◄◄كاتب أمريكى يعمل مع «الإيباك» يتهم العرب باختراق البيت الأبيض عند ذكر كلمة لوبى فى أمريكا يتبادر إلى الذهن اللوبى اليهودى، الذى يمثل أكبر جماعة ضغط فى الولاياتالمتحدة لصالح إسرائيل، ولايوجد مايمكن تسميته اللوبى العربى، بل هناك مطالبات فى السنوات الأخيرة لإقامة لوبى عربى يمكنه الدفاع عن مصالح العرب وطرح قضاياهم، لكن المدهش هو أن أعضاء فى اللوبى اليهودى يرون العكس بل ويتهمون العرب خصوصا السعوديين باختراق الإدارة الأمريكية، واستخدام النفط والمال لصناعة رأى عام موال للعرب فهل يمكن القول إن هناك نفوذا عربيا فى أمريكا؟ هذا ما يحاول طرحه ميتشيل بارد، وهو المدير التنفيذى لمعهد التعاون الأمريكى الإسرائيلى فى كتاب «اللوبى العربى.. التحالف غير المرئى الذى قوض مصالح أمريكا فى الشرق الأوسط»، ويرى فيه أن العرب وليس إسرائيل هم الذين يوجهون السياسة الأمريكية ويضرون بها من خلال توظيف شخصيات فى الخارجية والكونجرس والإدارة. بارد وهو من أشد المتحمسين لإسرائيل، وأمضى سنوات فى العمل مع منظمة إيباك لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية التى تسمى اختصاراً إيباك وهى أقوى جمعيات الضغط لصالح إسرائيل وتضم أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين. ويتناول بارد ما أسماه الموارد المالية الهائلة للوبى العربى، ويعلن أن هدفه فضح جهوده للتلاعب بالرأى العام والسياسة الخارجية. ويخصص الكاتب جزءاً كبيراً للحديث عن تأثير النفط فى الضغوط التى مارسها اللوبى العربى، وتحدث بشكل خاص عن السعودية باعتبارها أكبر مصدر للنفط فى العالم. وتطرق إلى الطرق التى سعت بها هذه الدولة الخليجية إلى التأثير على سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط على كل المستويات بدءاً من مدارس التعليم الابتدائى وحتى الجامعات ووسائل الإعلام والكونجرس والبيت الأبيض. ويدعى الكاتب أن السعودية لم تكتف فقط بتحقيق مصالحها بل أضرت بالأمن القومى الأمريكى بسبب ما أسماه دورها كراع نشط لما أسماه الإرهاب الدولى وتصدير الإسلام الراديكالى، وباعتبارها واحدة من الدول التى يوجد بها أكثر المجتمعات رفضاً للتسامح. ويقول بارد عن كتابه إنه يضم أول تحقيق منذ 25 عاماً عن مجال وأنشطة هذه الشبكة المنتشرة والقوية المسماة باللوبى العربى. فلأكثر من 70 عاماً أظهر اللوبى العربى نفوذه من خلال التأكيد على أن تولى الولاياتالمتحدة اهتماماً غير مناسب لمصالح الدول العربية ودعم الدول التى لا تشارك أمريكا أى قيم، إن كانت تشاركها فقط فى قليل من المصالح. ويرى بارد أن اللوبى العربى يتكون من مؤسسات صناعة النفط والمبشرين المسيحيين والدبلوماسيين الأمريكيين، حاليين أو سابقين. وأن نشاط هذا اللوبى بدأ عندما حاول الموالون للعرب فى وزارة الخارجية الأمريكية، وأغلبهم من الذين يوصفون بأنهم معادون للسامية، منع أمريكا من الاعتراف بإسرائيل عام 1948، ومنذ ذلك الحين «شنوا حرب عصابات لتقويض التحالف بين أمريكا والديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط» على حد زعمه. فمنذ الأيام الأولى التى اكتشف فيها الأمريكيون النفط فى شبه الجزيرة العربية، استخدم السعوديون العديد من الوسائل التكتيكية بما فيها التهديدات والرشاوى للضغط على صناع السياسة فى واشنطن لتجاهل انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب ومعارضة المصالح الأمريكية، والآن أصبح هدف اللوبى العربى تغذية إدمان أمريكا على النفط، والحصول على أسلحة أكثر تطوراً وإضعاف تحالف واشنطن وتل أبيب. ويواصل الكاتب حديثه عن السعودية بالقول إنه كان من الممكن أن يتم تجنب محاولات استرضاء الرياض إذا اعتمد صناع القرار الأمريكيون على مصادر مستقلة للطاقة، وتحديداً النفط، أو اتخاذ مواقف صارمة والإصرار على أن يرعى العرب المصالح الأمريكية. ويضرب مثلاً على ذلك قائلاً إن الرئيس جون كيندى مارس ضغوطاً على السعودية لإلغاء الرق وهو ما يعد دليلاً على أنه بإمكان أى رئيس أمريكى أن يطالب السعوديين بالالتزام بالمعايير الغربية الأخلاقية. ورغم أن السعوديين ظلوا لعقود فى حاجة إلى الأموال الأمريكية، فإن الكثير من الإدارات سمحت لهم باللعب بمشاعر الأمريكيين بالتهديد برفع أسعار النفط أو التعاون مع الاتحاد السوفيتى. وفى فصل آخر من الكتاب، يتحدث المؤلف عن صفقات الأسلحة الأمريكية للدول العربية التى كان للوبى العربى دور بالغ الأهمية فيها. فعلى الرغم من نجاح منظمة إيباك خلال فترة الستينيات والسبعينيات فى تمرير قانون من الكونجرس يحظر بيع أسلحة متطورة لأعداء إسرائيل، فإنه بفضل ضغوط اللوبى العربى سعى الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر إلى تأمين دعم الكونجرس لبيع طائرات إف 15 للسعودية عام 1978، بعد أن تم اللعب بورقة رفع أسعار النفط. وبعدما جاء ريجان إلى الحكم أضاف إلى الصفقة بنودا جديدة تضمنت طائرات رادار وأجهزة تحكم، الأمر الذى أغضب الإسرائيليين بشدة. وقد اتبعت السعودية تكتيك التلويح بتقديم تنازلات عربية لتحقيق السلام مقابل إتمام صفقات الأسلحة التى تريدها لتحقيق مصالحها. وينتقل بارد للحديث عن فرع آخر من جماعات اللوبى العربى أيضا، وهى تلك المنظمات التى حاولت كسب تأييد الأمريكيين لصالح القضايا العربية مثل جماعة «أمريكيون من أجل السلام» التى لها علاقة بمكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، وجماعة أخرى تسمى «لجنة الدفاع عن الشعبين الفلسطينى واللبنانى» التى كانت قريبة الصلة بزوجة إدوارد سعيد الأكاديمى الفلسطينى بجامعة كولومبيا. وكانت هذه الجماعات تروج للقول إن إسرائيل تقوض مصالح الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط، وكانت تدعو دافعى الضرائب الأمريكيين إلى التوقف عن دعم إسرائيل عسكرياً. وكان أكبر نجاح للوبى العربى متمثلاً فى قدرة الأقلية الصغيرة من الأمريكيين من أصل فلسطينى وأنصارهم على وضع اهتماماتهم فى مقدمة أجندة السياسة الخارجية. وقد اتهم المؤلف بالانحياز ضد العرب لدرجة أن مجلة نيوزويك الأمريكية انتقدت نبرة الانحياز الواضحة لإسرائيل فى الكتاب، وقالت إن هذا الجهد فى حاجة إلى أن يتم إعادة صياغته بقلم مؤرخ حقيقى وليس عن طريق شخص معروف عنه ولاؤه الشديد لإسرائيل. خاصة أنه اعتبر أى شخص أو جهة لا تؤيد إسرائيل ضمن هذا اللوبى العربى. ويبدو أن ميتشيل فى كتابه لا يتحدث عن اللوبى العربى كما يوضح العنوان، ولكنه يتحدث عن لوبى سعودى، حيث لا يستطيع أن يخفى حقده الشديد على السعودية بسبب ثرواتها النفطية.