قال الناقد الدكتور محمود الضبع، أستاذ النقد الأدبى بجامعة قناة السويس،: إن صناعة المستقبل تبدأ قبل حدوثه بخمسين عامًا، مؤكدًا أن تسريبات الموقع الأمريكى ويكيليكس ليست عشوائية، ويجب أن ينظر إليها على أنها حركات ستؤدى لإحداث تحولات ثقافية مستقبلية. وأوضح د.محمود الضبع، خلال مشاركته مساء أمس فى المائدة المستديرة الثالثة ضمن فعاليات اليوم الثانى لمؤتمر أدباء مصر، أن التكنولوجيا لم تعد وسيطًا لنقل الثقافة، وإنما أصبحت هى نفسها ثقافة لها دور فى تغيير مفاهيم وأبعاد الثقافة. شارك فى المائدة د. محمد محجوب، ود.جمال التلاوى، وأدارها د.أحمد زايد. وشدد الضبع على أنه حتى الآن، سواءً على المستوى الغربى أو الشرقى، لم يتم تحديد مفهوم للهوية الثقافية، موضحًا أن الغرب ربما استطاع فى اشتباكه مع الدين والجنس والسياسة أن يحدد لنفسه بعض الهويات التى يمكن أن ينطلق منها، والتى أدت إلى مجىء الثورة التكنولوجية. وأوضح الضبع أنه يجب أن نتعامل مع "اللغة" بمنظور مختلف عن المنظور التراثى، مؤكدًا أن اللغة مكون أساسى من مكونات الهوية، خاصة وأن هناك لغات لم تدرج بعد فى قواعد اللغة العربية، وهو الأمر الذى يدفعنا لعدم التسليم بما وصل إليه النحاة فى السابق، مضيفًا: "علينا أن نسأل أنفسنا ماذا لو أكمل سيبويه طريقه فى جمع اللغة العربية؟". من جانبه انتقد د.جمال التلاوى، أمين عام المؤتمر، موقف الكثير من الناقمين على حال الثقافة فى مصر، مضيفًا: "لا شك أننا جميعًا غير راضين عن واقع الثقافة الحالى، ولكن هذا لا يعطينا الحق فى أن نلقى باللوم وبالمسئولية دومًا على وزارة الثقافة فقط، ونقف مكتوفى الأيدى دون حركة فى انتظار أن تفعل هى شيئا للنهوض بالثقافة". وأوضح التلاوى أن تردى الوضع الثقافى لم يأت من فراغ وليست المؤسسات الثقافية هى السبب الرئيسى فيه، مشيرًا إلى الواقع التعليمى أيضًا لعب دورًا فى ركود الحركة الثقافية، مؤكدًا على أن الجامعات المصرية لا تصنع مثقفًا واحدًا. وأضاف التلاوى: للأسف الشديد أننا لا نهتم إلا بالشكل عندما نطالب بالتغيير فى الحركة التعليمية، فى حين أننا لا نناقش معايير الجودة التى تؤثر بالفعل فى الطالب، منتقدا الإدارات الجامعية، وصولاً إلى وزير التعليم العالى الذى سمح للأمن، بحسب وصفه، أن يصبح هو المتحكم فى العملية التعليمية. وشدد التلاوى على أن الإعلام هو الوسيلة الثقافية الوحيدة المؤثرة التى صنعتها الدولة، والتى يمكن بها أن تنهض الشعوب وترتقى بعقول أبنائها، موضحًا: "ليس صحيحًا أن نلقى دائمًا باللوم على المواطن البسيط الذى لا يحضر الفعاليات الثقافية ونتهمه بالجهل"، مضيفًا: "فليس من المعقول أن يترك رجل الشارع البسيط عمله ليحضر مؤتمرًا معيناً فى حين أنه مشغول بلقمة عيشه". ودعا د.محمد محجوب وزارة الثقافة إلى تصميم برامج معرفية للتواصل مع الأميين فى المجتمع، مؤكدًا على أنه لا يجب أن تترك هذه الفئة كهذا وإلا سوف يحتضنهم الآخرون. وقال محجوب: لا يجب علينا أن نتعامل مع الأميين على أنهم جهلة فقط، موضحًا أن الأميين لديهم معرفة فى التعامل مع المجتمع وفهمه، وهم أصحاب رؤية سياسية علينا أن نقترب منهم ونتفاعل معهم، وفى بعض الأحيان تكون لديهم حلول لبعض القضايا التى يعاصرونها، يجب أن يكون هناك تواصل معرفى.