الثورة العظيمة حققت لمصر كل الفخر والاعتزاز وحولت تاريخ الأمة بإصرار شبابها الباسل، لتسجل فى صفحات التاريخ الناصعة إصرار شعب مصر المخلص وعزيمته على التخلص من القهر والاستبداد لنظام فاقد العقل والمنطق، ولا يتماشى مع عصر تتجه فيه التطلعات إلى الحرية وممارسة الديمقراطية بشكل يليق بحضارة هذا الشعب العظيم. إن النظام المخلوع الذى حكم البلاد طوال ثلاثين عاماً فرض نوعاً من عدم الاستقرار الداخلى ولم يحقق العدالة الاجتماعية التى تغنى بها طوال سنوات الحكم الذى ارتسمت فيه الدولة البوليسية، وكتم الأفواه، وتضليل المواطنين وتزوير إرادتهم السياسية، فضلاً عن انتشار الفساد فى كل أرجاء المجتمع. كل هذا فجر طاقات الشباب الذى دهسته البيروقراطية تحت قدميها، ودمرت أحلامه وطموحاته، وتركته غير قادر على التنفس فى جو أفسدته فئة ضالة احتكرت لنفسها كل منافع الحياة دون غيرها. لم يتصور هذا النظام المخلوع أن هذا الشباب اليائس من هذا المناخ الفاسد سيكون القنبلة التى تنفجر فى وجهه القبيح ومنهجه الذى أقل ما يوصف به هو الغباء، غباء فى كل شىء. إن يوم الحادى عشر من فبراير يوم سجله التاريخ لأعظم ثورة مصرية نجحت بالفعل منذ يومها الأول فى الخامس والعشرين من يناير، واستمرت فى النجاح كل يوم وحققت مكاسب عديدة، إلا أن الإصرار والصمود والرغبة الحقيقية الخالصة فى القضاء على الفساد وأعوانه، أغلقت النفق المظلم على النظام لتجعله يسلم للثورة. أيها الأحباب من هذا الشعب الأبى الطاهر، إن هذه اللحظة التى تمتزج فيها الفرحة بالانتصار بالدموع على شهدائنا الأبرار الذين سالت دماؤهم الطاهرة على الأرض لتسطر لنا تاريخاً جديداً وفريداً نستطيع أن نلحق بركب الحضارة التى كنا أول من شيدها فى التاريخ. إنها البداية لصفحة جديدة نتمنى أن نسطرها بضمير خالص وبفكر ناضج وبإيمان قوى وقلب صاف لنثبت للعالم أجمع أننا قادرون على تتويج ثورتنا التى فاقت فى صمودها كل معانى الإصرار على التغير للأفضل.. عاشت مصرنا الحبيبة وسقط كل المتآمرين على شعبها.