استعدادا للعام الدراسى الجديد .. محافظ الدقهلية يجتمع مع قيادات التعليم بالمحافظة    اليورو يسجل أعلى مستوى مقابل الدولار منذ 2021    كامل الوزير: مبادرة جديدة لإعادة تشغيل 11 مصنعا متعثرا قبل نهاية الشهر    وزير المالية: إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية للحوار المجتمعي قريبًا    نتنياهو: نعمل على إجلاء سكان غزة.. ونفتح طرقا إضافية لتحقيق الهدف بشكل أسرع    بسبب "فيروس" إمام عاشور.. كشف شامل لنجوم الأهلى.. فيديو    تشكيل أرسنال الرسمي لمباراة أتلتيك بيلباو في دوري أبطال أوروبا    فيديو متداول يقود لضبط مروجى مخدرات بالهرم بحوزتهما سلاح ودراجة بدون لوحات    السياحة والآثار تكشف التفاصيل الكاملة لاختفاء أسواره من المتحف المصري بالتحرير    مراسلة القاهرة الإخبارية: انقسامات داخل إسرائيل حول الهجوم على غزة.. فيديو    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    وزير الصحة: تعزيز التعاون بين مصر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى قطاع الصحة    الرعاية الصحية: الاستعداد لإطلاق المبادرة الوطنية للسيطرة على عدوى مجرى الدم    الأهلي ينهي كافة الترتيبات اللازمة لإنعقاد الجمعية العمومية    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    ورش فنية وعروض تراثية في ختام القافلة الثقافية بقرية البصرة بالعامرية    خبراء يرجحون تثبيت أسعار الوقود في أكتوبر المقبل    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    تعرف على عقوبة إتلاف منشآت الكهرباء وفقا للقانون    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    محافظ أسوان يفاجئ أحد المخابز البلدية بكوم أمبو للتأكد من جودة الخبز    تأجيل محاكمة 111 متهما بقضية "طلائع حسم" لجلسة 25 نوفمبر    تجديد حبس المتهم بقتل زوجته بطعنات متفرقة بالشرقية 45 يوما    إصابة سيدة ونفوق 40 رأس ماشية في حريق بقنا    صور | جريمة على الطريق العام.. مقتل عامل ونجله في تجدد خصومة ثأرية بقنا    تنظيم معسكرات بالتنسيق مع الشباب والرياضة في بني سويف لترسيخ التعامل مع القضية السكانية    وزير التعليم العالي: استعداد الجامعات الأهلية للعام الدراسي الجديد ب192 برنامجًا وتوسّع في المنح الدراسية    إطلاق قافلة "زاد العزة" ال38 إلى غزة بحمولة 122 ألف سلة غذائية    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتسلمان جائزة الآغا خان العالمية للعمارة    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    اتحاد المصدرين السودانيين: قطاع التصنيع الغذائى فى السودان يواجه تحديات كبيرة    مدبولي: وعي المواطن خط الدفاع الأول.. وماضون في الخطط التنموية رغم الأزمات    ندوة توعوية حول أهداف التأمين الصحى الشامل ورعاية العمالة غير المنتظمة بالإسماعيلية    محافظ المنيا يتابع أعمال القافلة المجانية لخدمة 5 آلاف مواطن    11 طريقة لتقليل الشهية وخسارة الوزن بشكل طبيعي دون أدوية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    وزير الكهرباء: الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حقٌ أصيل لجميع الدول    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    وزير الأوقاف لمصراوي: أتأثر كثيرا ب د. علي جمعة.. والرسول قدوتي منذ الصِغر    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: القصف الإسرائيلي بالدوحة يقوض السلام الإقليمي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    تودور: إنتر أقوى من نابولي في سباق لقب الدوري الإيطالي    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    "تم عقد اجتماع مع أحدهما".. مدرب البرتغال السابق يدخل دائرة اهتمامات الأهلي مع أورس فيشر    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    أبرزها استبدل البطارية.. 8 خطوات سهلة تجعل جهاز آيفون القديم جديدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنها جمهورية مصر "الجديدة"
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 03 - 2011

لم يكن عم محمد (60 عاما) ذلك الرجل الأبكم، الذى أظهرته عدسات التليفزيون، وهو يشهر بطاقته الشخصية، سعيداً بإدلائه بصوته فى استفتاء السبت العظيم، سوى ضوء أخضر استعاد كرامته التى زيفتها "شلة الأنس" غير المباركة طيلة أكثر من ثلاثين عاماً.
عمّ محمد، الذى "نطق" بالكاد، وهو يتمتم بحروف متقطعة، مستجمعاً كلمة "مصر" التى كررها أكثر من مرّة، والفرحة تحتل وجهه، أعطى المشهد الانتخابى بريقاً، طالما حاول بلطجية نظام مبارك السابق، ورجال شرطته، وأمناء حزبه، اختطافه، ومنحوا أنفسهم بلا أى حق سلطة تزويره، ورشقه بالحجارة وبالسنج والمطاوي، ثم لا يستحى رجال من أركانه، من الخروج علينا، مهنئين بالحرية والديموقراطية.
حتى ابنى الطفل أحمد (12 عاماً) والذى أصرّ على الذهاب لمركز الاقتراع، للإدلاء بصوته، ورغم أن القانون لا يسمح، لأنه صغير السن، ولا يحمل بطاقة شخصية، إلا أنه أراد المشاركة فى العرس، وعندما منعه رئيس اللجنة، كاد يبكي، وهو يقول: "ليه تحرمونى.. مش أنا مصرى" وعبثاً تذهب محاولات إفهامه، أنه عندما يكبر يستطيع ممارسة دوره، ليتوصل إلى حل وسط مع قاضى اللجنة الرائع جداً، يستطيع أن يتفاخر من خلاله وسط أقرانه، وكان الحل، أن يغمس إصبعه فى الحبر الفوسفوري، محققاً بعض حلمه.!
ما بين عم محمد، وما بين الطفل أحمد، بدا المشهد الانتخابى المصرى، فى أروع تجلّياته، ليكون أبلغ رد، على رئيس وزراءٍ سابق، مثل السيد "رابسو" الذى قال ذات مرّة، إننا كشعب مصرى، غير مؤهلين للديموقراطية.. وغيره كثيرون، استهانوا بهذا الشعب، ومارسوا عليه كل فنون الإقصاء والاستخفاف، ولأنه لا أحد يحاسبهم أو يردعهم، فقد تمادوا، تمادوا كثيراً، وكأنه لا راد لقضائهم، ولا رادع لمخططاتهم.
لم يحاسبهم رئيس الجمهورية على خطيئتهم فى حق شعب يفترض أنه يحكمه، ولم يعقب عليهم أى من كتبة النظام الذين فقط سبّحوا للحزب الواحد، وللفرعون الأخير، وصفقوا ل"الننوس" وهللوا لمشاهد الاغتصاب العلنية فى حق وطن، وفى حق شعب.
الطوابير الطويلة التى وقفت أمام مراكز الاقتراع، يوم السبت الماضي، رسمت صورة مصر التى نريدها، ونحبّها بكل أحلامها، وحنّائها، بكل ألوان طيفها، وأصباغ شعرها، لا تلك الصورة القاتمة التى أرادتها عصابة "على بابا" وسَعَتْ لتدجينها لتكون فى حظيرة الرئيس، وحرم الرئيس، وابن الرئيس، ومن حول الرئيس.. حتى ظنوا أنها باتت فى أيديهم ولن تفلت أبداً.
أحدهم سألنى على الفيس بوك: "هل تؤيد حق مبارك وأسرته فى التصويت بالاستفتاء؟" ورغم أننى من أنصار قول التصويت ب"لا" إلا أننى رحبت جداً بأن يخرج الرئيس السابق وزوجته، وابناه، لا ليصوتوا فقط، ولكن ليروا مصر أخرى، بعد أن تحررت من عهدهم، مصر التى اختصرتها العصابة فى مدرسة مصر الجديدة الثانوية للبنات، والتى كانت مقراً مضحكاً لديموقراطيتهم السخيفة، كما أرادتها نماذج شيطانية، للأسف لا تزال حرة وطليقة، حتى ولو لزمت بيوتها.
كنت أتمنى أن يرى مبارك، عم محمد، ويسمعه، حتى ولو لم يفهم منه شيئاً، فبطاقته المصرية، وحروفه المتآكلة، تجاوزت كل حصص التعبير، التى فرضتها طويلاً الصحف القومية، بأحبارها السوداء، وأخبارها السوداء، وضمائرها السوداء.
كنت أتمنى، أن يرى جمال مبارك، وشلة الخراب، الطفل أحمد، وهو يبكى لأنه يريد أن يكون مصريا، ويزهو حتى ببقعة الحبر الفسفورى على إصبعه، منتشلاً وطنيته، ومصريته، وضميره الذى سيبقى حياً له، ولكل أجياله المستقبلة.
كنت أتمنى، أن يعرف أحمد عز، وزكريا عزمي، وفتحى سرور، وحبيب العادلي، أزهار مصر الجديدة، وهى تتفتّح على أرض مصر، كما تفتّحت من قبل ورود مصر، بدمائها وأرواحها، وكتبت باستشهادها فى ميدان التحرير، وفى كل الميادين المصرية، أروع قصص النضال السلمى الوطني، دون تزوير، أو تلطيخ ضمير.
لا يهم من قال لا..
لا يهم من قال نعم..
المهم أن الملايين التى خرجت إلى صناديق الاقتراع، لم تكن تبحث عن رشوة، كما فعل سادة الحزب الوثني، فى كل تجاربهم المريرة..
لم يبحث هؤلاء، عمّا يلوث ضميرهم، ب"فرخة" أو "كيلو لحمة".. كما كان يروج شياطين الحزب ومرشحوه، فى أبشع عملية إذلال لكرامة المواطن الفقير، التى اشتراها هؤلاء، بأموالهم!
لم يبحث هؤلاء الذين أدلوا بأصواتهم، إلا عن أنفسهم، وكينونتهم، وبلدهم، التى تاجرت بها أسوأ حثالة على مر التاريخ.
خرج المصريون، لأنهم ولأول مرة، وجدوا أنفسهم، بالضبط، كما قالت تلك الفتاة المصرية، نوّارة نجم، على الهواء يوم السقوط العظيم:"خلاص.. ما بقاش فى خوف تانى"..
تلك إذاً.. هى جمهورية مصر.. مصر الجديدة.
** كاتب صحفى مصرى والمشرف على القسم السياسى بجريدة اليوم السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.