الفضائيات وأطقمها ونشاطها المعروف وعملها المألوف ونجومها الذين صاروا كالرفوف، سيضحون كالطرابيش فى قابل الأيام، مكانها الطبيعى متحف الاتصال والتواصل ! القادم القاهر الذى لن يرحم وهو نجم النجوم ((السوشيال ميديا)) بكل تجلياته وتقنياته آت آت داهساً الكل ناثراً الرياحين والفل، حتى أن الفضائيات الواعية بات لا يغيب عنها ذلك فأمست تخصص أقساماً وميزانيات( تحت إمرة وتصرف سيدى السوشيال ميديا ) لنيل نفحاته والتمتع ببركاته ولترويج منتجاتها البرامجية غيّر مدركة أن قسم السوشيال ميديا لن يرضيه تلك المكانة ولن يعجبه هذه الحالة، ولسوف يبتلع المؤسسة بأكملها فى جوفه الضخم ومعدته الشاسعة وأحشائه الواسعة التى تزخر بالفيس بوك والتويتر والانستجرام والذهب والمرجان وكل لآلئ تقنيات التواصل الاجتماعى التى خطفت الأذهان وسيطرت على العقول والآذان واستعبدت الاهتمام والوجدان بعد أن ( استحمرت الإنسان ) بتكبيلها للخيال وقتلها لروح الفنان . يقول أساتذة الإعلام من قديم الزمان : إن الوسائط الإعلامية لا تلغى بعضها البعض، إنما تتجاور كإخوة متنافسين لكنهم متجاورون لا يموتون، فالإذاعة كوسيط لم تقض على الصحافة وكذلك التليفزيون لم يقض على الإذاعة ! لكنى أرى أن السوشيال ميديا قاض لا محالة على كل تلك الوسائط، بحيث ستنتقل إلى متاحف تحنيط الوسائط المنقرضة، حيث ستقبع الوسائل الإعلامية المندثرة تاركة الساحة والمجال لفرسان هذا الزمان الذى لن يقدر عليهم إنس ولا جان ! وسنترحم على الجرائد الورقية وأجهزة المذياع المسموعة والمرئية بأحجامها الثرية وأوزانها الغبية، كما نترحم اليوم على الطرابيش التى كان تزين رؤوس المصريين، فكانت تقيهم الحر وتتلقى عنهم ضربات الشمس والمصائب، ومن ساعة خلعنا إياها باتت المصائب والبلايا تنزل على رؤوسنا العارية مباشرةً فلا تجد ما يخففها عنا ويقلل من قوتها المباغتة غير المتوقعة، فرحم الله أيام الطرابيش والمطربشين وحفظ زره، لأن الطربوش إذا فقد زره، ضاعت قيمته وخسر مضمونه وشكله ! أحسن الله إليكم جميعاً وعظم أجركم، فسعيكم مشكور وذنبكم مغفور .