تعرف على اختصاصات الهيئة الوطنية للانتخابات    ميتا تعتزم زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بعدما فاقت نتائج الربع الثاني التوقعات    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام والقنوات الناقلة    دون إصابات.. خروج قطار عن القضبان بعد الاصطدام برصيف محطة السنطة بالغربية    طقس اليوم الخميس 31-7-2025.. انخفاض درجات الحرارة واضطراب بالملاحة    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    أستراليا وبريطانيا تدعوان لوقف إطلاق النار في غزة وتشددان على حل الدولتين    أسعار الدولار اليوم الخميس 31 يوليو 2025 بعد تثبيت الفائدة الأمريكية    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    ارتفاع أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس 31-7-2025    فورد تتوقع خسائر بقيمة ملياري دولار هذا العام نتيجة رسوم ترامب    هاريس ستدلي بشهادتها في الكونجرس بشأن الحالة العقلية لبايدن والعفو عن 2500 شخص    أمير غزة الصغير.. قصّة طفل قبّل يد من قدم له الطعام وقتله الجيش الإسرائيلي بدم بارد    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى قطاع غزة    ملعب الإسكندرية يتحول إلى منصة فنية ضمن فعاليات "صيف الأوبرا 2025"    دعمًا لمرشح «الجبهة الوطنية».. مؤتمر حاشد للسيدات بالقليوبية    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    الرئيس الفلسطيني يرحب ب"الموقف التاريخي والشجاع" لكندا    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    الطب الشرعى يحل لغز وفاة أب وابنائه الستة فى المنيا.. تفاصيل    مواعيد مباريات اليوم الخميس 31 يوليو 2025 والقنوات الناقلة    نحن ضحايا «عك»    سلاح النفط العربي    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    «النفط ولع».. ارتفاع هائل في أسعار الذهب الأسود اليوم الخميس 31 يوليو 2025 (تفاصيل)    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    المهرجان القومي للمسرح يحتفي بالفائزين في مسابقة التأليف المسرحي    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    بعد الزلزال.. الحيتان تجنح ل شواطئ اليابان قبل وصول التسونامي (فيديو)    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس أول ولا آخر الانفجارات!
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 01 - 2011

فى الإٍسكندرية ومنذ ربع قرن بنى أبى بيتا فى شارع "خليل حمادة" من ناحية شارع "جمال عبد الناصر" فى هذه الأيام كانت هذه المنطقة تسمى "أرض الوحش"، وكنت دائما وفى كل عام أقضى كل أشهر الصيف فى هذا البيت مع إخوتى، وكنت أصطحب "أحمد" أصغر أبنائى فى طفولته يوميا لشاطئ البحر، لنقطع "شارع خليل" حمادة لنمر بين المنظر الذى كان يقف "أحمد" أمامه منبهرا: "كنيسة القديسين" فى ناحية وفى الناحية الأخرى مسجد "شرق المدينة"، وبعد أن يفرغ "أحمد" من النظر لهذا المنظر الساحر يقرر أن نستمر فى طريقنا إلى شاطئ البحر ليتوقف ابنى مرة ثانية ليتناول رغيف الخبز البلدى الساخن الذى خرج لتوه من الفرن من يد المقدس "مرقص"، حيث يكون "أحمد" قد أتم التهام الرغيف الساخن (حاف وبدون أى غموس) لأنه يحب أكل ورائحة الخبز البلدى الساخن أكثر من أى طعام آخر فى الدنيا، ولهذا فقد ارتبط هذا المكان بذاكرة ابنى (هو الآن صحفى) وما أن سمع خبر الانفجار حتى اندفع فى البكاء وظل حزينا حتى هذه اللحظة، إنها حالة وجدانية عميقة تربطنا بهذا المكان.
انفجار كنيسة القديسين لم يكن هو الانفجار الأول فى هذه المنطقة، فمنذ حوالى خمس أو أربع سنين حدث انفجار ووزعت منشورات باسم "الجماعة السلفية" ضد المسيحيين فى هذه المنطقة، لكن حادث انفجار "كنيسة القديسين" الغادر فى رأيى لم يكن مجرد عمل إرهابى محدود، كما أنه لم يتم تنفيذه بيد جماعة إرهابية صغيرة كانت أم كبيرة، وبعيدا عن تسفيه "نظرية المؤامرة" الساذجة، والتى يلوكها الجميع ساخرين منها، فمحاولة البعض السخرية من "نظرية المؤامرة" يقعون فى السذاجة التى تصب دائما فى طاحونة الخونة الذين يهددون الوطن، نعم هناك مؤامرة من خارج الوطن، وهناك متآمرون من خارج الوطن، لكن هؤلاء المتآمرين ينفذون مخططاتهم بالتحالف مع خونة فى داخل الوطن، وأكرر "خونة" داخل الوطن، هؤلاء المتآمرون وهؤلاء الخونة يعرفون أنهم ينفذون مخططا أكبر من مجرد تفجير كنيسة أو تنصير مسلم أو أسلمة مسيحى، المؤامرة واضحة وصريحة وتشمل إقليم الشرق الأوسط كله.
المؤامرة تدبر لإحداث الانقلاب الكبير فى النظام الإقليمى كله: إيران، المملكة العربية السعودية، سوريا، لبنان، كل دول الخليج العربى، الجزائر، ليبيا ليست بعيدة عن الانفجار، ولابد أن يكون الانفجار من الداخل، وليس هناك أى عامل أكبر من الدين والصراعات المذهبية عاملا مباشرا ومؤثرا للتفجير من الداخل وصولا للانقلاب فى النظام الإقليمى كله، لاسيما بعد (واستمرار) فشل التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، كل هذه الدول المعرضة للانفجارات الداخلية توجد فى "مساحة حيوية" مشتركة، وسوف تنزع بالتأكيد (سواء طال الوقت أو قصر) للتعايش فيما بينها لتخفيف المواجهات فيما بينها، فمنذ "معاهدة السلام" المنفردة تم الاجتياح الأمريكى للعراق والكويت، وأطلق هذا كل شياطين التوترات السنّية/الشيعية، وانفتح المجال واسعا أمام توسع النفوذ الإيرانى فى العراق، ومن هنا أصبحت هذه القضايا المحرك الأساسى للتوتر العربى/العربى والعربى/الإيرانى، وظهر جليا التوتر السعودى/السورى، وتفجر الوضع مجددا فى لبنان وتم إضعاف العرب أكثر عن ذى قبل، وتعقدت معظم العلاقات العربية/العربية، والعلاقات العربية/الإيرانية، وتعقدت أكثر وأكثر التوترات الإقليمية، فتنامت الصراعات والتوترات الإقليمية بعد القهر والاجتياح الأمريكى لأفغانستان، وكما يقول جاد بعلبكى فإن دول المشرق العربى (السعودية ودول مجلس التعاون الخليجى والعراق وغيرها) تلتقى مع تركيا وإيران على مجموعة واسعة من المصالح المشتركة: أمن أنظمتها، قيام وضع إقليمى غير مهدد لها، دور فى الترتيبات الإقليمية، تأمين إيصال النفط والغاز فى شكل ثابت بحرا وبرا إلى الأسواق الشرقية والغربية، مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وأشكال التهريب الأخرى، الحد من القرصنة، تشجيع الاستثمار الإقليمى والدولى، والاستفادة من أسواق إقليمية نامية، إلا أن العديد من علاقات هذه الدول اتّسم فى المرحلة الأخيرة بالتوتّر والعدائية.
فهذه الدول تختلف فيما بينها حول نطاق وجود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى فى المنطقة، والبرنامج النووى الإيرانى، والصراع العربى/ الإسرائيلى أو عملية السلام، إضافةً إلى طرق ونطاق انخراط مختلف الفاعلين أو تدخّلهم، مثل السعودية وتركيا وإيران وسوريا فى الأزمات المختلفة مثل أزمات العراق ولبنان واليمن وغزة، وغيرها من توترات وأزمات، وحتى الآن، طغى منطق الخلافات على منطق التعاون فى تحديد المسار العام للعلاقات الإقليمية، ذلك أنه فى مصلحة هذه الدول، على المدى الطويل، أن تعمل على إيجاد منظومة إقليمية تعاونية لتجنب المواجهات وتخفيف التوتر وتعزيز المصالح المشتركة، وفى غضون ذلك، يجب أن تحرص على ألا تؤدى التوترات الحالية، التى تثيرها قضية العراق والبرنامج الإيرانى النووى وغيرها من القضايا الخلافية، إلى حالة عداء دائم تصبح العامل الأساسى المزعزِع لاستقرار المنطقة وازدهارها فى القرن الحادى والعشرين، ولكن دول الهيمنة التى تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل لن تسمح بحدوث هذا التقارب إلا بعد الانقلاب فى النظام الإقليمى ليلائم أهدافها، وحتى تتحقق هذه الغاية لابد (ولا بديل) عن تفجيرات تحدث هنا وهناك فى كل دول الإقليم التى تقود النظام الإقليمى، ومن ضمنها مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية وسوريا وبعض دول الخليج والجزائر ولبنان وليبيا.
وسوف تكون التفجيرات فى كل بلد ملائمة لنوعية الصراعات داخل هذا البلد، ولذلك فليس انفجار كنيسة القديسين فى الإسكندرية هو الأخير فى مصر كما أنه ليس بعيدا (بل وحتميا) فى كل دول الإقليم التى تقود النظام الإقليمى فى منطقتنا الإقليمية، وعلى الجميع أن يتنبه جيدا إلى أن الانفجار القادم فى بلده لن يكون من الخارج وحده، بل سوف يتم ذلك بتعاون تام مع الخونة، وللنجاة من هذا لابد أولا من القضاء على الخونة الذين يتسترون بكل الشعارات الدينية، وأتمنى من الله ألا تستمر نغمة السخرية مما أطلق عليه "نظرية المؤامرة" لأنه دائما أبدا لا يوجد "متآمرون" من الخارج بدون "خونة" من الداخل، كما أنه لا يوجد "خونة" فى الداخل بدون "متآمرين" من الخارج.
كاتب وروائى مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.