ليس هناك نجاح مؤلم فى حد ذاته، غير أن هناك نجاحات تصاحبها أحداث مؤلمة، فتظل ذكرى هذه النجاحات مقترنة بهذه الأحداث، فنظل نتذكر النجاحات فى شىء من الألم، وهناك نجاحات تهيج علينا ذكريات مؤلمة، وهناك أهداف نسعى لها، وحين ندركها ونظن أننا نجحنا فى الوصول إليها، نكتشف أنها كانت أهدافاً خادعة، فيصير نجاحنا نجاحاً مؤلماًَ، إذ هو فى مضمونه نجاح لتحقيق الغاية، لكن اكتشافنا بأن الغاية مضرة، أحاله لنجاح مؤلم. ولكم بعض الأمثلة على النجاحات المؤلمة، فنجاح إسرائيل وحزب الله فى تنفيذ صفقة تبادل الأسرى يعد نجاحاً مؤلماً لإسرائيل، فبعد أن سعت حثيثة لهدفها وهو استعادة جنديها اكتشفت وأسرتاهما أنهما مجرد جثث، فبعد أن ضحت بمئتين من الأسرى، اكتشفت أنها تضحى من أجل أجساد بالية. ونجاح حزب الله نفسه فى استعادة أسراه وعلى رأسهم عميد الأسرى العرب، لهو نجاح مؤلم لكل العرب الذين يشعرون الآن أن المائة منهم يساوون جثة واحدة من جنود الاحتلال الإسرائيلى، وهو أمر إن تأملتم فيه لوجدتموه أمراً مؤلماً سيظل مصاحباً لنا، كلما استعدنا ذكرى استعادة أسرانا. وما دمنا على الصعيد اللبنانى، لنا أن نتذكر نجاح حزب الله المؤلم فى تحقيق نصر على العدو الإسرائيلى فى عام 2006، وهو نجاح مؤلم لأنه دمر البنية التحتية للبنان وجعلها تتكلف الكثير دون طائل وكلف حزب الله نفسه الكثير، لأنه خسر العديد من رجاله، ولا رجاله دول ما لهمشى ثمن!؟ وهناك أيضاً نجاح الموالاة فى تعيين العماد مشيل سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية، نعم هذا أيضاً نجاح مؤلم لأنه صاحبه استمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه مسلطاً على رقاب الاستقرار والسلام والأمن الاجتماعى لجميع الطوائف اللبنانية. والنجاح المؤلم نجاح يصاحبنا كثيراً فى حياتنا الشخصية، فأنا مثلاً كلما حققت نجاحاً لا أعرف لماذا أشعر بأنه نجاح مؤلم، لأننى حين أتلفت حولى لا أجد أبى. وما أهاج علَى آلام نجاحى، حين قرأت خبر وفاة والد الطالبة الأولى على الجمهورية فى الثانوية العامة فى شعبة علمى علوم، وقولها لأمها كنت أتمنى أن يعيش ليرانى جراحة مثله، وهنا صرخت من أعماقى، لأقول لها أشعر بك وأشعر بتلك الشوكة التى فى حلقك، وكيف استحال نجاحك إلى نجاح مؤلم، لكن عليك وعلينا أن نعلم أن الحياة لا تعطى كل شىء مرة واحدة، وليس هناك الشخص الذى نستطيع القول بأنه سعيد وناجح دون ألم. ولنا مثل أخير على ذلك وهو الباشمهندس أحمد عز الذى رغم نجاحاته السياسية والاقتصادية، هناك ما ينغص عليه حياته، وهو عدم تقبل الناس لنجاحاته وشعورهم بأن ليس له الحق فيما وصل إليه. فلا تحزنى يا هبة واستمدى من حزنك طاقة لتحققى نجاحاً أفضل، على ألا يكون ذلك عبء زائد فى مشوار حياتك، يكبلك بدلاً من أن يدفعك، وقولى معى بما ناجيت به الله فى إحدى قصائدى عن والدى. إنى سألتك أن تبقى لتشهد أياماً ستأتى يراها الشهود. وربنا يكفينا شر النجاح المؤلم