بسبب سد النهضة.. عباش شراقي يكشف تطورات جديدة بشأن فيضان السودان الكبير    التنظيم والإدارة يُعلن عن مسابقة لشغل 44 وظيفة معاون طبيب بالطب الشرعي    وزير التعليم ومحافظ المنيا يتفقدان عددا من المدارس بقرية تونة الجبل بالمحافظة    ثلاثة أيام متواصلة خلال إجازة 6 أكتوبر 2025.. تعرف عليها    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع انتظام سير العملية التعليمية    وزير العمل يشهد تسليم 700 عقد عمل معظمهم ل"ذوي همم" في 26 محافظة    آخر تحديث| ارتفاع جديد في سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين    محافظ الوادي الجديد يبحث مستجدات مشروع الجذب السكاني وتوطين الأسر بأبوطرطور    وزير التموين: علامة تجارية حديثة للمنافذ يحافظ على الدور الاجتماعي    شعبة النقل الدولي: الشركات الوطنية المصرية تنتهى من أعمال البنية التحتية لمحطة سفاجا 2 متعددة الأغراض    وزير الإسكان: جارٍ تنفيذ موقف إقليمي جديد للسيارات.. ومحطة صرف صحي بحدائق العاصمة    وزير الدفاع يلتقي نظيره الصومالي لبحث أوجه التعاون العسكري| فيديو    الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يرحبان بمبادرة «ترامب» لوقف الحرب على غزة    لجنة في البرلمان الإيراني تضع الصيغة النهائية لمشروع قرار بشأن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    غيابات الأهلي والزمالك عن لقاء القمة    قائمة الممنوعات الجماهيرية في قمة الأهلي والزمالك.. وتحذيرات أمنية مشددة    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    القبض على شبكة لأعمال التسول برفقتهم 22 طفلا بالقاهرة والجيزة    محافظ بورسعيد يترأس الاجتماع التنسيقي الأول لمشروع مواجهة الأزمات والطوارئ    مرشح يوزع كراسات مدرسية تحمل صورته على التلاميذ.. وتعليم المنوفية تحيل مديرة المدرسة للتحقيق    «قبة الغوري» تحتضن العرض الإيطالي «حدود» ضمن فعاليات مهرجان إيزيس لمسرح المرأة (صور)    مديرية أمن البحرالأحمر تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى والمصابين    الرعاية الصحية تدشن أول وحدة متكاملة للتخاطب والتأهيل النفسي والتكامل الحسي بجنوب سيناء    وزارة الصحة تنظم فعالية بمناسبة اليوم العالمي للسعار ضمن نهج "الصحة الواحدة"    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    وزيرة التضامن: إطلاق فصل جديد في علاقة الدولة بالمجتمع الأهلي والقطاع الخاص لتعزيز العمل التنموي    ضبط شخص يدير نادي صحي دون ترخيص للأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد مدارس دسوق ويشرح نظام البكالوريا للطالبات    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    وزير الثقافة يترأس الوفد المصري في اجتماعات اليونسكو بإسبانيا    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    بعد مناشدات لوزير الثقافة.. وفاة أحمد الضوي مصمم قصص الأنبياء    باسكال مشعلاني تتحدث عن أغنية "اتهرينا" وتكشف أغانيها المقبلة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    تكريم أكثر من 300 حافظ للقرآن في ختام النشاط الصيفي بمسجد جنة الفردوس بالشروق    موعد مباراة الدحيل ضد الأهلي السعودي اليوم والقنوات الناقلة    ألونسو: الهزيمة أمام أتلتيكو إنذار حقيقي لريال مدريد    مسئولون بالاتحاد الأوروبي يعربون عن ارتياحهم لنتيجة انتخابات مولدوفا    أبرزهم القهوة والكاكاو.. 7 مشروبات مفيدة للقلب في يومه العالمي    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    معسكر الزمالك للقمة.. جلسات مكثفة للجهاز الفني مع اللاعبين    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 29-9-2025 بأسواق مطروح    الأهلى والزمالك.. كتب تحدثت عن قطبى الكرة المصرية    مصرع شخص وفقدان 12 آخرين جراء الإعصار بوالوى فى فيتنام    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكشف عن جوائز دورته السادسة    الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليات نوعية على أهداف للاحتلال    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    التحفظ على سائق قطار البضائع ومساعده بسبب خروج العربات ب بني سويف (صور)    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    في الذكرى ال55 لرحيله.. مؤلفات جمال عبد الناصر بين الأدب والسياسة    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائد من دارفور (4-4)
نشر في اليوم السابع يوم 01 - 09 - 2008

رغبتى فى صعود جبل "مرة"، أحد أهم معجزات الطبيعة فى إقليم دارفور بغرب السودان، تحطمت على صخرة الرفض القاطع من الجهات الحكومية، وبعض قادة القبائل لإتمام هذه الزيارة، سبب الرفض أن المتمردين يتشككون فى نوايا أى "عربى" قادم من الخرطوم، رغم ترحيبهم بالصحفيين الأجانب الذين نجحوا فى الوصول إلى مخابئهم المحصنة بقلب الجبل، إلا أننى كنت أطمح فى الاستماع لقادتهم، وإلى التعرُّفِ على استراتيجيتهم فى الصراع المسلح مع السلطة المركزية.
حاولت تعويض حرمانى من الصعود للجبل ومحاورة المتمردين، بلقاء بعض قادتهم فى القاهرة، حيث جمعنى حوار طويل مع الدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة، "وهى أقوى حركات التمرد وأكثرها تنظيماً وتسليحاً، كما أنها أقربها إلى الدول العربية، خصوصاً مصر وليبيا والسعودية".
فى ذلك الحوار، شرح لى خليل إبراهيم رؤيتهم للصراع الذى يركزون فيه على تقويض النظام العسكرى فى السودان، والبدء فى إجراء مصالحة تشمل جميع الأقاليم، وتقوم على مبدأ التوزيع العادل للثروة والسلطة فى عموم السودان، واعترف لى بأنه المؤلف الحقيقى للكتاب "الأسود"، الذى يعتبره المتمردون دستوراً يبرر صدامهم مع الحكومة التى حالت دون مشاركتهم فى السلطة، وحرمتهم من الاستمتاع بثروة بلادهم، كما نفى زعيمُ العدل والمساواة ما يتردد بشأن عدائه، هو وجماعته، للعرب والثقافة العربية أو سعيهم للانفصال عن السودان.
وفى بيت آمن بالخرطوم، ووسط إجراءات أمنية مشددة، جمعنى أحد الإعلاميين السودانيين، بالشيخ موسى هلال زعيم ميليشيا الجنجويد، وشيخ قبيلة "المحاميد" كبرى القبائل العربية الرعوية فى إقليم دارفور.
موسى شاب فى منتصف الأربعينيات، فارع الطول، يميل إلى السمرة، يشبه أبناء صعيد مصر فى ملامحه وشخصيته، وهو أيضاً أحد المطلوبين دوليّاً فى قضية دارفور، الشيخ هلال تربطه بالسلطة علاقة طيبة، تعرض لأكثر من محاولة اغتيال على أيدى المتمردين، كلها باءت بالفشل بسبب حراسته الشخصية، المكونة من خيرة شباب قبيلته، وحرصه الدائم على التحرك وسط موكب سيارات مصفحة، بجانب تدريبه الشخصى على استخدام جميع أنواع الأسلحة.
كنت متوتراً قلقاً قبل اللقاء، بسبب ما سمعته عن جرائم الجنجويد التى لعب بها الإعلام الغربى بطريقة مثيرة، بعيدة عن الواقع.
زعيم الجنجويد كان ودوداً فى اللقاء، وأصر على أن يتحدث باللهجة المصرية، وضحك كثيراً عندما عبرت له عن قلقى من اللقاء، بسبب ما سمعته عن جرائم أتباعه، أوضح أن تلك القصص تحوى مبالغات كبيرة من جانب الإعلام الغربى، لإلصاق أى جريمة تقع على أرض دارفور بالقبائل العربية.
بالمناسبة "الجنجويد" مصطلح يطلقه العامة على قطاع الطرق والبلطجية، وإن ظروف الجفاف وندرة الأمطار ونقص الموارد دفعت الكثير من أبناء قبائل الإقليم، إلى اللجوء إلى هذه الوسيلة بهدف توفير الطعام وتدبير متطلبات الحياة، ونفس التفسير،تقريباً، سمعته من وزير الشئون الإنسانية أحمد هارون، فى لقاء مطول بمكتبه فى الخرطوم.
الوزير هارون هو ثانى رجل تطلبه المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم حرب فى دارفور بعد القائد الجنجويدى على كوشيب.
حاصرتنى الحيرة، فيما سمعته من المتمردين الذين يبررون قرار تمردهم على السلطة المركزية، رداً على ما اعتبروه عنصرية منها فى التعامل معهم، وتعمداً فى إهمال شئونهم، وعدم الاستجابة لمطالبهم بتوفير الحياة الكريمة واللائقة لسكان الإقليم.
أما فى الخرطوم، فقد كان الموقف مختلفاً، إذا ألقى المسئولون الكرة فى ملعب المتمردين، وسألنى مسئول رفيع المستوى عما كان مطلوباً من الحكومة فى الرد على تمرد دارفور المسلح، هل كان بوسع أى حكومة عربية أو غربية أن تتفاوض مع مجموعات مسلحة تستهدف أمنها القومى!؟
وأنا فى طائرة العودة، بعد رحلة شاقة إلى أحدث الجراح العربية النازفة، تملكنى شعور باليأس مما شاهدته، وسمعته خلال تلك الرحلة، تجنّبْتُ مناقشة السبب المباشر الذى فجر أزمة دارفور؛ لأنه ، ببساطة، يرجع إلى خصام الحكومة السودانية القائمة مع الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو الأمر الذى تتساوى فيه مع أغلب أنظمة الحكم العربية.
لكن الأمر الذى ضاعف من قلقى، ذلك الإحساس بأن السودان مقبل على مرحلة جديدة من المتاعب والقلاقل، يبدأ فصلها الأول مع الانتخابات الرئاسية العام المقبل 2009، وأتوقع أن تصل إلى ذروتها فى عام 2011 "موعد الاستفتاء على انفصال الجنوب وفقاً لاتفاقية نيفاشا للسلام".
أما المدهش حقاً، فهو أن مصر فى وادٍ، والسودان ومتاعبه فى وادٍ آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.