النصف والنصف الآخر للكوب وثنائية التفاؤل والتشاؤم، لصيقتان بالكائن البشرى منذ الأزل، فالماء الذى يصل إلى منتصف الكوب هو للمتفائل، وللمتشائم النصف الفارغ، فالتفاؤل والتشاؤم يلد أحدهما الآخر بشكل متبادل ليتلبس كل منهما الإنسان المناسب له فيشكل ردود أفعاله، فالمتفائل ركّز على الامتلاء، أى الفعل الإيجابى المفعم بالأمل، والمتشائم ركّز على الفراغ، أى الفعل السلبى اليائس، والنظرة السوداوية للأشياء والحياة، ورغم أن الأمل واليأس لا يقعان عند المتفائل والمتشائم فى حسابات الأمور عند ردة فعله، إلا أنها على المدى البعيد وفى حسابات الوسائل والغايات تترك عميق الأثر فى النفس والهمة والطموح والروح المعنوية، فلهذه النظرة دورها فى سلوك ومعنويات الفرد، فى رفع روحه المعنوية أو فتورها وضعفها، ولها دورها فى نظرته للمستقبل بعين الرضى والأمل حتى يصل إلى ما يريد ويحقق النجاح والنبوغ فى حياته، أو تمسكه بالماضى والتباكى على مآسيه وهمومه، فالتفاؤل والتشاؤم لا يعتمدان على ما يحدث خارج ذات الفرد، بل على ما يحدث فى أعماقه، ويشبه حكيم عربى التفاؤل بالأرض المنبسطة الخضراء والأزهار الجميلة والملجأ الآمن من عواصف المشاكل والهموم والصعوبات التى تواجه الإنسان فى الحياة، وقال فنان مبدع فى فن الخزف أصيب بشلل نصفى بعد حادث أليم ولكنه بنعمة التفاؤل استطاع أن يتواصل مع إبداعه ويبرع فيه أكثر من ذى قبل: التفاؤل كان بوابتى إلى واحة الإبداع والنجاح، وهو النبراس المضىء الذى بدد ظلام عجزى وقلة حيلتى بعد مصابى الأليم. ذلك هو التفاؤل الذى ينتهى بالربح ووسيلته الصبر، لأن الهدف من التفاؤل هو أن نوجه أحاسيسنا إلى بوتقة النور فيه، ثم نجعله طريقنا فى الحياة، فالنجاح الحقيقى فى هذه الحياة أساسه التفاؤل والتمسك بالأمل من أجل الوصول إلى الغاية التى ننشدها، لذا أتمنى منك أن تكون دائماً متفائلاً وتتخلى عن التشاؤم واليأس حتى تنعم بحياة سعيدة، بلا هموم أو مشاكل أو صعوبات.