رئيس جامعة سوهاج: نولي طلابنا من ذوي الهمم رعاية متكاملة    اسعار اللحوم اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى أسواق ومجازر المنيا    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 7 ديسمبر 2025    «الاستثمار»: دليل إرشادي للحافز الاستثماري النقدي لدعم المشروعات الصناعية    قرار صيني بشأن الذهب.. كيف تفاعلت الأسعار في مصر؟    مصر تنضم لمركز المعرفة للتأمين الصحي الشامل لدعم السياسات الوطنية الصحية    وزير الخارجية: المشروعات الكندية إضافة للجهود الوطنية في مجالات التنمية    الاحتلال الإسرائيلي يواصل نسف مبانٍ في خان يونس    الكرملين يشيد بتعديل استراتيجية الأمن القومي الأمريكية حول روسيا    حريق هائل في مدينة كريمنشوك الأوكرانية جراء هجوم روسي عنيف| فيديو    ارتفاع عدد قتلى حريق بملهى ليلي إلى 25 بينهم 4 سائحين بالهند    مفاجأة.. سلوت يدرس استبعاد محمد صلاح من قائمة مباراة ليفربول وإنتر ميلان    كأس العرب| «سوريا وفلسطين» صراع على الصدارة..وفرصة أخيرة لقطر وتونس    محمد السيد يحرز ذهبية كأس العالم لسلاح سيف المبارزة بعد الفوز على لاعب إسرائيل    تعرف علي تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    «الأرصاد»: انخفاض في درجات الحرارة.. والعظمى بالقاهرة 20 درجة    توضيح هام من محافظة الجيزة بشأن الكثافات المرورية باتجاه منزل البحر الأعظم    استدرجها داخل مزرعة وأشعل فيها النيران.. الإعدام لقاتل زوجته بنجع حمادي    محافظ القليوبية يتابع حادث سقوط 8 عمال نتيجة انهيار شدة خشبية    حريق محدود داخل مستشفى ديروط الجديدة بأسيوط دون إصابات    عرض عربي أول ناجح لفلسطين 36 بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    روجينا تبدأ تصوير «حد أقصى» في أول تعاون مع ابنتها مايا زكي رمضان 2026    كبار وأطفال بلا مأوى.. التدخل السريع يتعامل مع 519 بلاغًا خلال نوفمبر    «كنت منسجما وأنا أسمعه».. الشيخ حسن عبد النبي يشيد بمتسابق دولة التلاوة    ارتفاع التضخم السنوي في الكويت إلى 2.39% خلال شهر أغسطس    انطلاق جولة الإعادة للانتخابات البرلمانية للمصريين في اليونان    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    مواعيد مباريات اليوم الأحد 7-12-2025 والقنوات الناقلة لها    حضر التلاميذ وغاب المدرسون، استياء بين أولياء الأمور بسبب غلق أبواب مدرسة بمطروح    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    نعوم تشومسكي، المفكر الذي واجه إمبراطوريات السياسة ورفض النازية والليبرالية المتوحشة    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    وزير الصحة: وضع تصور شامل للمبادرات الرئاسية والبرامج الاستثمار فى البشر    طريقة عمل طاجن الفراخ بالبرتقال، وصفة سهلة التحضير ومغذية    مقتل 9 وإصابة 7 في حوادث على طريق سريع في شينجيانج الصينية    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    أسعار الدولار اليوم في البنوك اليوم الثلاثاء 7ديسمبر 2025    الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    حصيلة أهداف كأس العرب 2025 بعد الجولة الثانية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    إنقاذ شخص من الغرق في نهر النيل بالجيزة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب والمؤسسات فى اليوم الأخير لمؤتمر "مستقبل المجمعات العربية" بالإسكندرية

شهد اليوم الأخير من مؤتمر "مستقبل المجمعات العربية.. المتغيرات والتحديات" الذى تنظمه وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية فى الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر الجارى، عددا من الجلسات النقاشية، بدأت بجلسة بعنوان "كيفية إدارة العلاقة الأمريكية الصينية للتنمية الوطنية فى المجتمعات العربية"، تحدث خلالها الدكتور باتريك منديس، مفوض اللجنة الوطنية الأمريكية لليونسكو.
وقال "منديس" إن المستقبل لا يمكن التنبؤ به، مشيًرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وهى من القوى العظمى فى العالم لم تستطع أن تتنبأ بأحداث 11 سبتمبر على سبيل المثال، ولكنه من الممكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى صياغة مستقبل أفضل للمجتمعات العربية، من خلال النظر إلى الماضى لاستشراف المستقبل.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين قوتان اقتصاديتان عظميان تقودان العالم، عارضًا للتجربة الأميركية التى قال إنها اتخذت من التجارة والسلام هدفًا لها، وارتباطها بالتجربة الصينية التى أصبحت أكثر ثراءً بعد الحربين العالميتين، حيث بدأت الصين فى عملية التحرير الاقتصادى والانفتاح الاستراتيجى والنمو السلمى للنهوض باقتصادها، لافتًا إلى أن الصين أصبحت ذات شأن اقتصادى كبير أثناء فترة حكم الرئيس الأمريكى بيل كلينتون.
وأضاف أن البلاد العربية من الممكن أن تستفيد من العلاقة الصينية الأميركية لتتفادى المشكلات التى وقعت فيها البلدين لتكوّن استقرار اقتصادى وتحقق التوازن بينا المصالح الاقتصادية والأمن القومي، وأن هذا لا يعنى بالضرورة نسخ التجربة الأمريكية أو الصينية وتطبيقها فى العالم العربي، بل الاستفادة منهما، دون تبنى جانب ضد جانب. ولفت إلى أن مصر تتميز بأنها دولة إفريقية وعربية فى نفس الوقت، وتجمع بين الأصالة والحداثة، بالإضافة إلى موقعها الجغرافى المميز وتراثها الثقافى الثري، كل تلك العوامل تمكنها من الوصول إلى تحقيق حلمها الخاص بالاستفادة مما قد تقدمه لها تجارب التيارات السابقة التى تشكل العالم.
وفى جلسة أخرى، تحدث كل من الدكتور خالد ميار الإدريسي؛ رئيس تحرير مجلة "مآلات" بالرابطة المحمدية للعلماء، ورئيس المركز العربى للدراسات الدولية والمستقبلية بالمغرب، والأستاذ زياد الكيلاني؛ مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن الشباب والنخب وصراع المستقبل. وأدار الجلسة السفير عزمى خليفة.
وأكد الدكتور خالد ميار الإدريسى أنه لا يمكن فهم موضوع الشباب والأجيال القادمة دون فهم شخصية أجيال الحاضر، وربط أجيال المستقبل بتحولات الأجيال والمستقبل العالمي، كما أنه لا يمكن بناء أجيال مستقبلية عربية بمعزل عن التأهيل الروحي. وأوضح أنه يجب إعادة النظر فى مفهوم الجيل، فقد كان السن هو المعيار الأساسى لتحديد المفهوم، لكنه يرتبط الآن ب"الحزمة التغييرية".
ولفت إلى أن كل جيل له سمات وخصائص، كما تتعدد المقاربات التى تستخدم فى توصيف أجيال المستقبل؛ أولها مقاربة المسئولية؛ وتحديد مسئولية الأسرة والمؤسسة التعليمية والمجتمع فى بناء الأجيال القادمة، والمقاربة القانونية؛ والتى تتناول التداعيات القانونية الحالية على مستقبل العدالة الاجتماعية، كما أنه هناك مقاربة جيوسياسية، ومقاربة ديموغرافية، وغيرها.
وأكد أن هناك عدد كبير من التحديات التى تواجه الشباب فى المستقبل إلا أنه توجد بعض التحديات الخاصة بالشباب العربى بشكل خاص؛ ومنها الانغماس فى العوالم الافتراضية، والتحول المفرط للأنماط الاستهلاكية، مبينًا أن "تجاوز وضع الاهانة والاحتقار" هو أخطر تحدى يواجه الشباب العربي، فهناك مخاوف من وجود جيل مستقبلى عربى مسلوب الإرادة وقابل للتوظيف من أى جهة بشكل سلبي.
وأوضح أن هناك أنواع مختلفة للأجيال المستقبلية؛ فهناك الجيل الثائر، والجيل الافتراضي، والجيل الممتنع، والجيل التائه الذى يتميز بالاستعجالية وتغيير واجهته الشخصية والنفسية باستمرار، والجيل الهجين الذى يعانى من اختلاط الهوية، ولكن هناك أيضًا سيناريو تفاؤلى يتنبأ بوجود "جيل المناعة"، وهو الذى يتمتع بهوية صلبة مؤمنة بالانتماء للعالم العربي.
وأكد أن هناك عدد من الشروط التى يجب توافرها عند التخطيط لمستقبل الأجيال القادمة، أولها الشرط السياسي؛ حيث يجب أن يكون هناك حزم حالى حول رؤية استراتيجية لإنتاج جيل قوى وفعال لديه رغبة جامحة للتغيير فى المسارات المحلية والإقليمية والعالمية. أما الشرط الثانى هو الشرط المعرفي، بحيث يتم توفير المصادر المعرفية المختلفة التى تشكل وعى الأجيال القادمة.
ولفت إلى أن الشرط الثالث اللازم لتخطيط مستقبل الأجيال القادمة هو الشرط التربوي؛ والتركيز على تعليم المهارات الأساسية والحياتية والابتكارية، وتمكين الشباب وإعداده لاستيعاب التحولات وزيادة قدرته على الإبداع والتطوير المستمر. أما الشرط الأخير هو الشرط الديني، فلا يمكن التفكير فى مستقبل استمرار الحضارة دون أن نضمن الإشباع الروحى للمواطنين.
من جانبه، تحدث الدكتور زياد الكيلانى عن دراسة تبحث التغيير الجيلى فى مصر وحالة قيم الشباب بعد عام 2011. ولفت إلى أن الاهتمام بدراسة الشباب العربى تأتى انطلاقًا من التغير فى خصائصه كالقدرة على التمدن، زيادة انفتاحه على العالم من حوله نتيجة الاختلاط بالغرب واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التغير فى أوضاعه الاقتصادية، واخيرا التفتت فى اتجاهات الشباب السياسية، وذلك نتيجة الاختلاف فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أن الدراسة استهدفت التعرف على توجهات الشباب فى ضوء القيم ما بعد المادية؛ وهى قيم تحررية لها علاقة بالتحرر من السلطة، سواء كانت الأبوية أو الرسمية. ولفت إلى أن أخلاق القيم ما بعد العادية تنقسم إلى شقين؛ الأول هو القيم العلمانية، والثانى هو قيم التعبير عن الذات؛ مبينًا أن مصر تتحرك نحو التعبير عن الذات، فالشباب المصرى لازال محافظًا على توجهاته الدينية مع تحرك أكثر جدية نحو الحرية فى السياسة والتعبير وغيرها من المجالات.
ولفت إلى أن مستوى الدخل يؤثر على القيم والتعليم والتوجهات، فكلما زاد مستوى الدخل بشكل ملحوظ كلما اختلفت القيم عن باقى المجتمع. وأضاف أنه كلما قلت قيم دعم السلطوية كلما زاد الطلب على الديمقراطية.
واختتم الكيلانى كلمته بنتائج الدراسة؛ موضحًا أن بعض الشباب المصرى لديه دعم لقيم ما بعد العادية، ولكن نسبته قليلة جدًا وترتبط بالدخل العالى والتعليم الغربي، كما أن طبيعة الشباب المصرى مختلفة عن الصورة النمطية التى تظهر فى وسائل الإعلام الغربي؛ فالشباب المصرى معظمه محافظ. وأكد أنه فيما يخص المستقبل، هناك اتجاه محافظ يسود بين الشباب ولا يتوقع أن يتغير فى الفترة القادمة.
وجاء ضمن فعاليات اليوم أيضًا جلسة "مستقبل المجتمعات العربية: الرؤى الفكرية". وخلال الجلسة تطرق الدكتور نضال الغطيس؛ خبير اقتصادى وباحث دكتوراه فى مجال المستقبليات، لما سماه ب"أزمة فى العقل الديني" واتجاهاتها المستقبلية فى العالم العربى المسلم، مشيرًا إلى أن المعتقدات الراسخة فى العقل الجمعى العربى والإسلامى سبب حالة تيه عقلى عظيمة لا يستطيع العالم العربى بوضعه الحالى الخروج منها بسبب عدم قدرته على التفكير، ضاربًا المثل بثورات الربيع العربى التى لم تسبقها استنارة دينية أو فلسفية قبل المطالبة بالتغيير السياسي؛ مما أدى إلى انقسم خلايا المجتمع العربي، وهو الأمر الذى ينذر بانهيار كامل إذا لم نستدرك الوضع.
وأوضح أن أسباب هذه الأزمة تتمثل فى اكتساب الفكر الدينى هيبة وقداسة الدين على الرغم من كونه اجتهاد بشري، وتهميش النص القرآنى وتفخيم الهوامش للتفسيرات والتعليلات، وعدم وجود فهم تاريخى وعقلانى للإسلام فى العالم العربي، و"استقالة العقل المسلم" والتى أدت إلى عدم فعاليته وتراجع انتاجيته، فضلًا عن مشكلة الثنائيات المتقابلة التى تواجه المسلم وعليه الانضمام لإحداها، وأن العقل الإسلامى مغرق فى الخرافة وفكرة الثواب والعقاب وغيرها من الأفكار.
وأشار إلى أن الاتجاهات المستقبلية لأزمة العقل الدينى يمكن التنبؤ بها لاسيما بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعى فأصبح كل شيء معروض للمناقشة، بالإضافة إلى حركة التصحيح والمراجعة للأفكار والتى بدأت منذ القرن الماضي، وسقوط الشعارات والأقنعة للحركات الإسلامية، وحركة الهجرة الكبيرة إلى أوروبا والتى قد تشكل بالاندماج والتفاعل مع تلك الحضارات إسلام غير تقليدي.
وألقى الدكتور مظهر الشوربجي؛ مدرس الفكر الفلسفى بجامعة "دراية" بالمنيا، محاضرة بعنوان "المجتمعات العربية.. ماذا بعد؟ غياب فلسفة السلام وتنامى الصراع المستدام"، قال خلالها أن السلام فى عالمنا العربى بلا أساس فكرى أو بعد فلسفي، فهو ليس سلام من أجل السلام بل لإنهاء حالة الصراع، وإن التحولات الانتقالية العربية لا تتم من وجهة نظر فكرية بل عاطفية وبالأحرى انتقامية ولإنكار حق الأخر فى الحياة.
وأضاف أن الحراك المجتمعى فى مصر والذى بدأ عام 2011 مع ثورة 25 يناير جاء من منطلق الكبت وانعدام الديمقراطية والتى اتخذت بعض الذرائع الأخرى للانفجار فى شكل حراك مجتمعى وثورات، مشيرًا إلى أن الحراك المجتمعى فى مصر بعد ثورة 25 يناير اتخذ طابعًا دينيًا وتراجعت عنه النزعة القومية وغلّبت التيارات الراديكالية حراك القوة بإضفاء القدسية على الخيارات الدينية.
وأوضح أن للفلسفة علاقة قوية بالمستقبل، فهى عمل استشرافى بامتياز؛ فالنظريات السياسية التى تستشرف المستقبل هى فى أساسها نظريات فلسفية، وأن الفلسفة لا تقدم حلوًلا اقتصادية أو سياسية بل تخاطب الوعي، مشيرًا إلى أن السياسة العامة فى المجتمع العربى أصبحت تعتمد على الذاتية وأنانية القرارات وسوء نية الحاكم تجاه الحكام والعكس، مما يصل بنا إلى ما سماه "السلام الهش".
وقال إن الحل يكمن فى التضامن الفكرى ووجود إرادة سياسية تطبق الالتئام المجتمعي، ومحاولة إيقاظ العقول العربية، وأن تعزز الحكومات العربية الثقة المتبادلة بين الشعوب وحكامها عن طريق خلق فكر يدعو للسلام وإنفاذ القانون، ودعم "ثورة العقل" لضمان حدوث السلام المستديم.
وفى كلمتها التى جاءت تحت عنوان "التغيير فى المجتمعات العربية على خطى مالك بن نبي"، قدمت الدكتور مريم نوري؛ باحثة دكتوراه بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر، قراءة لما تطرق له المفكر الجزائرى مالك بن نبى فى نظريته حول التغيير الاجتماعى ومستقبل المجتمعات العربية.
وقالت إن مستقبل المجتمعات العربية مسألة معقدة لارتباطها بأبعاد كثيرة وتعدد الزوايا التى يمكن النظر منها لمثل هذا الموضوع، إلا أن ثورات الربيع العربى كانت بلا شك نقطة الانطلاق للنهوض بمجتمعاتنا العربية من الركود والجهل وغيره، على الرغم من أن بعض الدول التى شهدت تلك الثورات عانت من الحروب الأهلية بعدها وظهرت فيها تنظيمات إرهابية استغلت الضعف الأمني.
وأشارت إلى أن مشروع التغيير يدفع للبحث عن حلول وبدائل جديدة ل"تغيير شروط التغيير" فى سبيل تحقيق ما تطمح إليه الشعوب، وللرجوع أيضًا لما قدمه المفكرين العرب فى مجال التغيير واستشراف المستقبل للانطلاق من واقع مشترك قادر على فهم هذه الظاهرة، ومن بينهم المفكر الجزائرى مالك بن نبى الذى اعتمد الفكر الدينى فى طرحه لمسالة التغيير وركز على الخروج بالخطاب الإسلامى من حالة الدفاع عن الدين إلى حالة العمل بالتعاليم الدينية، والاهتمام بالتاريخ لتفادى عيوب الماضي، والاهتمام بالإنسان الذى هو صانع الحضارة.
وتضمنت فعاليات اليوم الرابع للمؤتمر جلسة بعنوان "الحوكمة ومستقبل المؤسسات العربية " أدارها محمد العربي؛ باحث بوحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، وتحدث فيها كلاً من الدكتور ماهر خضر؛ رئيس المؤتمر العربى للاستشراف الاستراتيجى بتونس، والدكتورة صفاء خليفة؛ باحثة بوحدة البرامج البحثية بمكتبة الإسكندرية، والأستاذة غادة يونس؛ باحثة دكتوراه بقسم علم الاجتماع جامعة الإسكندرية.
وقالت الأستاذة غادة يونس إن مفهوم الحوكمة كوسيلة إدارية وسياسية متعددة الأبعاد تقوم على الشفافية والمساءلة والمشاركة؛ بهدف تحقيق المساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية، وتطوير القدرات اللازمة؛ لتحقيق تنمية تقوم على تمكين الأفراد، وتحافظ على البيئة، وتضمن أعلى جودة للخدمات التى تقدم للمواطن فى مجالات الصحة والسكن، والتعليم، والأمن البشرى والاقتصادى والاجتماعي. وأشارت إلى أن الأبعاد الاجتماعية للحوكمة تتمثل فى تحقيق أعلى معدلات التنمية المستدامة والجودة الاجتماعية، ولن نتمكن من ذلك إلا من خلال مكافحة الفساد والمحسوبية وتفتيت شبكات الفساد ومحاكمتها وتوفير رؤية جديدة يمكن من خلالها تحسين النظام الاجتماعى وتحقيق حياة أفضل لجميع أفراد المجتمع فى إطار العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.
وتطرقت فى نهاية حديثها عن العلاقة بين الحوكمة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية والاجتماعية هدفًا أساسيًا لكل منهما؛ حيث يسعى كلاً منهما لمحاربة الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وتشجيع الشفافية والمساءلة ومن ثم القضاء على الفقر وتدعيم رفاهية الإنسان واحترام القانون والمساواة أمام القانون وضمان فاعليته وسيادته.
ومن جانبه أكد الدكتور ماهر خضر على أن العالم العربى يعيش وضعية متردية وحاضرًا يستحق التأمل والتفكير، وأنه من منطلق إدارة الأولويات نجد أنه يجب على العالم العربى الاهتمام بمستقبله أولى؛ حيث إن الأمم العظمى والشركات الكبرى تتسابق الآن لاحتلال المستقبل وحجز نطاقاته ومساحاته على جميع المستويات الاستراتيجية والتقنية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وأشار إلى أن كل قادتنا غارقون فى الآنى والعاجل والحالى بما فيه من ضغط الأزمات وتضارب وتداخل المرجعيات، وأغفلوا عن وعى أو عن غير وعى ما يدور حولهم من تسابق محموم لاحتلال واستعمار المستقبل بأشكال وأساليب مختلفة.
و عرف "خضر" الاستشراف الاستراتيجى على أنه القدرة على التفكير المنهجى حول المستقبل، وذلك لتنوير الفعل الاستراتيجى وتوفير البيانات الازمة لصنع القرارات فى الحاضر، وهى ملكة نحتاج إلى تطويرها كأفراد ومنظمات وكمجتمعات. وطالب بوجود وحدات استشرافية داخل كل مؤسسة من المؤسسات العربية حتى يكون لديها يقظة استشرافية، وأن يتم وضع ميزانية خاصة للإنفاق على الاستشراف الاستراتيجي؛ حيث إن 97% من الإنفاق على الاستشراف الاستراتيجى يتم فى الدول المتقدمة، بينما يتم انفاق 3% فقط فى العالم الثالث، وفى العالم العربى 0%.
فيما تطرقت الدكتورة صفاء خليفة إلى المؤسسات العربية فى العلاقات الدولية من خلال تناول التحديات، والفرص، والآفاق المستقبلية للعلاقات الأوروبية العربية وخصوصًا الأورو-متوسطية. وأكدت على أن لكل طرف من طرفى التعاون أهدافه التى يسعى إلى تحقيقها، فالأوروبيون يريدونها أمنية بالدرجة الأولى لمنع التطرف والهجرة والإرهاب، ثم يأتى بعد ذلك الاقتصاد وفى النهاية السياسة، وهو الأمر الذى يبعد الشراكة عن الحقيقة بمعنى التعاون ويجعلها أقرب إلى التبعية. أما الدول المتوسطية، فهم غير متفقين فى آمالهم ومتفاوتون فى أهدافهم حيال ما يحققونه من الشراكة.
وأضافت أن بقاء السياسة الأوروبية عند هذا المستوى من العلاقات مع دول جنوب البحر المتوسط، لا يتناسب مع مصلحة أوروبا فى بناء سياسة واحدة وواضحة مع منطقة جوار جغرافى وحضارى شديدة الأهمية من حيث التأثير فى الواقع الأوروبي. وأشارت إلى أن الغياب الكلى للمؤسسات، وأمننة العلاقات وغلبة الطابع الأمنى على السياسى هى بمثابة خطط عمل ثنائية بين المفوضية الأوروبية وكل دولة على حده، وأداة لتنفيذ السياسة الأمنية الأوروبية والنظر لدول جنوب المتوسط باعتبارها حزام واقى ومناطق عزل عن بؤر الصراع وخلق جوار آمن.
ولفتت إلى أن الثورات العربية أسفرت عن مراجعة الاتحاد الأوروبى لسياساته تجاه جنوب المتوسط؛ حيث أدركت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى أن مصلحتهم فى جوار مستقر لم يعد من الممكن تكفله الأنظمة العربية الاستبدادية، خاصة بعد حدوث حالة من عدم الاستقرار نشأ عنها حالة من الفراغ الأمنى والسياسى فى بعض دول المنطقة مثل سوريا، العراق وليبيا، وتنامى مجموعة من الظواهر أهمها الإرهاب، واللاجئين، وضرب الإرهاب قلب عواصم القوى الأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.