بدأت الممارسات الأمنيه عند مدخل "الفيلا"، عندما انتظرنا لمدة عشر دقائق فلا دخول بدون فحص البطاقات الشخصية. الحوار بدأ هادئاً لكنه مر بالعديد من المحطات، رفض الإجابة على بعض الأسئلة وبعصبية، ثم اتهامات بعدم الوطنية والتحريض على قلب النظام وانتهى بالتوقف الإجبارى... لأن سيادة اللواء أصر على عدم استكماله. ملف التعذيب فى السجون المصرية والعدد الحقيقى للمعتقلين، والاتهامات الموجهة للأجهزة الأمنية من الداخل والخارج، وتقارير حقوق الإنسان، كل هذا وأكثر تحدثنا فيه على مدى ساعة كاملة مع اللواء فؤاد علام نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق. من "الشرطة فى خدمة الشعب" إلى "الشرطة والشعب فى خدمة الوطن" ما دلالة التغيير؟ لا دلالة لأى من الشعارين، فأنا مؤمن بأن رسالة الشرطة رسالة وطنية سامية تهم المواطن والعبرة بالتنفيذ، والواقع يقول إن الشرطة تؤدى مهامها، وفقا لنصوص الدستور على أكمل وجه. لماذا يخاف المواطن من ضابط الشرطة؟ "يا ريت"، أتمنى أن يخاف المواطن من ضابط الشرطة. كيف؟ فى الماضى كان ضابط الشرطة له هيبة، وللأسف الجهاز التنفيذى "من أوله لآخره " لم تعد له نفس الهيبة، التى كان عليها قبل 40 سنة. لماذا؟ السبب فى الديمقراطية التى تحولت لفوضى، فالمواطنون يعبرون عن حرياتهم بنوع من عدم الالتزام بالقانون، كما أن آليات تنفيذ القوانين لم تعد على المستوى المطلوب. وما مظاهر الحرية غير المسئولة فى نظرك؟ لم يعد هناك احترام للقوانين وعدم الالتزام يضعف من قوة القوانين، فتصبح غير رادعة وبالتالى فقد الجهاز التنفيذى هيبته. لماذا تلقى باللوم على المواطن، فقد يكون الجهاز التنفيذى أو الرقابى غير قادر على ممارسة دوره؟ لأن عدم الالتزام بالقانون فى حد ذاته، نوعا من التعدى على القانون، والقانون أقوى من الضابط. هل تعتقد أن مخالفة القانون سبب كافٍ لضياع هيبة وزارة الداخلية؟ أشكرك لأنك أعطيتنى الفرصة لمهاجمة صحف المعارضة التى تثير الادعاءات حتى "تطلع الدنيا كلها سودا والشرطة طايحة فى الشعب". وبالتالى يؤثر ذلك على شعور المواطن بالأمن وعلى هيبة الضابط. ربما الظروف الاجتماعية والاقتصادية، التى تسببت فيها الدولة، تضغط على المواطن وتدفعه لتجاوز القانون؟ أنا لا أبحث عن السبب. أنت ترى أن تشديد القوانين سيعيد هيبة وزارة الداخلية؟ الأهم هو تنفيذ القانون الذى نتهاون فى تنفيذه من الدولة ذاتها، إلى جانب المواطنين الذين يصرون على عدم الالتزام بها، فكلما شعر المواطن أن هناك قوة وقانون يحكمه سيكون أكثر"خوفا" من رجل الشرطة. هل "الخوف" نوع من الإيجابية؟ بالطبع، لأنه نوع من الاحترام و الهيبة المطلوبة لرجل الشرطة وهذه فلسفة القانون الرادع، أى لابد من الحد من حرية المواطن بقدر معين فى سبيل مصلحة المجتمع. هذه الفلسفة تخلق نوعا من القمع للحريات والعقوبات المشددة وغير المبررة؟ عفوا، هذا كلام تافه لا يصدر إلا من مجتمع غوغائى، لأن القانون يسن من الهيئة التشريعية بحضور عشرات ومئات المتخصصين مهمتهم وضع التشريع المناسب لضبط المجتمع بعد الاطلاع على قوانين العالم وما يناسبنا منه. ألا تعتقد أن إضرابات 6 أبريل و 4 مايو غيرت من العلاقة بين الشارع وضابط الشرطة؟ هناك بعض الأخطاء ترتكب فى كثير من الوزارات المسئولة، بمعنى أن إضراب 6 إبريل ترجع أسبابه لقصور أداء وزارة المالية والاستثمار والقوى العاملة فى تلبية مطالب العمال، والتى يجب أن يحصلوا عليها، تجنبا للإضراب، وألقوا مسئولياتهم على عاتق وزارة الداخلية. إذن، الثلاث وزارات سبب إضراب 6 أبريل؟ ( يضحك ) لا تعليق (ثم يجيب ) أنا لا أتحدث عن أسباب. لأنهما قاموا بإلقاء المسئولية على وزارة الداخلية وهذا ليس ضمن مسئولياتها. الاعتقال العشوائى ضمن مسئولية وزارة الداخلية؟ وظيفة وزارة الداخلية والتى لا تعلم عنها صحف المعارضة شيئا فى الإضرابات، عندما يقوم المتظاهر بحرق السيارات "ويمسك طوبه ويعور العساكر والضباط " هل تعلمين ما هى السؤال موجه لك؟ يعاقب المتظاهر بالسجن مدة تصل لعشر سنوات. وعندما يضرب الضباط المتظاهرين " بالشوم "؟ " يعنى إيه؟ أسيب الدنيا تخرب "، الضرب لا يتم بالشوم " فقط، لأن القانون يقول "اضرب بالنار" بداية بضربة فى الهواء ثم تحت الأرجل، ويأتى التحذير أخيرا بفض التجمهر وفى حالة عدم الاستجابة، "اضرب فى المليان" . القانون يلزمه بذلك وإلا يعاقب بالحبس، فما ذنب حرق 6 سيارات إسعاف بالمحلة. هناك من اعتقل لأنه فقط كان يسير فى الشارع، فما ذنبه؟ لا يوجد معتقل بلا ذنب، والاعتقال يتم من خلال الكاميرات التى تصور التجمهر ثم بعدها يتم فرز الصور ويعتقل الأشخاص المشاركين فيه " من مسك العصاية " و"من مسك الطوبة "، بعد ثلاثة أيام من التجمهر وأتحدى أن يكون هناك معتقل واحد غير مذنب. إسراء عبد الفتاح، ما ذنبها؟ كنت متعاطفا معها فى البداية، ،ولو كان بيدى الأمر "لأبقيتها فى المعتقل عشرات السنين"، فكنت أعتقد أنه لا ذنب لها ولكن اتضح أن كل همها كان تهييج الدنيا وإنها مسيسة وتسعى إلى إثارة الرأى العام، وبالتالى كان لابد من محاكمتها. لكن مثل تلك الأحداث تؤثر على علاقة ضابط الشرطة بالمواطن فى الشارع؟ بالطبع، العلاقة بين رجل الشارع والشرطة سيئة، فمنذ عدة سنوات هناك شعور عام تجاه رجل الشرطة بالكراهية. حيث إن العاملين بجهاز الشرطة والتجاوزات التى يرتكبونها إلى جانب صحف المعارضة، ساهموا فى خلق نوع من العلاقة غير الحميمة، والصحف المعارضة تحاول أن تصور رجل الشرطة على أنه "غول " غير ملتزم بالقانون. ماذا تعنى بتجاوزات هيئة الشرطة؟ أنا لا اهتم بهذا الشأن، وأرفض الإجابة على السؤال. انتقل لمحور آخر، حالات التعذيب التى تنتشر على شاشات التليفزيون وفى الصحافة جعلت تصريحات المسئولين بوزارة الداخلية مصدرا لا نثق فيه، فما ردك؟ يؤسفنى أن كل ما ذكرتيه لم يحدث، أنت تريدين الإساءة لشكل هيئة الشرطة، فلا يوجد بيان من جهاز الشرطة يثبت ذلك. عفوا ..دون توجيه الاتهامات، تردد انتشار حالات التعذيب بالسجون المصرية، فما تعليقك؟ لا أعلم، " أنا على المعاش بقالى يجى 20 سنة " وليس لدى معلومات حول ذلك الموضوع، ولا أعلم لماذا تحاولين أن تثبتى ذلك بالرغم من أننى لا أنفيه . أريد إجابة واضحة لما يشاهده المواطن من حالات التعذيب؟ إذا كنت وطنية ومصرية عليكى أن تتوجهى إلى وزارة الداخلية وتتأكدى من صحة ما تعرضه شاشات التليفزيون من عمليات التعذيب، ولكن أنت مثل إسراء عبد الفتاح تريدين قلب النظام .وأنت لن تجبرينى على قول معين. أطلب منك فقط النفى أو التأكيد؟ ( بنبرة من التحدى ) " أنا أقول اللى أنا عايزه مش اللى أنتى عايزاه "، وما أريد أن أقوله إنك لست وطنية مخلصة بدليل أنكى لم تلجئي إلى الطرق القانونية للحصول على الحقيقة. وزارة الداخلية ذاتها تتجنب التعقيب على ذلك، فهل هناك سهولة فى الحصول على الحقيقة؟ أنا القى اللوم على وزارة الداخلية فى عدم إفصاحها عن تلك المعلومات وعدم ردها على هذه الادعاءات التى تتعمدين الكذب بترديدها. إذا كانت ادعاءات، فهل هى صحيحة؟ كذب، كذب، كذب تقرير منظمة العفو الدولية يشير إلى أن القمع والإيذاء البدنى من الوسائل التى تستخدم بكثرة بالسجون، فما ردك؟ هذا التقرير " مغرض زيك بالظبط "، منظمة العفو الدولية والأمريكان " كلهم عايزين يولعوا الدنيا" ويعاب علينا أن نأخذ بتقاريرهم، والدليل أن هناك إحدى عشرة جمعية من الجمعيات الحقوقية، ومنها المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى أقر أن السجون المصرية خمس نجوم وكل من يرتكب تعذيبا يتخذ حياله إجراءات مشددة، كما أنها حالات فردية. لكن الناس أصبحت تعتقد أن أسلوب تعامل رجال الشرطة مرتبط بالطريقة التى يتم تدريبهم بها؟ ليس هناك داعى للاندهاش، لأننا جميعا منحرفون ولكن الأهم هل الدولة تحاسبنا عليها أم " تطبطب علينا". وهل دورات حقوق الإنسان جاءت بعد أن ساد هذا المفهوم؟ ليس هناك تعذيب فى السجون بالصورة المغرضة التى يروج لها الآن، ومادة حقوق الإنسان تدرس فى المؤسسات الأمنية منذ 15 سنة، واستكمالا لهذا الدور يتم تدريسها لكبار الضباط ممن تخرجوا دون دراستها. وما نتائج هذه الدورات؟ أخطاء بعض الضباط تتسبب فى عدم الشعور بنتائجها، فهناك بعض التجاوزات غير المحمودة التى تضخمها وسائل الإعلام المعارضة. المعتقلون فى السجون، كم عددهم؟ بحسب وزارة الداخلية فإن عدد المعتقلين لا يتعدى 1600 معتقل ولا يستطيع احد أن يقول إنهم ليسوا مذنبين، لأنهم يهددون الاستقرار الأمنى بالمجتمع . ولكن أصبح "جهاز أمن الدولة " يمثل رعبا للمواطنين؟ جهاز أمن الدولة مهمته إقرار الأمن فى المجتمع، فحينما يجد نشاطا يهدده يجب أن يترك لوزارة الداخلية تقدير من الذى يمثل الخطورة ومنعه من القيام بذلك. إسناد الأمر للتقدير النسبى قد يعرض البعض للظلم؟ الظلم " فى كل حته ". إذن لا يمكن الجزم بأن جميع المعتقلين مذنبون؟ بالتأكيد، "ياما فى الحبس مظاليم "، فالأهم "نية " الأمن عندما يعتقل مواطنا، وأثناء المتابعة داخل المعتقل إذا وجد أنه مظلوم يتم الإفراج فورا عنه، وهذا لا يعنى احتمالية الخطأ أثناء عمليات الاعتقال. نسبه احتمالية الخطأ كبيرة؟ إطلاقا، واستطيع أن أؤكد أن ال 1600 معتقل ليست بينهم احتماليه للخطأ، الجهاز الأمنى يقوم بعمليات "غربلة " لضمان عدم حدوث خطأ فى اعتقال أى شخص . يتردد إصابة معتقلى الجماعات الإسلامية بأمراض نفسية بسبب التعذيب، فما تعليقك؟ ولماذا ننظر لمن تعرضوا للأمراض النفسية من معتقلى الجماعات الإسلامية؟ فلننظر لمنتصر الزيات أو ناجح إبراهيم أوكرم الضو زعيم الجماعة الإسلامية، والذى ظل لمدة 18 عاما. يتوقع البعض زيادة الممارسات الأمنية بعد مد العمل بقانون الطوارئ، فما رأيك؟ "ما تزيد" لا يهمنى الادعاءات. ألا تعتقد أن عدم السماح للمنظمات الحقوقية بزيارة السجون سبب لهذه الادعاءات؟ نحن لن نسمح لعملاء أمريكا بزيارة السجون المصرية " هى فوضى ". وبعد هذا السؤال رفض سيادة اللواء استكمال الحوار، وقام مسرعاً بفتح " الباب " فى تعبير واضح بالرغبة فى خروجى وإنهاء الحوار .