"اليوم السابع" داخل أول فصول للطاقة الشمسية بأسوان.. كيف هزم التعليم الفنى أسطورة الثانوية العامة.. مدير الفصول: 180 طالبا يدرسون كيفية تركيب وصيانة الخلايا الشمسية.. وأحد الطلاب: هنغير صورة التعليم الفنى بمصر

لم تكن محطة الطاقة الشمسية هى الإنجاز الوحيد الذى تشهده محافظة أسوان، فافتتاح أول فصول دراسية لتعليم الطاقة الشمسية - ويعتبر هذا التخصص الدراسى هو الأول من نوعه فى تاريخ التعليم المصرى - سابقة لربط التعليم الفنى باحتياجات سوق العمل ومشروعات الدولة، حيث اشترطت محافظة أسوان منذ انطلاق تنفيذ أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية بالمحافظة، على أن تكون العمالة فى من أبناء المحافظة، ومن أجل ذلك تم افتتاح هذه الفصول التى ضمت نحو 300 طالب وطالبة، لتخريج فنى صيانة طاقة شمسية فى قرية بنبان وقرية الرمادى بمركز إدفو.

مدير الفصول ببنبان: 180 طالبا وطالبة يدرسون فى أول فصول للطاقة الشمسية
كشف على محمود، مدير فصول الطاقة الشمسية بمدرسة بنبان الثانوية المشتركة بأسوان، عن طبيعة سير العملية التعليمية فى أول دفعة لفصول الطاقة، موضحا أن عدد الطلاب الذين تقدموا للالتحاق بالفصول كان 284 طالبا، وتم خضوعهم لاختبارات من قبل مشروع "الوايز" التابع للوكالة الأمريكية فى مصر، والذى يعتبر شريكا فى افتتاح الفصول بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، نجح من المتقدمين 203 طلاب، ونظرا لاعتذار 23 طالبا منهم عن الالتحاق فأصبح العدد النهائى 180، 96 منهم طالبات و84 منهم طلاب.

وعن طبيعة المناهج المقدمة للطلاب، أوضح مدير الفصول، ل"اليوم السابع"، أن هناك 4 تخصصات تعليمية تم وضعها من قبل مشروع "الوايز" تتعلق بالأمور الفنية فى تخصص الطاقة الشمسية لتأهيل الطلاب على تركيب وصيانة الألواح الشمسية، فضلا عن تدريس المناهج الثقافية المقررة من الوزارة، لافتا إلى أن طبيعة المناهج بهذا المجال تعتمد على 80% من المنهج العملى و20% من المناهج النظرية.

وكشف مدير الفصول عن كيفية تحويل هذا المبنى، الذى يضم 6 فصول للطاقة الشمسية فقط، بعد أن كان مأوى للطيور والحمام منذ 15 عاما، إلى ساحة لتعلم أهم التخصصات العلمية التى تربط التعليم بسوق العمل، موضحا: "الدور ده كان عبارة عن عش للطيور وكان مهجورا من 15 سنة بس احنا قدرنا نحوله لفصول تضم الطلاب، وكل ما نأمله هو التوسع فى هذه الفصول والحصول على مدرسة خاصة بنا متخصصة فى تعليم الطاقة الشمسية فقط".

مدرس كهرباء:
نظام "الجدارات" أحدث نظام تعليمى متبع فى فصول الطاقة الشمسية
وحول طبيعة النظام التعليمى المتبع فى صول الطاقة الشمسية والذى يعرف بنظام "الجدارات"، يروى هدرا إسكندر، مدرس كهرباء بفصول الطاقة، أنه قبل انطلاق مشروع الفصول تم تأهيل المدرسين المكلفين بشرح المنهج التعليمى من خلال دورات تدريبية حول تعريف نظام "الجدارات" المتبع فى مناهج هذه الفصول، والذى يعتمد على التقييم المستمر للطالب داخل الحصة المدرسية، موضحا أن هذا النظام يعتمد على التدريب العلمى على التخصص المقدم للطلاب المتعلق بكيفية التدريب على تركيب الخلايا الشمسية والسخانات الشمسية.

وأوضح "هدرا"، لليوم السابع، أن نسبة نجاح الطلاب خلال الفصل الدراسى الأول بلغت 100%، حيث تمكن الطلاب من اجتياز كل الاختبارات العلمية والنظرية بنجاح.

ومن جانبه أوضح محمد ربيع، مدرس بفصول الطاقة، أن نظام "الجدارات" هو أحد المناهج المرتبط بالتعلم النشط، وبعد تعلم تنفيذ هذا النظم داخل الفصول الدراسية يتم وضع المحتوى والذى يعتمد على الأنشطة العلمية التى تجبر الطالب على البحث خارج نطاق الفصل، وتبدأ عمليات البحث من بداية البحث فى الإنترنت وتنتهى بالبحث داخل مكاتب كليات الهندسة.

وأشار ربيع إلى أن نظام الجدارات يعتمد على التقييم القبلى والبعدى خلال شرح الدرس، ويستوجب على المدرس مراجعة الدرس مرة أخرى فى حالة عدم اجتياز الطالب الاختبار البعدى، ويظل يعيد شرحه حتى يتمكن الطالب من اجتياز الاختبار.

أول دفعة من طلاب فصول الطاقة يروون سبب التحاقهم بمجال الطاقة الشمسية
التقى "اليوم السابع" عددا من طلاب أول دفعة لتعلم صيانة محطات الطاقة الشمسية بمدرسة بنبان الثانوية المشتركة، والتى تضم نحو 180 طالبا وطالبة فى 6 فصول دراسية، تروى الطالبة "منى" عن تجربتها فى الالتحاق بأول دفعة بفصول الطاقة قائلة: "لم أتردد لحظة فى الالتحاق بالتعليم الفنى، خاصة بفصول الطاقة الشمسية برغم حصولى على مجموع يؤهلنى لدخول مرحلة الثانوية العامة، وبرغم اندهاش أسرتى من تفضيلى التعليم الفنى عن الثانوية العامة وحلم الشهادة الجامعية، إلا أننى تمكنت من إقناعهم أن التحاقى بهذا المجال سيوفر لى خبرة كبيرة للعمل فى القطاع التى طالما حلمت بها كمهندسة فى مجال الطاقة، فمن خلال هذه الفصول سيتم تأهيلى للالتحاق بكلية الهندسة، وسأكون لدى خبرة بهذا المجال أكثر من زملائى خريجى الثانوية العامة".

وحول المناهج التى يتم تدريسها فى فصول الطاقة الشمسية، ذكرت "منى": نتناول 16 مادة خلال الفصل الدراسى الواحد، نستطيع من خلالها تعلم كيفية تركيب الواح الطاقة الشمسية، والدوائر الكهربائية، وغيرها من الأمور الفنية وما يميز هذه المناهج انها تركز على الشرح العملى أكثر من النظرى".

طالبة بفصول الطاقة: توفير فرصة عمل جعلنى أفضّل التعليم الفنى عن الثانوية العامة
فى حين كان للطالبة "أشرقت" رأى آخر فى تجربة الالتحاق بفصول الطاقة قائلة: "بعدما علمت بحصولى على مجموع كبير فى مرحلة الإعدادية ترددت كثيرا فى الالتحاق بهذه الفصول، فكيف أضحى بمجموعى وبالثانوية العامة حتى التحق بالتعليم الفنى، والمدهش فى هذا الأمر هو تشجيع والدتى لى فكانت هى السبب الوحيد لإقناعى بأهمية تلك الفصول فى المستقبل وإمكانية توفير فرص عمل لنا بالقرب من قريتنا بمحافظة أسوان".

وتابعت "أشرقت": صورة التعليم الفنى فى بلدنا سيئة لكن ربط التعليم بسوق العمل والحصول على فرص توظيف حقيقة جعلنى أغير وجهة نظرى، وأصبحت أفكر خارج إطار المجتمع فى النظرة إلى طلبة التعليم الفنى"، وفيما يتعلق بأسلوب التعليم المتبع فى فصول الطاقة أوضحت: "نتبع أسلوبا تعليميا جديدا، فبعد كل درس نظرى يكون هناك نشاط يستوجب علينا إنجازه للتأكد من مدى استيعابنا للشرح، مما يمكننا من التعلم بسهولة".

لم تقتصر فصول الطاقة الشمسية على الطلاب المتفوقين الحاصلين على أعلى الدرجات بمرحلة الإعدادية، بل تضم أيضا تلك الفصول عددا من الطلاب المخترعين الذين وجدوا فى تلك الفصول فرصة عظيمة لتطوير مهاراتهم العقلية فى الابتكار فى مجال الطاقة، ويروى الطالب "حسن عبد الرازق" أو كما يلقبونه زملاؤه ب"آينشتين أسوان"، عن سبب اختياره الالتحاق بالفصول برغم حصول على أعلى الدرجات فى مرحلة الإعدادية، قائلا: "هذه الفصول تمكننى من التعلم كثيرا عن مجال الطاقة وتوليد الكهرباء وهذا يتسق مع طموحى وتجاربى فى عدد من الاختراعات فى مجال الطاقة، وأكثر ما جذبنى للتعلم داخل هذه الفصول هو افتتاح عدد من المشروعات المهمة فى مجالات الطاقة مثل مشروع الضبعة ومشروع بنبان، وغيرها من المشروعات المهمة التى تحتاج عمالة خلال السنوات الماضية".

وأوضح الطالب "حسن"، لليوم السابع،: "يا ريت نبطل نبص للحاجة من برة، معظم العلماء اللى استفدنا من علمهم زى آينشتين لم يكونوا خريجى جامعات، أهم حاجة العلم وليس الشهادات الجامعية، ويكفى أننى سأتعلم المجال الذى أريده فى مراحل عمرية مبكرة، وهذا سيعطينى القدرة على التميز به أكثر من طلاب كليات الهندسة".

فى حين يرى الطالب "حامد محمود" أن هذه الفصول ستوفر عليا المزيد من الوقت لتعلم مواد ومناهج بعيدة عن طموحى، وهو العمل فى مجال الطاقة، لذا أدركت أنها سبيلى لاختصار مزيد من الوقت فى تعلم مناهج لم أستفد منها يوما ما، موضحا أن التحاقه بأول دفعة لفصول الطاقة سيعطى له ميزة فى سوق العمل، وسيصل إلى حلم الوظيفة بصورة أسرع من الالتحاق بالجامعة.