حمدين صباحى البرلمانى المعارض وقيادى حزب الكرامة- تحت التأسيس- قاطع حزبه رسميا الانتخابات، ويجسد حالة المعارضة التى تراهن على الشارع وعلى فرض التغيير دون الانتظار لقواعد وصلاحيات اللجنة العليا للانتخابات، وقرر المشاركة رغم قوله إن الانتخابات المقبلة موسم ذهبى للتلاعب، وتوقع أن تكون خريطة المجلس القادم سيكون منها 70 مقعدا لأحزاب صغيرة. ذهبنا إلى حمدين صباحى بحوار الدكتور على الدين هلال المنشور فى العدد الماضى والذى يتضمن تصريحات ساخنة ومثيرة عن الانتخابات القادمة ودور المعارضة. قال صباحى ل«اليوم السابع» إنه لا يثق فى نزاهة الانتخابات المقبلة ويعلم أنها ستزوّر لكنه يتحدى أن تزور فى دائرته. ◄◄ كيف تقرأ المشهد الانتخابى الحالى؟ - كل المحاولات للحصول على ضمانات لنزاهة الانتخابات فشلت، وهناك إصرار من السلطة وحزبها الحاكم على إجراء انتخابات بدون ضمانات للنزاهة والشفافية، فالانتخابات بدون قاض على كل صندوق تصبح نزاهتها فى مهب الريح، لأن جميع الانتخابات السابقة تقريبا حتى 2000 و2005 شهدت عمليات تزوير لعدم وجود قضاة على كل صندوق، وجاء استبعاد القضاة من الإشراف الكامل على الانتخابات مخيبا للآمال، بعد أن صنعوا ملحمة مشرفة تفخر بها مصر، وتجربة القضاة فى 2000 و2005، كانت نموذجا بطوليا فى التصدى لمحاولات التزوير، وهم دفعوا الثمن ◄◄ لماذا قبلت المشاركة فى الانتخابات رغم غياب الضمانات، وفى نفس الوقت قاطع حزب الكرامة «تحت التأسيس» الذى كنت وكيلا لمؤسسيه حتى شهور قلية مضت؟ - المقاطعة لابد أن تشارك فيها كل القوى السياسية لتنتج آثارها، لكن أحزاب المعارضة الرسمية وقوى سياسية رئيسية مثل الإخوان قررت المشاركة، فاحترمنا هذا القرار لأنه تم بطريقة ديمقراطية داخلية، مما يعنى أن المقاطعة افتقدت شروطها، وبالتالى كان قرارنا الرسمى أن المقاطعة أفضل، ونؤيد القوى التى قاطعت، وفى نفس الوقت نتفهم القوى التى شاركت، وأجرينا اجتماعا لحزب الكرامة، وجاءت نتيجة التصويت فيه لصالح المشاركة بفارق بسيط عن المؤيدين للمقاطعة، فقررنا المشاركة المحدودة بالنواب الحاليين ل«الكرامة»، لكن دائرة النائب ياسر اللحامى فى الفيوم أيدت المقاطعة، أما فى دائرتى «الحامول» ودائرة «ببا» فى بنى سويف التى يمثلها النائب سعد عبود، فرأى أبناء الدائرة فى الحزب وخارجه أن هناك ثمنا دفعناه ونضالا وتضحيات قدمناها، ومصالح للدائرتين علينا استكمالها، فرأينا أن مصادرة الحزب على رأى هؤلاء الناس غير مقبول لا ديمقراطيا ولا أخلاقيا ولا سياسيا، فمن حقهم أن يكون لهم صوت فى البرلمان يعبر عنهم، ومع قرار المشاركة قلنا إن معركة النزاهة هى التى تفرضها الجماهير، لا تلك التى تقدم ضمانتها الحكومة، والمعركة باختصار ستكون إما أنا فى دائرتى وإما نائب للوطنى، وضمانى هو الناس الذين فرضوا إرادتهم وجربوا أن ينجحوا فى دورتين سابقتين. ◄◄ وهل لهذا فشلت المعارضة فى صياغة موقف موحد يجبر السلطة لإقرار الضمانات اللازمة؟ - نعم، هذا ضار بالمعارضة وكان الأفضل أن تتفق على خيار واحد، لكن هذه ليست نتيجة مفاجأة لأن مكونات المعارضة فيها درجة من التنوع والخلافات يمكن جمعها على قيم واحدة وليس على قرار واحد، فالجميع ينظر للانتخابات على أنها موسم، وتجربة المقاطعة السابقة غير مشجعة لأصحابها، والمقاطعة كانت معقودة على الوفد والإخوان وهما قررا من قبل المشاركة من البداية ولم يكن لديهما ارتباط، ولا ينبغى أن تتحول القضية لعراك بين المعارضة، فليتم تمكين الداعين للمقاطعة أن يكونوا فاعلين فى الشارع بقوة لكشف التزوير ويبرهنوا عمليا أنهم على حق فى المقاطعة، وعلى المشاركين أن يعلموا، وأنا منهم، أن من يدخل انتخابات دون ضمانات من الحكومة فعليه أن يفرض الضمانات بإرادة الناس، ومن لا يقاتل من أجل نزاهة الانتخابات لا يجدر به أن يدخلها. ◄◄ يعنى هذا أن الانتخابات لن تكون نزيهة لأى من المرشحين؟ - لا، الذى لن يجيش جماهيره فى دائرته من أجل فرض النزاهة، أعتقد أنه يكون اتخذ قرارا خاسرا بدخوله المنافسة، والمجلس المقبل سيكون أسوأ برلمان ستشهده مصر. ◄◄ لماذا؟ - لأن شخصية المرشح ومواقفه وقدراته هى الحاسمة، فى ظل انتخابات فردية فالجمهور يحدد موقفه أولا من حيث رأيه فى الشخص، والمال مع تنامى دوره مع البلطجة الرسمية والشعبية فستكون الانتخابات المقبلة الموسم الذهبى للبلطجة. ◄◄ حتى فى ظل إدارة اللجنة العليا للانتخابات وصلاحياتها؟ - الانتخابات القادمة يديرها الأمن، واللجنة العليا لن تبسط سيطرتها على جميع اللجان. ◄◄ أليس الاهتمام العالمى يوفر ضمانة.. وهل يكون بديلا على المراقبة الدولية؟ - مادمنا افتقدنا الضمانات الوطنية فلا ضمانات أجنبية للنزاهة، وبالتأكيد الإعلام والاهتمام العالمى قد يلعبان دورا لكنهما فى ظل الظروف الحالية ليسا ضمانة لا للمرشح ولا الناخب، قد تمتد الحماية لبعض الدوائر وتخفيف الضغط بدوائر ساخنة كالحامول. ◄◄ وماذا عن المعارضة وقدرتها على التحرك؟ - مصر تعيش توازن ضعف، بين سلطة ضعيفة وصلت لحد العجز، يقابله ضعف فى المعارضة، لذلك نعيش محلك سر ولن يتم حله إلا بتدخل الجماهير كطرف. ◄◄ «الوطنى» يعتقد أن الجماهير الصامتة ذخيرته.. ولو تحدثت لأكدت أغلبيته لأنه يحمل الوسطية والاعتدال؟ - الوطنى لا يمثل أى اعتدال أو وسطية، بل التطرف فى الانحياز لأصحاب رأس المال على حساب الفقراء، ورفع معدلات الفقر، وهيمنته على أكثر من ثلثى البرلمان، ومتطرف فى فرض واستمرار حالة الطوارئ، وتزييف إرادة الجماهير، ولو نطقت الكتلة الصامتة لنسفت الوطنى ومن حظه أنها لا تتحرك. ◄◄ وماذا عن مئات الآلاف الذين يؤيدون جمال مبارك وحملات جمع التوقيعات لصالحه؟ - كلها حملة نفاق، وتعبير عن هبوط أخلاقى ساد فى شرائح كثيرة والتوقيعات ليس تعبيرا عن ضمير، بل عن احتياج من الساعين لمصلحة. ◄◄ ألا تتفق أن الوطنى فى السنوات الماضية عمد لتأسيس بنيان قوى وتنظيمى ينبئ عن قدرته على حصد الأغلبية دون الحاجة لأجهزة الدولة؟ - البداية خطأ، لأن الحكومة صنعت حزبا، وهو مجرد واجهة حزبية ومحكوم بالتبعية والتبرير لها، فالوطنى ليس حزبا جماهيريا، ما يجرى داخله مجرد تحديث لآليات العمل، وهم بيشتغلوا زى الفل، ولكن هذا لا يغير انحياز الوطنى الاجتماعى بل يعمل بطريقة لا تدافع عن الفلاحين والفقراء. ◄◄ وما رأيك فيما يحدث من توسيع القاعدة وفلترة المرشحين فى الوطنى؟ - جيد، لكن ما المضمون وما فائدة التحسين فى ظل أن الجوهر ضد الشعب وكلهم تابعون للحكومة وكل المرشحين ينتظرون الرضا من أحمد عز، فكل هذه الترتيبات ليست لها قيمة فيما يتعلق بالجماهير. ◄◄ أليس من مصلحة الوطنى أن يجرى انتخابات نزيهة؟ - لا، لأن أى انتخابات نزيهة ستخرجه من السلطة، ولن يأخذ أكثر من 20 % فهو حزب أقلية، وهذا حجمه فى الشارع، ولا توجد قوى فى مصر تستطيع أن تحصل على أغلبية فى البرلمان فى انتخابات نزيهة بما فيها الإخوان. ◄◄ لكن الوطنى والكثيرين يضعون الإخوان فى المقدمة فى حال انتخابات نزيهة؟ - لن يحصل أى حزب على 50 % + 1 مطلقا فى انتخابات نزيهة، قد يكون الإخوان أكبر كتلة فى البرلمان، ومصر حاليا غير مهيئة إلا لحكومة ائتلافية من مجموعة قوى، وجبهة وطنية واسعة. ◄◄ هل تراهن على الإخوان؟ - عمرى ما راهنت على الإخوان أو أى حزب، رهانى على الناس. ◄◄ هل انطفأ نجم البرادعى؟ - على المستوى الشخصى أحترمه، وأعتقد أنه قامة وطنية محترمة، لكن من أول يوم متفق مع البرادعى فى بعض النقاط وأدعمه وعلى خلاف معه فى ذات الوقت، ولو أنى مقتنع أن يصلح البرادعى أن يكون قائدا واحدا للتغيير ما كنت طرحت اسمى بين المرشحين المحتملين للرئاسة، وكنت اصطففت خلفه لسببين، فليست بينى وبينه أى خبرة سابقة تجعلنى أقدر لأى مدى سيصمد فى معركة التغيير وكل المحيطين به ليس لديهم هذه الخبرة، واختلفت معه من أول جلسة فى منزله، ورفضت أن يكون البرادعى قائدا وحيدا، كما أنه رجل يعبر عن برنامج لا يستطيع تحريك الجماهير لأنه يعتمد على نقطة واحدة هى الديمقراطية السياسية، أما القضية الاجتماعية لديه فهى غائمة، والقضية الوطنية غائبة، فلم أسمع كلمة من البرادعى حول موقفه من إسرائيل وكامب ديفيد، فكلامه فى القضية الاجتماعية ليس لديه أى تصور جذرى للاصطفاف مع الفقراء والانحياز لهم، وأرجح بأن البرادعى بطبيعته وتكوينه إذا قدر له رئاسة مصر سيعيد إنتاج نفس المنهج الرأسمالى بتحسينات، وليس لديه خطاب فى القضية الوطنية، فخطاب التغيير لابد أن يتجاوز هذا القصور والمحدودية والانكفاء على الديمقراطية السياسية التى قد تؤثر فى النخبة، لكنها لا تؤثر فى النخبة.