وزير الدفاع يشهد افتتاح المؤتمر الدولي العلمي للكلية الفنية العسكرية لعام 2025    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    للمتضررين من "البنزين المغشوش".. كيف تحصل على على ال 2000 جنيه تعويض؟    الخط الثالث للمترو يقلل زمن التقاطر بسبب مباراة الزمالك وبيراميدز    د.أحمد ماهر أبورحيل يكتب: تكافل وكرامة انتقل بالحكومة من الأقوال إلى الأفعال    حماس: صفقة التبادل هي السبيل لإعادة الأسرى    وزير التجارة العراقي: القمة التنموية لحظة مفصلية بمسار التعاون العربي المشترك    تهشمت سيارته.. لاعب الأهلي الشاب يتعرض لحادث مروع (صورة)    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    "ليسو الوحيدون".. ريجيكامب يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك معه    وقف رئيس وحدة زراعية ببني سويف عن العمل بتهمة الحصول على رشوة 1000 جنيه    بسبب أولوية المرور.. مقتل شاب طعنا في مشاجرة بشبرا الخيمة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعذيب طفلة بالشرقية (تفاصيل صادمة)    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    قبل ساعات من افتتاح مهرجان "كان".. 350 نجم عالمي يدين الإبادة في غزة    منع العري والأحذية الرياضية.. مهرجان كان السينمائي يعلن ضوابط جديدة قبل الافتتاح    جمال سليمان يروج لمسلسل "سيوف العرب": "تاريخ لم يُحكى"    صبحي خليل: إصابة بنتي بالسرطان كانت أصعب لحظة في حياتي    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    طبيبة: 66 % من المصريين المصابين بهبوط عضلة القلب بسبب قصور الشرايين    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    ندوه بالعريش لتوعية السيدات بأهمية المشاركة السياسية    توريد 282 ألف طن من القمح لشون وصوامع المنيا    موعد والقناة الناقلة ل مباراة الأهلي والزمالك اليوم في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    طلب إحاطة في البرلمان حول إغلاق قصور الثقافة: تهديد للوعي والإبداع في مصر    مشكلة أمنية.. واشنطن بوست تفجر مفاجأة حول الطائرة القطرية المهداة لترامب    التموين: إطلاق شوادر عيد الأضحى 20 مايو الجارى لتوفير احتياجات المواطنين    البنك الأهلي يوقع بروتوكول مع مجموعة أبوغالى لتوريد وتسليم سيارات "جيلي" بمصر    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    غدا آخر موعد للتقديم.. وظائف شاغرة في جامعة أسيوط    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    صنع الله إبراهيم.. لمحة من حياة أحد رواد الأدب العربى المعاصر    اليوم.. وزير الرياضة يفتتح البطولة الأفريقية لمضمار الدراجات    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    قلق أممى لمواجهة سكان غزة التجويع المتعمد وخطر المجاعة    صحة المنوفية تتابع سير العمل بمستشفى بركة السبع المركزي    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    التشكيل المتوقع للزمالك أمام بيراميدز بالدوري    إصابة 20 شخصا إثر تصادم تريلا وأتوبيس أعلى الطريق الإقليمي في الشرقية    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    مواعيد مباريات الثلاثاء 13 مايو - بيراميدز ضد الزمالك.. والأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    عيد ظهور العذراء مريم في فاتيما.. ذكرى روحية خالدة    الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأسبوع القادم: أمطار ورياح    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيت الأبيض فى مقابل الإعلام.. لن يخرج أحد منتصرا
نشر في اليوم السابع يوم 01 - 03 - 2017

العداء المتزايد بين الرئيس الأمريكي دونالد ج. ترامب والإعلام التقليدي اليساري/الوسطي سلوك غير لائق يُطلق العنان لمشاعر الكراهية والضغينة، وهو بمثابة هجوم على القيم الديمقراطية الجوهرية للولايات المتحدة. يتسبّب غياب الاحترام السافر والمتبادل بتسميم الأجواء، ولا يساهم على الإطلاق في جعل أمريكا عظيمة من جديد؛ بل على العكس تماماً، يجعلها أدنى مكانةً في عيون العالم.

كيف يمكن أن نأخذ على محمل الجد "قائد العالم الحر" عندما يدّعي أن الإعلام هو عدو الشعب وأنه يتعمّد نشر "أخبار مختلقة"؟ في الواقع، من الأجدى به أن يشكر وسائل الإعلام لأنها أمنت له منبراً على مدار الأيام والساعات تقريباً داخل منازل الناخبين، في حين أنه لم يخطر على بالها أبداً أن ترامب هو مَن سيضحك أخيراً.

من يريد أن يشاهد قناة إخبارية حيث يركّز مقدّمو الأخبار والخبراء الذين تتم استضافتهم عبر الأثير، على الاستهزاء بالرئيس أكثر من تركيزهم على الأحداث الآنية المهمة، أو من يرغب في قراءة صحيفة مصممة على نبش الفضائح والتشهير بالرئيس الذي لا يحبّه الناشر؟ الإعلام هو مَن صنعَ ترامب الرئيس، ويعمل عدد كبير من وسائل الإعلام النافذة الآن على إسقاطه.

ماذا حلّ باحترام منصب الرئاسة؟ بعد الإضرار به، سوف يتهافت مقدّمو البرامج الليلية ومشاهير هوليوود على تعريض الرؤساء في المستقبل للسخرية. لقد زالت المحظورات بطريقة لا عودة عنها. ولن يتمتع أي رئيس في المستقبل بالحصانة.

لا يتصرّف أي من الطرفين بمسؤولية. فكلاهما يهتمّان بالمزايدات أكثر من اهتمامهما بالخير العام. الخشية أنه في حال تفاقمت هذه الأجواء المشحونة، فسوف تتسبّب، أو بالأحرى ستتسبّب الصفعات التي يسدّدها البيت الأبيض للشبكات والمؤسسات الإخبارية والصحف التي تنتقد الرئيس، بتقويض الديمقراطية العزيزة على قلوب الأمريكيين.

إن منع المراسلين التابعين لمؤسسات إخبارية كبرى، مثل "سي إن إن"، و"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، وصحيفتَي "نيويورك تايمز" و"الغارديان"، من حضور المؤتمرات الصحفية الدورية التي يعقدها البيت الأبيض، اعتداء غير مسبوق على الحريات الإعلامية المحميّة بموجب التعديل الأول.

يسخر ترامب من هذه الحقيقة قائلاً إن لا أحد يحب التعديل الأول أكثر منه. لكن ما دام يُصرّ على إسكات المراسلين الذين يتجرؤون على طرح أسئلة قاسية عليه ويفضّل عليهم المتملّقين من اليمين واليمين المتطرف، ستكون الأخبار مشوَّهة ومنقولة من وجهة نظر واحدة.

في الديمقراطيات، من وظائف الإعلام الأساسية محاسبة المسؤولين عند ارتكابهم أخطاء. لولا العزيمة التي تحلّى بها مراسلان من صحيفة "الواشنطن بوست"، ومخبرهما الغامض، لبقيت ربما فضيحة واترغايت في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون طي الكتمان. ولو لم يسعَ الصحافي الاستقصائي الحائز على جوائز، سيمور هيرش، بشجاعة خلف الحقيقة، لما سمعنا ربما بتعتيم الجيش الأمريكي على مجزرة ماي لاي أو الفظائع التي ارتُكِبت في سجن أبو غريب.

جورج دبليو بوش، الذي قال مرةً إن دوره كرئيس للبلاد سيكون أسهل لو أن الولايات المتحدة كانت نظاماً ديكتاتورياً، توقّف عند هذه المسألة واصفاً الصحافة الحرّة بأنه "لا غنى عنها في الديمقراطية"، وقال في هذا الصدد: "نحن بحاجة إلى أن يقوم الإعلام بمحاسبة أشخاص مثلي"، مشدّداً على أن "السلطة يمكن أن تُسبِّب الإدمان...".

أوافقه الرأي تماماً، لكن لا يسعني سوى أن أفكّر في أنه يقول أمراً ويفعل نقيضه تماماً. فخلال وجوده في سدّة الرئاسة، تعرّضت قناة "الجزيرة" للتهديد من وزير الدفاع في إدارته دونالد رامسفيلد، وسُجِن أحد موظفيها في غوانتانامو، وقُصِف مكتبان تابعان للشبكة التلفزيونية المملوكة من قطر، كما استُهدِف فندق في بغداد كان ينزل فيه صحافيون دوليون.

في عهد بوش الابن، ارتكب الإعلام الأمريكي خطأ الإذعان لرغبات السلطة. من الأمثلة الصارخة قيام جوديث ميلر من صحيفة "نيويورك تايمز" بفضح زوجة أحد السفراء بأنها عميلة للاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)، في خطوة يُعتقَد أنها جاءت ثأراً من السفير بسبب التقصّي الذي أجراه وأثبت من خلاله زيف التأكيدات التي أطلقتها إدارة بوش بأن صدام حسين حصل على أكسيد اليورانيوم غير المعالَج من النيجر.

منذ تلك الأزمنة التي انطبعت ب"الحرب على الإرهاب"، تحوَّل الإعلام نحو الاتجاه المعاكس. لم يكن الطريق معبّداً أمام الرئيس السابق باراك أوباما، غير أن السكاكين تتربّص بترامب بعد أسابيع قليلة من تسلّمه الرئاسة. لكن الرئيس الأمريكي ليس مغفّلاً، على الرغم من أن محدودية مفرداته وسياساته التبسيطية التي تحمل عنوان "أمريكا أولاً" تشكّل مادّة دسمة للنكات ومقاطع الفيديو الساخرة عبر موقع "يوتيوب".

بل إنه بارع في الترويج لنفسه. يقرّ ترامب في كتابه "فن الصفقة" (The Art of the Deal) باللعب على هوامات الناس: "قد لا يفكّر الأشخاص بطريقة عظيمة، لكنهم يتحمّسون جداً للأشخاص الذين يفكّرون بهذه الطريقة... يريد الناس أن يصدّقوا أن شيئاً ما هو الأكبر والأعظم والأكثر إثارة للدهشة". ويصف هذا "الغلو الصادق" بأنه "برّاء من المبالغة".

لكن مثل هذه المبالغات ليست بريئة جداً عند استخدامها لمهاجمة الخصم. فعلى سبيل المثال، يكاد الرئيس لا يترك فرصة إلا ويستغلّها في خطبه ومقابلاته للتأكيد على مزاعمه عن الأخبار المغلوطة، فيما يشدّد على مقته للصحافيين والشبكات والصحف "غير الشرفاء " على حد قوله.

لقد ظهرت هذه الكراهية بالخط العريض عندما أعلن أنه لا ينوي حضور مأدبة العشاء السنوية لمراسلي البيت الأبيض في 29 أبريل المقبل، وهو أول رئيس أمريكي يمتنع عن الحضور منذ اضطُرّ رونالد ريغان إلى تفويت المناسبة لأنه كان يتعافى من إصابته برصاصة.

لدى الإصغاء إلى تهجّماته اللاذعة المتوقعة، أشعر بالغضب والانزعاج وأقول في نفسي: "ها قد بدأ من جديد". لكن هنا يكمن الخطر. كان اختصاصيو الدعاية خلال الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام يعلمون جيداً أنه عندما تُكرّر كذبة ما مرات عدة ومتتالية، تتحوّل تلك الكذبة إلى حقيقة. لقد نجح هذا التكتيك مع القيادات الإسرائيلية المتعاقبة التي تمكّنت من دفع الكثيرين نحو الاعتقاد بأن قوة الاحتلال المسلّحة نووياً هي ضحية الشعب المحتَلّ الذي يتّخذ من الحجارة سلاحاً وحيداً له.

الحقيقة المؤسفة هي أن أساليب التلقين العقائدي المتكرر التي يعتمدها ترامب، مقرونةً بتفاعله المباشر مع الأمريكيين عبر موقع "تويتر"، تحقّق بعض النجاح.

يُظهر استطلاع آراء أجرته قناة "إن بي سي نيوز" وصحيفة "وول ستريت جورنال" أن أكثر من نصف المستطلَعين يقولون إن وسائل الإعلام تذهب بعيداً في انتقادها لترامب ويتّهمونها بتضخيم المشكلات داخل الإدارة الأمريكية. وقد أعرب أكثر من ثمانين في المئة من مشاهدي "فوكس نيوز" الذين شاركوا في الاستطلاع، عن اعتقادهم بأن وسائل الإعلام والنخب تعمد إلى تضخيم الشوائب التي يعاني منها ترامب لأنها تخشى التغيير الذي يجسّده.

إذا بدأت نسب مشاهدة الوسائل الإعلامية التي يُبدي ترامب نقمته عليها، بالهبوط، سوف يُروَّض منتقدوه أو حتى تُكَمّ أفواههم على أيدي أصحاب هذه الوسائل المتخوّفين من تراجع العائدات الإعلانية.

أخيراً، الحرب بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام هي مضيعة للوقت قد تؤدّي إلى الانشغال عن المشكلات الحقيقية التي ينبغي على الأمريكيين أن يقلقوا بشأنها، وليس أقلّها وجود مسؤول عنصري يؤمن بتفوّق البيض في موقع نافذ في مجلس الأمن القومي، وطرح المشترعين الجمهوريين مشاريع قوانين لتقييد الاحتجاجات العامة في 18 ولاية.

يجب أن يقلق الأمريكيون لأن الشرطة على وشك اكتساب صلاحيات جديدة في مجال توقيف الأشخاص، ولأن الجيش الأمريكي سيحصل على مخصصات نقدية طائلة (54 مليار دولار إضافية) على حساب الإنفاق الداخلي، لأنه "علينا أن نبدأ بالفوز في الحروب من جديد"، على حد تعبير ترامب.

يجب ألا يسمح الإعلام بأن يتعرّض للترهيب. لا ينبغي إسكات الأصوات المعارِضة عندما تكون الحريات المدنية وحريات الصحافة عرضة للتهديد بصورة مطردة. ثمة طريقة أفضل وأكثر فاعلية لتوجيه الرسائل.

فبدلاً من شنّ هجمات شخصية على ترامب، يتعيّن على الصحافيين التركيز على تشريح سياساته، وتسليط الضوء على الإيجابي منها فيما ينتقدون ما هو سلبي. من شأن إعلام عادل ومتوازن أن يستعيد سلطته وثقة الأشخاص الذين يسعون خلف الحقائق غير المنحازة. كل ما هو أقل من ذلك يصبّ مباشرة في مصلحة تحوير الحقائق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.