إجلاء سكان 7 قرى، بركان إيبو الإندونيسي يثور ويطلق سحابة من الرماد    مصر ترفض مقتراح الاحتلال لإدارة غزة ما بعد الحرب    ولي العهد السعودي وسوليفان بحثا الاتفاقيات الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن وحل الدولتين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    وصول بعثة الأهلي إلى مطار القاهرة قادمة من تونس والخطيب يخطف الأضواء (فيديو)    142 ألف طالب يؤدون اليوم ثاني أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية    ضحية الهاتف المحمول، ضبط شقيقان تسببا فى مصرع شاب غرقاٌ بنهر النيل    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    اليوم، وضع حجر الأساس لمبنى هيئة قضايا الدولة الجديد في الإسماعيلية    في موسم برج الجوزاء 2024.. ماذا يخبئ مايو ويونيو 2024 لفراشة الأبراج الهوائية؟    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 3170 جنيها    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية الأحد 19 مايو 2024    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    هجمات الحوثي في البحر الأحمر.. كيف تنسف سبل السلام؟    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    ميدو يوجه نصائح للاعبي الزمالك في نهائي الكونفدرالية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق "قنا- سفاجا"    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه في هذا الموعد    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التى نريدها.. والرئيس الذى نتمناه
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 02 - 2011

◄◄الصورة الكاملة التى نريدها للوطن.. و نص الخطاب الأول الذى نريد أن نسمعه من الرئيس القادم
◄◄ مصر..
- تملك مساحة الديمقراطية كاملة وليس مجرد هامش ولا تعرف الواسطة
- لا تصنفها منظمة الشفافية فى المركز ال115 وتمر فيها الدقائق والشهور دون قضية فساد
- برلمان قوى ونواب مش بتوع قروض أو ربات منازل أدخلتهن الكوتة إرضاء للسيدة التى كانت أولى
◄◄ الرئيس..
- نريده بلا ابن تزوره فكرة التوريث فى الحلم ولا يقول لأحد «إنت متعرفش أنا ابن مين»
- قادرعلى تنفيذ ما يعد به ولا يحتضن رؤساء وزراء إسرائيل.. كفاية أوى يسلم باليد
- قادر على استيعاب درس 25 يناير ويوقن أن الكلمة الأولى فى هذا البلد للشعب

كان صباح الثانى عشر من فبراير مختلفاً عن كل صباح.. نور شمسه غير، ونسمات الهواء التى تتطاير فى الجو غير، والابتسامات التى تعلو الوجوه غير، وزحمة المرور الصباحية خانقة ولكنها لا تدفعك للغضب، والناس فى الشوارع لا تتفادى النظر فى ملامح بعضها، بل كل واحد فينا يبحث عن ابتسامة على وجه الآخر لكى يقول له مبروك.. ألف مبروك.
كان صباحاً مختلفاً.. الكل كتب هكذا على صفحات موقع «الفيس بوك» شريك ثورتنا وراعيها الرسمى، والأغلبية تبادلوا رسائل تحمل هذا المعنى، وأنا ضبطت نفسى متلبساً بتوجيه النصح لأحدهم وهو يلقى بعلبة عصير فى عرض الشارع بعد أن كنت أخشى هذا الفعل تحسباً لأى مصادمات، أو لأى رد فعل ينتمى لفئة «وانت مال أهلك ياكابتن».
فى ليل 25 يناير، ومع الجموع التى فرقتها قنابل وزارة الداخلية المسيلة للدموع، ومحاولات تجميع الشتات المتفرق فى الشوارع الجانبية، والإصرار على هتاف الشعب يريد إسقاط النظام، والدعوة لجمعة الغضب- ولدت تلك البشرى.. بشرى مصر التى نريدها ونحلم بها، وعلى مدار 18 يوما قاتل جيل كامل طالما وصفوه بالشباب التافه والضائع من أجل تحويل تلك البشرى إلى واقع.
حدث التحول فى السادسة من مساء الحادى عشر من فبراير، أعلن مبارك تنحيه ليعلن بذلك انتصار الشعب، وهزيمة النظام الذى طغى وتجبر لمدة 30 سنة، وتحصل مصر على أول ثورة شعبية حقيقية فى تاريخها، بل على أكثر الثورات شبابا فى تاريخ العالم.
تحولت البشرى إلى نصر واحتفلنا فى ميدان التحرير وامتلأت الشوارع المصرية بالفرحة.. فرحة الانتصار، وفى صباح اليوم التالى وضعنا شعار الثورة جانباً، ورفعا شعاراً آخر يقول «نحن نبنى مصر». فى صباح الثانى عشر من فبراير ظهرت أولى بشائر مصر التى نريدها ونحلم بها، ظهرت فى شكل استخدام مصطلح الرئيس السابق أو المخلوع لأول مرة، وفى هؤلاء الشباب المسؤول الذى مسح وكنس أرض التحرير ونظفها أفضل مما كانت تفعل شركات النظافة الأجنبية التى تعاقدت معها الحكومات الفاسدة من قبل.
مصر التى نريدها والرئيس الذى نتمناه.. هذا ما كنا نبحث عنه فى الأيام الثمانية عشر التى مرت علينا منذ 25 يناير، كنا نبحث عن مصر نملكها نحن أبناء الشعب وليس رجال السلطة والمال، عن مصر نسير فى شوارعها دون أن يظهر ضابط ليلقى علينا مما لديه من رخامة وتسلط بدعم قانون الطوارئ، عن مصر لا تعرف الواسطة ولا الرشوة ولا ينتحر شبابها خشية الفقر والضياع، أو لأن أحدهم استبعدوه من الوظيفة لأن والده بواب، عن مصر لا تعرف آلاف الأسر النائمة بدون عشاء، وآلاف الشباب بلا عمل، وآلاف البنات بلا زواج.
كنا نبحث عن مصر لا تعرف أقسام الشرطة فيها طعم التعذيب، أو إهانة الكرامة، عن مصر لا يفتح فيها الموظفون الأدراج إلا للاحتفاظ بالمستندات الرسمية، ولا يعرف فيها جيب أمين الشرطة أو يده طعم العشرين جنيها المكرمشة، ولا يعرف فيها الطلبة والتلاميذ معنى التعليم الفاسد، ولا يسقط فيها الأطفال والشباب ضحية إعلام مضلل ومرتبك.
نحن نريد مصر مدنية، تملك دفتر الديمقراطية كاملاً، وليس مجرد هامش كما كان يسمح لها النظام السابق، نريد أن تمر السنوات الخمس تلو الأخرى، ونحن نرى وجوها أخرى تتصدر صفحات الصحف الأولى بدلاً من وجه واحد ظل يطاردنا لمدة 30 عاماً، ونريد مسؤولين يعرفون أن منصة القضاء ستكون فى انتظار كل فاسد فيهم، ونريد انتخابات نزيهة وصناديق شفافة بجد مش مجرد زجاج، ونريد برلمانا قويا ونوابا محترمين مش بتوع قروض أو هاربين من التجنيد، أو ربات منزل أدخلتهن الكوتة للمجلس إرضاء للسيدة التى كانت أولى.
نحن نريد مصر بها أحزاب قوية، وليس مجرد أكشاك تبيع الوهم، ويعمل رؤساؤها عند أجهزة الأمن، نريد أحزابا تنافس على السلطة وليس مجرد مقار خاوية تصدر جرائد وصحفا للابتزاز، نريد أحزابا قادرة على استيعاب الشباب وخلق جيل من القيادات القادرة على إدارة شؤون الوطن، ومواجهة من يرى فى نفسه القدرة على سرقة الوطن.
مصر بلا فساد وميادين بلا صور للرئيس
نحن نريد مصر لا تصنفها منظمة الشفافية الدولية فى المركز ال115 من بين 180 دولة فقط، نريد مصر تمر فيها الدقائق والساعات والأيام والشهور دون قضية فساد، وليست مصر التى كانت كل دقيقة فيها شاهدة على ميلاد قضية فساد جديدة، نريد مصر قادرة على منع رجال السلطة والمال من سرقة أراضيها سواء بالتخصيص أو المزادات المشبوهة، نريد مصر قادرة على توفير الرعاية الصحية لمواطنيها بدلا من مصر مبارك التى كانت تنفق على الرعاية الصحية 1% من الناتج القومى فى الوقت الذى كانت فيه دول العالم الصغيرة تنفق ما يزيد على 7%، نريد مصر بلا فواكه أو خضروات ترويها مياه الصرف الصحى، وبلا طعام مسرطن.
نحن نريد مصر بدون ابن رئيس يمكن أن تزوره فكرة التوريث فى الحلم، نريد مصر لا يقول أحد فيها للآخر «إنت متعرفش أنا ابن مين»، نريد مصر تكون الشرطة فيها فى خدمة الشعب بجد، ويكون الإعلام فيها وسيلة تنوير لا تضليل، ونريد شوارع بلا هبوطات أرضية، وانتخابات بلا وعود لا تتحقق.
نحن نريد مصر ديمقراطية، أرضاً لحرية الرأى والتعبير، تحتضن أبناءها ولا تأكلهم، تتزين ميادينها بالزهور لا بصور الرئيس، يولد الطفل فيها وهو يعرف شكل مستقبله ويطمئن لما هو قادم عليه من سنوات.
هذه هى مصر التى نريدها أما الرئيس الذى نتمناه.. فلا شىء سوى أن يكون رجلا قادرا على الاستيعاب، حتى يكون أدرك ماحدث فى 25 يناير واستوعب الدرس جيداً، وأيقن أن الكلمة الأولى فى هذه البلد للشعب وليس للجالس على كرسى السلطة، لا نريد أيمن نور ولا محمد البرادعى ولا أياً من هؤلاء الذين قفزوا فوق موجة الثورة بعدما ظلوا سنوات صامتين بحجة أن قطة السلطة ستأكل ألسنتهم إن ظهرت للاعتراض، لا نريد واحداً من هؤلاء الأفاقين الذين تذكروا فجأة أن لمصر رئيساً فاسداً بعد سنوات عاشوا فيها نعم القرب والتكريم من قبل هذا النظام دون أن يرفضوا أو يعتذروا.
نتمناه رئيساً مدنياً سار فى شوارع هذا البلد، وأكل من عربيات الفول، وركب الأتوبيسات، يعشق الخدمة والتكليف لا المواكب والحفلات، نتمناه رئيساً يرفض نفاق أهل الطرب حينما يغنون باسمه، ويجعل الغناء للوطن وليس لاسمه.
نتمناه رئيسا رجلا قادرا على تنفيذ ما يعد به، وقادرا على أن يحلم، وينشر أحلامه بين صفوف الجماهير، نتمناه رئيساً لا يسير فى الشوارع بمواكب الخوف، ولا يحتضن رؤساء وزراء إسرائيل حينما يقابلهم، كفاية أوى يسلم عليهم باليد، ولا يسامح أبداً إن وجّه أحدهم فى الخارج إهانة لمصر أو لأى مصرى.
نتمناه رئيساً يظهر لنا فى المرة الأولى وهو يلقى علينا خطاباً قد يكون نصه كالتالى:
(بسم الله.. باسم الوطن.. باسم الشعب.. باسم إرادتكم القوية، وباسم تاريخ مصر العظيم أبدأ معكم عهد خدمتكم بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والسلام على مصر حاضراً ومستقبلاً وإلى يوم الدين.
أبناء مصر، إنه لشرف عظيم أن أقف أمامكم خادماً لأبناء هذا الشعب، ولهذا الوطن العريق، داعياً الله أن يسدد خطاى ويوفقنا جميعاً إلى ما فيه مصلحة وطننا الغالى مصر.
أبناء مصر لقد مضى عهداً بحلوه ومره، وها نحن نبدأ معاً مسيرة جديدة خالصة لوجه هذا الوطن لا غش فيها ولا تزييف، لا خوف فيها ولا تكميم أفواه، ها نحن نبدأ معاً عهداً جديداً، وكلنا ندرك أننا لهذا الوطن خدم مخلصون.
أبناء مصر أنا أكره الظلم ولا أقبل أن يُظلم أحد، والذى يخطئ أو يهمل فيجب أن يقال له أولا إنه أخطأ وأهمل ثم يبعد بعد ذلك حتى لا يحس أن ظلما وقع عليه، أو أنه لم تعط له الفرصة ليدافع عن نفسه منذ أن بدأت عملى، ومنذ أن أصبحت مسؤولا عن أول موقع خدمت فيه، وأنا أتبع هذا الأسلوب فى علاقات العمل لا أستمع إلى وشاية ولا أحكم قبل أن أعرف الحقيقة كاملة، ولا أستبعد شخصا إلا إذا سمعت دفاعه عن نفسه أولا، لقد التزمت بهذا الأسلوب حتى يومنا هذا ولن أغيره أبداً، فلا شىء يؤلم النفس أكثر من الظلم.
أبناء مصر لابد أن نطبق القوانين بحذافيرها، ولن نتهاون مع أى مخطئ، ولن نتسامح مع أى ضرب من ضروب التسيب والانحراف، ولن ندع أى متاجر بقوت الشعب يفلت من الملاحقة والعقاب، ولن يكون للمحسوبية أى مكان، وقد أكدت فى حديثى مع الوزراء والمحافظين أن المواطنين أمام القانون سواء، فلا قريب ولا صديق يمكن أن تشفع له قرابته أو صداقته لأى شخص أن يتجاوز القانون، وكل من يمارس أى نوع من أنواع المحسوبية سيحاسب حساباً شديداً، سيطبق القانون بغير تمييز، وستتم مكافحة ظواهر الرشوة وفساد الجهاز الحكومى، ونحن لا نخاف من أحد وليتأكد كل المواطنين أن سياستنا المحددة والقاطعة هى أن كل المواطنين أمام القانون سواء.
رئيس يحاسب الجميع ويسمع للجميع
لقد تعودت طوال حياتى أن أكون على صلة بالشعب سواء من أعرفهم أو لا أعرفهم، وإذا ما طلب أى شخص مقابلتى ليشكو من شىء أو ليقول شيئا، فإننى أنصت إليه، هذا هو ما تعودته منذ وقت طويل، وإذا ما أصغيت إلى مستشارى فأنا أتقبل أى نقد ولا أثور أو أغضب أبدا لأى نقد، لأننى إذا ما لم أستمع للنقد من المستشارين فإننى سأسمعه من مكان آخر، ربما من وسائل الإعلام الأجنبية، ولذلك أفضل الاستماع لكل نوع من النقد من جانب أى فرد هنا، ومعرفة ما إذا كان صحيحاً أم خاطئاً، وأيضا معرفة ما إذا كنت أنا على صواب أم خطأ لتصحيح أسلوبى.
أبناء مصر إخوانى وأهلى.. أعلنها بوضوح: لن تكون هناك مداراة على أى لون من ألوان الانحراف مهما كان بسيطاً، لأن الأمور تتفاقم بالمداراة أو السكوت، وسنسائل كل من يخطئ فى حق بلاده مهما كان موقعه. من ناحيتى فإننى أقول أيضاً بكل الوضوح: لا ينبغى لأحد أن يأخذ أكثر مما يستحق، لأنه إذا كان أخذ كل حقه وفى حدود ما زاده سوف يسلم الوطن من أمراض عديدة، أهمها النفاق. من ناحيتى أقول أيضاً: لن أقبل الوساطة، وسوف أطاردها فى كل موقع، لأن الوساطة إهدار لتكافؤ الفرص الذى ينبغى أن نلزم أنفسنا به كمبدأ أصيل.
إننا ندرس الآن إمكانية أن نزيد من الدور الرقابى لمجلس الشعب، وأن تكون هناك لجان مساءلة وتحقيق وتقص للوقائع حتى يتوازن عمل المجلس كجهاز رقابة مع عمله كجهاز تشريع باسم الشعب، كما أن هناك أفكاراً أخرى عديدة نبحثها، ولكن عملنا كله سوف يكون فى إطار من احترام الدستور والقانون، سوف نفعل كل ما نستطيع حتى نزيد من فاعلية مؤسساتنا، ولن نأخذ أحدا بالشبهات، وإنما بالحق وحده، لقد تكلمت مع المحافظين فى هذا المجال، سوف يكون لكل محافظ سلطاته واختصاصاته الكاملة التى تمكنه من مواجهة التسيب والانحراف فى نطاق محافظته.
إخوانى فى الوطن، قد لا يعرف الكثيرون أننى لا أحب المناصب الكبيرة، فمن رأيى أن المنصب الكبير يعنى المسؤولية الكبيرة، وأنا رجل أتحمل المسؤولية كاملة، ولا أتخلى عنها أو أتركها لغيرى، عندما أتولى مهمة ما فإننى أعيشها بكل تفاصيلها وبكل دقائقها، ولا أشغل نفسى بشىء سواها، ليس هذا فقط بل إننى لا أحب التنقل بين المواقع والمناصب المتعددة، ولا أحب أن أنقل اليوم إلى مكان ثم أتركه غدا إلى مكان آخر، وأنا بطبعى أكره استغلال علاقات النسب.
قريب لى أنا كان يدرس فى الكلية، وأشهد أن قريبى هذا لم يكن يسمح له بالخروج من الكلية فى الإجازات، فقد كنت أتعمد أن أحرمه من الإجازة وأبقيه محبوساً فى الكلية عند ارتكابه أبسط خطأ، حتى أجعل منه عبرة لغيره، فلا شىء يثير غضبى أكثر من محاولة البعض استغلال علاقة النسب أو القرب بمسؤول للحصول على ما لا حق له فيه.
أبناء مصر، الواقع أن حالة الطوارئ كان الهدف منها هو تحقيق أمن المواطنين وأمن البلد، ولن نستخدم هذا القانون إطلاقا لأهداف سياسية أو لأى أهداف أخرى، لقد كان إعلان حالة الطوارئ ضرورة لتحقيق الاستقرار ومواجهة الشغب والإرهاب، ولن نتهاون أبداً فى تطبيق القانون، ونحن لا نريد تطبيق قانون الطوارئ، فنحن نريد أن تعود الحياة الطبيعية، ونبدأ فى معالجة المشكلات التى أمامنا من خلال الحوار مع أحزابنا السياسية.
هكذا كنت وسأظل دائما.. إننى أقبل العمل مع أى إنسان ولا أختار من يعاوننى نتيجة لرأى شخصى، وإنما استنادا لما يمكن أن يقدمه ويعمله، فالعمل يأتى فى الدرجة الأولى كشرط لمن يساعدنى ويتعاون معى، والذى يؤدى واجباته بإخلاص ذاتى أرحب به دائماً، أما الذى لا يعمل أو يهمل فلا مكان له جانبى أبداً.
إخوانى أنا لست من هؤلاء الذين ينشدون الرفاهية، ولا من هؤلاء الذين يحبونها، وحتى من قبل أن أكون نائبا لرئيس الجمهورية كان تحت يدى وفى نطاق تصرفاتى حسابات بالملايين، حسابات ما كان أحد يمكن أن يعرف عنها شيئا، وطوال حياتى وحتى من قبل أن أدخل العمل العام لم أكره شيئا قدر الذين يمدون أيديهم إلى مال الغير، وقدر المنافقين الذين يزينون طريق الخطأ للآخرين، ماذا يعنى أن يكون لدىّ مليون جنيه أو أكثر أو أقل بينما يفتقد الضمير الصدق مع الله والصدق مع الوطن والصدق مع النفس، أى إضافة يمكن أن تضيفها إلىّ هذه الملايين؟ لن أرتدى غير ما أستهلكه اليوم، ولن يكون لى غير بيتى وأولادى وحياتى الخاصة التى أحب أن تكون دائما ملكا لى، لا ملك الآخرين.
رئيس لا يحب القصور ولا يعشق السلطة
هل أبنى قصراً؟ لست من هواة القصور، أقول لك صدقاً: ربما كان الأكثر راحة لنفسى أن تكون حياتى الخاصة مثلما كانت، حتى قبل أن أكون نائباً للزعيم الراحل، كنت أود أن أبقى فى نفس المسكن، وفى نطاق حياتى السابقة، وعندما انتقلت إلى قصر العروبة لم أطق أن أعيش فيه 3 أشهر متصلة، بالبلدى كان العصبى يركبنى فى هذا القصر حتى رحلت عنه إلى مسكنى هذا، مع أن القصر لم يكن أكثر من 3 حجرات للنوم فى طابقه العلوى، أما طابقه الأرضى فقد كان يضم الصالون وحجرة المعيشة وحجرة المكتب وحجرة مائدة كبيرة لم أدخلها، لم آكل فيها سوى مرة واحدة عندما دعوت نائباً لرئيس إحدى الدول على مائدة عشاء، ومع ذلك كله فإننى أكرر مرة أخرى أننى لن أرحم أحداً يمد يده حتى ولو كان أقرب الأقرباء إلى نفسى، لأن مصر ليست ضيعة لحاكمها، كنت أنا هذا الحاكم أو كان غيرى، مصر ملك للذين يعرقون من أبنائها، للذين يعملون بأمانة وشرف وحسن سريرة، هؤلاء تواقون إلى أن يروا القائمين على أمرها أطهار المسلك أطهار اليد، مرة أخرى لن أرحم أحداً، وليس هناك ما يدفعنى إلى أى تهاون فى هذا المجال.
والله الموفق والمستعان.. والسلام عليكم وعلى مصر وطناً يعيش فينا ونعيش فيه، سعياً خلف استقراره ورخائه وتقدمه).
هذا هو نص الخطاب الأول الذى نريده من الرئيس القادم أياً كان اسمه سواء كان عمرو موسى، أو حتى أصغر شاب شارك فى ثورة 25 يناير، هذا هو الخطاب الذى نريده من الرئيس الذى نتمناه.. هل تختلف عليه؟ هل يوجد كلام أفضل من ذلك لكى يقال؟
طبعاً لا.. ولكن دعنى أصدمك وأقول لك إن هذا الخطاب وحده لا يكفى لكى نقول إن هذا هو الرئيس الذى نتمناه، فنحن نريد رئيساً يفعل ولا يكتفى بالتصاريح والوعود الوردية، دعنى أصدمك أكثر وأكثر حتى لا تتوقف يوماً عن الضغط على الرئيس الجديد إذا قرأ على مسامعك خطاباً مثل هذا لأن كلام الخطابات كثيراً ما يكون مدهونا بزبدة، دعنى أصدمك وأخبرك أن 90% من الكلام الوارد فى هذا الخطاب عبارة عن عدة تصريحات وردت على لسان الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى السنة الأولى لتعيينه رئيساً للجمهورية، نعم هكذا كان يتكلم مبارك، وهكذا كان يعد، وهكذا رحل بعد 30 سنة دون أن يحقق شيئاً صغيراً مما وعد به.
لماذا أعدت نشر الكلام ولم أكتب صيغة جديدة للخطاب الرئاسى الذى نتمناه؟.. دعنى أقول لك إن السبب فى تلك الفعلة هو الرغبة فى إيضاح الصورة التى تقول بأن صمتنا على مبارك ونظامه، وصبرنا على الوعود التى لم تنفذ وتقبلنا للمزيد من التصريحات الوردية هو الذى حوله من مجرد رئيس إلى إله يطغى ويتكبر ولا يستمع، ولهذا فليأت من يشاء رئيساً لجمهورية مصر العربية طالما نحن قد قررنا ألا نصمت، طالما نحن تعلمنا الدرس وقررنا ألا نكتفى بالتصفيق على الخطابات، فليأت من يشاء ويجلس على كرسى الرئاسة طالما أصبحنا نعرف طريق خلعه وإذلاله، إن هو فكر فى إذلالنا بدلا من خدمتنا وخدمة هذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.