قال رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان إن مجلس التعاون الاستراتيجى عالى المستوى بين تركيا وسوريا الذى يعقد اجتماعاته فى تركيا هذه السنة، تحول إلى نواة عملية وجادة لتعاون إقليمى أوسع يساعد بشكل جدى وفعال فى تحقيق السلام والاستقرار والرفاهية لشعوبنا التى يجب أن تعى جيداً أن المنطقة لها فقط. وأكد أردوغان فى اللقاء الذى أجرته معه الوكالة السورية للأنباء" ناسا" استمرار الحوار والتشاور بين تركيا وسوريا، وأنه على اتصال تام مع الرئيس الأسد والأشقاء فى القيادة السورية للبحث عن حلول للمشاكل الإقليمية، لافتاً إلى ضرورة العمل معاً لإزالة بعض العقبات التى تمنع أو تؤخر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فى العراق بعد الانتخابات الأخيرة، إضافة إلى التنسيق الدائم مع سوريا من أجل منع التوترات السياسية فى البلد الشقيق لبنان. ولفت رئيس الوزراء التركى إلى مشروع التعاون الرباعى الواعد والمهم بين سوريا وتركيا ولبنان والأردن، معتبراً أن تطور هذا النموذج يسهم بشكل جدى وفعال فى تحقيق السلام والاستقرار والرفاهية فى المنطقة. ورأى أردوغان أن هذا التعاون الرباعى يشكل نموذجاً مميزاً لم تشهد له المنطقة مثيلاً من قبل وأبوابه مفتوحة أمام جميع دول المنطقة والمبدأ الأساسى له هو استنفار كل إمكانياتنا المشتركة وتسخيرها من أجل بناء مستقبل واعد، لافتاً إلى أن هذا التعاون يستمد قوته من الروابط التاريخية والثقافية بين شعوبنا التى تتقاسم الجغرافيا والمصير والمصالح المشتركة. وأوضح أن الهدف العملى من التعاون الاستراتيجى هو إلغاء التأشيرات وإقامة منطقة للتجارة الحرة على أساس الاتفاقيات والتعاملات الموحدة ، مضيفا : فى هذا الإطار وقعت تركيا مع كل من سوريا والأردن ولبنان اتفاقيات التجارة الحرة وإلغاء التأشيرات، لافتاً إلى أن الوزراء فى الدول الأربع والمختصين فى مجال التجارة والطاقة والمواصلات والسياحة يلتقون بشكل مستمر لبحث سبل وإمكانيات تحقيق المزيد من التعاون المشترك. وعبر أردوغان عن إيمانه بتحقيق نتائج إيجابية وملموسة ومهمة من هذه اللقاءات، مؤكداً تحمل تركيا لمسئولياتها وعملها لاستضافة القمة الرباعية المهمة خلال الأشهر القليلة القادمة. وحول مساهمة التعاون الرباعى فى حل مشاكل المنطقة قال أردوغان: إن ما تسعى إليه تركيا هو تحقيق السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط إيمانا منها بأن شعوب المنطقة لن تصل إلى العيش الكريم والرفاهية إلا عبر هذا الطريق، مشيراً إلى أن الهدف من التعاون الرباعى هو دعم وتقوية هذا التعاون فى إطار أوسع ووفق آليات عملية والسير قدماً على طريق تحقيق التكامل الاقتصادى على المدى البعيد من خلال الاستمرار فى التعاون الاستراتيجى الموجود حالياً. ولفت أردوغان إلى أن بلاده تسعى للتشاور مع جميع جيرانها ودول المنطقة عبر أجندات إيجابية لتحقيق المزيد من التعاون ونبذ الصراعات والمواجهات ووضع خطط ومشاريع مشتركة من أجل مصالح الجميع، لافتاً إلى أن شعوب المنطقة وقياداتها السياسية تعمل معاً وتتشاور باستمرار وتتحاور فيما بينها لحل مشاكلها بأساليب سلمية بدلاً من التصادم. وبشأن رؤية تركيا للوضع فى لبنان قال أردوغان: قمت بزيارة لبنان مؤخراً وهو بلد مميز بالنسبة لتركيا وهناك علاقات متينة بين البلدين تستمد قوتها من التاريخ، معتبراً أن لبنان مفتاح مهم لمنطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط عموماً. وقال رئيس الوزراء التركى: إن الحفاظ على استقرار لبنان مهم جداً بالنسبة للمنطقة وأن تركيا تدعم وتؤيد استقلال وسيادة لبنان وتولى الاستقرار فيه أهمية بالغة ومن هذا المنطلق تدعم حكومة الوفاق الوطنى. وأشار أردوغان إلى أنه خلال زيارته إلى لبنان ولقاءاته مع المسئولين اللبنانيين عن ضرورة عدم تسييس مسار المحكمة الدولية وضرورة التمسك بالوحدة الوطنية والحوار والتوافق الوطنى، إضافة لدعم المبادرة السورية السعودية والوقوف على مسافة متساوية من جميع الأطراف اللبنانية. وحول رؤية تركيا لمستقبل العراق تمنى أردوغان أن يتجاوز هذا البلد كل مشاكله على أساس التوافق الوطنى ويتحول إلى بلد للاستقرار والرفاهية معرباً عن ارتياح تركيا لبعض التطورات الأخيرة الخاصة بالعراق لافتاً إلى إلغاء مجلس الأمن الدولى الذى تشارك فيه تركيا كعضو غير دائم للعقوبات المفروضة على العراق سابقا. وحول موقف الحكومة التركية من عملية السلام أوضح أردوغان: أن إسرائيل أثارت بتصرفاتها الأخيرة الكثير من الشبهات فيما يتعلق برغبتها فى السلام بالمنطقة، بعد أن رفضت جميع المناشدات والدعوات الدولية واستمرت فى بناء المستوطنات مخالفة بذلك القانون الدولى وواضعة مساعى السلام فى طريق مسدود. وحول الوساطة التركية أوضح أن :المسئولين الإسرائيليين اعترفوا بأن تركيا لعبت دور الوسيط النزيه فى هذا الموضوع، ولكن مع الأسف لم تحقق هذه الوساطة أهدافها بسبب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، مؤكداً أن تمسك سوريا بالعودة إلى المفاوضات عبر الوسيط التركى يعكس ويثبت الأهمية البالغة التى توليها لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة ، داعياً إسرائيل إلى أن تثبت بالقول والفعل أنها تريد السلام بكل صدق وكذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى إلى إدراك مدى أهمية المسار السورى والدور التركى فى ذلك، والضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها الحالية التى تعرقل تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، مؤكداً أن أى تطورات إيجابية فى العلاقات التركية الإسرائيلية سيكون لها دون أدنى شك انعكاسات إيجابية على هذا الموضوع. وحول الأزمة بين تركيا واسرائيل بعد الاعتداء على اسطول الحرية صرح أردوغان بأنه :لم يطرأ أى تغيير فى المطالب التركية الخاصة بالعدوان الإسرائيلى على سفن المساعدات الإنسانية إلى غزة ومقتل تسعة من المواطنين الأتراك، رابطاً عودة العلاقات مع إسرائيل إلى وضعها الطبيعى بتقديم إسرائيل اعتذاراً للجمهورية التركية ودفع تعويضات. واستغرب رئيس الوزراء التركى موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى فى مجلس حقوق الإنسان فى موضوع أسطول الحرية, وأضاف: كنا نتوقع موقفا مغايراً من هذه الدول التى تدعى بأنها رائدة الحرية الأساسية وتدافع عن حقوق الإنسان وتسعى للظهور وكأنها المناضل الوحيد من أجل هذه القيم والحقوق، لافتاً إلى أنه كان من الواضح جداً وللجميع عدم احترام إسرائيل للقانون الدولى وحقوق الإنسان وهو ما سجلته اللجنة المستقلة التابعة للأمم المتحدة.