"أجريت الاثنين الانتخابات التكميلية لمجلس الشعب المصرى، وقد رفعت وزارة الداخلية شعار المنع هو الحل، فى حين نافسها قيادات الحزب الوطنى برفع شعار "التسويد هو الحل" من أجل حسم المعركة فى دائرتين، اعتبرتا لمدة ليست بالقليلة فى عداد المفقودين. تأتى تلك الانتخابات التى فاز فيها مرشحو الحزب الوطنى، فى ظل غياب إشراف قضائى، تم إقصاؤه وفق تعديلات دستورية بلغت 34 مادة، بموجبها حصرت المقاعد البرلمانية والتمثيل النيابى لمرشحى الحزب الوطنى الحاكم بمفرده، ومن يتم تمريره بمعرفة الحزب من مرشحى المعارضة، من أجل تجميل صورة البرلمان. كالمعتاد شهدت الانتخابات، سواء فى دائرة المنشية والجمرك بمحافظة الإسكندرية، ودائرة دسوق بكفر الشيخ، العديد من الانتهاكات، مراسلة "اليوم السابع" بالإسكندرية، رصدت عقب جولة استهدفت الدائرة والتى تضم 73 لجنة، منها 59 بحى الجمرك و24 بالمنشية، كثيرا من المخالفات القانونية والدستورية. من ناحية أخرى أكد مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز، من خلال تقرير له عقب قيامه بأعمال المراقبة، أن دائرة الجمرك والمنشية، شهدت منع الوكلاء والمندوبين حتى المرشحين من الاقتراب من اللجان، وتحولت هذه اللجان إلى ثكنة عسكرية، كما مُنِع الناخبون من الإدلاء بأصواتهم وتم إغلاق اللجان والطرق المؤدية إليها، كما تم اعتقال ستة من الناخبين حاولوا الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، وهم فاروق عبد الرازق ومحمد جابر ومحمد عمر وعبد المنعم عبد الله وعلى أحمد وعمر عفيفى، مُنِع جميع الصحفيين والقنوات الفضائية من التصوير أمام اللجان الانتخابية وتهديدهم بالاعتقال فى حالة الإصرار على التصوير، على الرغم من وجود تصاريح تصوير معهم. وأشار التقرير إلى أن المرشح محمود عوض مرشح الإخوان بالدائرة منع من دخول أية لجنة من اللجان لمتابعة سير العملية الانتخابية. بدأت حركة التصويت الجماعى فى الدائرة، بداية من مدرسة إسماعيل صبرى، مستخدمين فى التصويت مجموعة من الأفراد تم استحضارهم من العوايد والعجمى. تم إلقاء القبض على سبعة جدد من الناخبين حاولوا الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، ليصل عدد المعتقلين حتى الآن أربعة عشر معتقلاً من أبناء الدائرة. رصد مراقبو المركز مجموعة من أنصار مرشح الحزب الوطنى ينتقلون من مدرسة إلى الأخرى ويقومون بالتصويت فيها بداية من مدرسة الحجارى ثم مدرسة قايتباى ثم مدرسة الأنفوشى. أما فى محافظة كفر الشيخ، والتى تجرى فيها الانتخابات فى دائرة واحدة هى دائرة دسوق، فقد رصد مراقبوا المركز كثيرا من المخالفات، كما فى لجنة عبد المنعم سند، حيث كشف أول شخص تمكن من دخول اللجنة، أنه وجد مائة وخمسين ورقة تم التصويت عليها دون أن يدخل أحد. وفى لجنة التجارة بنات قام ضباط مباحث أمن الدولة بالاستيلاء على البطاقات الشخصية والبطاقات الحمراء من المواطنين، وقاموا بإغلاق اللجان فى دائرة بندر دسوق، تحت إشراف ضباط الشرطة وذلك فى لجان 23 و24 و45 و46 و59 و60 و61 و61 و70 و71، وفى شباس الشهداء تم إغلاق وتزوير لجان عمرو مكرم رقم 130 131 و132. كما تم منع مندوبى رجب البنا "مرشح الإخوان المسلمين" بدائرة بندر دسوق من دخول لجان الانتخابات، بحجة اشتراط ختم التوكيل من مأمور المركز، وذلك فى لجان مدرسة جمال عبد الناصر ولجان الإدارة التعليمية. وفى لجان مدرسة التجارة بنات بدسوق أحمد عرابى والزهراء وضعت المتاريس أمامها، كما قام بعض الضباط بإرهاب المنتخبين وإغلاق الطرق المؤدية لهذه اللجان بسيارات الأمن مركزى وسيارات مكافحة الشغب. كما شهدت لجنة 11( لجنة الزهراء) منع الرائد محمود سعد السيدات من دخول اللجنة للتصويت، وفى لجنة رقم 141 بشباس الشهداء ذكر مندوب مرشح الإخوان ياسر عبد المولى، أنه دخل اللجنة وأدلى بصوته، ثم أخرجه ضابط الشرطة بالقوة، كما شوهدت سيارة زيتى لانوس بدون أرقام بها ثلاثة ضباط يطردون الناخبين وسيارة ميكروباص رقم 18121 ِنقل بها أعداد من البلطجية يقومون "بتقفيل" اللجان. من ناحية أخرى توالت ردود الأفعال من جانب المرشحين على ما وصفوه "بالفضيحة"، فقد تقدم كل من محمد عوض فئات وسعد السيد عمال مرشحا جماعة الإخوان المسلمين بدائرة الجمرك بالإسكندرية، بدعوى لإلغاء نتيجة الإعادة لانتخابات مجلس الشعب 2005، بطعن قضائى رقم 12873 لسنة 62 أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، وذلك لطلب وقف تنفيذ وإلغاء الإدارة لإجراء الانتخابات بالدائرة، وكل ما يترتب على ذلك، بسبب تدخل الأمن واستخدام البلطجة وإرهاب الدولة، الذى استخدمته الشرطة ضد المرشحين منذ بدء عملية التصويت، والتى شملت، منع دخول المندوبين والوكلاء والمرشحين أنفسهم عن اللجان، بالإضافة إلى جحافل الأمن المركزى، التى حاصرت اللجان منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الانتخابات. تقدم سعد السيد مرشح الإخوان أثناء العملية الانتخابية نفسها، ببلاغ رسمى للنائب العام يصطحبه بعض المرشحين الآخرين بسبب تجاوزات الانتخابات، إلا أن النائب رفض استقبال تلك البلاغات وأضطروا إلى إرسال خطاب رسمى لرئيس الجنة العامة للانتخابات، حيث أشار المنسق الإعلامى للكتلة البرلمانية بالإسكندرية، إلى أن التجاوزات وصلت لحد الشبهة فى التزوير، بعد أن دخلت الصناديق لمركز ثقافى بالأنفوشى، تحت حراسة 20 عربة أمن مركزى، واحتوت الصناديق الزجاجية على ورق الترشيح مرصوص بفعل اليد وخرجت الصناديق فارغة فى غضون ثلث ساعة، دون التأكد من نزاهة عملية الفرز داخل اللجنة. قال الدكتور مجدى عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة الاجتماعية، إن مرصد حالة الديمقراطية الذى يتبع الجمعية قد راقب الانتخابات البرلمانية التكميلية، مشيرا إلى أنه قد، مرت ثلاثة أعوام من عمر البرلمان المصرى 2005، البرلمان الذى شاهدت انتخاباته وأداؤه جدلاً واسعاً بين النخب والقوى السياسية والمهتمين بالشأن العام فى مصر، فى ظله شرع عدد من القوانين المؤثرة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى مصر، وتم تعديل 34 مادة من الدستور المصرى، كما تم تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية المنظم للانتخابات العامة فى مصر، وقد بدأ البرلمان أعماله فى غياب تمثيل ست دوائر، وهى ظاهرة فريدة حيث جمدت الانتخابات فى تلك الدوائر بعد صدور أحكام من القضاء الإدارى بإلغاء نتائج الجولة الأولى وإعلان إعادتها، غير أن جهات الإدارة استخدمت إجراء روتينى وغير قانونى بتقديم إشكالات أمام محاكم غير مختصة لتعطيل أجراء الانتخابات. وقد استخدمت جهات الإدارة الإشكالات لتعطيل الانتخابات فى الست دوائر فقط دون مسوغ قانونى، وتجاهلت تنفيذ عدد من الأحكام القضائية فى دوائر أخرى، إما لتغيير صفة المرشح أو لأخطاء مادية فى العملية الانتخابية فى الجولة الأولى، وهو ما يؤكد أن تنفيذ الأحكام القضائية من قبل جهات الإدارة فى مصر، يجرى وفقاً لاعتبارات سياسية، حيث تسمح الجهات الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية بإجراء الانتخابات فى دوائر وتمتنع عن إجرائها فى دوائر أخرى. أثبتت انتخابات الجمرك والمنشية وقبلها عدد من الانتخابات التكميلية فى مجلسى الشعب والشورى وانتخابات المجالس الشعبية المحلية، والتى شهدت تدخلات إدارية وأمنية فجة من قبل أجهزة السلطة التنفيذية، أن الغرض من التعديلات الدستورية، كان الهدف منه مزيداً من سيطرة السلطة التنفيذية على باقى سلطات الدولة، فمنذ إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، وتعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، فالانتخابات فى مصر تجرى بإشراف كامل من قبل وزارة الداخلية. والمرصد يطالب بالتحقيق فى التجاوزات التى مارستها أجهزة السلطة التنفيذية الإدارية والأمنية فى حق المواطنين والمرشحين فى دائرتى الجمرك والمنشية، ويطالب اللجنة العليا للانتخابات بأن تمارس سلطاتها التى خولها لها القانون رقم 18 لسنة 2007 المعدل للقانون 73 لسنة 1956، بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، التى أسند لها التنظيم والإشراف على الانتخابات العامة فى مصر، ويحذر المرصد من أن مصادرة السلطة التنفيذية للحياة السياسية المصرية وإصرارها على التزوير.