عندما يحب أحد منا فتاة لا يسأل نفسه ما الذى أحبه فى تلك الفتاة، فربما شكلها أو طيبتها أو خجلها، المهم أنه يتغاضى عن عيوبها فهى بالطبع ليست الأجمل والأكمل بين النساء، ولكنه عندما يتكلم عنها مع الآخرين، يبرز أهم الإيجابيات بها ويعظمها، ويتفاخر ويزهو بحبها وجمالها، ويشعر بأى مكان يجمعهما سوياً أنه الجنة. فلا يضع لهذا الحب شروطاً أو مقابلاً يدفعه الطرف الآخر، بالعكس يجتهد فى أكثر من عمل ويهلك نفسه لكى يفى بمتطلبات زواجهِ من تلك الفتاة والفوز بها، ويحاول أن يرضيها بشتى الطرق الممكنة. هذا يحدث مع فتاة نحبها ونتمنى الارتباط بها، ولكن عندما نتحدث عن حب وطننا نضع له ألف شرط وشرط. مع أنه حب واجب وفطرى يولد معنا، ولكننا نضعه فى الموازين، كم أخذنا لكى نعطى، وماذا فعلت مصر لنا لكى نحبها، نرى هذه المشاعر وبعض هذه الكلمات لدى الكثير من شبابنا اليوم، يسخر منك عندما تتحدث عن حب مصر، بل يعاملك على أنك مجنون أو خيالى لا ترى الواقع من حولك وما وصلت إليهِ مصر من حال، ولا يدرى أنه مشارك فى ما وصلت إليه مصر من هذا الحال المتردى أحياناً بسلبيته، وأحياناً أخرى بسلوكه نحو بلده، وأحياناً بكلامهِ عن بلدهِ بطريقة غير لائقة تسىء إليها أمام الآخرين، وأحيانا أخرى عندما يربط بينها وبين أشخاص نهبوها أو سرقوها. ف بالله عليك أريد أن أسألك سؤلاً: لو لك أبٌ وأمٌ وخمسة أشقاء، ولوالدك ثروة كبيرة تركها لك ولأشقائك بالتساوى لم يميز أحداً عن الآخر، ثم جار أحد أخوتك على حقوقك وحقوق إخوتك، هل ستكره أخوك الذى جار على حقك، أم أبوك الذى تعب وشقى ليترك لك ولأشقائك ما يستركم بعد موته، ولماذا لم تأخذ حقك وحق إخوتك من أخيك الذى جار عليك. هذا بالظبط هو حالنا، فمصر وهبت لأولادها الثروات على مر التاريخ، ولكنها قابلت ذلك بطمع وجشع البعض من أبناءها، وجحود وسخط باقى الأبناء. لم نضع مصر فى المرتبة التى تستحقها من أبناءها سواء (ظالمين أومظلومين) فوصلنا إلى هذا الحال، بالطبع الجزء الأكبر من المسئولية يقع على من بيدهم الأمر، ولكننا نشاركهم فى تلك المسئولية لأننا لم نع معنى وقدر مصر جيداً. أصبحت مصر اسماً ننتمى إليه فى الأوراق الرسمية فقط، لا نشعر بهِ إلا عندما يمر هذا الوطن بأزمة أو محنة شديدة، ليصحوا فينا هذا الشعور بالانتماء، ولا نحمل علم وشعار بلدنا إلا فى المباريات الخاصة بمنتخبنا، أو بعض المرشحين يستخدموه كدليل على وطنيتهم الشديدة وحبه لهم حتى وضعوا إلى أنه مقلوبة كنيتهم، ألا تستحق مصر منا الحب كقدر حبنا لفتاه نعجب بها، إن لم تروا مصر جميلة فى أعينكم وتستحق هذا الحب، فهذا العيب فيكم وليس فيها، وصدقونى لن تشعروا بعزتكم إلا عندما تشعرون بعزة بلدكم وقدرها الحقيقى.