أكثر من 10 أشهر مرت على قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه، وما تبع ذلك من قرارات متوالية لرفع سعر الفائدة والتى زادات بحوالى 700 نقطة مئوية خلال تلك الفترة، مما كان يعقبه مخاوف كبيرة من أن يتأثر الاستثمار سلبا، حيث يصعب على مشروع استثمارى الاقتراض من البنوك بهذا السعر الكبير الذى يبلغ حاليا 20%، حيث رفع البنك المركزى سعر العائد (الفائدة) 3 مرات منذ نوفمبر الماضى، كان أولها قرار الزيادة المصاحب للتعويم بواقع 300 نقطة مئوية، ثم قرار زيادة 200 نقطة مئوية فى مايو، تلاه زيادة مماثلة فى الاجتماع التالى مباشرة فى يوليو الماضى، ليصل إجمالى الزيادة منذ قرار التعويم حتى الآن إلى 700 نقطة مئوية أى (7%) زيادة فى سعر الفائدة، فهل حقا تأثر الاستثمار ومعدلات الاقتراض سلبا بهذه القرارات؟ الخبراء المصرفيون رأوا أن التأثير الفعلى لرفع سعر الفائدة على الاستثمار كان أقل بكثير من المتوقع، وهو ما أكده البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزى، وتشير بيانات النشرة الشهرية للبنك المركزى الصادرة فى أغسطس الماضى أن إجمالى أرصدة الاقتراض لجهات غير حكومية ارتفعت خلال شهر يونيو 2017 مسجلة مليار و63 مليون و698 ألف جنيها، مقابل ارصدة إقراض قدرها 763 مليون و386 ألف جنيها فى يونيو 2016 أى قبل التعويم بأربعة أشهر. وبصورة أكثر تفصيلا نجد أن نصيب القطاع الصناعى من القروض ارتفع مسجلا 215 مليون جنيه فى يونيو 2017، مقابل 154 مليون جنيه قروض فى يونيو 2016، أى أن القروض الموجهة للصناعة ارتفعت بنسبة قاربت 40%، وهو ما يضحض القول بأن القروض الموجهة للاستثمارات تأثرت سلبا باالارتفاعات المتتالية لسعر الفائدة. من جانبه أكد عاكف مغربي نائب رئيس بنك مصر، أن قرارات رفع سعر الفائدة أثرت على حجم الاقتراض بشكل عام، ولكن التأثير "محدود" ولم يكن بالشكل المبالغ فيه كما كان يتوقع البعض.
وأشار مغربى فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع" أن التأثير على الاستثمار لا يقتصر فقط على أسعار الفائدة ولكنه يتعلق كذلك بالمناخ العام، مشيراً إلى أن كل المؤشرات الآن أصبحت تعطي مزيداً من التفاؤل في المستقبل القريب، فمعدلات التضخم انخفضت على أساس سنوى إلى 33.2% فى شهر أغسطس، مقابل 34% معدل التضخم السنوى أغسطس الماضى، والتضخم الشهرى انخفض إلى 1.2% بعد أن كان 1.3%.
ويضيف نائب رئيس بنك مصر أن قرارات رفع سعر الفائدة مؤقتة، وهو ما جعل البعض الآن يراهن على خفضها خاصة مع انخفاض معدل التضخم، وزيادة الاحتياطى من النقد الأجنبى، وبالتالى فمناخ الاستثمار أصبح أفضل بكثير مما كان عليه.
وكشف مغربى عن أن حجم محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية، ارتفعت إلى 180 مليون جنيه فى نهاية يونيو الماضى، مقابل 127 مليون جنيه فى يونيو 2016.
وبالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أكد مغربى أنها لم تتأثر بزيادة سعر الفائدة، وظلت تقترض بمعدلات منخفضة بوقع 5% و7% و12%، وشهدت نمواً كبيراً خلال الفترة القليلة الماضية.
محمد بدره الخبير المصرفى، قال إن رفع سعر الفائدة لم يؤثر بشكل كبير في عملية الاستثمار كما تخوف البعض، لأن الاستثمار يتأثر بالمناخ العام، وليس فقط أسعار الفائدة.
أضاف بدره أن كل الإحصائيات تشير إلى أن مصر فى الاتجاه السليم لتصحيح مسارها الأقتصادي، وأن قرار رفع الفائدة جاء فى الوقت المناسب، لمواجهة التضخم، لافتا إلى ان ما يهم المستثمرين هو مناخ الاستثمار بعد إقرار القانون الجديد.
ولجأ البنك المركزى المصرى لرفع سعر الفائدة من أجل جذب فوائض الأموال والمدخرات التى فى حوزة المواطنين، إلى الأوعية الادخارية بأنواعها المختلفة بالبنوك، مما يسهم فى تقليل حجم الكاش – النقدية – مع المواطنين وتقليل الطلب على السلع والخدمات وبالتالى انخفاض أسعارها بما يتبعه خفض مستوى التضخم، الذى يعد هدفًا أصيلًا للبنك المركزى.
وبرر المركزى اتجاهه لرفع سعر الفائدة على التوالى بسعيه إلى التخفيف من الآثار الجانبية الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء وارتفاع ضريبة القيمة المضافة استهدافا لتحجيم معدلات التضخم والحفاظ على القيمة الشرائية للجنيه المصرى.