تحل فى الخامس والعشرين من شهر يونيه الجارى، الذكرى السنوية الثانية لاختطاف الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، الذى يعتبر ثانى أشهر جندى فى تاريخ تل أبيب وقع فى أسر منظمة عربية بعد الطيار الإسرائيلى رون أراد، الذى وقع فى أسر حزب الله بعد سقوط طائرته فى لبنان، ومازالت إسرائيل إلى الآن لا تعرف أية معلومات أكيدة عن مصيره، الذى بات سراً لا تعرفه إلا إيران فقط، حسب ما ألمح إليه الأمين العام للحزب حسن نصر الله. يدفع الفلسطينيون، منذ اختطاف شاليط، من دمائهم وأرواحهم، الثمن الذى ترغب إسرائيل فى استرداده، وبالحسابات السياسية والعسكرية، سنجد أنهم تكبدوا الكثير من الخسائر، بداية من التدمير الكامل للبينة الأساسية فى القطاع نتيجة لتواصل الاعتداءات الإسرائيلية براً وجواً، ومنع دخول جميع أشكال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو ما يؤدى ولو بصورة غير مباشرة إلى قتل الفلسطينيين الذين يعانون من الاستهداف الإسرائيلى لهم، ومن نقص المواد الأساسية نتيجة إغلاق القطاع عليهم من جهة أخرى. وباتت حسابات إطلاق سراح شاليط تخضع لمعايير خارج غزة، وليس بالضرورة تحقيقاً لمصالح حركة حماس داخل القطاع، ورغم نفى قادة حماس فى غزة بداية من رئيس الوزراء فى الحكومة المقالة إسماعيل هنية ووزير الخارجية المقال محمود الزهار، وجود خلافات بين حركة حماس غزة من جهة وحماس سوريا أو حماس إيران من جهة ثانية، إلا أن الواضح وجود مثل هذه الخلافات بين أجنحة حماس حول شاليط. أكدت مصادر صحفية فلسطينية مقربة من حماس غزة، أن قيادات الحركة داخل القطاع، تعارض ومنذ فترة كبيرة استمرار اعتقال شاليط، وترى أن الإمساك به لا جدوى منه، بعد أن وافقت إسرائيل على إطلاق عديد من الأسرى فى معتقلاتها والأهم أن تسليمه لإسرائيل، برعاية مصرية، من الممكن أن يؤدى إلى تخفيف عديد من القيود المفروضة على غزة. من هنا فإن استمرار اعتقال شاليط وبقائه فى الأسر، بات يمثل عبئاً على حماس غزة خاصة وأن الفلسطينيين يتساقطون بالعشرات منذ اعتقاله وبات عدد القتلى الفلسطينيين من جراء الاعتداءات الإسرائيلية على غزة أكبر من ال450 أسير، الذين تعهدت إسرائيل بإطلاق سراحهم، مما يفند أى تبرير لاستمرار أسره. الميزة الكبرى فى عملية أسر شاليط كانت نجاح المقاومة الفلسطينية فى إثبات زيف الأساطير التى سردها الإسرائيليون عن الجدار العازل، الذى نجح المقاومون من حركة حماس ممن أسروا شاليط فى اختراقه وحفر نفق تحته للدخول إلى إسرائيل، ومنها قاموا بعملية اختطاف شاليط والدخول به إلى غزة، الأمر الذى فسر حالة الجنون والعصبية الزائدة التى سيطرت على كبار قادة الأجهزة الأمنية بعد انكشافهم أمام الرأى العام، وثبوت زيف ادعاءاتهم من أن الجدار يوفر الأمان لهم ويحميهم من الاختراقات الفلسطينية. وكشفت التحقيقات التى أجراها الجيش الإسرائيلى عقب عملية أسر شاليط، أن الفلسطينيين استخدموا وسائل بدائية فى عملية اختراق الجدار، الأمر الذى دفع بعدد من القادة الأمنيين إلى المطالبة بالتحقيق فى عملية بناء الجدار الذى تكلف أموالاً طائلة، وحمل تصميمات هندسية زعمت تل أبيب أنها الأقوى والأكبر فى تاريخ الهندسة العسكرية فى العالم.