يتم غسله وإعادة استخدامه مرة أخرى، واتهمتنى بالبطر، وصرف الفلوس على حتة "ش........."، ثم تساءلت: هو انت ناسى اتربيتوا ازاى؟ فلزمت الصمت، لأنى لم أنس.!
تذكرت كيف كنت حريصاً جداً، وأتحسس "بنطلونى" جيداً، قبل السفر وبعده، صحيحٌ أنى كبرت، إلا أنى بعد فترة، فهمت، عندما حكيت لأحد أصدقائي، فقال ساخراً ما لا داعى لذكره.
تذكرت كيف كنت طيلة حياتى فرداً من الجالية المصرية الشقيقة، كما قال يوماً صديقنا وزميلنا نصر القفاص، مساعد رئيس تحرير الأهرام، سواء داخل البلد، أو خارجها، لم أعرف ما الذى يتوجّب على عدم فعله، خاصة بعد أن ركبت أول طائرة، لأول بلد "عربى شقيق"، فقد ظللت فى كل مرّة حائراً، ليس الأمر مجرد اشتباه فى الأسماء، ولكن لأن مقالاً كُتب قبل ربع قرن، ولحسن الحظ، كان يحمل اسمى، وصفت فيه الرئيس المخلوع، بأنه مثل الماء "لا لون، ولا طعم ولا رائحة" ولأننى قلت إن الرجل "ليس ناصرياً ولا ساداتياً ولا حتى مباركياً".. رغم كل كلمات الإشادة برئيس لم يمض أكثر من 4 سنوات فى سدّة الحكم، إلا أن هاتين الجملتين فقط سبّبتا لى من المتاعب، ما ظهر منها وما بطن.
أحمد الله، أننى فى النهاية أنا المواطن المصرى، البسيط والعادى جداً، الذى صمد وبقى على قدميه طيلة سنوات القمع والتنكيل والاشتباه، بالضبط مثلما صمد شرفاء التحرير بصدورهم العارية، فيما المواطن الآخر، السيد "جيمى" عادَ لما يجب أن يكون، وخسر آخر أحلامه فى الزعامة، والرئاسة، وتسبب مع شلته الفاسدة، فى إسقاط أبيه بالضربة القاضية، وبات مع أسرته كلها ممنوعين من السفر.
أحمد الله، أنه وبعد كل سنوات الغربة الطويلة فى بلاد الله التى وسعتنى كما وسعت ملايين المصريين، لست متهماً فى تزوير، أو سلب، أو لطش، أو المشاركة فى استعباد شعب بأكمله، أو تسليط مجموعة ذئاب مسعورة على بقية خلق الله.
أحمد الله، أنه الآن، يمكننى العودة إلى مصر، دون خوف، ودون أن أكون مطلوباً، ودون أن أمنع من السفر، أو يتم الحجز على ما تبقى من ملاليم، بعد أن لطشت نصّابة محترفة أغلب ثروتى، فى شقّة بأوراق مضروبة، وأثق أنه سيتم القبض عليها وتنفيذ القانون فيها بعد أن غاب طويلاً طويلاً.
أحمد الله كثيراً.. وفى نفس الوقت أشكر الرئيس المخلوع لأنه فجّر فيها كل هذه الثورة الجميلة.. وكما قال أحد الكتاب، فإننا مدينون، ل"جيمى" وأحمد عزّ، وفتحى سرور، بكل ما تحقّق، لولا عبقريتهم ما تحققت ثورة 25 يناير، ولولا استفزازاتهم، ما تحرّك الشعب المصرى، ولولا جرائمهم، ما جاء أيضاً وقت حسابهم!
عرفتوا بأة.. الفرق بينى وبين اللى ما يتسمّاش!
** كاتب مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.