بعد ارتفاع 115 جنيهًا في عيار 21.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأحد 25-5-2025 صباحًا؟    مطار القاهرة الدولي يدعم تجربة المسافرين ب25 جهازًا لإنهاء إجراءات السفر الذاتي بمباني الركاب    مدبولي: مصر تشهد تحولا غير مسبوق تحت قيادة الرئيس السيسي    بوتين: عقد منتدى الشراكة الروسية الأفريقية المقبل في إحدى الدول الأفريقية قبل نهاية 2025    التضامن الاجتماعي تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 1446 هجريًا ووقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك.. التفاصيل الكاملة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 25-5-2025 والقنوات الناقلة لها    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    موجة شديدة الحرارة تجتاح البلاد اليوم الأحد.. الأرصاد تحذر من نشاط الرياح المثيرة للأتربة    سهل وخرجنا من نص الوقت.. فرحة على وجوه طلاب أولى ثانوي بسوهاج عقب أداء امتحان التاريخ "فيديو"    بعد قليل.. بدء أولى جلسات محاكمة "سفاح المعمورة" أمام جنايات الإسكندرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    مقتل 3 في كييف جراء ضربات جوية روسية جديدة    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    قبل 3 أسابيع من مواجهة الأهلي .. ميسي ينقذ إنتر ميامي من الهزيمة فى الدوري الأمريكي (فيديو)    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    ليبيا..تسريب نفطي في أحد خطوط الإنتاج جنوب مدينة الزاوية    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 25 مايو 2025    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    اليوم| فصل جديد في دعوى الفنانة زينة ضد أحمد عز لزيادة نفقة توأمها    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنها جمهورية مصر "الجديدة"
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 03 - 2011

لم يكن عم محمد (60 عاما) ذلك الرجل الأبكم، الذى أظهرته عدسات التليفزيون، وهو يشهر بطاقته الشخصية، سعيداً بإدلائه بصوته فى استفتاء السبت العظيم، سوى ضوء أخضر استعاد كرامته التى زيفتها "شلة الأنس" غير المباركة طيلة أكثر من ثلاثين عاماً.
عمّ محمد، الذى "نطق" بالكاد، وهو يتمتم بحروف متقطعة، مستجمعاً كلمة "مصر" التى كررها أكثر من مرّة، والفرحة تحتل وجهه، أعطى المشهد الانتخابى بريقاً، طالما حاول بلطجية نظام مبارك السابق، ورجال شرطته، وأمناء حزبه، اختطافه، ومنحوا أنفسهم بلا أى حق سلطة تزويره، ورشقه بالحجارة وبالسنج والمطاوي، ثم لا يستحى رجال من أركانه، من الخروج علينا، مهنئين بالحرية والديموقراطية.
حتى ابنى الطفل أحمد (12 عاماً) والذى أصرّ على الذهاب لمركز الاقتراع، للإدلاء بصوته، ورغم أن القانون لا يسمح، لأنه صغير السن، ولا يحمل بطاقة شخصية، إلا أنه أراد المشاركة فى العرس، وعندما منعه رئيس اللجنة، كاد يبكي، وهو يقول: "ليه تحرمونى.. مش أنا مصرى" وعبثاً تذهب محاولات إفهامه، أنه عندما يكبر يستطيع ممارسة دوره، ليتوصل إلى حل وسط مع قاضى اللجنة الرائع جداً، يستطيع أن يتفاخر من خلاله وسط أقرانه، وكان الحل، أن يغمس إصبعه فى الحبر الفوسفوري، محققاً بعض حلمه.!
ما بين عم محمد، وما بين الطفل أحمد، بدا المشهد الانتخابى المصرى، فى أروع تجلّياته، ليكون أبلغ رد، على رئيس وزراءٍ سابق، مثل السيد "رابسو" الذى قال ذات مرّة، إننا كشعب مصرى، غير مؤهلين للديموقراطية.. وغيره كثيرون، استهانوا بهذا الشعب، ومارسوا عليه كل فنون الإقصاء والاستخفاف، ولأنه لا أحد يحاسبهم أو يردعهم، فقد تمادوا، تمادوا كثيراً، وكأنه لا راد لقضائهم، ولا رادع لمخططاتهم.
لم يحاسبهم رئيس الجمهورية على خطيئتهم فى حق شعب يفترض أنه يحكمه، ولم يعقب عليهم أى من كتبة النظام الذين فقط سبّحوا للحزب الواحد، وللفرعون الأخير، وصفقوا ل"الننوس" وهللوا لمشاهد الاغتصاب العلنية فى حق وطن، وفى حق شعب.
الطوابير الطويلة التى وقفت أمام مراكز الاقتراع، يوم السبت الماضي، رسمت صورة مصر التى نريدها، ونحبّها بكل أحلامها، وحنّائها، بكل ألوان طيفها، وأصباغ شعرها، لا تلك الصورة القاتمة التى أرادتها عصابة "على بابا" وسَعَتْ لتدجينها لتكون فى حظيرة الرئيس، وحرم الرئيس، وابن الرئيس، ومن حول الرئيس.. حتى ظنوا أنها باتت فى أيديهم ولن تفلت أبداً.
أحدهم سألنى على الفيس بوك: "هل تؤيد حق مبارك وأسرته فى التصويت بالاستفتاء؟" ورغم أننى من أنصار قول التصويت ب"لا" إلا أننى رحبت جداً بأن يخرج الرئيس السابق وزوجته، وابناه، لا ليصوتوا فقط، ولكن ليروا مصر أخرى، بعد أن تحررت من عهدهم، مصر التى اختصرتها العصابة فى مدرسة مصر الجديدة الثانوية للبنات، والتى كانت مقراً مضحكاً لديموقراطيتهم السخيفة، كما أرادتها نماذج شيطانية، للأسف لا تزال حرة وطليقة، حتى ولو لزمت بيوتها.
كنت أتمنى أن يرى مبارك، عم محمد، ويسمعه، حتى ولو لم يفهم منه شيئاً، فبطاقته المصرية، وحروفه المتآكلة، تجاوزت كل حصص التعبير، التى فرضتها طويلاً الصحف القومية، بأحبارها السوداء، وأخبارها السوداء، وضمائرها السوداء.
كنت أتمنى، أن يرى جمال مبارك، وشلة الخراب، الطفل أحمد، وهو يبكى لأنه يريد أن يكون مصريا، ويزهو حتى ببقعة الحبر الفسفورى على إصبعه، منتشلاً وطنيته، ومصريته، وضميره الذى سيبقى حياً له، ولكل أجياله المستقبلة.
كنت أتمنى، أن يعرف أحمد عز، وزكريا عزمي، وفتحى سرور، وحبيب العادلي، أزهار مصر الجديدة، وهى تتفتّح على أرض مصر، كما تفتّحت من قبل ورود مصر، بدمائها وأرواحها، وكتبت باستشهادها فى ميدان التحرير، وفى كل الميادين المصرية، أروع قصص النضال السلمى الوطني، دون تزوير، أو تلطيخ ضمير.
لا يهم من قال لا..
لا يهم من قال نعم..
المهم أن الملايين التى خرجت إلى صناديق الاقتراع، لم تكن تبحث عن رشوة، كما فعل سادة الحزب الوثني، فى كل تجاربهم المريرة..
لم يبحث هؤلاء، عمّا يلوث ضميرهم، ب"فرخة" أو "كيلو لحمة".. كما كان يروج شياطين الحزب ومرشحوه، فى أبشع عملية إذلال لكرامة المواطن الفقير، التى اشتراها هؤلاء، بأموالهم!
لم يبحث هؤلاء الذين أدلوا بأصواتهم، إلا عن أنفسهم، وكينونتهم، وبلدهم، التى تاجرت بها أسوأ حثالة على مر التاريخ.
خرج المصريون، لأنهم ولأول مرة، وجدوا أنفسهم، بالضبط، كما قالت تلك الفتاة المصرية، نوّارة نجم، على الهواء يوم السقوط العظيم:"خلاص.. ما بقاش فى خوف تانى"..
تلك إذاً.. هى جمهورية مصر.. مصر الجديدة.
** كاتب صحفى مصرى والمشرف على القسم السياسى بجريدة اليوم السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.